آدم عليه السلام
تعلمونَ يا إخوَتي أنّ الله قادرٌ على كلِّ شيءٍ ،ولقد شاءت إرادتُهُ أن يخلُقَ هذهِ الأرضَ الجميلَةَ الّتي نعيشُ عليها ونأكلُ من خيراتِها، خلقها لنا وخلق لنا السَّماءَ والكونَ أيضاً، ومن مخلوقاتِهِ الملائكةُ، فهم يسبحّونَ بحمدِ اللهِ ويعبدونَهُ بإخلاصٍ، ولكن لو سألنا أنفُسَنا متى خُلِقَ الإنسانُ؟ وكَيفَ خلقهُ الله؟ لوجدنا الجوابَ في قصّةِ آدمَ عليه السّلام، فبعد أن خلقَ الله الملائكةَ شاءَ أن يخلقَ آدمَ ،وأن يخلقَ من آدمَ ذريةً تستمرُّ في التّكاثر والتوارث على هذهِ الأرضِ فتَعمرَ هذا الكونَ العظيمَ.
تعالوا معي الآن لنعرفَ من أيِّ شيءٍ خلقَ اللهُ آدمَ عليهِ السّلامُ ! وماذا حَدَثَ عنِدما خلقهُ ربُّنا عزَّ وجلَّ؟
لقد أخبرَ الله ملائكتَهُ بأنّهُ سوفَ يخلقُ في الأرضِ من يسكُنُها ويعمُرُها فاستغربوا ودُهشوا !! فخفّفَ الله من دهشتِهِم وقالَ لهُم : إنّي أعلمُ مالا تعلمون، وأخبِرهُم أيضاً بِأنّه يخلقُ ما يشاءُ، وأنّهم سيرونَ هذا المخلوقَ الجديدَ، و فعلاً سوّى الله تعالى سيدَنا آدم مِن الطّين، ثُمّ نَفَخَ فِيه مِن رُوحِهِ فأصبحَ آدمُ يتحركُ بإرادةِ اللهِ ،فالله قادرٌ على كُلِّ شَيءٍ .وآدمُ –عليه السّلام_ هو أوّلُ إنسانٍ خلقهُ الله، وهو المخلوقُ الذي أخبرَ اللهُ عنهُ ملائكته. ولكن ماذا حدثَ لهذا المخلوقِ الجديدِ بعدَ أن خلقهُ الله؟! صارَ آدمُ يشعُرُ بحواسِهِ ويدركُ بعقلِهِ الذي أوجَدَهُ الله له، كثيراً منَ النّعمِ التي تحيطُ بِهِ ويدركُ قدرةَ الله تعالى، علّمَهُ الله أسماءَ المخلوقاتِ كلَّها ثُمَّ طلبَ مِن الملائكةِ أن يذكُروا أمامَ آدمَ أسماءَ هذهِ المخلوقاتِ فعجزوا !! فطلبَ الله مِن آدمَ أن يعلِّمهُم الجواب، فبعدَ أن عرَفوا وسمِعوا قالوا بصوتٍ يدلُّ على الاعترافِ بالعجزِ أمامَ قدرةِ الله (( قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ))
بعدَ هذا طلبَ منهم الله _عز وجل _أن يسجدوا لآدمَ ويعظِّموهُ معترفينَ بما فضلَ الله به آدم عليهم، فسجدوا مطيعينَ كيف لا وهم لا يعصونَ الله في أي أمرٍ يأمرهم به؟! ولكن ،هناك مخلوقٌ آخرُ خلقهُ الله قبلَ آدمَ عليهِ السّلامُ، هذا المخلوقُ اسمه إبليس، جاءهُ الأمرُ أيضاً أن يسجدَ لآدمَ معَ الملائكةِ فأبى ورفضَ أن يسجدَ ،وخالفَ أمرَ الله واستكبرَ وبهذا كانَ مِنَ الكافرين، ولقد تكلّمَ إبليسُ بكلماتٍ حاولَ فيها أن يُبرِّرَ الخطأ الذي وقعَ بهِ وهو لا يريدُ أن يعترفَ بأنه خطأ، أتدرونَ ماذا قالَ؟ لقد زَعَمَ أنّهُ خيٌر من آدمَ فآدمُ مخلوقٌ من الطّينِ وإبليسُ مخلوقٌ مِنَ النّارِ، فظنَّ إبليسُ أّن هذا فرقٌ كبيرٌ يجعلهُ أفضلَ من آدم فقالَ لله: أنا خيرٌ مِنهُ خلقتَني مِن نارٍ وخلقتَهُ من طينٍ. وبما أنّهُ رفضَ أن يسجدَ لآدمَ فقد كانَ من المخالفينَ لأوامرِ اللهِ، ونبّهنا الله بأنّ هذا الذي فعلهُ إبليسُ عصيانٌ للهِ تعالى، ولقد عاقبَهُ الله على هذهِ المخالفةِ وطردَهُ منَ الجنّةِ ولعنَهُ أي حرمهُ مِن رحمتِه وبشّرهُ بجهنّمَ يومَ القيامةِ، فطلبَ إبليسُ مِن ربّهِ أن يطيلَ عُمُرهُ إلى يومِ القيامةِ فاستجابَ الله تعالى لهذا الطّلَبِ، فَفَرِحَ إبليسُ وأرادَ أن يسلُكَ طريقَ الشّرِّ لكي يحاولَ إضلالَ البَشَرِ مبتدئاً بأبيهم آدم، فأخبرهُ الله أنّهُ مهما طغى ومهما استكبرَ فلن يستطيعَ أن يٌضِلَ المؤمنينَ الصالحينَ. وبعدَ أن طُردَ إبليسُ من الجنّةِ خلقَ الله لآدمَ زوجةً وسكنَ آدمُ مع زوجتِهِ في الجنةِ وحذّرهما الله من إبليس ومن كيدهِ، وسمّى إبليس عدواً مبيناً، وفي الجنّةِ حلّلَ لآدمَ ولزوجتهِ أن يأكلا من كلِّ مكانٍ ومن كلِّ شجرةٍ في الجنة إلّا من شجرةٍ واحدةٍ، ووعدهما أن يظلّا في الجنةِ دونَ جوعٍ أو عطشٍ أو تعبٍ إن هُما سمِعا كلامَ اللهِ ولم يأكلا من هذهِ الشّجرةِ الّتي نهاهما الله عن الأكلِ مِنها.فماذا فعل إبليسُ يا أحبائي؟؟ حاولُ أن يوسوسَ لآدمَ ويوسوسَ لزوجةِ آدمَ بأن يأكلا من الشّجرةِ التي حرّمها الله عليهما، أخذَ يستخدمُ خداعهُ ومكرهُ حاولَ مرّةً ومرتين بل عدّةَ مرّاتٍ وألحّ على آدمَ وزوجتهِ بهذا الطّلبِ، كلُّ هذا من أجلِ أن يعصي آدم وزوجته ربهما فيطردَا من الجنّةِ أيضا كما طُردَ إبليس،فإبليس يعلم أن عصيانَ الله أمرٌ لا يمكنُ أن يمرَّ هكذا. استطاعَ إبليسُ بكثيرٍ من الإغواءِ والإغراءِ أن يقنعَ آدمَ وزوجتَهُ بالأكلِ مِن الشّجرةِ، فغضبَ الله سبحانَهُ وتعالى وقالَ لهُما :ألم أنهكما عن تلكما الشّجرةِ وأقل لكما إنّ الشّيطانَ لكما عدوٌّ مبين! حزنَ آدمُ وحزنت زوجتُه وندمَ كلٌّ منهما على هذهِ الخطيئةِ وقَالَا رَبّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِر لَنَا وَتَرْحَمنَا لَنَكُونَنَّ مِنْ الْخَاسِرِينَ. والله توّابٌ رحيمٌ يا أحبائي يتوبُ على من أرادَ أن يتوبَ، فتاب عليهما وفرحَ آدمُ وفرحت زوجتُهُ بالتّوبةِ من الله عليهما، وتمنيا أن يبقيهما الله في الجنة ولكنّ الله سبحانه وتعالى لم يبقيهما في الجنّةِ بل طلبَ منهما أن يهبطا منَ الجنّةِ،وأخبرهما أنّ الذي سيبقى تائباً وطائعاً ولا يسمع لكلامِ إبليسَ ثانيةً فلهُ الجنّةُ يومَ القيامةِ، ونصحهما بأن يبقيا بعيدين عن طريقِ إبليس، فنزلَ آدمُ وزوجه إلى الأرضِ وبدآ حياةً جديدةً على الأرضِ.