الاثنين 20 شوّال 1445 هـ الموافق 29 أبريل 2024 م
في جعبتي حكاية
الاثنين 12 جمادى الآخر 1437 هـ الموافق 21 مارس 2016 م
عدد الزيارات :

 

في جعبتي حكاية

أصدقائي القُرّاءُ .. عندي لكمُ  اليومَ قصّتان عن خُلُقينِ أحدُهمُا حسنٌ و الآخرُ قبيحٌ .
القصّةُ الأولى :
روى لنا رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ و سلّمَ أنه كانَ هنالك رجلٌ يمشي في الصّحراءِ . و قد اشتدَّ الحرُّ جدًّا .
فهربت الحيوانات في الصحراء تفتش عن مكان ظليل تتفيأ فيه، وضمت إليها صغارها خوفا عليها.
أصاب هذا الرجل عطش شديد, فأين يجد ما يرويه في صحراء قاحلة لا ماء فيها ولا نبات ؟ . وبينما هو في معاناته إذ لمح طيورا تحوم فوق بعض الشجيرات, فقال في نفسه : لعلها وجدت بئر أو عين ماء، فما أسرعه حين توجه إلى  ذلك المكان وصدق ما توقعه. لقد وجد بئراً قديمةً.
لم يكن في البئر حبل أو دلو لرفع الماء، فماذا يفعل؟ .دار الرجل قليلاً حولها، فوجد أن فيها ما يشبه الأحجار الظاهرة بحيث لو نزل فإنه يستطيع الخروج مرة ثانية، فنزل ببطء خشية الانزلاق، ووصل إلى الماء, فشرب حتى ارتوى .
سارع الرجل إلى الصعود فتشبث بالأحجار الظاهرة، وتابع ارتقاءه حتى وصل إلى سطح البئر، فخرج وجلس يستريح بجانبها. وفجأةً أطلّ كلبٌ يجرُّ رجليه جراً، قد أصابه العطش الشديد, فصار يدور حول البئر، ويشم الأرض المبللة وكأنه يريد أكلها .
كان الرجل يراقب هذا المنظر ، فلمّا رأى ما حلّ به رحمه ،وقال في نفسه: هكذا كانت حالتي فرحمني الله. ثم فكر في طريقة يروي بها ظمأ هذا الكلب، ولا يوجد معه آنية ولا وعاء، والكلبُ لا يستطيعُ أن ينزلَ إلى البئرِ ،و ليسَ لهُ عقلٌ ذكيٌ كالإنسانِ يساعدهُ على التّفكيرِ في حلٍّ .
فخطرت له فكرة ،وهي أن يضع الماء في خفّه الذي في قدمه لأنه من جلد ويحفظ الماء داخله .
وهكذا فعل .نزل الرجل مرة ثانيةً ساعياً لإرواء هذا الكلب ، وملأ خفه بالماء، ثم شد عليه بأسنانه، وصعد، ولما وصل إلى السطح أسرع إليه الكلب وشرب ما في الخف كله، وصار يلوّح بذيله شاكراً  مسروراً .
أخبر النبي عليه الصلاة والسلام أصحابه الكرام أن الله تعالى غفر لهذا الرجل وجازاه بدخول الجنة لرفقه بهذا الكلب.
فسألوه قائلين: وإن لنا في البهائم أجراً ؟! .
فأجابهم صلى الله عليه وسلم بأن الله يثيب المؤمنين على الإحسان والرفق وقال : " في كل كبد رطبة أجر ".

القِصّةُ الثّانيةُ :
أيضًا ممّا رواهُ لَنا رسولُنا الكريمُ صلّى اللهُ عليهِ و سلّمَ أن امرأةً أمسكت بقطةٍ و حبستها عندها فلم تستطع القطّةُ أن تخرجَ ، و المرأة لم تكن تقدمُ لها الطّعامَ و الشّرابَ ، و لا تركتها تخرجُ و تبحثُ عن أكلِها  و بقيت القطة على هذه الحال و كانت تئن و تموء من الجوع لكن تلك المرأة لم تهتم لأمرها حتّى ماتت القطة !
فكانَ عقاب تلك المرأة  أنّها دخلتِ النّارَ لعدمِ رحمتها بالحيوانِ .
هذا هو دينُنا العظيمُ يا أحبابي يربّينا على حسنُ الخلقِ حتّى معَ الحيوانِ . و يروي لنا رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ و سلّمَ هذه القصص لنتشجعَ على القيامِ بالأعمالِ الحسنةِ فنكسبَ الأجرَ و الثّوابَ
و نبتعدَ عما يضرّ الآخرينَ و يضرّنا في الدّنيا و الآخرةِ.
ونبينا محمد صلى الله عليه و سلم هو قدوتنا في ذلك . وصفه ربنا تبارك و تعالى بالرحمة في القرآن .

من رحمة الله تعالى بنا نحن أمة محمد صلى الله عليه وسلم أن أرسل لنا رسولا رحيما لينا رفيقا . فأحبته القلوب و لذلك أحبت أن تتبعه و تتبع هذا الدين السمح الذي يعلمنا الرفق و يحثنا عليه .
و من رحمته صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا دخل في الصلاة فسمع طفل صغيرًا يبكي خفف في أداء الصلاة شفقة و رحمة بالطفل الصغير و بأمه التي تصلي .

من صفات صحابة رسول الله صلى الله عليه و سلم أنهم كانوا رحماء فيما بينهم ، رحماء مع أخوانهم المسلمين .
والله عز و جل مدحهم بذلك في القرآن . فالرحمة خلق محمود استحقوا عليه أن يعدهم الله بالمغفرة و الأجر.

لنكن رحماءَ .. فمن لا يَرْحَم لا يُرحَم  .