تعريفها:
هي: صلاةٌ جهريةٌ مسبوقةٌ بخطبتين، بديلة عن صلاة ظهر يوم الجمعة.
حكمها، ومنـزلتها في الدين:
واجبةٌ على من تحقَّقت فيه شروطها.
ويدلُّ لذلك قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [الجمعة: 9].
وحذَّر الرسول _صلى الله عليه وسلم_ من تركها، فقال: (لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ عَنْ وَدْعِهِمْ [أي تركهم] الْجُمُعَاتِ أَوْ لَيَخْتِمَنَّ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ، ثُمَّ لَيَكُونُنَّ مِنْ الْغَافِلِينَ) رواه مسلم.
شروط صلاة الجمعة:
شروط وجوبها:
تجب صلاة الجمعة على المسلم:
1_ المكلَّف، وهو العاقل البالغ.
2_ الذكر.
3_ الحر غير المملوك.
4_ المستوطن غير المسافر.
فأمَّا المجنون: فلا تجب عليه صلاة الجمعة، ولا تصح منه لو أداها؛ لعدم العقل.
وأمَّا الصغير، والمرأة، والمملوك، والمسافر: فلا تجب عليهم صلاة الجمعة، ويُصلّونها ظهرًا، فإن صلوها جمعة صحَّت منهم، وسقطت عنهم صلاة الظهر.
شروط صحتها:
1_ يُشترط لصحة صلاة الجمعة ما يُشترط لصحة الصلاة.
2_ وقت الجمعة هو وقت صلاة الظهر على الراجح من أقوال أهل العلم.
3_ زيادة خطبتين قبلها.
4_ وجود عدد من أهل وجوبها، واختلف في ذلك فقيل: أربعين، وقيل: اثني عشر، وقيل ثلاثة، وقيل غير ذلك، والراجح أنها تصح بأقل عدد يطلق عليه اسم جماعة، وهو اثنان سوى الإمام.
5ـ_ اشترط عدد من أهل العلم: عدم تعدُّد الجمعة في بلد واحد طالما كان ذلك ممكناً، وإلا بطلت الصلاة، والأرجح أنَّ تقليل الجمع والتَّجمع أمر مطلوب مستحب، لكن تعدد الجمع لا يؤدي لبطلان المتأخر منها.
خطبتا الجمعة:
هما خطبتان يخطبهما الإمام، يعِظ فيهما المصلين، ويعلمهم ما ينفعهم، ويُذكرهم؛ مما يشحذ هممهم، ويعينهم على تقوية إيمانهم، وتمسُّكهم بدينهم.
ذكر أهل العلم عددًا من أحكام خطبتي الجمعة، وإن اختلفت عباراتهم فيها ما بين سنة وواجب وغيره، وهي كما يلي:
1_ التسليم على المصلين إذا صَعد على المنبر، لفعل الرسول صلى الله عليه وسلم ذلك.
2_ الأذان إذا جلسَ الإمام على المنبر، وهذا الأذان هو الأذان الثاني يوم الجمعة.
3_ استقبال المأمومين للإمام.
4_ القيام للخطبتين والجلوس بينهما جلسة خفيفة، لفعل الرسول صلى الله عليه وسلم.
5_ اشتمال الخطبة على حمد الله –تعالى- والثناء عليه، والصلاة على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والموعظة:
فقد كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (يَقُومُ فَيَخْطُبُ فَيَحْمَدُ اللَّهَ وَيُثْنِي عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ وَيَقُولُ: مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، إِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ) رواه أحمد.
6_ اشتمال الخطبة على ذكر آيات قرآنية وأحاديث نبوية.
7_ رفع الصوت بالخطبة وتقصيرها والاهتمام بها:
فعن عمار بن ياسر _رضي الله عنهما_ قال: (سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ _صلى الله عليه وسلم_ يَقُولُ: إِنَّ طُولَ صَلاَةِ الرَّجُلِ وَقِصَرَ خُطْبَتِهِ مَئِنَّةٌ [علامة] مِنْ فِقْهِهِ، فَأَطِيلُوا الصَّلاَةَ وَاقْصُرُوا الْخُطْبَةَ، وَإِنَّ مِنَ الْبَيَانِ سِحْرًا) رواه مسلم، والمقصود: عدم تطويلها بحيث يشق على الناس ويتعبهم.
القراءة في صلاة الجمعة:
ورد في الأحاديث النبوية سنتان للقراءة في صلاة الجمعة:
أن يقرأ في الرّكعة الأولى "سورة الجمعة"، وفي الرّكعة الثّانية "سورة المنافقون" .
أو أن يقرأ في الرّكعة الأولى سورة "سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى"، وفي الثانية "الغاشية".
ما يحرم فعله أثناء صلاة الجمعة:
1_ الانشغال أثناء الخطبة بالكلام أو غيره:
ولو كان أمرًا بمعروف، أو نهيًا عن منكر، فعن أبي هريرة _رضي الله عنه_ أن رَسُولَ اللَّهِ _صلى الله عليه وسلم_ قَالَ: (إِذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ أَنْصِتْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالإِمَامُ يَخْطُبُ فَقَدْ لَغَوْتَ) رواه البخاري، ومسلم. ومعنى (لَغَوْتَ): اللغو هنا: الباطل، أي وقع في الباطل المنهي عنه.
وعن أَبِي هُرَيْرَةَ _رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ_ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ أَتَى الْجُمُعَةَ فَاسْتَمَعَ وَأَنْصَتَ: غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ، وَزِيَادَةُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَمَنْ مَسَّ الْحَصَى فَقَدْ لَغَا) رواه مسلم.
وقد جاء في رواياتٍ أخرى: (وَمَنْ لَغَا فَلَيْسَ لَهُ فِي جُمُعَتِهِ تِلْكَ شَيْءٌ) رواه أبو داود، أي ليس له شيءٌ من الأجر.
أما الخطيب: فيجوز له أن يتحدث مع المصلين، ويسألهم، ويجوز لهم أن يجيبوه.
2_ تخطي المصلي رقاب المصلين:
فعن عبد الله بن بسر _رضي الله عنه_ قال: جَاءَ رَجُلٌ يَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالنَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- يَخْطُبُ فَقَالَ لَهُ: (اجْلِسْ فَقَدْ آذَيْتَ) وفي رواية (وَآنَيْتَ) رواه أبو داود، والنسائي، وأحمد، و(آنَيْتَ): تأخرت في الحضور.
ويستثنى من ذلك:
إذا أراد الإمام الوصول للمنبر، أو من كان بين يديه فُرجة لا يصل إليها إلا بالتخطي، ومن يريد الرجوع إلى موضعه الذي قام منه، بشرط تجنب أذى الناس.
أحكام إدراك الجمعة:
من أدرك ركعة مع الإمام: فهو مدرك لها، وعليه أن يضيف إليها أخرى.
ومن أدرك أقل من ركعة: فإنه لا يكون مدركًا للجمعة، ويصليها ظهرًا على الراجح من أقوال العلماء.
فعَن أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنهُ- أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: (مَنْ أَدْرَكَ مِنَ الْجُمُعَةِ رَكْعَةً فَلْيُصَلِّ إِلَيْهَا أُخْرَى) رواه ابن ماجه.