من أسباب الهزائم المتلاحقة للحركات الإسلامية أنهم يخوضون معركة جزئية مع عدو يمارس حربًا شاملة، حتى إن كثيرًا من طاقات هذه الحركات تصرف في النزاعات البينية بدل أن تتوجه للخصوم الذين يضعونهم اليوم بكفة واحدة، الأمر الذي أفقد الحاضنة الشعبية الثقة بمشاريع هذه التيارات، حتى قال البعض:
لو كانت الحركات الإسلامية قادرة على حل مشاكل الأمة لحلت مشاكلها البينية أولاً!
فما يكسبونه بالجهاد يخسرونه بالسياسة وما يكسبونه بالسياسة يخسرونه بالاقتصاد وما يكسبونه بالاقتصاد يخسرونه بالفكر.
إلغاء ونسف الحركات الموجودة على الساحة محال وإيجاد حركة بديلة زيادة في التحزب وإضافة جديدة للانقسام والحق مبثوث في جملة الأحزاب.
التكامل بين هذه الحركات موجود ولكن التواصل غائب:
هناك من يطرح رؤية لا أعرف مدى نجاعتها:
المتأمل بالحركات الاسلامية اليوم يجد كل فئة تضخم عندها جزءًا من أجزاء الدين وغالت فيه على حساب المشهد الكلي.
لو حولنا عمل هذه الحركات إلى حركة عضوية متناسقة من خلال نزع بذور الصراع بينها أولًا ثم اعتبار كل ما تقوم الحركة الأخرى مكملًا لما يقوم به غيرها. المزج بين هذه المناهج والمشاريع يحدث شيئًا من التوازن، وذلك بتوظيف جهد الآخرين بدلًا من تضليله، بهذا المزج ينخفض عند جماعة العمل السياسي المصلحي ما غالوا فيه ويرتفع عندهم معدل التزكية والجهاد، وكذلك ينخفض معدل الغلو في الجهاد عند البعض ليرتفع معدل السياسة، وينخفض عند الثالث الإغراق في التنظير ليفتح عينه على الواقع.
وهكذا نصل إلى حركة إسلامية تمتاز بالشمول والتوازن وتنظر للمخالف على أنه المكمل وليس اللد.
لكن هذا الامر يحتاج منا إلى دعامتين:
1- أن يتولى حمله والترويج له علماء ربانيون هم محل ارتضاء من الجمهور الأوسع من الأمة لم يحسبوا على حزب بعينه.
2-أن نتلمس هذا الاعتدال من خلال الوقوف بين صريح وصحيح النصوص وليس بين مناهج الجماعات.
فإنه مما يعلو به صوت النكير والنذير العريان على أحزاب تتصارع على الجزئيات في الزمن الذي يتصارع العالم فيه على الكليات، ويغيب اتفاقنا على الموجود ويشتد نزاعنا على المفقود.