الأربعاء 2 جمادى الآخر 1446 هـ الموافق 4 ديسمبر 2024 م
مشهد من الجنة
الثلاثاء 21 ربيع الآخر 1436 هـ الموافق 10 فبراير 2015 م
عدد الزيارات : 3739

أيتها المؤمنة...
يقول ربك تبارك وتعالى: {الْأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ}.
نعم أيتها المؤمنة، فإن من نعيم الجنة التلذّذ بأخوّة الإيمان والمحبة في الله لأنها أسمى درجات الإيمان فلا تبقى يوم القيامة إلا صداقة التقوى..
وها هم أهل الجنة على الأرائك ينظرون.. وبينما هم كذلك إذ رغب بعضهم أن يرى بعض إخوانه من أهل الإيمان في الدنيا مشوقًا إليهم.. فيجيء سرير هذا أو أريكته حتى يحاذي أريكة ذاك..
استمعي أيتها المؤمنة إلى ربك جل جلاله يقصّ علينا في كتابه: {وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ (25) قالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنا مُشْفِقِينَ (26) فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنا وَوَقانا عَذابَ السَّمُومِ (27) إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ}.
وهاك الحديث من فم نبيك الحبيب صلى الله عليه وسلم: (إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ اشْتَاقُوا إلى إخوان فَيَجِيءُ سَرِيرُ هَذَا حَتَّى يُحَاذِيَ سَرِيرَ هَذَا فيتحدثان فيتكيء هذا ويتكيء هذا فيتحدثان بما كان فِي الدُّنْيَا فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: يَا فُلانُ تَدْرِي أَيَّ يَوْمٍ غَفَرَ اللَّهُ لَنَا يَوْمَ كُنَّا فِي مَوْضِعِ كَذَا وَكَذَا فَدَعَوْنَا اللَّهَ فَغَفَرَ لَنَا) رواه البزار.
وبينما أهل الجنة يتسامرون ويتحدثون متنعمين هانئين بما حولهم.. إذ تذكّر صديقًاله.. لشدّة ما حاول هذا أن يجذبه إلى المعاصي.. ويرديه معه في كفره وضلاله...
تعالي أيتها المؤمنة نتملّى المشهد منذ البداية كما يرويه لنا الله تبارك وتعالى في كتابه: (فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (43) عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ (44) يُطافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ (45) بَيْضاءَ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ (46) لا فِيها غَوْلٌ وَلا هُمْ عَنْها يُنْزَفُونَ (47) وَعِنْدَهُمْ قاصِراتُ الطَّرْفِ عِينٌ (48) كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ) يا لها من سعادة لا تماثلها سعادة.. ونعيم لا يعادله نعيم.. وراحة ورغد لا يخطر على بال بشر..
نعم لقد اجتهدوا في العمل.. ثم ولّى زمان العمل.. وجاء زمان السعادة والنعيم جزاء بما كانوا يعملون.. وفجأة خطر ببال أحدهم خاطر، أيتها المؤمنة تعالي نستكمل المشهد الرائع كما حكاه ربنا جل جلاله حيث يقول: {قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كانَ لِي قَرِينٌ (51) يَقُولُ أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ (52) أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَدِينُونَ (53) قالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ (54) فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَواءِ الْجَحِيمِ (55) قالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ (56) وَلَوْلا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ (57) أَفَما نَحْنُ بِمَيِّتِينَ (58) إِلاَّ مَوْتَتَنَا الْأُولى وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (59) إِنَّ هذا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (60) لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ الْعامِلُونَ} نعم لمثل هذا النعيم فلتعملي..
لمثل هذه الراحة والسعادة فليتعب ولينصب كل راغب.. نعيم لا يصدق عليه إلا وصف ربنا جل جلاله له حيث قال في الحديث القدسي: "أعددت لعبادي الصالحين ما لا عينٌ رأت.. ولا أذن سمعت.. ولا خطر على قلب بشر" ثم قرأ النبي  صلى الله عليه وسلم قوله جل جلاله: {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}.
ويقول نبيك  صلى الله عليه وسلم أيتها المؤمنة: (عُرِضَتْ عَلَيَّ الْجَنَّةُ بِمَا فِيهَا مِنَ الزَّهْرَةِ وَالنَّضْرَةِ، فَتَنَاوَلْتُ مِنْهَا قِطْفًا مِنْ عِنَبٍ لِآتِيَكُمْ بِهِ، فَحِيلَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ، وَلَوْ أَتَيْتُكُمْ بِهِ لَأَكَلَ مِنْهُ مَنْ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، لَا يُنْقِصُونَهُ شَيْئًا...).
أيتها المؤمنة قد أوشك أن يندم المفرطون.. ويتحسر الغافلون.. فإياك أيتها المؤمنة أن تكوني منهم.. وأوشك أن يفوز العاملون، فأين أنت؟!