الجمعة 10 شوّال 1445 هـ الموافق 19 أبريل 2024 م
لست مع أحد!
الخميس 1 ذو الحجة 1435 هـ الموافق 25 سبتمبر 2014 م
عدد الزيارات : 2335

 

لست مع أحد! 
 
لو رأيت -في الطريق- رجلين يقتتلان هذا من شيعتك وهذا من عدوك فهل تستطيع التزام الحياد؟!
بل لو شاهد الكائن البشري مساجلة بين اثنين (لا يعرفهما) ألا ينحاز بعد وقت قصير إلى أحدهما بالفطرة (لسبب ما كضعف أحدهما أو شكله أو منطقه...) والإنسانية تمنع صاحبها من ترك البر والمرحمة، والنخوة تأبى عليه ترك الناس في الكرب والمخمصة.
حتى الدول التي نادت بعدم الانحياز (مثل يوغسلافية ومصر) انحازتا بعد مدة للشيوعية!
فلا يوجد مفهوم الحياد أو عدم الانحياز في داخل النفس البشرية، ولا يوجد على أرض الواقع, بل نحن نشكو دائمًا من الميل والتحزب؛ تحزب داخل العائلات بين القرابات، وتحزب لذكورة أو أنوثة، تحزب لرأي، وتحرب لفئة أو قوم... يتحزب المرء في قضايا متنوعة في حياته، ثم نأتي إلى قضية كبيرة ومهمة وفاصلة (مثل الثورة السورية) فيتظاهر بعضهم بأنه راق وكبير العقل ولا يتدخل فيما لا يعنيه، ويقول بكل فخر: "أنا محايد"، "أنا مو مع حدا"!؟
وإذا قبل المرء أن يكون محايدًا فلن يعتبره الطرفان المتصارعان هكذا، وإنما سوف يصنفونه مع الطرف الآخر، وسيصبح منبوذًا من الفريقين.
ولا تظنوا الحياد دليلًا على العقل الكبير وأنه السبيل الذكي لتجنب الفوضى، فنحن لسنا في فتنة، وإنما في حرب شرسة واضحة، حرب ضد الإسلام وضد العرب بل هي ضد الخير وضد القيم... ونحن في حرب إبادة وتفقير وتجهيل متعمد... ومن يكن حياديًا كان مع محاور الشر علينا.
الحياد ينتج عنه الفساد، وانتشار الدعوات المشبوهة، وترك ساحة العمل لأصحاب الطروحات الخاطئة، مما يؤدي لتكريس الظلم وإطالة عمر الطغاة والأنظمة الكافرة والتمكين لهم، وإبقاء العالم الإسلامي مقسمًا إلى دويلات.
 
والحياد هو ما تريده محاور الشر لتقرير مصير الأمة الإسلامية كما يشاؤون، وهو من مكائدهم ومؤامراتهم. فكان لزاما "العمل على إقامة العدل والحق، ومصارعة الفجرة الكفرة وفضح مخططاتهم وتهيئة الأمة الإسلامية لإعادة الخلافة الراشدة".
وإن أكثر هؤلاء –الحياديين- فارغون همهم ما فقدوه من اللهو والمتعة، ليست لهم قضية... ومثل هؤلاء حري بنا ألا نزوجهم وألا نعاشرهم، وأن نُضيق عليهم، لأنهم يُخذّلون الناس عن دفع الظلم وعن الجهاد المشروع. ويمكنون الغرب من محو الهوية الإسلامية والعربية، ومن نشر الفقر والمرض والجهل والتخلف.
ونصيحتي أن تبتعدوا عن المحايدين، إلا الذين يمكن أن يعودوا، وإن كان المرء ولا بد فاعلًا، وكان المحايد من قرابتك المقربة، فكن معه مقلًا، ولا تترك نصحه وتنبيه (بالتي هي أحسن)، ونوع بالأساليب لكيلا يمل، واحشد له الدليل والحجة وأقوال الثقاة، واجعله قضيتك الأولى حتى يرجع، ولعل الذكرى تنفعه، ولكن لا تكن معه على طبيعتك أبدًا، وإن هذه المفاصلة أقل شيء ممكن أن تقدمه لله، ولهذه الثورة، وإن هذا هو معنى "الحب في الله والكره في الله"