السبت 2 ربيع الآخر 1446 هـ الموافق 5 أكتوبر 2024 م
خاطرة
الكاتب : لبابة كوسا
الاثنين 6 ذو القعدة 1435 هـ الموافق 1 سبتمبر 2014 م
عدد الزيارات : 4631

 

خاطرة 

 
في كل ليلة .. في تمام الساعة 11 تضيء سماء أبها بالألعاب النارية التي تستمر لمدة 4 دقائق .
قبلها بنصف ساعة يطلقون واحدة فقط. 
تجتمع السيارات عند الجسر .. يحتشد الناس. 
و في الشقة يجتمع اولادي الثلاثة على الشرفة ينتظرون بشوق..
حتى ياسر الصغير يسأل بين الحين و الاخر: (وينو ضو)؟
تبدأ الألعاب .. الأصوات عالية جدًا، يهتز معها زجاج النوافذ، و يصاحبها هتافات المتفرجين ابتهاجًا.. و التصفير و التصفيق.. وبانتهائها تعكر الأجواء بدخانها، ورائحة الكبريت. 
ينصرف الناس مسرورين.. وبعد دقائق تهدأ الأجواء ونذهب للنوم .
يستحيل النوم قبل أن تنتهي الالعاب لأنها ستوقظنا فزعين..  
منذ الليلة الأولى تبادر إلى ذهني المشاهد المنتشرة لصواريخ وقذائف يُرمى بها إخواننا في سورية وفي    غزة.. وشتان!!
فهذه تأتي على غير موعد وبلا سابق إنذار.. صوتها المدوي يشق هدوء الليل، ضوء لهبها يمحو لون العتمة، أدخنتها سحب سوداء فوق المدينة، تتبعها صرخات الهلع والخوف، وتكبيرات المؤمنين.. 
شرارها يحمل شظايا بلا لون ولا عنوان، يسقط على رؤوس الجموع التي تجري بغير هدي..  تبحث عن مفر و ملجأ.. وفي دقائق .. يخلو المكان .. و يسود الصمت .. فيه طمأنينة أرواح الشهداء، ويبدأ السواد بالانقشاع .. 
و بحذر. تطل رؤوس الناجيين .. ثم ينطلقون بلا تردد بين ما تبقى من معالم تلك البقعة، تعلو أصواتهم للنجدة تنادي المتطوعين: أسرعوا هنا جثة .. و بين تلك الأنقاض طفلة! 
تشق أصواتهم صراخ أم تبحث عن وليدها، وأخ يبحث عن أخواته .. يناديهم بأسماءهم و هو يجري من ركن الى ركن، وصيحة طفل يبحث عن أمان .. عن تفسير لهذا العدوان..
 
و ينتهي ذلك المشهد عندنا .. ويستمر هناك ويتكرر .. في ليل أو نهار.. ويبقى في القلب ألم جرح وفي الذاكرة بقايا صور مشوشة.. ولسان يلهج بالدعاء: اللهُمَّ سَلِمهُم .. اللهُمَّ آمِنهُم