الجمعة 17 شوّال 1445 هـ الموافق 26 أبريل 2024 م
المخيمات بيئة خصبة لمن يضع بصمة
الاثنين 6 ذو القعدة 1435 هـ الموافق 1 سبتمبر 2014 م
عدد الزيارات : 2288

 

المخيمات بيئة خصبة لمن يضع بصمة (*) 

 
المخيمات بيئةٌ خصبة لمن يضع بصمة لقد اكتظت مخيمات الجوار باللاجئين من أطياف ومشارب وأماكن متعددة من أنحاء سورية، يجمعهم هم ٌواحد ومعاناة ٌواحدةٌ، من ماضٍ بائسٍ تلفّه ذكرياتٌ أليمة، ومآسٍ تنوء بحملها الجبال، من أحبةٍ فقدوهم، وصورٍ فظيعةٍ حُفِرَت في ذاكرتهم، من أشلاء وهدم واغتصابات وجثث شَوَّهت معالمها فنون التعذيب قبل أن تلقى باريها، وأحياء وبلدات دَفَنت مدارج الصبا فيها أكوامٌ من الركام والأنقاض.
وواقع مؤلم ذاقوا فيه الذل بعد عز والفاقة بعد جدة والجوع والبرد ممزوجًا بذكرياتٍ كالعلقم ومستقبلٍ داكنٍ يلفهم بظلاله يَبُثّ اليأس في قلوب من فقدوا معيلهم أو من فقد دكانه ومتجره وبضاعته وفقد قبل ذلك بيته بما حوى من أثاث شقي بجمعه سنين عمره ناهيك عمن فقد عضوا أدخله عالم المعاقين فدفن على أبوابه أحلامه وآماله .
لقد بات واجبًا على كل سوري في المهجر وكل عربي ومسلم أن يسهم بما يستطيع لدعم جمعيات ومؤسسات تمسح عن هذه النفوس الكليلة آلامها وتعالج أسقامها، وخاصة الأطفال والشباب الذين هم وقود البناء والنهضة، وإعادة تأهيلها من جديد وفق الأسس الحديثة للتنمية البشرية والنفخ في شرايين الإيمانيات التي تفيد كثيرًا في تهدئة الروع وزرع الأمل وتخطي الماضي وشد الرحال نحو المستقبل .
إن أطنانًا من الركام دفنت تحتها أحلامًا وآمالًا وبُنَىً تحتيةً من مدارس وكليات ومرافق ومساجد ومصانع ومحطات وغيرها مما يصعب إحصاؤه تحتاج إلى إرادة جبارة وهمم سامقة وجهود مضنية لإزالتها وإعادة الإعمار من جديد، وهذا كله لن ينبع من نفوس متعبة مثخنة بالجراح، مثقلة بالآلام والأحزان، منهكة بالإحباط... لذا صار لزامًا على كل ذي ضمير حي أن يسهم في إعادة بناء تلك النفوس أولاً حتى تصبح نفوسًا متزنة قادرة على العطاء...
 
إنها فرصة ذهبية لكل من أراد أن يضع له بصمة في هذا التغيير العملاق الذي انطلق من بلاد الشام، وسيبقى عابرًا للحدود والدول حتى يعم أرجاء العالم الإسلامي وتعود الخيرية للمسلمين مصداقًا لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا فسد أهل الشام فلا خير فيكم) وهم اليوم هبوا للعودة لأصولهم وجذورهم الخيّرة وقد شنوا حربا ضروسًا على الفساد وأهله، ويحتاجون إلى كل من يؤمن بتجارة رابحة مع ربه وخاصة من الميسورين وأصحاب الخبرة في مجالي العلاج النفسي والتنمية البشرية؛ للعون في إنشاء مؤسسات متخصصة في هذا تنشط لتأهيل كوادر فاعلة من سكان المخيمات وغيرهم، حيث أن التربة صالحة لنمو أي بذور تغرس، وهناك الكثير من الأسماء اللامعة والوجوه الفاضلة في العالم العربي، وليكن شعارنا معًا لنمسح الهم ّعن قلوب ٍجريحة ونفوس مهيضة...
 
معًا لبناء إنسان قوي متوازن قادر على العطاء والإبداع والبناء نحو نهوض حضاري جبار ومجتمع فاضل ينطلق من أرض الشام إلى المحيط ثم إلى الأمة الإسلامية جمعاء بعون الله.
 
(*) باختصار