عندما نفتخر بالأمويين فهذا يعني أننا نفتخر ببطولاتهم ونفتخر بإخضاعهم للأعداء. نفتخر بأنه في عهدهم لم يكن يجرؤ الروم أو الفرس أو غيرهم أن يفكروا مجرد تفكير في الاعتداء على أحد من دولتهم.
قد يقول قائل: التاريخ يكتبه المنتصرون لذلك كان تاريخ الأمويين شامخا.
حسنا.. أليس الانتصار بحد ذاته فخرا؟! وما أحوجنا اليوم للمنتصرين في زمن الهزائم لإعادة ثقتنا بأنفسنا .
عندما نفتخر بالأمويين فلنا أن نفتخر بكل المنجزات الحضارية للدولة الأموية: نفتخر بمعركة ذات الصواري، وبمساجد بني أمية التي تتحدى الزمن، ونفتخر باحترام العلم والترجمة، وبتعريب العملة والدواوين، لنصل لقمة الفخر مع عدل عمر بن عبد العزيز.
لذلك لم يخطئ صناع الثورة السورية الكبرى وصناع الاستقلال بالوقوف احتراما للنشيد الوطني وهو يصدح :
(فمنا الوليد ومنا الرشيد … فلم لا نسود ولم لا نشيد).
نعم لم يكونوا مغفلين وهم ينتشون لكلمات سعيد عقل :
ظمئ الشرق فيا شام اسكبي … واملئي الكأس له حتى الجمام
أهلك التاريخ من فـضـلـتـهـم… ذكرهم في عروة الدهر وسام
أمـيـون فإن ضـقـت بــهــم … ألحقوا الدنـيـا بـبـسـتـان هـشـام
فهل كان سعيد عقل أمويا؟ !
لا.. ولا مسلمًا.. ولكنه من بلد أعطاها الأمويون مجدًا وتاريخا فله أن يفتخر بهم ويرفع جبينه للشمس.
نحن جميعا نفتخر أيضًا بالفينيقين. ألم يضعوا أول أبجدية وبدأت كتابة التاريخ معهم؟ فقبلهم كانت العصور تسمى عصور ما قبل التاريخ. وهذا ما يقصده عقل بقوله :
(أهلك التاريخ من فضلتهم).
كذلك كلنا نفتخر بقاهر الصليبيين الكردي البطل صلاح الدين. إنَّه من هذه الربوع، وقد رفع اسم بلادنا للنجوم.
عندما يفخر المصريون بالفراعنة، ليس معنى ذلك أنهم سيعودون لعبادة الفرعون، بل لأنها حضارة شامخة سبقت غيرها بقرون.
ونحن أيضا لن نأخذ من الأمويين توارث الحكم والسلطة الشمولية للحاكم، إنها مرحلة من التاريخ البشري كان لنا فيها السبق على العالم، ودانت لدمشق الدنيا من حدود الصين إلى الأندلس. وهذا يكفينا فخرا، ويكفي سببا للدفاع ضد التجني عليهم وهضمهم حقهم.
ألم يُقم الإيرانيون الدنيا ولم يقعدوها بسبب فيلم (300 محارب) لأنه يتحدث عن وحشية الفرس مع الإغريق في إسبرطة مدعين أنه يتجنى على أمجادهم ؟!
لماذا؟ هل الفرس القدماء كانوا شيعة أو مسلمين ليفتخر الإيرانيون بهم فيما ننسى نحن تاريخنا؟!
لقد صدق من قال: من ليس له تاريخ فليصطنع تاريخا .
الأمريكان ليس لهم تاريخ قديم فبدأوا يتبنون تاريخ الإغريق تارة، وتاريخ الهنود الحمر تارة أخرى، وأصبحوا –مثلا- يفتخرون بأهرامات الهنود الحمر في المكسيك، وهم بذلك يتبنون تاريخا ويدعون حضارة لا يمتون لها بصلة .
فكيف ونحن مع بني أمية أبناء عمومة فإن لم يكن فمصاهرة أو على الأقل مجاورة وأبناء وطن واحد .
نعم.. الأمويون ومضة مجد في تاريخنا. ومضة تجعلني أختم بأبيات تعطي بلادنا حقها من المجد :
قرأت مجدك في قلبي وفي الكتب ... شـآم ما المجد أنت المجد لم يغـب
أيام عاصــمــة الـدنـيـا هنا ربطت ... بـعـزمـتـي أموي عزمة الـحـقـب
ذكرتك الخمس والعشرين ثورتها… ذاك النفير إلى الدنيا أن اضطربي