على وقع المعارك التي تخوضها كتائب الجيش الحر في مدينة دمشق ومحيطها، وفي ظل الانتصارات المتلاحقة التي تحققها الكتائب الأبية المجاهدة في مختلف محافظات سوريا؛ حيث تهاوت أمامها ألوية النظام وقواعده الجوية، وتساقطت بقذائفها طائراته ومروحياته، وباتت تحاصر النظام في عقر داره، وتمطر القصر الجمهوري ومحيطه بالقذائف التي غنمها المجاهدون من مخازن الحرس الجمهوري والفرقة الرابعة ...
على وقع ذلك كله، تتداعى الدول الغربية وحلفاؤها في المنطقة لممارسة الضغوط، ورسم الخطط، ووضع الترتيبات الكفيلة بالمحافظة على مصالحهم لا على مصالح الشعب السوري؛ وذلك عبر تصريحات بدأت تشتد وتيرتها في الأيام السابقة، مثل التحذير من استخدام النظام للأسلحة الكيميائية والتلويح بالتدخل العسكري إن هو فعل ذلك، والحديث عن تصنيف بعض الكتائب المجاهدة في خانة التطرف تمهيداً لإيجاد حجة قانونية ودولية لتدخل القوات الدولية.
فبعد عشرين شهراً من الصمت المريب والجمود المطبق، كان حصيلتها أربعين ألف سوري أزهقت نفوسهم، وعشرات آلاف الجرحى والمعتقلين، وملايين المهجرين؛ تتحرك الدبلوماسية الغربية للتوصل إلى تفاهمات مع بعض أقطاب النظام المجرم لمكافأتهم نظير حمايتهم أمن "إسرائيل" والتزامهم بعدم إقلاق قادة "تل أبيب" طوال الفترة الماضية، يريدون بذلك تقويض الجهاد وإعادة التوازن لفرق النظام التي تهاوت أمام تقدم الجيش الحر في مختلف الجبهات.
وفي ظل التسريبات المؤكدة والأنباء المتواترة لم يعد سراً أن الإدارة الأمريكية تسعى إلى إبرام الصفقات في مطلع القرن الواحد والعشرين على نفس النمط الذي صيغت بها معاهدات القرن العشرين: "سايكس بيكو" و"سيفر" و"سان ريمون" و"وعد بلفور"، حيث تسعى دول الغرب حثيثة للتوافق فيما بينها على اقتسام حصص النفوذ وتوزيع الغنائم الجيوسياسية وإعادة فرز خارطة القوى، وترجيح كفة من يخدم مصالحها.
وإننا إذ نرفع أبلغ عبارات التحية وأسمى مشاعر العرفان إلى الكتائب الأبية المجاهدة التي تخوض حرب التحرير المجيدة؛ لندعوها جميعاً إلى مواجهة هذه الهجمة الإعلامية الشرسة، والمخططات الغربية المريبة برص صفوفها، وتوحيد كلمتها، وتنسيق عملياتها.
كما نحثها على أن تحافظ على نقاء جهادها وصفائه، وأن تحذر كل ما يشوه صورته، أو يفقده حاضنته،وأن تنأى بنفسها عن الغلو والتشدد الذي لم يعرف به المجتمع السوري، وأن تحد من مظاهر الفوضى الواقعة أو المتوقعة، وذلك لتفويت الفرصة على من يتصيدون الأخطاء، ويصطادون في الماء العكر لتشويه صورة المجاهدين، واتخاذ ذلك مبرراً للدعوة إلى الإبقاء على ضباط نظام أسد وأجهزة استخباراته.
وإننا إذ نرفض رفضا قاطعا وصف أولئك الأبطال الذين يجودون بأنفسهم دفاعا عن الدين والنفس والعرض والأرض بالإرهاب، لندعو هذه الكتائب إلى استعمال الحكمة في مواقفها وتصريحاتها، وتوخي الحذر مما يحاك ضدها، والأمر لن يتوقف عند اتهام هذا الفصيل أو ذاك، إذ الكل عند هذه القوى الدولية سواء؛ ولكنها تصريحات مرحلية تقتضيها المناورة.
كما ندعو جميع القوى السياسية السورية بمختلف اتجاهاتها إلى التحلي بروح المسؤولية، وعدم الانجرار وراء المخططات الغربية التي لا تراعي مصالح الشعب السوري، وأن لا تتورط في تقديم تنازلات رخيصة لإرضاء القوى الدولية عبر إقصاء المكونات الأساسية من الثورة السورية على الصعيدين الجهادي والسياسي، بل يتعين على جميع القوى السياسية في هذه المرحلة الحاسمة أن تبادر إلى استدراك القصور لديها، وأن تكون ممثلاً حقيقاً لمصالح الشعب السوري وطموحه، وأن تعمل على إرضاء الله عز وجل، وتسعى إلى تحقيق التآلف بين جميع أبناء المجتمع السوري ونبذ الفرقة والاختلاف.
أما أنت يا شعبنا الأبي الصامد؛ فأبشر ببزوغ فجر الحرية، وإشراقة شمس النصر، ولا يهولنك مكر أعدائك فهو مكر سيئ، (وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِه).