بسم الله الرحمن الرحيم
البيان الختامي
لمؤتمر " حقوق الإنسان بين الشعارات والحقائق "
الخرطوم - قاعة الصداقة (3 - 5 شعبان، 1433هـ، 23 - 25 يونيو، 2012م)
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد الأنبياء وإمام المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
الأخ الرئيس، أصحاب المعالي والسعادة، معاشر العلماء والمفكرين المؤتمرين، أيها الحضور الكريم:
بادئ ذي بدء نتوجه بالشكر الجزيل لربنا العظيم على نعمه التي لا تعد ولا تحصى، ومنها نعمة عقد هذا المؤتمر وإنجاحه.
كما نتوجه بفائق العرفان والتقدير للسودان شعباً وحكومة، وعلى رأسها الأخ المشير: عمر حسن البشير رئيس الجمهورية، على رعايته وتشريفه للمؤتمر، وعلى كرم الاستقبال وحسن الضيافة وتيسير سبل نجاح هذا المؤتمر وتحقيق أهدافه.
ثم يسرنا أن نتوجه بالتهنئة لكافة أبناء الأمة عامة، ولشعب مصر خاصة، على نجاح مرشح الشعب المصري فخامة الرئيس المصري المنتخب: أ.د.محمد مرسي، وفقه الله تعالى.
ولما كان واجبا على أهل الإسلام إبراز مزية دينهم في رعاية حقوق الإنسان، وكشف بعض جوانب عوار القوانين الأممية وازدواجيتها وقصورها في رعاية كرامة الإنسان تنظيرا وتطبيقا.. انعقد هذا المؤتمر، بعنوان: حقوق الإنسان بين الشعارات والحقائق.
وذلك في رحاب جمهوية السودان، في قاعة الصداقة بالخرطوم، في المدة: 3-5/8/ 1433هـ، التي توافق: 23- 25/6/ 2012م، بمبادرة كريمة من كل من: قناة طيبة الفضائية، ومجلة البيان، والمركز العربي للدراسات الإنسانية.
وقد قدمت في هذا المؤتمر أوراق عمل متعددة ومداخلات مثرية، شارك فيها عدد من العلماء والدعاة ورجال القانون من جمهورية السودان، ومن عدد من الدول العربية والإسلامية، في جلسات خمس، على مدى ثلاثة أيام، خرج المؤتمرون فيها بالنتائج والتوصيات الآتية:
1- إن حقوق الإنسان في الإسلام ليست خاضعة للأهواء البشرية، ولا للاختيارات الإنسانية، بل هي منبثقة من مرجعية إسلامية تعتمد الكتاب والسنة،وتستلهم الممارسات الراشدة عبر تاريخ الأمة المتعاقب،بعيدا عن الأهواء ومراعاة المصالح الخاصة فردية كانت أم فئوية.
2- إن حقوق الإنسان في الإسلام قد جاءت مستوعبة للناس جميعا، أيا كان جنس أحدهم أو لونه أو سنه أو ديانته، في إطار التكامل مع مراعاة المصالح العامة للمجتمع.
3- إن مواثيق حقوق الإنسان المعاصرة قد انبثقت من القيم الغربية، وفيها ما يتعارض مع حقوق الإنسان في الإسلام وفطرته وعقله، وذلك يمثل في الحقيقة إهانة للإنسانية، واعتداء على قيم المجتمع السوي تحت شعارات براقة تحمل مضامين مدمرة .
4- إن الغرب بقوته المادية وروحه الاستعمارية يتخذ من حقوق الإنسان وسيلة لترسيخ ثوابته ومراعاة مصالحه فقط، ويتخذ من تلك المبادئ وسيلة لفرض قيمه العلمانية على الأمم الأخرى، وسبيلا للضغط على المستضعفين، وتحوير قيمهم والتشكيك في ثوابتهم وتهديد مكتساباتهم والسيطرة على ثرواتهم وتقسيم دولهم وإقصاء الحكومات التي ترفض الانصياع لمطالبهم.
5- إن الغرب يمارس ازدواجية بغيضة بالنسبة لحقوق الإنسان، فبينما هو يحمي الإنسان الغربي في كل شيء لمجرد كونه غربيا مهما كان ظلوماً جهولاً، ويصون القيم الغربية مهما كانت زائفة.. نجده في الوقت نفسه يستهدف كل ما يتعارض مع أهدافه ويهدد مصالحه، مهما كانت صوابا، كما نجده يمارس استعلاء وانتقائية فجة في التطبيق، إذ نراه مثلا يسكت بل يدافع عن مؤسسات استعمارية وأنظمة استبدادية غارقة في الفساد وانتهاك حقوق الإنسان لمجرد كونها تدور في فلكه، في الوقت الذي نجده يهاجم مؤسسات نظيفة وأنظمة أخرى لمجرد كونها لا تخدم قضاياه وتأبى أن تسير في ركابه لخدمة أهوائه.
6- أن الشعوب المسلمة هي أكثر الشعوب المتسلَّط عليها، المنتهكة حقوقها،المستهدفة قيمها وثوابتها، المتعدى على أرضها ودماء أبنائها في أجواء انتهاكات سافرة لحقوق الإنسان من قبل القوى الغربية ومن أذرعتهم السياسية والفكرية والعسكرية في المنطقة على حد سواء، وأنه لولا الممارسة الغربية الظالمة وغير المسؤولية - سواء أكانت مباشرة أم غير مباشرة – في هذا الجانب ما كان للأمور في منطقتنا أن تصل إلى هذه المرحلة من السوء، وهذا واقع مشاهد في أكثر من مكان، فعلى سبيل المثال:
- هذه شعوب فلسطين والعراق وأفغانستان تئن من وطأة الاحتلال الغربي المنتهك للقوانيين الدولية التي يتشدقون بها، ولكل ما هو إنساني ولا من نكير ولا من مجيب.
- وهذا شعب سوريا الذي تطايرت أجزاؤه وأشلاؤه وسالت دماؤه لمجرد كون أرضه صارت ساحة لصراع غربي روسي على النفوذ، مع أن النظام الطاغي ما كان له أن يجثم على صدور أحرار سوريا لعقود متعاقبة لولا الدعم الغربي والمساندة الروسية مكافأة له على حفاظه المستميت على أمن إسرائيل.
- وهذه بورما يهجر أهلها المسلمون ويقتلون اليوم، في ظل سلسلة طويلة من الانتهاكات الصارخة المتعاقبة عليهم.
- وشعوب أخرى في إفريقيا وغيرها لا تعرف الاستقرار، جراء مكر كبار مورس عليها طويلا.
- وهذا سوداننا الحبيب الذي تكالبت عليه قوى الاستكبار العالمية، فتمالأت مع المتمردين في أطرافه، بشكل قسّم أرضه، وأقض مضجعه، ثم سلط عليه سيف الظلم، باسم محكمة الجنايات الدولية، التي تترك عن عمد كل الممارسات الإجرامية الاستعمارية، وتتحرك فقط لتحقيق الأهداف والأجندة الغربية.
7- ضرورة العناية بنشر ثقافة حقوق الإنسان في ضوء المفاهيم الإسلامية، وما وافقها من بعض القوانيين الأممية؛ عبر مناهج التعليم ووسائل الإعلام المتاحة، وإنشاء مواقع على الشبكة العنكبوتية بلغات العالم الحية تشرح القضية، وتخاطب الرأي العام الغربي بشأن الانتهاكات التي تمارسها حكوماته على قيمنا وشعوبنا ودولنا.
8- يوصي المؤتمرون رجال القانون الدولي، وكل من له عناية بالدفاع عن قضايا الأمة وحفظ حقوقهابالنضال القانوني على الصعيد الدولي، والسعي الحثيث للمطالبة بتقديم مجرمي الحروب ومنتهكي حقوق الإنسان، وبخاصة منتهكي حقوق أمتنا المسلمة للمحاكمة.ويؤكدون على ضرورة التكامل في الجهود الحقوقية مع كافة المؤسسات الحقوقية المنصفة والجادة.
9- يوصي المؤتمرون خبراء القانون والمحامين والناشطين من أبناء هذه الأمة في ميادين حقوق الإنسان بتبني تأسيس منظمة إسلامية عالمية غير حكومية لحقوق الإنسان، تكون من مهامها: تقديم الرؤى والأفكار الإسلامية في مجال حقوق الإنسان، وتقديم رؤى نقدية للقوانين والمفاهيم المخالفة للأطروحات الإسلامية،ورعاية حقوق الإنسان المسلم، والمنافحة عن قضاياه، وكشف الممارسات الظالمة والجرائم الغربية على بلدان وشعوب الأمة وتقديم وثيقة إسلامية عالمية لحقوق الإنسان، تجسد رحمة الإسلام بالناس، وكماله في تحقيق مصالحهم على أكمل وجه.
10- يؤكد المؤتمرون على حق الثوار في عالمنا العربي بالمطالبة بحقوقهم السياسية والثقافية والاجتماعية وغيرها، ويدعونهم إلى الوفاق والتكامل وتعميق جسور الثقة فيما بينهم ليتم تعزيز الهوية وسير بخطى واثقة نحو مسيرة الإصلاح والتنمية الشاملة ومراعاة حقيقة لحقوق الإنسان في بلداننا المسلمة.
11- على الحكومات والشعوب الإسلامية دعم ومؤازرة الشعب السوري العظيم؛ حتى ينال حريته واستقلاله ويتم تخليصه من النظام المجرم الجاثم على صدره.
12- يطالب المؤتمر منظمات حقوق الإنسان العالمية الأهلية القيام بواجبها الإنساني في رفع الصوت عالياً في نقد الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان المسلم.
والله يقول الحق، وهو يهدي السبيل.
وصلى الله وسلم وبارك على الهادي البشير النذير، وآله والصحب الكرام. والحمد لله رب العالمين.