السؤال:
ما حكم من يُقتل على أيدي النظام المجرم في سوريا من المتظاهرين أو من الجيش السوري الحر، فهل يجوز لنا أن نقول : إنهم شهداء ؟ وإذا جوزنا ذلك فهل لهم أحكام الشهداء في المعركة ؟
__________________________________________________
الجواب:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
من خرج على النظام المجرم في سوريا بمظاهرة أو بقتال وكان من المسلمين ولم يشرك بالله شيئاً وخرج لإعلاء كلمة الله مدافعاً عن دينه أو عرضه أو ماله أو نفسه ثم قُتل فنرجو له أن يكون من الشهداء ، بل إننا نرجو أن يكون من أسياد الشهداء الذين قال فيهم الرسول - صلى الله عليه وسلم- :"سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب و رجل قام إلى إمام جائر فأمره و نهاه فقتله".(أخرجه الحاكم في المستدرك عن جابر رضي الله عنه، وصححه الألباني، صحيح الجامع 3675 )
أما الشهيد الذي لا يغسل ولا يصلى عليه فهو من مات في قتال الكفار كأن قتله أحدهم، أو أصابه سلاح مسلم خطأ، أو عاد إليه سلاحه، أو وجد قتيلاً عند انكشاف الحرب ولم يعلم سبب موته وإن لم يكن عليه أثر دم، لأن الظاهر أن موته بسبب القتال.
وبالتالي نقول:
1ـ من قُتل من الجيش السوري الحر في ساحة المعركة مع العصابات الأسدية وكان مسلماً فله حكم الشهيد فلا يُغّسل ولا يُكفن ولا يصلى عليه وهذا قول جمهور العلماء ؛ كما في البخاري من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال عن شهداء أحد :" أنا شهيد على هؤلاء ، وأمرَ بدَفْنِهم بدمائهم ، ولم يصلِّ عليهم ، ولم يُغَسِّلْهُم".
وإنما تُرك الغُسل ليبقى أثر الشهادة عليهم كما في الصحيحين من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- : " ما مِنْ مَكْلُوم يُكلَمُ في سبيل الله إلا جاء يوم القيامة ، وكَلْمهُ يَدمى ، اللونُ لونُ دم ، والرِّيحُ رِيحُ مِسْك"
2ـ وأما من قُتل في المظاهرات أو في المداهمات في البيوت , أو قُتل تحت التعذيب، فإن هؤلاء لا يأخذون حكم شهيد المعركة، بل يغسّلون ويكفّنون ويُصلّى عليهم ، ولهم أجر الشهداء في الآخرة إن شاء الله ؛ لأنهم مقتولون ظلما دون أموالهم وأعراضهم وأنفسهم.
ووجه عدمُ إلحاق قتلى المتظاهرين بشهداء المعركة : أنهم لا يقاتِلون ، وإنما يخرجون خروجاً سلمياً ، فيقتَلون ظلماً .وشهيد المعركة من مات في قتال.
قال النووي رحمه الله : " واعلم أن الشهيد ثلاثة أقسام:
أحدها : المقتول في حرب بسبب من أسباب القتال، فهذا له حكم الشهداء في ثواب الآخرة وفي أحكام الدنيا، وهو أنه لا يغسَّل ولا يصلَّى عليه.
والثاني: شهيد في الثواب دون أحكام الدنيا ، وهو المبطون ، والمطعون، وصاحب الهدم، ومن قُتِل دونَ ماله، وغيرهم ممن جاءت الأحاديث الصحيحة بتسميته شهيداً ، فهذا يغسَّل ويُصلَّى عليه وله في الآخرة ثواب الشهداء, ولا يلزم أن يكون مثل ثواب الأول.
والثالث : من غلَّ في الغنيمة ، وشبهه ممن وردت الآثار بنفي تسميته شهيداً ، إذا قُتل في حرب الكفار ، فهذا له حكم الشهداء في الدنيا فلا يُغسَّل, ولا يصلَّى عليه , وليس له ثوابهم الكامل في الآخرة " انتهى من " شرح مسلم " (2/164)
* تنبيه:
من السّنّة أن يُدفن الشّهداء في مصارعهم ، ولا ينقلون إلى مكان آخر ، فإنّ قوماً من الصّحابة نَقلوا قتلاهم في واقعة أحد إلى المدينة ، فنادى منادي رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بالأمر بردّ القتلى إلى مصارعهم.
ويجوز دفن الرّجلين أو الثّلاثة في القبر الواحد ، كما في البخاري عن جابر بن عبد الله-رضي الله عنهما-"أنَّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- كان يجمع بين الرجلين من قَتْلَى أُحُد في ثوب واحد ، ثم يقول : أيُّهما أكثرُ أخْذاً للقرآن ؟ فإذا أُشير إلى أحدهما قَدَّمه في اللَّحْد ، وقال: أنا شهيد على هؤلاء، وأمرَ بدَفْنِهم بدمائهم ، ولم يصلِّ عليهم ، ولم يُغَسِّلْهُم"
والله أعلم وأحكم , والنصر للمجاهدين والهزيمة للمجرمين.