السؤال:
كيف تكون عدَّة امرأةٍ تُوفي زوجها _جعله الله من الشهداء_ بأحداث سوريا ؟ فما الذي يجوز لها أن تعمله أو لا يجوز؟ وماذا تفعل إذا كانت لا تستطيع البقاء في مكان واحد، فهي تتنقل من ملجئ إلى آخر، وهي كذلك لا تغطِّي وجهها؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الجواب:
نسأل الله تعالى أن يغفر للشهداء ويرحمهم ويتقبلهم في عليين، وأن يصبِّر أهاليهم، ويعوِّضهم من خيري الدنيا والآخرة.
أولاً: من توفي عنها زوجها فتلزمها العدّة باتفاق الفقهاء، وعدتها إن لم تكن حاملاً أربعة أشهر قمرية وعشرة أيام، سواء كانت تحيض أو لا تحيض لكبر سن، وسواء دخل بها زوجها أم لم يدخل، قال تعالى:{ وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة:234]. وإن كانت حاملاً: فعدّتها حتى تضع حملها، طالت المدّة أو قصرت، قال تعالى: {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق:4].
ثانيًا: مما يجب على المرأة المحدّة (المعتدَّة):
1_ تجنّب الطيب، والثياب المزيّنة، والكحل وما يماثله من وسائل التجميل، والحلي؛ لحديث أم المؤمنين أم سلمة _رضي الله عنها_ قالت: قال رسول الله _صلى الله عليه وسلم_: (الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا: لا تَلْبَسُ الْمُعَصْفَرَ مِنْ الثِّيَابِ، وَلا الْمُمَشَّقَةَ، وَلا الْحُلِيّ، وَلا تَخْتَضِبُ، وَلا تَكْتَحِلُ) رواه أبو داود، والنسائي، والمقصود بالمُعَصْفَر والمُمشَّق الزينة التي تُضاف للملابس، لا مُجرَّد اللون الأصفر أو الأحمر.
وما عدا ذلك فمثلها مثل غيرها من النساء، فيجوز لها أن تلبس الملابس المعتادة، وأن تتنظَّف وتغتسل وتسرح شعرها، ولا يُشترط في الثياب لون معين أو هيئة معينة، وإنما الواجب أن تبتعد عن ثياب الزينة.
2_ أن تعتدَّ في بيت زوجها، ولا تخرج إلا لحاجة لا تجد من يقوم لها بها، مثل طلب علاج أو نحو ذلك، ليلاً أو نهارًا، لكنها لا تبيت إلا في بيت زوجها؛ لقوله _صلى الله عليه وسلم_ لفريعة بنت مالك بن سنان لما توفي زوجها رضي الله عنهما: (امْكُثِي فِي بَيْتِكِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ) رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه. أي حتى تنقضي العِدَّة.
فإن لم تستطع البقاء في بيت زوجها بسبب الخوف على نفسها أو مالها، أو أُخرجت منه قهرًا، فيجوز لها الانتقال إلى مسكن آخر، وإن كان في مدينة أخرى.
قال ابن قدامة _رحمه الله_ في "المغني": "فإن خافت هدماً أو غرقاً أو عدوًّا أو نحو ذلك... فلها أن تنتقل؛ لأنها حال عذر... ولها أن تسكن حيث شاءت".
ثالثًا: أما عن علاقة المرأة بالرجال الأجانب فلا تأثير للعدة فيه، فيحرم عليها في العدة ما يحرم خارجها، ويباح لها في العدة ما يباح خارجها، إلا النكاح ومقدماته من خطبة ونحوها.
وأما ما ينتشر في بعض أوساط الناس أن للمحدَّة أحكاماً خاصة متعلقة بالنظر للرجال الأجانب أو الكلام معهم فلا أصل له في الشرع.
والله _تعالى_ أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.