السؤال:
ما حكم مهاجمة جنود النظام السوري وشبيحته إذا لم يهجموا على الناس أو يؤذوهم؟ أو كانوا في مناطق بعيدة لم يرتكبوا أي مخالفة؟ وهل هناك فرق بينهم وبين بقية القطاعات الأمنية كالشرطة والمخابرات وغيرها؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
أولاً: ينبغي أن نعلم أن النظام السوري القائم نظام كافر مجرم، وإجرامه أشد من إجرام الصهاينة المغتصبين. ويعتمد هذا النظام في إجرامه على عدة مؤسسات أمنية: الجيش النظامي بجميع اختصاصاته، والقوات الأمنية بجميع أفرعها، والمخابرات، والشبيحة المرتزقة، وكل هؤلاء يمثلون جسدًا واحدًا، وكلهم مشتركون في الجريمة -مع تفاوت بينهم- سواء من باشر منهم القتل والتعذيب والهدم والاغتصاب، أو كان مددًا لهم بطبابة أو بتزويد طعام أو معلومات، أو كان حارسًا في معسكر، أو مقيماً على حاجز، أو مرابطاً في مهجع.
بل إنَّ مجرد وجودهم في صفِّه دعمٌ له وتكثيرٌ لسواده، وجمهور الفقهاء على أنَّ الرِّدْءَ (أي المُعين للفاعل الأصلي) له حكم المباشر للعمل، قال السرخسي -رحمه الله- في (المبسوط): "هذا حكم متعلّق بالمحاربة، فيستوي فيه الرِّدْءُ والمباشر، كاستحقاق السهم في الغنيمة". وقال ابن تيمية -رحمه الله- في (مجموع الفتاوى):"الطَّائفة لَمّا كانتْ مُمتنعةً، يمنعُ بعضُها بعضًا، صارتْ كَالشّخصِ الواحدِ". وقال أيضاً: "والطَّائفة إذَا انتصرَ بعضُها ببعضِ، حتّى صارُوا ممتنعينَ، فهم مشتركونَ فِي الثَّوابِ والعقابِ كالمجاهدينَ".
وبناء على هذا: فإنَّ كل منتسب للجيش أو الأمن أو المرتزقة من الشبيحة يجوز استهدافه وقتله، سواء كان مباشرًا للقتال، أو خليّاً عنه لحراسة، أو لبعده عن ساحات القتال.
ثانيًا:يجب على كل عسكري أو مستخدم مدني شريف أن ينشق عن هذا النظام؛ فإنَّ هذه الأنظمة الجبرية لا تقوم إلا على الدائرة الضيقة المحيطة بها، التي تعتمد عليها في ظلمها، قال تعالى: {وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللّهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ} [هود: 113]. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لَيَأْتِيَنَّ عَلَيْكُمْ أُمَرَاءُ، يُقرِّبون شِرَارَ النَّاسِ، وَيُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ عَنْ مَوَاقِيتِهَا، فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَلَا يَكُونَنَّ عَرِيفًا وَلَا شُرْطِيًا ولا جابيًا ولا خازنًا) رواه ابن حبان في صحيحه.
وقال خياطٌ لابن المبارك: أنا أخيط ثياب السلاطين، فهل تخاف علي أن أكون من أعوان الظلمة؟ قال:لا، إنما أعوان الظلمة من يبيع منك الخيط والإبرة، أما أنت فمن الظلمة أنفسهم!
ثالثًا: ينبغي التفريق بين مؤسسة يعتمد عليها النظام في إجرامه كالمؤسسة العسكرية والأمنية، وبين مؤسسة للدولة لا يباشر من خلالها النظام إجرامه ضد الشعب كوزارات الخدمات مثلاً، أو بعض القطاعات التي ليس من اختصاصها ملاحقة الثائرين أو المجاهدين كعناصر شرطة المرور أو الدفاع المدني أو الجوازات ونحوهم. فهؤلاء يحرم استهدافهم بقتل أو قتال إلا إذا شاركوا في الاعتداء على الناس، ومثلهم موظفو الدولة في سائر الوزارات.
كما أنَّه يجوز للمنتسبين لهذه الأجهزة التي ليس فيها اعتداءٌ على الآمنين البقاء فيها بشرط عدم الإضرار بالناس أو إعانة الظالمين، قال صلى الله عليه وسلم: (سَيَكُونُ بَعْدِي أُمَرَاءُ فَمَنْ دَخَلَ عَلَيْهِمْ فَصَدَّقَهُمْ بِكَذِبِهِمْ وَأَعَانَهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ فَلَيْسَ مِنِّي، وَلَسْتُ مِنْهُ، وَلَيْسَ بِوَارِدٍ عَلَيَّ الْحَوْضَ وَمَنْ لَمْ يَدْخُلْ عَلَيْهِمْ وَلَمْ يُعِنْهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ وَلَمْ يُصَدِّقْهُمْ بِكَذِبِهِمْ فَهُوَ مِنِّي، وَأَنَا مِنْهُ، وَهُوَ وَارِدٌ عَلَيَّ الْحَوْضَ) رواه الترمذي.
رابعًا: الواجب على الثوار والمجاهدين مراعاة المصلحة، والنظر في المآلات، وتقديم الأهم فالأهم عند استهدافهم لعناصر النظام وقواته. فيُبدأ بدفع الأخطر والأكثر ضراوة على الناس، ولا ينصح بالاشتغال بالأهداف البعيدة أو الثانوية التي لا تهاجم الآمنين ولا تقوم بإزعاجهم، وليس منها ضرر أو خطر مباشر، إلا إذا كان في مهاجمتها مصلحة راجحة كتأمين بعض المنشقين، أو الاستيلاء على مستودعات السلاح والذخيرة، ونحو ذلك مما يراه القادة الميدانيون.
فتكثير الجبهات من غير حاجة ومن غير قدرة على التعامل معها عملٌ ينأى عنه أصحاب الخبرة العسكرية، وينهى عنه الشرع الحكيم، والمقاتل الحكيم لا يترك الفرض ويشتغل بالمباح، ولا ينشغل بالمفضول عن الفاضل.
نسأله سبحانه وتعالى النصر على هذا النظام المجرم بجيشه ومخابراته وشبيحته، اللهم بك نصول، وبك نجول، وبك نقاتل، ولا حول ولا قوة إلا بك، والحمد لله رب العالمين