الجمعة 19 رمضان 1445 هـ الموافق 29 مارس 2024 م
حكم إعطاء الأمان للشبيحة وجنود النظام
رقم الفتوى : 20
الأربعاء 21 شعبان 1433 هـ الموافق 11 يوليو 2012 م
عدد الزيارات : 60826

السؤال:
ما حكم إعطاء الأمان لشبيحة النظام وجنوده؟ علما أنهم متورطون في عمليات قنص وقتل؟ وإذا انفرد أحد القادة بإعطائهم الأمان فهل الأمان صحيح ولازم للجميع؟

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

الجواب :
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، وبعد:
أولاً: المقصود بالأمان: تأمين المقاتل الحربي على نفسه وماله وعرضه .
فإذا أعطي الحربي الأمانَ فقد حُقن بذلك دمُه، وحَرُم على سائر المسلمين أن تمتد إليه أيديهم بأي أذى، فلا يجوز قتله، ولا أخذ ماله، ولا أسره، ولا التعرض له بسوء .
ويثبت الأمان بكل لفظ يدل عليه، كقول: أنت آمن ، أو: أعطيتك الأمان، أو: أجرتك أو أنت في جواري ، أو: لا بأس عليك، أَو: لا خوف عليك، ونحوها.
والإشارة التي يُفهم منها الأمان تقوم مقام اللفظ في هذا الأمر، قال ابن عبد البر في الاستذكار: " وَلَا خِلَافَ عَلِمْتُهُ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِي أَنَّ مَنْ أَمَّنَ حَرْبِيًّا بِأَيِّ كَلَامٍ فُهم بِهِ الْأَمَانُ ، فَقَدْ تَمَّ لَهُ الْأَمَانُ ، وَأَكْثَرُهُمْ يَجْعَلُونَ الْإِشَارَةَ بالْأَمَانَ إِذَا كَانَتْ مَفْهُومَةً ، بِمَنْزِلَةِ الْكَلَامِ".
ثانياً: إذا أعطى أحدُ المسلمين الأمان لأحد المحاربين أو مجموعةٍ منهم فأمانه لازمٌ لجميع المسلمين، لا يجوز لهم نقضه ولا خرقه، قال صلى الله عليه وسلم: ( ذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ ، يَسْعَى بِهَا أَدْنَاهُمْ، فَمَنْ أَخْفَرَ مُسْلِمًا، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لَا يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلَا عَدْلٌ) رواه البخاري ومسلم ، والمراد بالذمة هنا : الأمان .
والمقصود: أن أمان أحدِ المسلمين كأمان جميعهم، فإذا أمَّن أحدُهم حربياً حَرُم على غيره التعرض له.
قال ابن بطال في شرحه لصحيح البخاري: "كل من أمَّن أحدًا من الحربيين جاز أمانه على جميع المسلمين، دَنيَّاً كان أو شريفًا، حراً كان أو عبدًا، رجلا أو امرأة، وليس لهم أن يخفروه".
ثالثاً : أجمع المسلمون على وجوب الوفاء بعقد الأمان، وتحريم الخيانة فيه والغدر بالمؤمَّن بأي طريقة؛ لقوله تعالى : (وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا) [الإسراء: 34].
وقال صلى الله عليه وسلم: (أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا ، وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا : إِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ ، وَإِذَا حَدَّثَ كَذَبَ ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ) متفق عليه.
وربما زين الشيطان للبعض الغدر, ومنَّاهم أن هذا يوجب العلوَّ والظهور على العدوّ, وهذا والله فيه حتفهم؛ فالغدرُ سبب لوقوع الفتنة بين المسلمين أنفسهم, وظهور عدوهم ، قال ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: (مَا نَقَضَ قَوْمٌ الْعَهْدَ قَطُّ إِلاَّ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ عَدُوَّهُمْ) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى.
رابعاً : اشترط العلماء لصحة الأمان ولزومه : ألا يترتب عليه ضرر يعود على المسلمين.
قال أبو المعالي الجويني في نهاية المطلب: "يشترط ألا يكون في الأمان المعقود ضررٌ عائدٌ إلى المسلمين، فلو أمَّن طليعةَ الكفار، أو جاسوساً، كان الأمان باطلاً".
وعليه: فإن الوضع في سوريا يقتضي من قادة الكتائب وكافة العناصر ألا يعطوا الأمان لعناصر الأمن والشبيحة والقناصة إلا في حالات خاصة واستثنائية، يتحقق من خلالها انكفاف شرِّ هؤلاء المجرمين عن الناس؛ لأن مقتضى الأمان تركهم ليذهبوا في حال سبيلهم، وفي هذا فساد وضرر عظيم على الناس، لمعاودتهم الإفساد في الأرض بقتل المتظاهرين وقنصهم .
والأولى عند الحاجة لإعطاء الأمان: أن يكون أماناً مشروطاً، كأن يقال لهم: نعطيكم الأمان بشرط تسليم أنفسكم، أو بشرط محاكمتكم محاكمة عادلة، أو انشقاقكم عن الجيش والتحاقكم بركب الثورة، ونحو ذلك .
وفي حال إعطاء الأمان لهم مع وجود ضرر من وراء هذا الأمان: فإن الأمان يكون باطلا غير لازم .
ولكن لا يجوز استئناف قتال من أعطي له هذا الأمان الباطل إلا بعد إعلامهم بذلك؛ لوجود شبهة الأمان، ونفياً للغدر والخيانة، كما قال تعالى: (وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاء) [الأنفال: 58] أي: أعلمهم بنقض أمانهم حتى تصير أنت وهم سواء في العلم بالنقض، وقال ابن تيمية في "الصارم المسلول": "ومعلوم أن شبهة الأمان كحقيقته في حقن الدم ".
خامساً: الواجب على القادة الميدانيين وقادة الكتائب ألا ينفردوا باتخاذ القرارات المهمة دون مشاورة إخوانهم، خاصةً أهل الرأي والخبرة .
وإذا كان الله أمر نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم المؤيد بالوحي بمشاورة أصحابه فقال: (وَشَاوِرْهُمْ فِي الأمْرِ) [آل عمران: 159]، فغيره من باب أولى؛ فإن ملاقحة العقول، وأخذ آراء الرجال، لها تأثير محمودٌ في الوصول إلى الرأي الصحيح والاختيار المناسب بإذن الله عز جل، ولذا كان مما أثنى الله به على المسلمين أن قال: (وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُم) [الشورى: 38].


والحمد لله رب العالمين

باسل المدني | سوريا
الأربعاء 21 شعبان 1433 هـ الموافق 11 يوليو 2012 م
جزاكم الله خيراً 
مع التنبيه إلى تكرار هذه الجملة ......... 
(هيئة الشام الإسلامية_ المكتب العلمي: نشكرك أخي الكريم على التنبيه، وقد تم تصحيح الخطأ الطباعي، جزيت خيرًا).	
باسل المدني | سوريا
الأربعاء 21 شعبان 1433 هـ الموافق 11 يوليو 2012 م
السلام عليكم 
 قولكم سددكم الله  :
( ولكن لا يجوز استئناف قتال من أعطي له هذا الأمان الباطل إلا بعد إعلامهم بذلك؛ لوجود شبهة الأمان، ونفياً للغدر والخيانة، كما قال تعالى:
(وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاء) [الأنفال: 58] أي: أعلمهم بنقض أمانهم حتى تصير أنت وهم سواء في
العلم بالنقض.) 
لم يظهر لي وجه عدم الجواز هل هو للكراهة أم للتحريم ( و إن كان ظاهره التحريم )، فأرجوا أن تفيدونا في ذلك مع دليل ذلك .
مع العلم أن الآية في العقد الصحيح فهل يصح الاستدلال بها هنا ؟
وجزاكم الله خيراً .
المكتب العلمي_ هيئة الشام الإسلامية | سورية
الخميس 22 شعبان 1433 هـ الموافق 12 يوليو 2012 م
الأخ باسل من سوريا:

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، إليكم جواب ما سألتم عنه:

1_ أما عدم الجواز: فهو هنا للتحريم.

2_ سبب تحريم قتل هؤلاء مع أنَّ الأمان باطل: أنَّ القدرة على هؤلاء الأشخاص بالأسر وإلقاء السلاح لم يكن إلا عن طريق هذا الأمان، وبطلان الأمان
يقتضي الرجوع للأصل وهو عدم القدرة عليهم وإخبارهم بذلك، وهو من معاني قوله تعالى: (وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ
إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ).

أما قتلهم بعد القدرة عليهم بهذا الأمان الباطل: فهو من الغدر المحرم.

وبهذا قال أهل العلم، ومن أقوالهم في ذلك:

أ_ قال العمراني في "في البيان في مذهب الإمام الشافعي": (فإن دخل مشرك دار الإسلام على أمان صبي أو مجنون أو مكره، فإن عرف أن أمانهم لا يصح.. كان
حكمه حكم ما لو دخل بغير أمان. وإن لم يعرف أن أمانهم لا يصح.. لم يحل دمه إلى أن يرجع إلى مأمنه؛ لأنه دخل على أمان فاسد، وذلك شبهة).

ب_ وقال المرداوي في "الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف": (لو دخل ناس من الكفار في عقد باطل دار الإسلام معتقدينَ الأمانَ كانوا آمنين، ويُردُّون
إلى دار الحرب).
ج_ وقال ابن تيمية في الصارم المسلول "ومعلوم أن شبهة الأمان كحقيقته في حقن الدم ".

3_ أما الآية: فآخرها يدل على مسألتنا هذه بالنص: (إنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ) فقتل هؤلاء بعد القدرة عليهم بالأمان الباطل خيانة
وغدر، وإن كانت الآية في الأصل في العهد الصحيح الذي يخشى من نقضه، فهي في العهد الباطل كذلك بجامع وجود الاطمئنان لعدم القتل أو القتال.

والله أعلم.

 
أبو خالد | السعودية
الخميس 22 شعبان 1433 هـ الموافق 12 يوليو 2012 م
الله يجزيكم الخير على هذا الاهتمام بتوجيه المجاهدين،  وبانتظار المزيد من توجيهتكم الكريمة.
إياد | سوريا
الخميس 22 شعبان 1433 هـ الموافق 12 يوليو 2012 م
السلام عليكم
أشكركم على هذا التوضيح.
لكن أفضل شيء في التعامل مع هؤلاء عدم إعطاؤهم الأمان، بل الضغط عليهم حتى يستسلموا ونأخذهم أسرى.
أو كما ذكر السادة العلماء أن يكون الأمان مشروطًا.
فكل من يعرف قصص هؤلاء الشبيحة يعرف أنهم يعودون للإجرام مهما أعطوا العهود والمواثيق، فالإجرام متأصل في نفوسهم، الله ينتقم منهم.
yousef mohamed | مصر
الجمعة 20 شوّال 1433 هـ الموافق 7 سبتمبر 2012 م
اذا الحق اعتلى حتما سيزهق كل باطل
ابو مقاتل | سوريا
الجمعة 17 جمادى الأول 1434 هـ الموافق 29 مارس 2013 م
هل يجوز اعطاء الامان للمشرك من غير اهل الكتب السماويه مثل النصيري واشباههم؟ 
اسامه | Syria
الجمعة 17 جمادى الأول 1434 هـ الموافق 29 مارس 2013 م
ما حكم قتل الكافر المشرك اصحاب العقائد الباطنيه مثل النصيري والدرزي  من غير المعاهد و الامن ؟ مع الدليل؟
أبو ابراهيم | الأردن/عمان
السبت 18 جمادى الأول 1434 هـ الموافق 30 مارس 2013 م
لكن يشكل على الفتوى أنها بنيت على أساس أن الشبيحة ونحوهم كفار فإذا كانوا مسلمين بغاة ظالمين لكثرة جرائمهم فإنهم يوخذون بها قصاصا ولو
أعطوا الأمان 
هيئة الشام الإسلامية _ المكتب العلمي | سوريا
الثلاثاء 21 جمادى الأول 1434 هـ الموافق 2 أبريل 2013 م
الأخ أبو مقاتل:
إذا كان إعطاء الأمان في مصلحة القتال مصلحة القتال فيجوز ذلك، ويمكن للمزيد مراجعة فتوى (حكم الاعتداء على من أعطي له الأمان وما جزاء ذلك ؟)
http://islamicsham.org/fatawa/762 والتعليقات عليها.
هيئة الشام الإسلامية _ المكتب العلمي | سوريا
الثلاثاء 21 جمادى الأول 1434 هـ الموافق 2 أبريل 2013 م
الأخ أبو إبراهيم
أما الفتوى: فليس فيها الحكم على من كل من كان في صف النظام بالكفر، بل فيها كيفية التعامل معهم من إعطاء الأمان وأحكامه.
وإن أُعطي أحد الأمان فلا يجوز التعرض له بالقتل مهما كانت جرائمه، ويمكن للمزيد مراجعة فتوى (حكم الاعتداء على من أعطي له الأمان وما جزاء ذلك ؟)
http://islamicsham.org/fatawa/762 والتعليقات عليها.
والله أعلم.  
هيئة الشام الإسلامية _ المكتب العلمي | سوريا
الاثنين 19 جمادى الآخر 1434 هـ الموافق 29 أبريل 2013 م
الأخ أسامة

هؤلاء الذين ذكرت - من الذين يقيمون بيننا في سورية - لما عاشوا بيننا دهرا وجرت عليهم أنظمة البلد وقوانينه كانوا في حكم المعاهد.

قال ابن القيم في تقسيمه لأنواع الكفار (الكفار إما أهل حرب وإما أهل عهد ، وأهل العهد ثلاثة أصناف : أهل ذمة ، وأهل هدنة  ، وأهل أمان ، ... إلى أن
قال رحمه الله في أهل الهدنة ..... فإنهم صالحوا المسلمين على أن يكونوا في دارهم سواء كان الصلح على مال أو غير مال لا تجري عليهم أحكام الإسلام كما
تجري على أهل الذمة لكن عليهم الكف عن محاربة المسلمين وهؤلاء يسمون أهل العهد وأهل الصلح وأهل الهدنة ).

فمن غير وبدل منهم، فحاربنا وعادانا وأعان علينا فقد نقض عهده، ويجوز قتله.
ومن سالمنا ولم يقاتلنا أو يعين على قتالنا فهو على أمانه وعهده. 
والله أعلم.