بسم الله الرحمن الرحيم
ميثاق المقاومة السورية
أصدر المكتب العلمي في هيئة الشام الإسلامية قبل أكثر من سنتين ميثاقًا للمجاهدين في سوريا تضمن أهم المبادئ والقواعد التي ينبغي أن يلتزم بها المجاهدون، ثم شُرح هذا الميثاق في إصدار خاص يحمل اسم (شرح ميثاق المقاومة السورية)، وقد طبع ووزع على الجهات الشرعية والفصائل في الداخل السوري، وفيما يلي إعادة نشر هذا الميثاق:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين، أما بعد:
عندما قامت الثورة السلمية في سوريا للمطالبة بالحريةِ والحقوقِ المشروعةِ قابلها النظام بمنتهى القسوة والإجرام، مما اضطر عدداً من شرفاء الجيش وأصحاب الغيرة والحميِّة إلى حمل السلاح للدفاع عن الدين والنفس والعرض والمال. فكان فعلهم هذا مقاومة مشروعة لحماية المستضعفين من الرجال والنساء والولدان، وضرباً من ضروب الجهاد في سبيل الله الذي هو ذروة سنام الإسلام، وأحب الأعمال إلى الله، وسبيل العزة والكرامة والسيادة.
والمقاومة المسلحة لا تلغي مجاهدة هذا النظام بأنواع المقاومة الأخرى: من مظاهراتٍ شعبيةٍ سلميةٍ للمطالبةِ بالتغيير، وبرامج إعلامية منوعة لكشف جرائم النظام وكذبه، وفتاوى وبحوث شرعية لترشيد الثورة ومؤازرتها، وبذل المال لإغاثة المنكوبين وتعويض المتضررين وسدِّ حاجاتهم؛ وغيرها، فكل ذلك من الجهاد الذي تنكشف به الغُمَّة ويتحقق به وعدُ اللهِ بالنصرِ والتمكين بمشيئة الله.
ولما كانت المقاومة المسلحة نابعة من هوية الشعب الإسلامية، وجب أن تتخلَّق بأخلاق الإسلام، وتنضبط بضوابطه. ومن هنا قامت هيئة الشام الإسلامية - مؤازرة منها لهذا الشعب المؤمن في جهاده - بإعداد "ميثاق المقاومة المسلحة"، الذي يضمُّ قواعد عامة، وأخلاقاً هامة، في أحوال المقاتل في نفسه ومع كتيبته وبين مجتمعه وأمام عدوه، راجين أن يجد المقاتل فيه ما يجدد نيته، ويبصّره بأمره، ويشدّ من أزره.
أولاً: مقاصد المقاومة وأحكامها:
1. القتال دفاعاً عن الدين والنفس والمال والعرض والمستضعفين جهادٌ في سبيل الله.
2. مقصود المقاومة الأعظم إقامة الحق والعدل ودفع الباطل والظلم، لا النكاية بالعدو فحسب.
3. الشهادة اصطفاء واختيار من الله تعالى، إلا أنه ينبغي للمقاتل ألا يخاطر بنفسه دون أن يكون في ذلك مصلحة للجهاد.
4. دفع المعتدين مما يشترك فيه جميع أهل البلد من المسلمين وغيرهم، رجالاً ونساءً، بالنفس والمال، كل حسب استطاعته، ولا يشترط له فتوى عالمٍ أو إذن حاكم.
5. كل من أعان المعتدين في قتالهم بقول أو رأي أو فعل فهو منهم.
6. ما يقع في أيدي المقاتلين من ممتلكات عامة يصرف في المقاومة والإعداد وغير ذلك من المصالح العامة، أما الممتلكات الخاصة فتوزع توزيع الغنائم.
ثانياً : المقاتل مع نفسه:
1. المقاتل مخلص في جهاده، فلا يقاتل رياء ولا سمعة ولا حميّة، ولا رغبة في متاع أو منصب،إنما يقاتل دفاعاً عن دينه وعرضه.
2. المقاتل صابرٌ على ما يصيبه في سبيل الله، فلا يضعف ولا يحزن ولا يستكين, ويعلم أنّ ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه.
3. المقاتل قويّ بيقينه, مصدِّق بوعد ربه بالنصر والتمكين، فلا يزيده طغيانُ الأعداء إلا إيماناً وتسليماً، وتوكلاً على الله.
4. المقاتل دائم الصلة بربّه، مواظبٌ على ذكره، يدعوه ويستنصره ويستغيثه، وخاصة عند لقاء الأعداء والتحام الصفوف.
5. المقاتل لا يأتي بقولٍ أو فعل يُسيء إلى إخوانه المقاتلين، ولا يرفع رايات أو شعارات تضر بالثائرين.
6. المقاتل يتعاون مع الجميع على البر والتقوى، ولا يتعصب لشخص أوحزب، ، ويحذر من كل مايفرِّق الصف أو يسبب النزاع والفشل، أو يُذهب ريح المقاتلين وبأسهم.
ثالثًا: المقاتل في كتيبته:
1. المقاتل رحيم بإخوانه، يخفض جناحه لهم، يواليهم وينصرهم وينصح لهم.
2. المقاتل قائم بعمله ملتزم به، فإِنْ كَانَ في الْحِرَاسَةِ كَانَ في الْحِرَاسَةِ، وَإِنْ كَانَ في السَّاقَةِ (آخر الجيش) كَانَ في السَّاقَةِ.
3. المقاتل يطيع أوامر قائده في أمور القتال كلها - قدر استطاعته - إلا في معصية الله، فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
4. المقاتل حريص على تعلم ما يتعين عليه من الأحكام الشرعية , وخاصة ما يتعلق بأحكام الجهاد، فإن جهل حكماً سأل أهل العلم عنه.
5. المقاتلون يُعِدُّون ما استطاعوا من قوة ليرهبوا بذلك الظالمين المعتدين.
6. القائد حريص على جنوده، يتفقد أحوالهم، ويشاورهم في الأمر، ولا يحمّلهم فوق طاقتهم، وهو حكيم في قراراته، ينظر في مآلات كل عمل ونتائجه قبل أن يقدم عليه.
7. المقاتل ثابت مع إخوانه عند اللقاء، فلا يخذلهم ولا يُسلمهم ولا يؤثر نفسه بالسلامة دونهم.
رابعًا: المقاتل في مجتمعه:
1. المقاتل يعامل الناس بالظاهر ويكل سرائرهم إلى الله، ولا يحكم عليهم بكفر أو بدعةٍ أو فسقٍ من غير تثبت ورجوع إلى العلماء الراسخين.
2. المقاتل شديد الورع، فلا يستبيح دم امرئ أو ماله إلا بدليل واضح كالشمس، ولا يتبع
الظنون والشبهات والإشاعات.
3. المقاتل إنما حمل السلاح ليصد المعتدين، لا ليوجهه إلى غيرهم عند النزاع أو الاختلاف ومن فعل ذلك فقد عرض نفسه للوعيد الشديد من الله تعالى.
4. المقاتل يسهر على حراسة الأحياء والمدن ويجتهد في حماية الناس حتى لا يُؤتَوا على حين غفلة، وكل ذلك من الرباط في سبيل الله.
5. المقاتل حريص على سلامة المواطنين، فلا يكون سبباً في إيذائهم وإلحاق الضرر بهم، فلا يبادر عدوَّه بقتال في أماكن تجمع المواطنين، ولا يحتمي بِدُورهم فيعرّضهم للقصف والتدمير.
6. المقاتل لا يقاتل المعتدين في حال تترسهم بالسكان الآمنين، إلا عند الاضطرار إلى ذلك، مع الحرص على تجنب إصابة الترس ما أمكن.
7. المقاتل يسعى إلى دفع المعتدين، فلا يتعدى ذلك إلى الإضرار بمصالح الناس أوالمرافق العامة أو الممتلكات الخاصة.
خامسًا: المقاتل أمام أعدائه:
1. المقاتل شديد في قتاله للمعتدين فلا يضعف ولا يجبن عند اللقاء.
2. لايجوز قتل الأطفال ولا النساء ولا كبار السن ولا الرهبان، إلا من شارك منهم بقتال أو أعان عليه.
3. الأصل الإثخان في المعتدين لردّ عدوانهم، فلا يؤخذ منهم أسرى إلا لمصلحة راجحة، ويحكم فيهم حسب المصلحة.
4. يعامَل الأسير معاملة حسنة، فيقدّم له الطعام والشراب والكسوة والمأوى اللائق بإنسانيته، حتى يُفصل في أمره.
5. المقاتلون أوفياء في عهودهم فلا يغدرون ولايخونون، ولا ينقضون عهودهم إلا بعد الإنذار.
6. الأصل في إعطاء الأمان أنه للقيادة، فإذا أعطى أحد المقاتلين الأمان لفرد ما فلا يجوز الاعتداء عليه، أما إعطاء الأمان لجماعة كبيرة أو أهل بلدة فلا يصح إلا بالرجوع للقائد.
7. يجوز عقد الهدنة للمصلحة بعد التشاور والتنسيق مع بقية العاملين في ميدان المقاومة من أهل العلم والمجاهدين.
8. تجوز الخدعة والمكيدة والكذب على الأعداء في الحرب.