السؤال:
ما حكم الأموال التي يغنمها الثوار في سوريا، من الأسلحة والآليات والمركبات وغيرها؟ هل يجوز لنا الانتفاع أو التصرف فيها؟ أفتونا بارك الله فيكم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فالإجابة عن هذا السؤال كما يلي:
أولاً: الأموال التي يحوزها المقاتلون ثلاثة أنواع:
1- الأموال الخاصة بالمقاتلين: وهي ما يملكه مجموع المحاربين من الشبيحة وقوات النظام المجرمة من نقود وممتلكات، فهي "الغنيمة"، ويُصرف خمسها على الفقراء والمحتاجين واليتامى وأبناء السبيل والمصالح العامة، ويوزع الباقي على المقاتلين بالعدل، لقوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ} [الأنفال: 41].
ويستثنى منها ما يوجد مع القتيل من ممتلكات ونقود شخصية، وهو "السَّلب"، فيكون هذا المال ملكاً لقاتله ولا يُخَمَّس؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ قَتَلَ قَتِيلاً لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ، فَلَهُ سَلَبُهُ) متفق عليه.
وتكون حيازة هذه الأموال وأخذها بعلم القائد ومعرفته.
2- الأموال العامة: وهي ما كان من أملاك الدولة، مما تعود ملكيته لعموم الشعب السوري من النقود والممتلكات، فإنها تُنفق في مصالح المسلمين: على إعداد المقاتلين وشراء الأسلحة، وعلاج الجرحى، وعلى المحتاجين المتضررين في كافة شؤونهم.
ويقوم قادة الكتائب بتقسيم هذه الأموال وإنفاقها بمشورة أهل العلم والرأي.
أما الأسلحة كالمسدسات والبنادق والدبابات والمركبات والطائرات وغيرها، فإنها توضع تحت تصرف الكتائب المجاهدة.
فإن بقي شيء من هذه الأموال أو الممتلكات إلى ما بعد سقوط النظام فتعاد للدولة.
3- الأموال التي تتركها قوات النظام ويحصل عليها المجاهدون دون قتال، وهي "الفيء"، فإنها تُصرف في المصالح العامة وعلى الفقراء والمحتاجين ، ولا تقسم على المقاتلين؛ لقوله تعالى: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ} [الحشر: 7].
ثانيًا: على القادة أن يتحرَّوا العدل في قسمة هذه الأموال، وألا يحابوا أو يظلموا فيها أحدًا، فإنَّ الظلم ظلمات يوم القيامة، وهو مما يُمنع به النصر عن المجاهدين.
ثالثًا: يجب على الجميع قادةً وأفرادًا الحذر من الغلول، وهو الأخذ من الغنيمة قبل القسمة، يقول الله تعالى: {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ}[آل عمران: 161]، وقال عليه الصلاة والسلام: (إِيَّاكُمْ وَالْغُلُولَ فَإِنَّهُ عَارٌ وَشَنَارٌ عَلَى صَاحِبِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) رواه أحمد، وهو حديث حسن.
كما يستحب للمجاهدين التورع عن هذه الغنائم ما داموا غير محتاجين لها؛ وذلك لحديث عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ما من غازية تغزو في سبيل الله، فيصيبون الغنيمة، إلا تعجلوا ثلثي أجرهم من الآخرة، ويبقى لهم الثلث، وإن لم يصيبوا غنيمة تمَّ لهم أجرهم) رواه مسلم.
اللهم منزل الكتاب، مجري السحاب، وهازم الأحزاب، اهزم النظام المجرم وأعوانه، وانصر المجاهدين يا رب العالمين.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.