السؤال:ما حكم القيام بعمليات تفجيرية ضد قوات النظام السوري السفاك المجرم وشبيحته، تستهدف حواجزهم وآلياتهم وأوكارهم، علماً أن بعض تلك الأهداف موجود داخل أحياء سكنية، وشوارع يرتادها المارة من المدنيين وقد يُقتل بعضهم فيها؟
وما حكم من يُقتل في تلك التفجيرات من المجندين الذين لا ندري إن كانوا راضين عن أعمال النظام أو مكرهين على القتال؟
_______________________________________
الجواب:
الحمد لله القائل: { أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ } [الحج: 39]، والصلاة والسلام على إمام المجاهدين وقائد الغر المحجلين، أما بعد:
أولاً: مقاومة النظام السوري الفاجر بكل وسيلة مشروعةٍ جهادٌ في سبيل الله، ومن ذلك: تفجير ثكناتهم وأماكن تجمعاتهم وقواعدهم التي يتحصنون فيها،ومعداتهم ومركباتهم التي يتنقلون بها، والحواجز التي يقطعون بها الطرقات. وفي هذه العمليات من النكاية بهم وإضعاف شوكتهم ما يعجل بسقوطهم إن شاء الله تعالى.
ثانياً: إن خُشي أن تؤدي التفجيرات إلى قتل أناس ممن عصم الشرع دماءهم من الساكنين أو المارة وغيرهم، فهي محرمةٌ ولا يجوز الإقدام عليها للأدلة التالية:
1- أنّ إصابة هؤلاء بما يؤدي لهلاكهم غالباً هو بمثابة القتل العمد، وقد قال تعالى: { وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا } [النساء:93]. وقال صلى الله عليه وسلم: ( لَنْ يَزَالَ الْمُؤْمِنُ فِي فُسْحَةٍ مِنْ دِينِهِ مَا لَمْ يُصِبْ دَمًا حَرَامًا ) رواه البخاري. وقال: ( وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَتْلُ مُؤْمِنٍ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ زَوَالِ الدُّنْيَا ) رواه النسائي. وقال في قتل غير المسلمين من المستأمنين: ( مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ وَإِنَّ رِيحَهَا تُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا ) رواه البخاري.
2- نهى الله سبحانه وتعالى المسلمين عن مباغتة كفار مكة في ديارهم مع وجود الأسباب الداعية إلى قتالهم؛ وهي كفرهم بالله ورسوله وصدهم رسول الله ومن معه من المؤمنين عن المسجد الحرام ظلماً وعدواناً؛ فنهاهم عن مباغتتهم لوجود بعض المسلمين بين أظهرهم، وعدم تميّزهم عنهم بحيث لا يؤمَن ألا يصيبهم أذى القتال، قال تعالى: { هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْلا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَأُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً }[الفتح:25]، فنهاهم الله عن قتال المشركين خشية أن ينال هؤلاء المسلمين شيء من الأذى والمكروه. وقوله: { لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيماً } أي: لو تميَّز المؤمنون من الكُفَّار لعذَّبنا الكفَّار عذابًا أليمًا بأن أبَـحنا لكم قتالهم وأَذِنّا فيه.
3- التفجيرات التي لا يُحْتَرَزُ فيها من استهداف مَن لا يجوز قتله لها نصيبٌ من قوله صلى الله عليه وسلم: ( مَنْ خَرَجَ مِنْ أُمَّتِي عَلَى أُمَّتِي, يَضْرِبُ بَرّهَا وَفَاجِرَهَا لَا يَتَحَاشَ مِنْ مُؤْمِنِهَا, وَلَا يَفِي بِذِي عَهْدِهَا؛ فَلَيْسَ مِنِّي ) رواه مسلم.
4- كما أنَّ التفجيرات التي تصيب السكان الآمنين أو تدمر ممتلكاتهم تعطي المسوِّغ للنظام لوصف المطالبين بالحرية والمدافعين عن حقوقهم المشروعة بالمخربين، فيوظّفها لصالحه، بل قد يقوم هو بها ثم ينسبها زوراً وبهتاناً للمجاهدين، وسيرتُه حافلةٌ بهذه المخازي والجرائم. كما يجعلُ الإعلامُ من هذه التفجيرات مادةً لتشويه صورة الثورة، بل ربما تعدى ذلك إلى تشويه صورة الإسلام والمسلمين كما هو معلوم ومشاهد.
ومن الأصول المتفق عليها في الشريعة الإسلامية أن درء المفاسد مقدَّمٌ على جلب المصالح، وقد قرّر أهل العلم أنه: " ليس كلُّ سببٍ نال به الإنسانُ حاجتَه يكون مشروعاً ولا مباحاً، وإنما يكون مشروعاً إذا غلبت مصلحته على مفسدته ممَّا أَذِن فيه الشرعُ".
ثالثاً: يجب على من كان في صفوف الجيش الموالي للنظام من المجندين تجنيدًا إجباريًا أو طوعياً أن ينشَقَّ عنه؛ بعدما تبين له إجرام النظام واستخدامُه للجيش في انتهاك حرمات الآمنين. فبقاؤهم في صفوفه إعانة له على عدوانه وإجرامه، وقد قال تعالى: { وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ } [المائدة: 2]. ولا يصحّ ادعاؤهم أنهم مُكرَهون على هذه الأعمال؛ فإنّه لا يجوز لأحد أن يَقتُل غيرَه ولو أُجبِر على ذلك.
فإن لم يتركوا الخدمة في صفوف الجيش فاستهدافهم بالقتل هو من جنس استهداف بقية جنود النظام المجرم، إذ لا سبيل لتمييز نيتهم عن بقية الجنود، ولسنا مكلَّفين بالبحث في قلوبهم هل هم راضون بهذا الإجرام أم لا، وأمرهم في الآخرة إلى الله.
غير أنَّه لا ينبغي للمجاهدين الانشغال باستهداف المجندين من الرتب الصغيرة، إلا دفاعاً عن النفس، بل عليهم تركيز العمليات على الضباط ذوي الرتب العسكرية العليا الذين يعطون الأوامر بالقتل؛ لأنَّ غالب صغار المجندين مسيَّرون مأمورون لم يتجذَّر الإجرام فيهم، كما أنَّ كثرة قتلهم لا تؤثّر في النظام، على العكس من استهداف كبار الضباط.
اللهم أنت رب الشام، أنت خلقتها، وأنت باركتها، اللهم فاحفظها واحفظ شبابها وشيبها، ورجالها ونساءها وأطفالها، اللهم واغفر لها وانصرها على عدوك وعدوها.
وصلِّ اللهم وسلِّم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.