السبت 21 جمادى الأول 1446 هـ الموافق 23 نوفمبر 2024 م
التقرير الإعلامي 324 - مجزرة في "حلفايا" وتحرير مخازن أسلحة - 10 آيار/مايو 2013
الجمعة 30 جمادى الآخر 1434 هـ الموافق 10 مايو 2013 م
عدد الزيارات : 2498
انتهاكات النظام الأمنية والعسكرية:
المقاومة الحرة:
فعاليات الثورة:
الوضع الإنساني:
المواقف والتحركات الدولية:
آراء المفكرين والصحف:

جمعة: "بانياس - إبادة طائفية والغطاء أممي"، كانت حافلة بالأحداث الدامية والمظاهرات الحاشدة، والانتصارات الثورية، في ظل تجاوب أميركي روسي حول الاتفاق على حلول الأزمة السورية وخروجهما بخيارات ممكنة، لعلها تزيد في أمل الأسد وحزب الله ليوغلوا في القتل والتشريد للمدنيين.

انتهاكات النظام الأمنية والعسكرية:

أعداد القتلى:
استمرارا في حملة الإبادة للشعب السوري قتل 110 من المدنيين، بينهم 9 نساء و13 طفلا و2 تحت التعذيب وكان 31 منهم في حماة معظمهم في حلفايا و24 في دمشق وريفها و24 في حمص و20 في حلب و7 في درعا و2 في إدلب و2 في دير الزور. (1)
حالات القتلى:
هذا وكان معظم القتلى في حماة وريف دمشق بينهم 20 شهيدا من حلفايا بحماة ارتقوا جراء القصف و6 قضوا نحبهم في اشتباكات الريف الشرقي، أما في حلب فسجلت 13 شهيدا بالقصف على حي الشيخ سعد، وقتل 5 من أفراد الجيش الحر بالاشتباكات في منطقة الغزلانية بريف دمشق، وفي حمص عائلة كاملة تقضي نحبها على يد النظام في بلدة آبل بعد نزوحهم إليها.(2)
مجزرة حلفايا:
وكانت مجزرة حلفايا بريف حماة قد خلفت 20 شهيدا على الأقل وعشرات الجرحى في قصف مكثف ومتواصل لقوات النظام على المدينة، وأكثر من نصف السكان محاصرين داخل المدينة تحت نيران القصف والتخوف من ارتفاع عدد الشهداء والجرحى وسط حصار مفروض منذ أكثر من 13 يوماً على المنطقة، فيما شهدت المنطقة حركة نزوح كبيرة جراء القصف عليها وتخوف الأهالي من اقتحامها من قبل قوات النظام.(2)
وأظهرت صور بثها ناشطون عشرات الأشخاص وهم يهربون عبر أحد الأنهار، وقالوا إن هذا الطريق هو الوحيد للهروب من "المذبحة".
وتحظى البلدة باهتمام قوات النظام بسبب قربها من الحدود اللبنانية التي يعبر منها مقاتلو حزب الله اللبناني لمؤازرة النظام. (4)
مناطق القصف:
ووثقت لجان التنسيق المحلية 344 نقطة قصف في مختلف المدن والمناطق السورية: تركز القصف بالطيران الحربي في 30 نقطة، كما تم القصف بالقنابل العنقودية في 4 نقاط في داريا والمعضمية واللطامنة وحلفايا وتم قصف حلفايا وحميرة بالقنابل الفراغية، أما البراميل المتفجرة فقد سجلت في 6 نقاط، وقصف بصواريخ أرض - أرض في نقطتين في اعزاز وكورين، وكان القصف بقذائف الهاون قد سجل في 115 نقطة والقصف المدفعي في 104 نقاط والقصف الصاروخي في 81 نقطة. (1)
قصف متواصل:
هذا وتشهد مدينة داريا قصفا مدفعيا وصاروخيا عنيفا من الثكنات والحواجز العسكرية المحيطة بالمدينة استهدف في معظمه المنطقتين الجنوبية والغربية، بينما يستمر النظام في محاولاته لاستعادة السيطرة على المدينة، حيث توجه في الصباح رتل عسكري من مطار المزة العسكري مدعوم بأربع دبابات وأربع سيارات مدرعة وعربتين BMP واثنتا عشرة سيارة تحمل رشاشات ثقيلة بالإضافة إلى عدد من سيارات وحافلات نقل الجنود والشبيحة إضافة إلى الطوق العسكري المفروض حول المدينة مدعوماً بالدبابات والآليات العسكرية وأعداد كبيرة من الجنود. (2)
معارك حامية في القصير:
وشهدت منطقة القصير معارك حامية بعد أن أمطرتها قوات النظام وحزب الله بنيران راجمات الصواريخ وقذائف الهاون والدبابات منذ الصباح.
وقال المتحدث باسم الهيئة العامة للثورة السورية هادي العبد الله: إن القصف ينطلق من القرى التي سيطر عليها حزب الله داخل سوريا، ومن قرى لبنانية، مشيرا إلى أن قوات النظام تستهدف المدنيين عندما يحاولون النزوح. (4)
وكانت قد ألقت القوات النظامية السورية مناشير تحذيرية لسكان مدينة القصير التي يسيطر عليها مقاتلو المعارضة في محافظة حمص (وسط) بوجوب مغادرتها، محذرة من هجوم وشيك في حال عدم استسلام المقاتلين، وهو ما نفاه ناشطون معارضون، مؤكدين عدم وجود ممر آمن للمغادرة.(5)

المقاومة الحرة:

مواجهات دامية:
سجلت اشتباكات عنيفة بين الثوار وقوات الأسد في 120نقطة استطاع خلالها الثوار في ادلب تدمير عربة شيلكا ومدفع فوزديكا وإحراق مستودع جديد للذخيرة في معسكر القرميد وتدمير دبابة داخل معسكر الشبيبة والتصدي لرتل عسكري كان متجها للمسطومة، مع قتل العديد من عناصر النظام، كما استهدف الثوار بصواريخ الغراد معسكر الشبيبة ومعمل القرميد. (1)
سيطرة على حقول نفط وغاز:
وفي حماة استطاع الثوار السيطرة على ثلاثة حقول للنفط والغاز الطبيعي في ريف حماة الشرقي وتحرير قرية الحردانية وتكبيد قوات النظام خسائر كبيرة كما قاموا بتأمين انشقاق 92 عسكريا، وقاموا بتفجير سيارة للنظام في السقيلبية وقتل كل من فيها، كما استهدفوا معاقل قوات النظام في عدة مناطق.
وفي حلب استطاع المجاهدون إعادة السيطرة على الطريق الواصل بين معامل الدفاع ومطار حلب الدولي واستهدفوا المخابرات الجوية في حي الزهراء وحققوا إصابات مباشرة، بينما تصدوا في درعا لقوات النظام في خربة غزالة وقتلوا عددا من عناصر النظام مع استمرار قطع الطريق الدولي دمشق درعا. (1)
استهداف مطار الطبقة:
وفي السياق: استهدف الثوار مطار الطبقة العسكري بمحافظة الرقة (وسط) بقذائف الهاون، كما أجبروا قوات النظام على التراجع من أطراف بلدة خربة غزالة بدرعا. (4)
سيطرة على مخازن أسلحة:
وفي العاصمة دمشق وريفها تمكن الثوار من السيطرة على دبابة في مساكن نجها وتدمير دبابة أخرى والسيطرة على مخازن للأسلحة وقتل عشرات الشبيحة في مساكن نجها، كما استهدفوا قصر المؤتمرات والإنتاجية على طريق مطار دمشق الدولي وقصفوا اللواء 85 وإدارة التعيينات في صهيا، وأيضا استهدفوا قوات النظام في عش الورور وقتلوا عددا من العناصر، واستهدفوا حاجز المفرق في السبينة وقتلوا عددا كبيرا من عناصر النظام. (1)
المراقبون المختطفون:
أكد الناطق الإعلامي باسم لواء شهداء اليرموك ليث حوارن أن مسألة الإفراج عن المراقبين تتعلق بإمكانية تأمين طريق آمن لنقلهم إلى أي نقطة حدودية، وتسليمهم إلى الصليب الأحمر أو أي جهة دولية، مشيرا إلى «وجود تنسيق دائم مع الأمم المتحدة لمتابعة تفاصيل هذه المسألة».
وشدد حوران على أن «المراقبين ليسوا مخطوفين عند لواء (شهداء اليرموك)، وإنما هم ضيوف تم تأمينهم وإنقاذهم من القصف النظامي»، ولفت إلى «أنهم بصحة جيدة وفي مكان آمن». (5)

فعاليات الثورة:

انطلقت مظاهرات حاشدة بلغت 163 مظاهرة، خرجت في 129منطقة، وتوزعت في دمشق 2، وفي ريف دمشق 26 وفي حلب 17 وفي إدلب 8 وفي حماه 23 وفي حمص 9 وفي دير الزور 51 وفي درعا 5 وفي الحسكة 7 وفي الرقة 15. (3)
وذلك تحت شعار "بانياس.. إبادة طائفية والغطاء أممي"، حيث خرج المتظاهرون في مناطق عدة بدمشق وريفها وحلب وإدلب ودرعا وحمص، ورفعوا شعارات تتهم المجتمع الدولي بالصمت على المجازر التي يتهمون النظام بارتكابها، كما طالبوا بمحاسبة المسؤولين عن هذه المجازر التي راح ضحيتها -حسب إحصائية نشرتها الجمعة الشبكة السورية لحقوق الإنسان- ما لا يقل عن 384 قتيلا. (4)

الوضع الإنساني:

قالت المفوضة العليا لحقوق الإنسان، نافي بيلاي، إن لديها تقارير تشير إلى وجود حشود عسكرية كبيرة لقوات النظام حول القصير. وأعربت عن خشيتها من وقوع مزيد من الفظائع على حد وصفها، داعية المجتمع الدولي للتدخل.
من جانبه، أعلن المتحدث باسم مكتب المفوضة العليا أن القتل الظاهر للنساء والأطفال في قرية البيضا والصور المؤلمة لأكوام الجثث الملطخة بالدماء والمحترقة، التي التقطت بعد اجتياح قوات النظام للبيضا وأجزاء من بانياس، هال المفوضة العليا، وجعلها تشعر بالقلق إذا ما تم التحقق من كل تلك الصور التي التقطت، لما يدل على التجاهل التام لحياة المدنيين في سوريا. (6)

المواقف والتحركات الدولية:

إيران ترحب بمؤتمر دولي:
رحبت إيران بعقد مؤتمر دولي لإنهاء الصراع في سوريا، كان موضوع قمة روسية بريطانية أيضا. قال محمد جواد محمدي زادة نائب الرئيس الإيراني إن بلاده ترحب بالاقتراح الأميركي الروسي بعقد مؤتمر دولي يهدف إلى إنهاء الصراع في سوريا، وتأمل أن يعقد في جنيف. (4)
خيارات ممكنة:
من جانبه أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في ختام محادثاته مع رئيس الوزراء البريطاني ديفد كاميرون أنه بحث مع ضيفه "خيارات ممكنة" لحل الأزمة.
وقال بوتين "بمبادرة من رئيس الوزراء ناقشنا خيارات ممكنة لإحراز تطور إيجابي في الوضع في سوريا، وإجراءات ملموسة بهذا الخصوص". (4)
ومن جانبه قال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، بعد اجتماعه بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في منتجع سوشي بجنوب روسيا، إنهما اتفقا على العمل معا من أجل الدفع باتجاه تشكيل حكومة انتقالية في سوريا. (5)
تنديد، وأدلة قوية:
قال وزير الخارجية الأميركي جون كيري إن بلاده تملك "دليلا قويا" على استخدام النظام السوري أسلحة كيمياوية، وندد كيري في حوار عبر الإنترنت نظمته مجموعة غوغل وشبكة إن بي سي ووزارة الخارجية بـ"الخيارات الرهيبة" التي قام بها نظام الرئيس السوري بشار الأسد عبر قتله ما بين سبعين ألفا ومائة ألف شخص من شعبه، ولجوئه إلى غازات قال إن بلاده تملك "دليلا قويا على استخدامها. (4)
قلق أميركي من تدخل حزب الله:
أبلغت الولايات المتحدة لبنان قلقها الشديد من «تورط حزب الله في سوريا»، وزار القائم بأعمال السفارة الأميركية في بيروت ريتشارد ميلز جونيور، أمس، رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، وزار القائم بأعمال السفارة الأميركية في بيروت ريتشارد ميلز جونيور، رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، معربا عن «قلق الولايات المتحدة الشديد إزاء تورط حزب الله في سوريا، والقتال باسم نظام الأسد، الأمر الذي يؤدي إلى المجازفة باستدراج لبنان إلى الصراع ويتعارض مع سياسات الحكومة اللبنانية». ودان ميلز القصف المتواصل من سوريا للأراضي اللبنانية، كما أعاد تأكيد دعم الولايات المتحدة لمبادئ إعلان بعبدا وسياسة النأي بالنفس اللبنانية، داعيا جميع الأطراف في المنطقة إلى تجنب أي نشاط من شأنه مفاقمة الأزمة في سوريا، وزيادة احتمالات تمدد العنف، والتأثير سلبا على السكان المدنيين. (5)
أخطاء العراق سبب الحذر:
أعلن نائب الرئيس الأميركي، جو بايدن، أن الإدارة الأميركية الحالية تتعاطى بحذر مع الملف السوري، بعد الأخطاء التي ارتكبتها واشنطن عند غزو العراق واحتلاله عام 2003.
وقال بايدن في مقابلة نشرتها مجلة "رولينغ ستون" نصف الشهرية إن فريق الرئيس باراك أوباما عمل على إصلاح صورة الولايات المتحدة في العالم. وأضاف "لا نريد تخريب كل شيء مثلما فعلت الإدارة السابقة في العراق بحديثها عن أسلحة دمار شامل". (6)
فورد في حلب ومساعدات غير عسكرية:
قام السفير الأميركي في دمشق روبرت فورد بزيارة سرية إلى شمال حلب التقى خلالها رئيس المجلس العسكري للجيش السوري الحر العقيد عبد الجبار العكيدي، مسلما إياه شحنة من المساعدات غير العسكرية. وأكد العكيدي أنه التقى السفير الأميركي أمس عند معبر باب السلامة الحدودي مع تركيا حيث تسلم منه مساعدات ذات طابع إنساني، مشيرا إلى أن «الجيش الحر اصطحب السفير في جولة على أحد المعابر الحدودية لرؤية علم الاستقلال والثورة يرفرف فوقه»، لافتا أن «معظم الأحاديث مع الدبلوماسي الأميركي دارت حول إمكانية تقديم الإدارة الأميركية معونات عسكرية للمعارضة كي تحدث تحولا ميدانيا ضد نظام بشار الأسد». (5)
فحوص تدل على استخدام أسلحة كيماوية:
أعلن وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو أن الفحوص التي أجريت على مصابين سوريين يعالجون في تركيا تشير إلى استخدام تلك الأسلحة.
وقال في تصريحات أدلى بها أثناء زيارته للأردن إن الفحوص كشفت عن بعض المؤشرات فيما يتعلق باستخدام الأسلحة الكيمياوية، وأضاف "لكن من أجل التأكد والتحقق من ذلك نواصل تلك الفحوص، وسوف نتبادل (نتائج) هذه الفحوص مع وكالات الأمم المتحدة". (4)
وأكد رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، أن قوات الرئيس السوري بشار الأسد أطلقت صواريخ تحمل أسلحة كيماوية على خصومه، متجاوزة بذلك الخط الأحمر الذي حدده الرئيس الأميركي باراك أوباما "منذ فترة طويلة". (6)
ضرورة عزل أعضاء النظام:
وفي سياق آخر أكد أوغلو على ضرورة العزل السياسي لأعضاء النظام السوري الحالي دون أن يستخدم المصطلح عينه، لكنه قال: «تركيا لن ترضى بأن يكون أي من أعضاء النظام الحالي جزءا من المرحلة المستقبلية».  (5)

آراء المفكرين والصحف:

قنبلة اللجوء السوري، تحت هذا العنوان كتبت سوسن الأبطح:
عدد السوريين اللاجئين، فعليا، إلى لبنان بلغ المليون ومائتي ألف نسمة لغاية الآن، أي ما يوازي ثلث الشعب اللبناني. مسؤول في «المفوضية العليا للإغاثة» التابعة للأمم المتحدة، يقول: إن هذا يشبه دخول 75 مليون لاجئ إلى الولايات المتحدة الأميركية. بعض القرى والبلدات صار عدد السوريين فيها يفوق عدد المواطنين أنفسهم. «الإنسان ثقيل» وفترة الضيافة - بحسب أحد التقارير - قد تطول بسبب دمار ما يزيد على مليون وحدة سكنية في سوريا، أي أن كثيرين لن يتمكنوا من العودة حتى ولو هدأت الاشتباكات، إذ أن إعادة إعمار هذه المباني يحتاج من 5 إلى 10 سنوات. التململ الشعبي في لبنان بدأ، الحساسيات الصغيرة، تزن على الفقراء الذين يجدون في السوري منافسا ينتزع منهم العمل والسكن وكسرة الخبز. فإن بقي السوري بلا عمل رُمي بالتقاعس، وإن هو سعى وارتزق ولو بمبلغ زهيد اُعتبر مزاحما لدودا. الوضع صعب، والعوز لا يرحم. ثمة بلديات لقرى منعت السوريين الذين فاق عددهم سكانها الأصليين من التجول بعد الساعة الثامنة، بسبب ارتفاع نسبة الجريمة. قرى أخرى تظاهرت احتجاجا على العناية التي يلقاها السوري، مقابل إهمال يعيشه اللبناني. حتى إن المساجين اللبنانيين يشتكون لأن السجين السوري تزوره الجمعيات وتحيطه بشيء من الرعاية.
اللاجئون السوريون الذين وصلوا في الشهور الأولى للثورة استقبلتهم القرى الحدودية بالأحضان والدموع، تقاسمت العائلات معهم بيوتها وأطعمتها وأغطيتها. بعض السياسيين الذين حذروا من مخاطر اللجوء السوري يومها اتهموا بالعنصرية. موجع أن تسمع بعد سنتين أن المخاوف باتت عامة، وهي تبدأ من القمة وتصل حتى أسفل الهرم. وزير الداخلية مروان شربل قال: «إن اللاجئين السوريين صاروا يهددون الوضع الأمني في البلاد». هناك من يعتبر أن توزع اللاجئين على 1200 قرية وبلدة ومدينة، أحدث فوضى عارمة، ويطالب بإقامة مخيمات على غرار الدول المجاورة. لكن منظمات تحذر من أن إجراء كهذا سيرفع نسبة العسكرة بين النازحين.
الإرباك يتعاظم في البلد الصغير الذي بالكاد يتسع لأهله، واللاجئون السوريون تتصاعد معاناتهم. تقرير صادر عن «معهد بيروت» يحذر من انهيار شامل في البنى التحتية اللبنانية بسبب عدد اللاجئين الكبير الذي لا يحتمله البلد، ويؤكد ضرورة اتخاذ إجراءات جذرية. يبدو البلد الهش أكثر هشاشة تحت وطأة الألم السوري، الحاجة هي إلى مزيد من الكهرباء والخبز المدعوم والمياه التي هي شحيحة أصلا، وفرص العمل المفقودة في الأساس، والخدمات الصحية المجانية، علما بأن فقراء اللبنانيين يموتون على أبواب المستشفيات من دون أن ينالوا شرف دخولها قبل دفع مستحقاتهم.
السوري الآتي من بلد الخدمات العامة المجانية، يبدو له لبنان جحيما مقيما. الغلاء فاحش، البرامج التعليمية لأولادهم لا تشبه تلك الموجودة في سوريا، المساكن إيجاراتها باهظة، حتى صار سكن المحلات والمباني غير المنجزة من مألوف العادات. انتشار أوبئة مثل الجرب وحبة حلب والسل، زاد الطين بلة. ثمة أشياء سوريالية فعلا. «المفوضية العليا للإغاثة» تدفع لكل شخص تم تسجيله مساعدة قدرها 25 دولارا في الشهر. مبلغ بالتأكيد لا يكفي لأكل الخبز الحاف. مظاهر سوء التغذية لم تعد خافية على أطفال النازحين بعد شح في الحليب. الجوع لم يعد نادرا والتسول صار فاقعا في الشوارع. الدول المانحة لم تدفع ثلث ما وعدت به.
حقا لبنان المنقسم سياسيا، المهدد أمنيا، والغارق في ديونه ومذهبيته، ليس أفضل الدول للجوء، ولا أرحمها. الصيف لن يكون سهلا على السوريين الذين هربوا من حمّى القصف إلى جهنم الأوبئة والجوع والتسول. كل المحن باتت من نصيب اللاجئين في وطن غارق بالمحسوبيات.
كل يوم يدخل لبنان ثلاثة آلاف نازح جديد على الأقل. كل ساعة حرب إضافية في سوريا، عبء جديد على دولة، يعترف وزيرها للشؤون الاجتماعية وائل أبو فاعور بأنها أصبحت «أضعف من الجمعيات الإنسانية أو حتى المجتمع المدني».
الملايين التي تطلبها الهيئات الإغاثية، حتى وإن وصلت ستكون كمن يداوي السرطان بحبات «الأسبرين». الفاجعة الإنسانية السورية أكبر من أن تعالج ببعض الوجبات، وعلب الحليب وحفاضات الأطفال. السوريون هم الحلقة الأضعف. لبنان بلد لا يليق بالمستضعفين بصرف النظر عن جنسياتهم. السوري في لبنان يتعرض لصنوف من آلام لا تطاق، تبدأ بمحنة العثور على خيمة، ومياه للاستحمام والشرب، وقد لا تنتهي بالاستغلال من خلال عصابات تتجر بالبشر، أو مجرمين يبحثون عمن ينفذ الجرائم بدلا عنهم.
المكان يضيق، الحر يرفع منسوب غليان الدم في العروق كما في رواية «الغريب» عند ألبير كامو. قنبلة اللجوء السوري تهدد بانفجار بدأت معالمه تظهر جلية. اللبنانيون ليسوا براء من العنصرية، لكن الأمر هذه المرة يتجاوز فيروس الشوفينية الأعشى. إنه اهتراء شامل، لمنطقة تتداعى، وترتج كلها كأنها آيلة للسقوط. (5)
وكتب طارق الحميد حول الموقف الأسدي من غارات إسرائيل، مقالا وسمه بـ الأسد والحزب.. الصراخ على قدر الحرج!، وقال فيه:
وجهت إسرائيل ضرباتها لسوريا، واستهدفت ما استهدفته هناك، فجاء رد نظام بشار الأسد وحزب الله على تلك الضربات ممزوجا بالصراخ، والتهديد، وهو صراخ ليس على قدر الألم، بل إنه على قدر الحرج الذي وقعا فيه، عندما أكلا الضربة، ولم يقوما بالرد!
بالنسبة للنظام، وبحسب ما نشرته صحيفة «الأخبار» اللبنانية، المقربة منه ومن حزب الله، ونقلا عن زوار للأسد، فإنه يقول إن سوريا كانت «قادرة بسهولة على أن ترضي شعبها، وتنفّس احتقانه واحتقان حلفائها، وتشفي غليلها بإطلاق بضعة صواريخ على إسرائيل، ردا على الغارة الإسرائيلية على دمشق. هي تدرك أن الإسرائيلي لا يريد حربا، وأنه في حال قيامها بردّ من هذا النوع، ستعتبر ضربة في مقابل ضربة. أصلا الوضع الدولي لا يسمح بحرب لا تريدها أصلا إسرائيل ولا أميركا. بذلك نكون قد انتقمنا تكتيكيا. أما نحن، فنريد انتقاما استراتيجيا، عبر فتح باب المقاومة، وتحويل سوريا كلها إلى بلد مقاوم». وحديث الأسد هذا يكشف مدى الحرج الذي يشعر به شخصيا جراء عدم رده على الغارات الإسرائيلية، خصوصا أن الأسد أكثر من تاجر بالمقاومة.
أما بالنسبة لحزب الله، فقد كان حسن نصر الله أكثر وضوحا، وصراخا، حين قال في كلمته، أول من أمس (الخميس)، وهو يضحك، محاولا تبسيط الموضوع، إن البعض يتساءل «صادقا»: لماذا لم ترد سوريا أو الحزب على الغارات الإسرائيلية؟ والبعض الآخر يقول: لماذا لم يردوا، من باب أن يكسر بعضهم بعضا، أو كما يقال عاميا: «فخار يكسر بعضه»، أي حزب الله والأسد وإسرائيل، وهذا الكلام وحده يظهر مدى الحرج الذي يشعر به نصر الله أيضا، نظير عدم الرد على الغارات الإسرائيلية، ولذا لوح نصر الله بفتح جبهة مقاومة من الجولان، عبر حزب الله سوري جديد، وهو التهديد نفسه الذي نقلته صحيفة «الأخبار» على لسان الأسد، الذي هدد بتحويل سوريا إلى دولة مقاومة، مما يثبت أن النظام الأسدي، الأب والابن، لم يكونا إلا تجارا غرروا بكثر في قصة المقاومة المزعومة. فتصريحات الأسد تظهر أنه غير قادر على الرد، نظرا لعدم التوازن بالقوى، ولمعرفته أن الرد المباشر على إسرائيل يعني النهاية الحتمية والسريعة، وبالنسبة لحزب الله، فرغم كل هذا الصراخ، فإنه سبق للحزب، وكذلك إيران أيضا، نفي أن تكون الغارات الإسرائيلية قد استهدفت أسلحة موردة من إيران للحزب، مما يعني أن طهران والحزب يحاولان التهرب من مناقشة الغارات الإسرائيلية إعلاميا، لكن الحرج لم يرفع، ولذا خرج نصر الله يصارخ، ويهدد.
ملخص القول إن الأسد وحزب الله يعيان حجم ورطتهما؛ سواء ردا على إسرائيل أم لا، ولذا فهما يصرخان صراخا ليس على قدر الألم وحسب، بل وعلى قدر الحرج، وفي هذا الصراخ أيضا محاولة لمساندة روسيا في مفاوضاتها الصعبة مع الأميركيين على رأس الأسد. (5)

المصادر:
1- لجان التنسيق المحلية.
2- الهيئة العامة للثورة السورية.
3- المركز السوري المستقل لإحصاء الاحتجاجات.
4- الجزيرة نت.
5- الشرق الأوسط.
6- العربية نت.