الجمعة 25 جمادى الآخر 1446 هـ الموافق 27 ديسمبر 2024 م
التكافل الاجتماعي طريق الخير والنماء
الاثنين 17 ذو القعدة 1439 هـ الموافق 30 يوليو 2018 م
عدد الزيارات : 2916

 

التكافل الاجتماعي طريق الخير والنماء

 

لا يمكن أن يصلَ مجتمع من المجتمعات إلى التحضر والرقي، أو أن يبدأُ رحلته مع التنمية والتقدم ما لم يكن أبناؤه متكاتفين فيما بينهم، يسيرون إلى هدف واحد على طريق واحد، يشد المرء فيه على يد أخيه، ويئنُّ بعضهم لأوجاع بعض. هذه الحالة من الإحساس المتبادل بالآخر تجلٍّ ثمين من تجليات الإنسانية، ووسام مشرِّف على صدر العيش الآدمي، ولا يمكن لسليم القلب والفكر أن يتهرَّب من مسؤولية الإحساس بالآخرين وتقديم العون والمساعدة لهم، بل إن النفس المؤمنة لتجد لذة كبيرة في تقديم العون للناس ومساعدتهم على رقيهم، هذه اللذة لا يدركها إلا من وعى قلبه قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه". [رواه البخاري ومسلم].

إن الإسلام الكريم أنبت المحبَّة في قلوب أبنائه، وأدَّبهم على العطاء والتكاتف فيما بينهم، فجعل ثروة الغني غير مشروعة إن كان يعرف في محيطه المجتمعي فقيرًا يحتاج إلى المساعدة، ورأى أن هناك خللا في إيمان من يحجم عن هذا الواجب، وأن عليه معالجته بالتكافل والمعونة، "ما آمن بي من بات شبعان وجاره جائع إلى جنبه وهو يعلم به". [رواه الطبراني والحاكم، وصححه الذهبي والألباني]

فالإسلام بيَّن لأتباعه قانونًا مهمًا يتمثل في التفكير الإيجابي للآخرين، وعلمهم أن الإحساس بالغير إيمان، وأن المجتمع لا يمكن أن يقوم على الفردية والأنانية، ولا بد أن يقوم على المودة والرحمة. فعندما ُتزْرَع هذه الالتزامات النبيلة داخل الإنسان وتُروَّى بوعود الله بالفوز العظيم يوم القيامة فإن كفاءة الإنسان الاجتماعيَّة سترتفع، وسيصبح أكثر فاعليَّة وعطاءً. "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى". [رواه مسلم]

ولا بد من الإشارة إلى أن التكاتف الاجتماعي والإحساس بالآخرين لا يقتصر على العطايا المادية، وإنما يشمل جميع مذاهب الحياة، حتَّى إن معلم المسلمين صلى الله عليه وسلم جعل من ابتسامة الإنسان في وجه أخيه شيئًا ثمينًا يؤجر عليه، "تبسمك في وجه أخيك صدقة".[رواه الترمذي] وكأنه أراد بقوله ذلك أن يلفت ذهن المسلم إلى الاعتناء بأدق التفاصيل في حياته مع الآخر.

إننا نحتاج في التعامل مع مشاكلنا الاجتماعيَّة إلى تلك المسحة النورانيَّة الراقية، وأن نتخلص من الأنانية ونبدأ بالتفكير فيمن هم حولنا، ونحتاج إلى أن نثبت وجودنا الإيجابي في المجتمع من خلال قيمة التعاون والتكافل، {وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان}. [المائدة 2]