الأربعاء 23 جمادى الآخر 1446 هـ الموافق 25 ديسمبر 2024 م
الشيخ المحدث شعيب بن محرم الأرناؤوط (1346 – 1438هـ / 1928- 2016م)
الخميس 7 ربيع الآخر 1438 هـ الموافق 5 يناير 2017 م
عدد الزيارات : 4071

 

الشيخ المحدث شعيب بن محرم الأرناؤوط

(1346 – 1438هـ / 1928- 2016م)

 

نسبه:
هو أبو أسامة شعيب بن محرم الأرناؤوط، ينحدر نسبه من أسرة ألبانيَّة الأصل، هاجرت إلى دمشق سنة 1926م واستقرَّت بها، لسبب يعود رُبَّما إلى اعتقاد والده بـ (فضل الشَّام وسُكناها) فقد كان والده محبّاً للعلماء حريصاً على مصاحبتهم.
والأرناؤوط في الأصل اسم يطلقه الأتراك على كل سكان ألبانيا (بلاد البلقان) والواقعة على بحر الأدرياتيك بعد اليونان ويقال أنهم أقدم من في منطقة البلقان، وفي عصورها الوسطى.
ومع توسع الدولة العثمانية في البلاد العربية وشمال افريقيا هاجر الكثير من أبناء هذه القومية شأنهم شأن (الشركس والبوشناق والأباظة) إلى أنحاء الولايات العثمانية وقد استوطنوها واندمجوا مع السكان ولا يزال بعضهم يحتفظون بلقبهم الأرناؤوطي ولذا نجد الاسم في: سوريا ولبنان وفلسطين والعراق والأردن ومصر وتونس والجزائر وليبيا.
مولده ونشأته:
ولد الشيخ شعيب الأرناؤوط في مدينة دمشق سنة 1346هـ / 1928م، ونشأ في ظل والديه نشأة دينية خالصة، تعلم في خلالها مبادئ الإسلام، وحفظ أجزاء كثيرة من القرآن الكريم، ولعل الرغبة الصادقة في الفهم الدقيق لمعاني القرآن الكريم، وإدراك أسراره، هي من أقوى الأسباب التي دفعته إلى دراسة اللغة العربية في سن مبكرة، فمكث ما يربو على السنوات العشر يختلف إلى مساجد دمشق ومدارسها القديمة، قاصدا حلقات اللغة في علومها المختلفة، من نحو وصرف وأدب وبلاغة وما إلى ذلك.
طلبه للعلم:
تتلمذ الشيخ في علوم العربية لكبار أساتذتها وعلمائها في دمشق آنذاك، منهم الشيخ صالح الفرفور، والشيخ عارف الدوجي – اللذان كانا من تلاميذ علامة الشام في عصره الشيخ بدر الدين الحسني – فقرأ عليهم أشهر مصنفات اللغة والبلاغة العربية؛ منها: شرح ابن عقيل، و(كافية) ابن الحاجب، و(المفصل) للزمخشري، و(شذور الذهب) لابن هشام، وأسرار البلاغة و(دلائل الإعجاز) للجرجاني.
ممن قرأ عليه أيضا: الشيخ سليمان الغاوجي الألباني، الذي كان يشرح لطلابه كتاب (العوامل) للبركوي، و(الإظهار) للأطهلي، وغيرهما. بعد هذه الرحلة الطويلة الشاقة مع العربية، اتجه الشيخ لدراسة الفقه الإسلامي، فلزم أكثر من شيخ يقرأ عليه كتب الفقه، ولا سيما تلك المصنفة في الفقه الحنفي، مثل: (مراقي الفلاح) للشرنبلالي، و(الاختيار) للموصلي، و(الكتاب) للقدوري، وحاشية ابن عابدين. استغرقت دراسته للفقه سبع سنوات أخرى، تخللها دراسة أصول الفقه، وتفسير القرآن، ومصطلح الحديث، وكتب الأخلاق، وكان في تلك المرحلة قد جاوز الثلاثين.
لمس الشيخ – في أثناء دراسته للفقه – القصور الواضح عند شيوخه ومن عاصرهم في معرفة صحيح الحديث من سقيمه، وذلك جعله يدرك أهمية التخصص في علم السنة ليتسنى تحقيق كتبها، ومن ثم تمييز صحيحها وضعيفها، فعقد العزم على الاضطلاع بهذه المهمة الصعبة، فترك لأجلها مهنة تدريس اللغة العربية التي كان يزاولها منذ سنة 1955م، وفرغ نفسه للاشتغال بتحقيق التراث العربي الإسلامي.
كانت بدايته الأولى في (المكتب الإسلامي) بدمشق سنة 1958م، حيث رأس فيه قسم التحقيق والتصحيح مدة عشرين عاما، حقق فيها أو أشرف على تحقيق ما يزيد على سبعين مجلدا من أمهات كتب التراث في شتى العلوم. ثم بدا له أن ينتقل إلى العمل مع مؤسسة الرسالة في مكتبها بعمان سنة 1982 م، ليترأس من جديد قسم تحقيق التراث التابع لها، فكان عمله فيها أنضج وأرحب مدى، ويمكن القول: إن أهم إنجازاته في تحقيق التراث قد تمت في أثناء عمله في هذه المؤسسة التي تعد بحق رائدة بعث التراث العربي الإسلامي.
ولعل ما كتبه بشار عواد معروف في مقدمته لكتاب سير أعلام النبلاء في معرض حديثه عن تحقيق الكتاب، يجلي نواحي مهمة من طبيعة العمل الذي نهض به الشيخ الأرناؤوط في قسم تحقيق التراث بالمؤسسة، يقول: “ثم توج عمله – صاحب الرسالة – بأن ندب لمراجعة الكتاب والإشراف على تحقيقه، عالما بارعا، متأبها عن الشهرة، قديرا على تذليل الصعاب، فطينا لإيضاح المبهم، كفيا بتيسير العسير، هو الأستاذ المحدث الشيخ شعيب الأرناؤوط، وقد عرفت لهذا العالم فضله الكبير على هذا السفر النفيس، آثر ذي أثير حين اشترط أن يقام التحقيق على أفضل قواعده وهو اليوم فارس هذا الميدان الخطير الذي ضرب آباطه ومغابنه، واستشف بواطنه”.
تلاميذه:
تخرَّج على يد الشيخ شعيب الأرناؤوط في التحقيق عددٌ غير قليلٍ من طلبة العلم، منهم: محمد نعيم العرقسوسي، وإبراهيم الزيبق، وعادل مرشد، وعمر حسن القيَّام، وأحمد عبد الله، وعبد اللَّطيف حرز الله، وأحمد برهوم، ورضوان العرقسوسي، وكامل قره بللي.
وقد قرَّ الشيخ عيناً حين رأى كل واحدٍ من هؤلاء قادراً على القيام بأعباء التعامل الصَّحيح مع علوم السُّنة والاستقلال بعمله.

وفاته:
توفي – رحمه الله - في يوم الخميس 26  محرم سنة 1438 هـ الموافق 27   أكتوبر 2016 م في العاصمة الأردنية عمان.

آثاره العلمية:
ترك – رحمه الله – عشرات المؤلفات المهمة، من أبرزها:

1. (شرح السُّنة) للبغوي، ستة عشر مجلَّداً.
2. (روضة الطَّالبين) للنَّووي، بالاشتراك مع الشيخ عبد القادر الأرناؤوط، اثنا عشر مجلَّداً.
3. )مهذَّب الأغاني) لابن منظور، اثنا عشر مجلَّداً.
4. (المبدع في شرح المقنع) لابن مفلح الحنبلي، عشرة مجلَّدات.
5. )سير أعلام النُّبلاء) للذَّهبي، خمسةٌ وعشرون مجلَّداً.
6. (الإحسان في تقريب صحيح ابن حبَّان) بترتيب الأمير علاء الدِّين الفارسي، ثمانية عشر مجلَّداً.
7. (سنن النَّسائي الكبرى)، بالاشتراك مع حسن شلبي، اثنا عشر مجلَّداً.
8. (العواصم والقواصم في الذبِّ عن سنة أبي القاسم) لابن الوزير، تسعة مجلَّدات.
9. (سنن التِّرمذي)، ستة مجلَّدات.
10. (سنن الدَّارقطني)، بالاشتراك مع حسن شلبي، خمسة مجلَّدات.