أخفق اجتماع أميركي روسي للتحضير لمؤتمر جنيف 2 حول سوريا في الاتفاق على المواعيد وقائمة المشاركين، والإبراهيمي يشكك في انعقاد المؤتمر على حينه، في ظل تصعيد عسكري وهجمات قوية من الثوار وقصف من النظام للمناطق السكنية في سوريا، الأمر الذي يجعل الطريق إلى جنيف 2 وعرة أكثر إضافة إلى عدم التوافق الدولي عليه.
قتلى فيهم أطفال ونساء وعدد تحت التعذيب:
قتل نظام الأسد 86 شخصا في سوريا بينهم 7 نساء و12 طفلا و8 تحت التعذيب بينهم امرأة، و28 في دمشق وريفها و25 في حلب، و9 في دير الزور و7 في حماة و6 في حمص و4 في درعا و4 في إدلب و2 في القنيطرة و1 في الرقة. (1)
مئات من مناطق القصف:
قصفت قوات الأسد ومليشيات حزب الله 468 نقطة في مدن وبلدات سوريا، منها غارات جوية للطيران الحربي سجلت في 51 نقطة، وتم إلقاء البراميل المتفجرة على تل رفعت ومحيط مطار منغ العسكري وطريق الباب في حلب وقرى ريف حماة الشرقي، كما تم تسجيل استخدام القنابل الفراغية في حمورية في ريف دمشق والقنابل العنقودية في دير فول في حمص، وصواريخ أرض - أرض في زملكا في ريف دمشق وتل رفعت في حلب، فيما سجل القصف المدفعي في 166 نقطة، وتلاه القصف الصاروخي في 128 نقطة، والقصف بقذائف الهاون في 115 نقطة في سوريا. (1)
اقتحام بعد حصار مدة أسبوع:
أفاد ناشطون أن قوات النظام مدعومة بالشبيحة وعناصر حزب الله اللبناني اقتحمت مدينة تلكلخ بريف حمص على الحدود مع لبنان. وقالت الهيئة العامة للثورة إن هذه القوات اقتحمت المدينة بعد حصار دام نحو أسبوع، وذلك تزامنا مع قصف بالمدافع وراجمات الصواريخ، وقطع للاتصالات والكهرباء والماء.(4)
نهب وحرق للممتلكات:
كما شنت قوات النظام حملة نهب وحرق للممتلكات، في حين يتخوف ناشطون من ارتكاب مجازر بحق من تبقى من الأهالي. كما ناشد السكان هيئة أركان الجيش الحر والائتلاف الوطني المعارض مساعدتهم.(4)
اشتباكات واسعة، وانتصارات في العاصمة:
في 164 نقطة اشتباك بين الثوار والنظام الأسدي وأعوانه من حزب الله، تمكن المجاهدون من إحراز نتائج بطولية رائعة، حيث سيطروا في دمشق وريفها على حاجز طعمة على المتحلق الجنوبي، واستهدفوا الفوج 137 وقتلوا عددا من عناصر النظام وأسروا عددا آخر، وتصدوا لمحاولة اقتحام في عين ترما وقتلوا 8 عناصر من قوات النظام، كما استهدفوا مقر البحوث العلمية في برزة وحققوا إصابات مباشرة، واستهدفوا أيضا معاقل حزب الله وشبيحة النظام على طريق مطار دمشق الدولي وحققوا إصابات مباشرة وتمكنوا من تحرير عدد من المباني في شبعا على طريق مطار دمشق الدولي. (1)
استهداف عدد من المقرات:
واستهدفوا في حلب مقر البحوث العلمية وتمكنوا من إصابة المبنى الرئيسي وقتل 25 عنصرا من قوات النظام، واستهدفوا أيضا فرع المرور ومبنى التأمينات الاجتماعية في باب جنين، كما استهدفوا معاقل قوات النظام في فرع المخابرات الجوية وحي الأشرفية وصلاح الدين. (1)
إسقاط طائرة حربية وقصف لواء 93:
وفي إدلب استهدف الثوار مقر قيادة الفرقة السابعة في معسكر الجازر وتمكنوا من تدمير عدد من الآليات وقتل عدد كبير من عناصر النظام كما تمكنوا من تدمير أحد المباني التي يتمركز بها قوات النظام في حاجز القياسات على طريق أريحا – اللاذقية.
وفي حمص تصدى المجاهدون لمحاولات من قوات النظام لاقتحام مدينة القريتين كما تمكنوا من إسقاط طائرة حربية في القريتين أيضا، وفي الرقة استمر الثوار في محاصرتهم للواء 93 في ناحية عين عيسى واستهدفوه بصواريخ غراد، وفي دير الزور استهدفوا مطار دير الزور العسكري بعدة صواريخ وحققوا إصابات عديدة في صفوف النظام.
هذا وتمكن الثوار في درعا من استهداف فرع الأمن العسكري في بلدة المسمية وتدمير أحد الأبنية التي يتمركز بها قوات حزب الله في بصرى الشام، وقاموا بتحرير حاجز خراب عسكر التابع للأمن العسكري في ريف القامشلي الجنوبي بالحسكة. (1)
معركة الفتح المبين:
وبث ناشطون في محافظة إدلب صوراً تُظهر استهداف الجيش الحر مباني يتخذها الشبيحة مقرات لهم، ومحطة سادكوب للغاز التي يتحصن فيها عدد كبير من قوات النظام ومليشيات الشبيحة. ويأتي ذلك ضمن معركة أسماها الجيش الحر باسم "الفتح المبين".(4)
التسول يزداد في سوريا:
قال برنامج الغذاء العالمي: إن العائلات في سوريا تلجأ على نحو متزايد إلى تسول الطعام بسبب نقص كمياته وأسعاره المرتفعة التي فرضتها الحرب في بلادهم، وإنه سيزيد شحنات الأغذية لملايين المحتاجين هناك قبيل بدء شهر رمضان.
وأعلن البرنامج التابع للأمم المتحدة أن مسحا أجراه في أبريل/نيسان ومايو/أيار الماضيين -وشمل 105 عائلات في سبع محافظات من بينها محافظتا حمص وحلب المشتعلتان- أفاد بأن كثيرين تحولوا إلى تناول أطعمة ذات نوعية أقل مما كانوا يتناولونه لتقليل الإنفاق على الطعام.
وقالت المتحدثة باسم البرنامج إليزابيث بيريز -للصحفيين في جنيف- إن "أولئك الذين ذكروا التسول كإستراتيجية للتكيف أشاروا إلى أنه أصبح الخيار الوحيد لديهم للتعامل مع التدهور في ظروف المعيشة".
وأكدت أن البرنامج سيزيد شحنات الأغذية في سوريا قبيل بدء شهر رمضان في أوائل يوليو/تموز، مضيفة "علينا أن نتوقع أنه أثناء شهر رمضان فإن بعض أنشطة النقل ستصبح أبطأ أو قد تتوقف، ومن الملحّ أن نضمن وصول الشحنات لضمان التوزيع العادي على العائلات".(4)
شكوك حول انعقاد جنيف2:
قال الأخضر الإبراهيمي المبعوث الخاص للأمم المتحدة والجامعة العربية إلى سوريا: إنه «يشك» في إمكانية عقد مؤتمر «جنيف 2» حول سوريا الشهر المقبل، مضيفا: «بصراحة، أشك في انعقاد هذا المؤتمر في يوليو (تموز)».
وتجنب الإبراهيمي مناقشة نتائج الاجتماع المنعقد واكتفى بالقول: «أنا واثق أن مناقشاتنا ستكون بناءة، وواثق أيضا بإحراز تقدم». وهذا ثاني اجتماع لدبلوماسيين رفيعي المستوى هذا الشهر في مدينة جنيف السويسرية، سعيا لتنظيم المؤتمر الذي بُذلت مساع أساسا لعقده في يونيو (حزيران) ثم في يوليو.
مضيفا: «أعتقد أن ما يحصل في المنطقة خطير جدا جدا، وآمل بشدة في أن تتحرك الحكومات في المنطقة والدول الشريكة، خاصة الولايات المتحدة وروسيا (لإنهاء) الوضع الذي يخرج عن السيطرة، ليس فقط في سوريا بل في المنطقة».(3)
محادثات دون اتفاق:
أخفق اجتماع أميركي روسي للتحضير لمؤتمر جنيف 2 حول سوريا في الاتفاق على المواعيد وقائمة المشاركين. (4)
وقال جينادي جاتيلوف نائب وزير الخارجية الروسي إن محادثات أجريت برعاية الأمم المتحدة لتنظيم مؤتمر ينهي الحرب في سوريا انتهت دون اتفاق بين المسؤولين الأميركيين والروس على كثير من المسائل، ومن بينها المواعيد وقائمة المشاركين في المؤتمر. (3)
محادثات بناءة رغم الفشل:
ورغم فشل الاتفاق إلا أن الأمم المتحدة وصفت المحادثات بين مسؤولين كبار من أميركا وروسيا بجنيف بشأن سوريا بأنها كانت "بناءة"، وأكدت عقد لقاء جديد بين وزيريْ خارجية البلدين مطلع الشهر المقبل لبحث ترتيبات المؤتمر.
وقالت الأمم المتحدة -في بيان صدر إثر محادثات في جنيف جمعت دبلوماسيين أميركيين وروساً كبارا إضافة لموفد الأمم المتحدة والجامعة العربية إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي تمهيدا لانعقاد مؤتمر دولي حول سوريا- إن المحادثات "كانت بناءة وتركزت على سبل ضمان عقد مؤتمر جنيف 2 حول سوريا بأفضل فرص نجاح".(4)
السعودية: سوريا أرض محتلة، ولا يمكن السكوت عن تدخل إيران:
قال وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل: إن المملكة تعتبر أن تدخل إيران وجماعة حزب الله اللبنانية في الصراع الدائر في سوريا خطير، مضيفاً "لا يمكن اعتبار سوريا الآن إلا أرضاً محتلة".
وأوضح الفيصل أن السعودية ترى أنه ينبغي تقديم مساعدات عسكرية لمقاتلي المعارضة للدفاع عن أنفسهم.
وأضاف في مؤتمر صحافي مع وزير الخارجية الأمريكي جون كيري في جدة أن السعودية لا يمكنها السكوت عن التدخل الإيراني، ودعا إلى قرار يحظر تدفق الأسلحة للنظام السوري. وقال: "المملكة العربية السعودية تطالب بقرار دولي واضح يمنع تزويد النظام السوري بالسلاح".(2)
جنيف أفضل فرصة، والمسألة معقدة:
قال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري: إن مؤتمر "جنيف 2" أفضل فرصة لحل أزمة سوريا، مؤكداً أن استمرار العنف غير مقبول.
واعتبر كيري أن الأوضاع في سوريا باتت أكثر تعقيداً بعدما دخلت إيران وحزب الله في المعارك بين الطرفين هناك.
وقال إن أفضل الحلول هو الحل السياسي من خلال هذا المؤتمر الذي سيعمل على نقل السلطة وتشكيل حكومة انتقالية بكامل الصلاحيات.(2)
استمرار التدهور بسبب المواجهة العسكرية:
قال أوسكار فرناندز تارانكو، مساعد الأمين العام للشؤون السياسية، في جلسة عقدها مجلس الأمن الدولي حول الشرق الأوسط: "الوضع العام يستمر في التدهور بسبب مواصلة المواجهات العسكرية العنيفة."
وتابع: "الانخراط المباشر لمقاتلي حزب الله داخل سوريا أعطى زخما جديدا للنهج العسكري للحكومة السورية وساهم في التوتر الطائفي والسياسي في أنحاء المنطقة.
وحذر من دعم طرفي النزاع عسكرياً قائلاً: "التصريحات بزيادة الدعم العسكري في الصراع لا تنذر إلا بمزيد من التصعيد"، على ما أورد الموقع الإلكتروني للأمم المتحدة.(5)
عجز مجلس الأمن فضيحة:
ومن جهة أخرى، قالت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة سوزان رايس: إن عجز مجلس الأمن الدولي عن التحرك بشكل موحد فيما يتعلق بسوريا "فضيحة من وجهة نظر أخلاقية وإستراتيجية ستؤثر على سمعته" وسيحكم التاريخ عليه "بقسوة" بسببها، وحملت روسيا والصين مسؤولية هذا الفشل لأنهما استعملتا مرتين حق النقض "على قرارات معتدلة جدا" بخصوص أزمة سوريا.(4)
الأردن: ليس من مصلحة أحد تقسيم سوريا:
أكد العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني أن تقسيم سوريا ليس في مصلحة أحد، وبأن المساس بوحدتها هو وصفة للخراب، معرباً عن خشيته من تحول الصراع إلى فتنة بين السنة والشيعة على مستوى المنطقة.
وحث الملك عبد الله الثاني في الحوار الذي أجري في لندن، السياسيين وعلماء الدين على عدم التجييش وإثارة الفتنة واستغلال الدين في السياسة، محذراً من مساع للهروب من هذه الأزمة داخلياً إلى الأمام و تحويلها لأزمة إقليمية.
ودعا الحريصين على مستقبل المنطقة واستقرارها إلى أن يضعوا حدا للتمدد الإقليمي للأزمة السورية.(2)
الحل لا يكون إغاثيا فحسب:
وتحدث الملك عبد الله الثاني عن مشكلة اللاجئين قائلاً "عندما علت بعض الأصوات داخلياً اعتراضاً على تدفق اللاجئين من الأشقاء السوريين، كان الرد الإنساني: كيف يمكن لنا أن نغلق حدودنا في وجه امرأة تحمل رضيعها وتهرب تحت القصف؟.
وأوضح أن الجهد الإغاثي الدولي والعربي مقدّر مرة أخرى، وقد أطلقت الأمم المتحدة أخيراً نداء استغاثة هو الأكبر في تاريخها، لكن الحل لا يكون بالعمل الإغاثي فقط، الحل يكون بالعمل السياسي المنتج الذي يقود إلى وقف العنف وعودة اللاجئين السوريين.(2)
وتابع: التعامل مع أزمة اللاجئين السوريين في الأردن يتم على حساب القليل المتاح من مواردنا الذاتية، وهو بالتالي تعامل غير مستدام، ولا يمكن الاستمرار به إلى الأبد. لا شك أن هناك تقديرا عالميا كبيرا لما يقوم به الأردن، وهناك دعم دولي وعربي، وجهود إغاثية وأخرى خيرية، كلها مشكورة ومقدرة، ولكن حجمها ومستوى تدفقها لا يفي بالاحتياجات الحقيقية والمتسارعة للاجئين السوريين.(3)
موافقة روسيا على تشكيل حكومة انتقالية منجز كبير:
قالت روزماري ديفيس، الناطقة الرسمية باسم الحكومة البريطانية في الشرق الأوسط، إن قبول روسيا لفكرة تشكيل حكومة انتقالية كاملة الصلاحيات بسوريا، بما في ذلك الشق الأمني، هو أبرز منجزات قمة "الثماني الكبار"، وقالت إن دول "الربيع العربي" تواجه "تحديات جدية" لكن بلادها ستواصل تقديم الدعم لها.
وأضافت ديفيس: "توصلت قمة مجوعة الثماني الكبار إلى اتفاق على أن مؤتمر 'جنيف 2' يجب أن يتوصل إلى إنتاج هيئة حاكمة انتقالية كاملة الصلاحيات، بما في ذلك ما يتعلق بالجيش وأجهزة الأمن، وقد كانت روسيا بعيدة عن هذا الطرح الذي قُدم للمرة الأولى بمؤتمر 'جنيف 1' ولكنها باتت تؤيده بالكامل الآن."(5)
العلماء: لا بد من إيقاف إبادة الشعب السوري:
اعتبرت هيئة كبار العلماء في السعودية، ما يتعرض له الشعب السوري على يد الجيش السوري وميليشيات حزب الله حرب إبادة لابد من السعي لإيقافها، وقالت في بيان رسمي أصدرته اليوم حول ما يجب للصحابة وآل بيت النبي صلى الله عليه وسلم وأزواجه رضي الله عنهم، أن "الهيئة تؤكد على وجوب اتخاذ خطوات عملية ضد الحزب الطائفي المقيت المسمى بحزب الله، ومن يقف وراءه أو يشايعه على إجرامه وتردعه من هذا العدوان، فهو حزب عميل لا يرقب في مؤمن إلاً ولا ذمة".
ودعت الهيئة إيران وروسيا إلى مراجعة مواقفهما الداعمة للنظام الآثم في سوريا الذي أباد شعب سوريا وشرده، وطالبت هيئة كبار العلماء الأمة الإسلامية إلى بذل كل ما في استطاعتها لنصرة المضطهدين والمجاهدين في سوريا. (2)
كتب طارق الحميد:
نعم سوريا أرض محتلة:
سمى وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل الأشياء بأسمائها فيما يتعلق بالأزمة السورية، حيث اعتبر في المؤتمر الصحافي الذي عقد بجدة بحضور وزير الخارجية الأميركي جون كيري، أن سوريا تعتبر اليوم أرضا محتلة، وذلك بعد تدخل ميليشيات حزب الله هناك مدعومة من قبل الحرس الثوري الإيراني.
الأمير سعود يقول: «إن أخطر المستجدات على الساحة السورية هي مشاركة قوات أجنبية، ممثلة في ميليشيات حزب الله وغيرها، مدعومة بقوات الحرس الثوري الإيراني، في قتل السوريين وبدعم غير محدود بالسلاح الروسي»، ومضيفا أن «هذا الأمر خطير في الأزمة ولا يمكن السكوت أو التغاضي عنه بأي حال من الأحوال؛ كونه يضيف إلى حالة الإبادة الجماعية التي يمارسها النظام ضد شعبه معنى جديدا يتمثل في غزو أجنبي مناف لكل القوانين والأعراف والمبادئ الدولية، كما أنه يستبيح الأرض السورية ويجعلها ساحة للصراعات الدولية والإقليمية، وعرضة للنزاعات الطائفية والمذهبية، ولا يمكن اعتبار سوريا الآن إلا كونها أرضا محتلة».
وبالطبع فسوريا محتلة، ومقسمة أيضا، فما يحدث اليوم، وعلى يد الأسد، يدحض كل محاولات من يريدون الدفاع عن هذا النظام الإجرامي، أو تبرير جرائمه، سواء الروس، أو إيران، أو بعض الموالين للحلف الإيراني، ومن ضمنهم نوري المالكي في العراق.
الواقع اليوم بسوريا يقول إن المقاتلين الأجانب المحسوبين على إيران، سواء الحرس الثوري، وفيلق القدس، وكذلك مقاتلو حزب الله، والميليشيات الشيعية العراقية، وآخرون للأسف من شيعة المنطقة، كلهم يتدفقون لسوريا بدعوة من الأسد، ومن أجل محاولة دعم نظامه، فأمن دمشق بيد الإيرانيين، وتحديدا قاسم سليماني الذي قيل إنه لا يغيب عن العاصمة السورية.
وهناك الحدود المتاخمة للبنان، حيث يرعاها حزب الله، ومثلها الحدود مع العراق التي تحرك الحكومة العراقية قواتها، هذا عدا الميليشيات الشيعية العراقية، لتأمينها دعما للأسد، وفي محاولة لخنق الجيش السوري الحر، وبالطبع فإن هناك الجولان المحتلة من قبل إسرائيل التي سمحت لقوات الأسد باستخدام الدبابات من أجل إخراج الجيش الحر من معبر القنيطرة، ومن ناحية البحر المتوسط هناك البوارج الروسية! كل ذلك يقول إن سوريا مقسمة ومحتلة بفعل الأسد الذي قتل قرابة المائة ألف من السوريين.
حديث الأمير سعود الفيصل يعني أن السعودية لا تقبل بحل سياسي يبقي الأسد، وهذا بمثابة رسم مسار لأي محاولات سياسية قائمة أو قادمة، سواء على غرار «جنيف2» الذي بات مشكوكا في أن يعقد، أو غيره من الأفكار، والمبادرات التي تطرح من هنا وهناك والهدف منها إنقاذ الأسد. ولذا فإن حديث الفيصل مهم، وحاسم، حيث سمى الأشياء بأسمائها، وشكل رافعة مهمة للمعارضة السورية حين رسم حدود ما هو مقبول وما هو غير مقبول، كما أن حديث الأمير سعود يعني أن الرياض ماضية قدما في دعم الجيش السوري الحر من أجل تمكينه من حق الدفاع عن النفس والأرض.(3)
من المقاومات والثورات المسلحة إلى الحروب الأهلية:
وتحت هذا العنوان كتب ماجد كيالي:
جاء تحوّل «حزب الله» من مقاومة إسرائيل إلى المشاركة في قتال السوريين، في ضواحي الشام وحلب مروراً بالقصير، مفاجئاً لكثيرين، لا سيما أن جبهة الجولان المحتلة هادئة منذ أربعين عاماً، وأن هذا الحزب توقّف عن المقاومة تماماً منذ عام 2000، باستثناء لحظة خطف جنديين إسرائيليين (2006).
هكذا أثارت هذه المشاركة العديد من التساؤلات، التي كان مسكوتاً عنها، بشأن المرجعية الخارجية لهذا الحزب، وتوظيفاته الحقيقية، ومرجعيته الدينية، وتركيبته الطائفية، بخاصّة أنه وبعد ثلاثة عقود ما زال محصوراً في إطار طائفة معينة، كأن كلاً من الوطنية والمقاومة حكر عليها. ومثلاً، فهل الدفاع عن المقاومة يبرّر قتال السوريين (أو اللبنانيين)؟ وهل تستقيم المقاومة مع نظام استبدادي يحكم شعبه بواسطة القوة العسكرية وأجهزة المخابرات، لا سيما أن هذا النظام لم يطلق رصاصة على إسرائيل منذ أربعة عقود؟ وهل أن عملية تحرير الأرض تتناقض مع طلب شعب ما للحرية والكرامة؟ ثم ما معنى المقاومة والمجتمعات المعنيّة مهمّشة ومغيّبة وممتهنة وتفتقد أدنى حقوق المواطنة؟
الآن، إذا أمعنّا النظر في تجارب المقاومات المسلحة ومآلاتها، في واقعنا العربي، فسنجد أن التدهور السياسي والقيمي والأخلاقي عند «حزب الله» لا يقتصر عليه فقط، وإن تجلّى ذلك عنده بصورة أكثر فجاجة وانحطاطاً، فهذا يشمل باقي المقاومات، بهذا المستوى أو ذاك، لا سيما أنها كلها خضعت لارتهانات أو لتوظيفات سياسية خارجية، أضعفتها، وحرفتها عن المهمات التي يفترض أنها قامت من أجلها، تحت تبريرات عدة.
وللأسف، ففي حيّز التجربة التاريخية كنا شهدنا أن هذه المقاومات لم تحصّن ذاتها من الوقوع في شراك الاقتتالات الجانبية، أو الحروب الأهلية، حيث المقاومة الفلسطينية، ومعها الحركة الوطنية اللبنانية، استهلكت واستنزفت، في أتون الحرب الأهلية اللبنانية، أضعاف ما استهلكته من قواها وما استنزفته من طاقتها، في مجال الصراع مع العدو الإسرائيلي، وقد حدث ذلك، أيضاً، في الاقتتالات الفلسطينية، في لبنان (1983) وفي غزة (2007)، ما أفضى إلى حقيقة مفادها أن ضحايا الصراعات الجانبية للمقاومات، من فلسطينيين ولبنانيين وسوريين، أكثر بكثير من ضحايا صراعها ضد إسرائيل.
وفي العموم فإن هذه الحقيقة المرّة تفيد بضرورة نزع القداسة، والهالة الرومانسية، عن تجربة المقاومات المسلحة، وإخضاعها للمراجعة والمساءلة والنقد، وهذا يشمل مقاومة الفلسطينيين، ومقاومة «حزب الله»، وصولاً حتى إلى الثورة السورية المسلحة.
وبديهي أن هذا الأمر ليس له علاقة بنقاش مشروعية المقاومات والثورات المسلحة، من عدم ذلك، ولا بمبررات نشوئها (فهذا شأن آخر) بقدر ما له علاقة بتفحّص كيفية تمثّل هذه التجربة في الواقع، ونجاعة إدارتها، ومدى التحكّم بمساراتها وتداعياتها، والنظر إليها من زاوية جدواها، باعتبارها فعلاً سياسياً لبشر، يمكن أن يخطئوا وأن يصيبوا، ويمكن أن ينحرفوا أو أن يخضعوا لتوهّمات أو مراهنات أو توظيفات مضرّة.
نعم، نحن بحاجة ماسّة لهكذا مراجعات نقدية، لأن المقاومات والثورات المسلحة بالذات تنطوي على أثمان باهظة يدفع ثمنها كل المجتمع أكثر بكثير مما يدفع الحزب، أو الجماعات التي تنخرط فيها، فهذه ليست نزهة ولا نزوة ولا حالة رومانسية، وهذه أو تلك إن لم يجر تحصينها وضبطها قد تنجم عنها انحرافات وتعصّبات واستبدادات وكوارث.
ولعلّ أهم ما ينبغي إدراكه هنا أن المقاومات والثورات المسلحة تفضي في الغالب إلى العسكرة، وحصر الأمر بيد جماعات عسكرية محترفة، ما يؤدّي إلى انحسار طابعها الشعبي، وطغيان بناها العسكرية على بناها السياسية، وهذا بدوره يفضي إلى الهيمنة على المجتمع، وتشجيع الميل نحو حل المشاكل السياسية بالعنف وبقوة السلاح، بدلاً من انتهاج الوسائل السلمية والديموقراطية لحلّ المشاكل البينيّة، وطبيعي أن كل ذلك يسهم، تالياً، في تعزيز التشقّقات في المجتمع، وهذا حصل في لبنان وفلسطين والعراق وسورية.
وهنا ينبغي أن يكون واضحاً بأن المقاومات والثورات المسلحة تزيد من الارتهان إلى الخارج، أي لمصادر التمويل والتسليح والإمداد، ما ينجم عنه تولّد نزعتين خطيرتين، أولاهما، وتتمثّل بالخضوع للارتهانات والإملاءات السياسية الخارجية، ما يؤدي غالباً إلى حرف المقاومة أو الثورة، وتغيير محتواها. وقد حصل ذلك، مثلاً، بتحوّل الحركة الوطنية الفلسطينية إلى سلطة في الضفة وغزة، قبل إنهاء الاحتلال، وفي تكريس واقع الانقسام بين الفلسطينيين، كما حصل مع ارتهانات الميلشيات المسلّحة في العراق و «حزب الله» في لبنان لإيران، ففي كل تلك الحالات بدت مسألة استمرار الدعم لمتفرغي هذا الحزب أو هذا الفصيل أهم من القضية الوطنية ذاتها.
أما النزعة الثانية، فتتمثل بتولّد نوع من شعور مخادع بالقوة الزائدة، عند جماعات المقاومة المسلّحة، ما يشجّعها على الدخول في مغامرات عسكرية أكبر من قدراتها الفعلية، وأكبر من قدرة مجتمعها على التحمّل، ما يستنزفها ويرهقها، ويدفّع مجتمعها الأثمان الباهظة، وهذا حصل في مجمل تجارب المقاومة والثورات المسلحة في بلداننا في لبنان وفلسطين. وهذا حدث مع الثورة السورية، التي تزامن ميل بعض قواها المحركة نحو الثورة المسلحة، مع زيادة التوهّمات بشأن إمكان حصول تدخّل خارجي، من نوع ما، أو الحصول على سلاح نوعي، وكلا الأمرين لم يحصل، حتى بعد 27 شهراً من الثورة، وعلى رغم التضحيات الباهظة، وهي مراهنة أضعفت العمل السياسي، وأضرّت بالحواضن الشعبية للثورة، بعد تشرّد ملايين السوريين وفقدانهم لممتلكاتهم ولموارد رزقهم.
من ناحية أخرى، ثمة ملاحظة لا بد من لفت الانتباه إليها، وهي أنه كلما قلّ اعتماد المقاومات والثورات المسلحة على مجتمعها، في التمويل والتسليح، وزاد اعتمادها على الخارج، كلما باتت تشتغل بعقلية الهيمنة والوصاية على شعبها، وقلّت مبالاتها بمعاناته، وبالأثمان الباهظة البشرية والمادية التي يدفعها، من دون أي حساب للجدوى وللكلفة والمردود. والمعنى أن وجود المقاومة هنا يصبح له أولوية على وجود الشعب، ويصبح هو القضية، وليس القضية التي قامت المقاومة من أجلها، ما يفسر نزعتين عندها، الأولى، تعمّدها إدخال شعبها في مواجهات عسكرية غير مدروسة، وغير محسوبة. والثانية، ميلها للتحوّل إلى سلطة في مجتمعها، وفي مجالها الإقليمي، هذا ما حصل مع كثير من المقاومات في فلسطين ولبنان وسورية والعراق.
الآن، ثمة سؤال مشروع، وهو: ما البديل؟ والجواب يتمثّل بضرورة اعتماد المقاومة أو الثورة المسلحة من الأساس على الإمكانيات الذاتية لشعبها، وملاءمة أشكال عملها مع إمكاناته وقدراته، لضمان استمراريتها، والحفاظ على سلامة مقاصدها، وتجنّبها الوقوع في مراهنات خاطئة أو في مغامرات عسكرية تفوق قدرة شعبها على التحمّل. وهذا لا يعني رفض الدعم الخارجي، لكنه يفيد بأنه كلما كانت المقاومة أو الثورة المسلّحة أكثر اعتماداً على شعبها، وأكثر تنظيماً لأوضاعها، كلما كانت أكثر كفاءة في صدّ التدخّلات الخارجية، وأكثر نجاعة في تجيير الدعم الخارجي لصالحها.
ولا شكّ هنا أن المقاومات والثورات التي تعجز عن بناء إطارات سياسية ناجعة، والتي لا تستطيع توحيد مجتمعاتها، ولا تخليق إجماعات على معنى المقاومة والثورة فيها، لن تستطيع الخوض في غمار هذين المجالين على النحو السليم. هذا ما حصل مع «حزب الله» في لبنان، مثلاً، ومع فكرة «فتح» بشأن أن «النظرية تنبع من فوهة البندقية»، التي لم تثبت صحّتها، مع التقدير لنضالات «فتح» وغيرها، وهذا ما تكابده الثورة السورية حالياً.
وربما أن الثورة الفلسطينية الكبرى، التي استمرت ثلاثة أعوام (1936ـ1939)، في مواجهة الاستعمار البريطاني والهجرة الصهيونية إلى فلسطين، تشكّل نموذجاً بشأن الاعتماد على الإمكانيات الذاتية للشعب. وقد تكرّر ذات الأمر مع الانتفاضة الفلسطينية الشعبية الأولى، التي استمرت ستة أعوام (1987ـ1993)، والتي كان لها الفضل في مفاقمة الشروخ في المجتمع الإسرائيلي، وفي جلب التعاطف الدولي مع قضية الفلسطينيين، وفي إظهار إسرائيل على حقيقتها كدولة استعمارية وعنصرية.
القصد من ذلك التحذير بأنه لا توجد دولة في العالم تدعم المقاومات والثورات المسلحة من دون ثمن، أو من دون محاولاتها تقييد هذه المقاومة أو الثورة باشتراطات أو بقيود معينة، أو حتى استخدامها في إطار توظيفات سياسية مضرّة وخطيرة، وهو ما حصل مع «حزب الله»، ومع غيره، بطريقة أو بأخرى، وكلما كانت أوضاع الجهة المدعومة مضطربة، أو غير محصّنة، أو غير منتظمة، كلما كانت الارتهانات أكبر وأخطر.
أخيراً، المشكلة لا تتعلّق، فقط، بالمقاومات أو بالثورات، مسلحة أو غير مسلحة، فثمة مشكلة في المجتمعات العربية، أيضاً، في إدراكاتها لذاتها، وفي تعريفها لهويتها الجمعية، وافتقادها لمعنى المواطنة والوطن ودولة المواطنين، فهذا هو مصدر انحراف المقاومات والثورات المسلحة إلى حروب أهلية، وهو ما ينبغي الانتباه إليه والتحصّن ضدّه.(6)
بعض من عرفت أسماؤهم من ضحايا العدوان الأسدي على المدن والمدنيين: (اللهم تقبل عبادك في الشهداء)(7)
أبو خطاب الجزراوي - ريف دمشق - القلمون
واصل عبد الله الديدو - حماه - صوران
محمد محمود خيطو - ريف دمشق - الزبداني
هند محمد معصوم حاصود - ادلب - معرة حرمة
غياث أحمد مسلم - ريف دمشق - سقبا
عمار حسين برغيلي - حمص - تلكلخ
فايز الشوامرة - درعا - الحراك
إبراهيم الموسى - ادلب -
أنس عبد الحق - درعا - مخيم النازحين
محمود أحمد دعبول - حلب - تقاد
محمد الرحمون - حمص - القريتين
عطا الله شبيب العربي المسالمة - درعا - درعا البلد
أحمد الدخان المسالمة - درعا - حي السحاري
عبد الله الناصر - الرقة -
محمد مصطفى عماد عيون - ريف دمشق - دوما
سعد محمد الشلاش - دير الزور -
خلف أحمد الخليف - دير الزور - القورية
فارس الشيخ بكري - ريف دمشق - دوما
باسل نعمان النبكي - ريف دمشق - دوما
مأمون الجاسم - دير الزور - الموحسن
إبراهيم سنو - ريف دمشق - عربين
سيدرة سنو - ريف دمشق - عربين
سمير غياث سنو - ريف دمشق - عربين
أنعام عطايا - ريف دمشق - عربين
عبد الرحمن مروان الدلي - دير الزور - البوليل
حسين فايز رقية - حماه -
بشار الحرب - اللاذقية - جبلة
حسن صالح دياب - ريف دمشق - معلولا
عبد المنعم حسان نعسان - حماه - قسطون
محمد أحمد زيدان - حلب - الزبدية
فارس أحمد بصبوص - حلب - الفردوس
محمد محمد ريحاوي - حلب - الفردوس
معن الأسود - حلب - الفردوس
أسامة الزيات - حلب - سيف الدولة
عمر أحمد مصطو العبدو - حلب - قباسين
عبد العزيز بكار - حلب - جرابلس
محمد عبد الحي - حلب - ترمانين
عمر عبد الرحيم عبد الحي - حلب - ترمانين
بسام الصليبي - حمص - القريتين
آمنة واجب قرجو - ادلب - جسر الشغور
نصر قرمان - حمص - الرستن
زكريا يحيى الباشا - حمص - تلكلخ
محمود حسين برغيلي - حمص - تلكلخ
علي حيدر - حمص - تلكلخ
أحمد جاسم الجاسم - حمص - الوعر
صبحية موفق يونس - ريف دمشق - عربين
مؤيد تيسير زغلول - ريف دمشق - عربين
محمد خالد الرفاعي - ريف دمشق - عربين
أحمد مصطفى رسلان - ريف دمشق - عربين
عمر أحمد جدوع - ريف دمشق - حران العواميد
عبد الفتاح أحمد الحلبي - ريف دمشق - القلمون: جبعدين
زوجة محمد قاسم تبان - ريف دمشق - المليحة
محمد سويد - القنيطرة
المصادر:
1- لجان التنسيق المحلية.
2- العربية نت.
3- الشرق الأوسط.
4- الجزيرة نت.
5- سي إن إن
6- الحياة.
7- مركز توثيق الانتهاكات في سوريا.