السبت 11 شوّال 1445 هـ الموافق 20 أبريل 2024 م
في ظلال أية .. ولا تهنوا ولا تحزنوا
الأربعاء 19 رجب 1434 هـ الموافق 29 مايو 2013 م
عدد الزيارات : 26382

 

في ظلال قوله تعالى
               {
وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ ٱلْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}[آل عمران : 139]


يربّي الإسلام أتباعه على العزة والكرامة  ، في مفهوم جليل ومغزى عظيم من معاني القرآن الكريم  ليهذب المشاعر ويشحذ الهمـم  للعصبة المؤمنة التي عانت من  الهزيمة والخذلان، يربيها على عدم الهوان في الأجساد والحزن في القلوب، لما يعقبه من ضعف في العزائم وخور في الهمم.
 يأتي النداء الرباني {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا} ثم يعقبه بالسبب {وَأَنتُمُ ٱلْأَعْلَوْنَ}، إنه البلسم الشافي الذي يضعه القرآن بأسلوبه الذي يخالط شغاف القلوب. أنتم الأعلون في المنهج وفي القيم وفي المبادئ، وهو مبدأ الإيمان الذي هو شرط العلو {إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}، أنتم الأعلون حرباً وسِلماً {فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى ٱلسَّلْمِ وَأَنتُمُ ٱلْأَعْلَوْنَ وَٱللَّهُ مَعَكُمْ وَلَن يَتِرَكُمْ أَعْمَـٰلَكُمْ} [محمد : 35] . {وَٱللَّهُ مَعَكُمْ} ومن كان الله معه فلن يخذله.
عندما يفرح الشر بقوته وطغيانه وغطرسته يأتي ذلكم النداء ليشفي غليل تلكم القلوب المؤمنة المكلومة {وَٱللَّهُ مَعَكُمْ} ليرفع المؤمنُ صوتَه عالياً في وجه الشر ( الله مولانا ولا مولى لكم ) .
إنه الخير عندما  يقارع الشر من خلال ركيزتين اثنتين :
الركيزة الأولى :
علوّ منهجه وسموّ مبادئه، لأنها مبادئ وقيم استمدَّت علوَّها من الوحي المنزل من السماء، منهجاً لم يجعل للأشخاص مكاناً لتقديسهم، ولا للطغاة موقعاً لطغيانهم وصنع أوثانهم، إنّه منهج السماء بصفائها وعلو قدرها.
الركيزة الثانية :
 معية الله تعالى للمؤمنين عامة، ولكم يا أهل الشام خاصة كما ثبت في الحديث الصحيح (إن الله تكفل لي بالشام وأهله) .
لا تهنوا يا أهل الشام  لتخلي الصديق عنكم قبل العدو .
لا تحزنوا  لتخاذل إخوان المنهج والعقيدة عنكم .
لقد أُخرِجتم من دياركم وأبنائكم، لا لشيء إلا أنكم صدحتم بها [ ربنا الله ] {وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّآ أَن يُؤْمِنُوا بِٱللَّهِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَمِيدِ}[البروج : 8 ]
لا تهنوا ولا تحزنوا .. وأنتم من رفع راية التوحيد بمفرداتها الفطرية ( يا الله مالنا غيرك يا الله ) رفعتموها من المساجد ، واقعاً ملموساً، ومنهجا جلياً، وهتفتم بملء حناجركم ( الله أكبر ) أبشروا فـ {أَنتُمُ ٱلْأَعْلَوْنَ} وأبشروا فـ {ٱللَّهُ مَعَكُمْ}.
 لقد  سطرتم  أدبيات الإسلام في ثورتكم المباركة، فأكملوا مشواركم ليتحقق ما وعد الله {إِن يَنصُرْكُمُ ٱللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ}[ آل عمران : 160]{وَمَا ٱلنَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ ٱللَّهِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَكِيمِ}[ آل عمران : 126 ].
 تسلية الله لكم {إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ ٱلْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ}[ آل عمران : 140 ]
تسلية الله لكم {إِن تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ ٱللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ}[ النساء : 104 ] .
لكم البشرى بأن الله اصطفاكم واختاركم لتُعلنوا بداية خسوف هلال البغي من الجامع العمري بدرعا لتهبَّ منه صيحات الحق ( الله أكبر) حين أشعلها أطفال وُلدُوا على الفطرة، فاقتُلعت أظافرهم، وبدأت مرحلة إسقاط أوثان البعث، وأصنام الضلالة .. ليُكتب تاريخ جديد مجيد لسوريا ولكن بأنامل صادقة غير مأجورة .. ارتضت أن تـُقلع أظافرها على أن تكتب الزور والبهتان، ولتُعلن وفاة (الأبد) الأسدي الذي طالما هتفت به  أصوات السوريين عنوةً صبيحة كل يوم،  ليهتفوا بدلاً منه  أنشودة الحرية ..

وليشهدوا أقسى رواية .. فلكل طاغية نهاية .. ولكل مخلوق أجل

 

 

المقالات المنشورة هي لأعضاء الهيئة، وتعبر عن آراء كاتبيها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي الهيئة