بسم الله الرحمن الرحيم
رسالة من رئيس هيئة الشام الإسلامية إلى الشعب السوري في عيد الأضحى المبارك 1433هـ
من قلبي أتقدم للشعب السوري الطموح بكلمات في عيد الأضحى المبارك، متفائلا بيوم نقتص فيه من الطاغية بشار وأركان نظامه، ويومئذ تملؤ الفرحة ربوع وطني السعيد، حين يحيا أسدا حقيقيا .. يومئذ تتغنى الأمهات الثكالى بما زفته من شهداء إلى الفردوس، وتربي أطفالها تربية الكرام الأعزاء، ليبنوا بلدهم المعطاء، يدا بيد، لبنة لبنة، بعد أن دمرها آل الأسد، وأزلام البعث، وأدعياء الممانعة..
يومئذ يغني المتطوعون في ساحات البناء، يعمرون البيوت المحترقة، يشيدون الأحياء المدمرة، يخططون المدن المصابرة.. يشيدونها في رحاب الحرية، بعد أن تلذذوا بساعات الصبر التي جاء على إثرها النصر العظيم من الله الكبير المتعال.
أهلنا في سوريا: بعد زياراتي لسورية قلت في الفضائيات: وجدت شعبا ثابتاً نفسياً، متماسكاً اجتماعياً، مثابراً عملياً. ووالله ما وصفت إلا ما رأيت في أرياف حلب كبد الثورة، وأرياف إدلب درع الثورة. وهذا مما جعلني واثقا بالنصر، كأني والله أراه بعيني.
وها نحن نرى تحرير معرة النعمان وحارم وما حولها من انتصارات كبيرة في إدلب، كانت تحتاج عدة أشهر في رأي بعض المحللين.. الأمر الذي دفع النظام للحرص على وجود هدنة؛ ليسترد أنفاسه، وهو الذي قد رفضها في عيد الفطر، وقد أكد اليوم على كذبه في الهدنة بـ (220) خرقا في هذا اليوم الأول للعيد. (لا يرقبون في مؤمن إلاّ ولا ذمة وأولئك هم المعتدون).
إن نضالكم وجهادكم قد أبهر العالم، وأقض مضاجع الأعداء الذين توهموا أنه لا قيام لدولهم إلا بإضعاف المسلمين، فغرسوا في خاصرتنا إسرائيل، وطوقوا إسرائيل بمن يحميها، ثم تشاركوا مع إيران إضعاف السنة، من فلسطين إلى لبنان إلى العراق إلى سورية.
السوريون اليوم يدافعون عن الأمة كلها، وتشاركهم الشعوب الدعم والدعاء، ويقيني بالنصر ثابت، وأقسم عليه بالله تعالى، إذا ما تمتع السوريون بصفات ثلاث، هم بها متصفون، وهي شروط للنصر:
الأولى: الافتخار بالصمود ومكاسب الثورة، النابع من عدالة القضية، ومن الرضى بتدبير الله تعالى الذي وعد الراضين بأن يرضيهم، ومن الصبر الذي وعد الحبيب صلى الله عليه وسلم أن النصر معه. وهذا كله يورث مواصلة العمل حتى نيل النصر، بلا ملل ولا كلل، بسواعد الشعب، لا مساعدات الغرب. كم فتحت لنا الثورة من عز رغم الجراح، وكم كسبنا من خيرات رغم الكوارث. اللهم إن الخير كله بيديك، والشر ليس إليك.
الثانية: دوام الأمل المشرق، النابع من حسن الظن برب الكون المدبر الجليل، الذي وعد أن يحقق لنا ما نظنه به سبحانه، وظننا بربنا الكريم أنه لن تضيع دماء الشهداء، وآلام الجرحى والمعذبين، وأنين الثكالى واليتامى. والويل كل الويل لمن يحلم بسرقة ثورة الشعب، والقفز على جراحه، وفرض إرادة مشبوهة عبر قوانين يراد لها أن تكون فوق دستورية، تتجاهل هُوية الشعب، وتراعي الأقلية، وتخوفها من الأكثرية، تخويفا لا مبرر له إلا تمرير المخططات، التي تخرج هي واتفاقيات (سايكس بيكو) من بوتقة واحدة. وكم هو عظيم وعيكم أيها السوريون حين هتفتم في إحدى جمعاتكم: (أتى أمر الله فلا تستعجلوه).
الثالثة: خلاصتها ما هتفتم به في إحدى الجمع حين صحتم: (إخلاصنا خلاصنا). إن الله يورث أرضه لمن يحقق مراده سبحانه، ويسخر جنده لمن يسعى في أمره الذي خلق الجن والإنس لأجله. قامت الثورة ولكل منا نية.. وقد آن الأوان أن تكون نوايانا منحصرة في: عز الإسلام، ورضى الرحمن، ونجاة النفوس من العذاب.. عندها يتحقق لنا تلقائيا: استقلالية البلد وسيادته واستقراره وأمنه وعزه؛ لأن سنن الله وقوانينه تأبى التمكين الحقيقي إلا للمصلحين، الذين توجهت قلوبهم إلى رب المساجد التي خرجوا منها هاتفين: (لن نركع إلا الله).. فتحرروا، وعادوا كما ولدتهم أمهاتهم أحرارا.
أهلنا الكرام: لا ندامة على شيء من قدر الله الذي سيَّرنا في طريق العزة.. ولا وقوف مع الأخطاء التي لا بد منها في هذا الطريق الطويل.. ولن ننخدع بتضخيم الأعداء لأخطاء الثوار والجيش الحر والكتائب.. وظلم فظيع وازدواجية مقيتة عند من يسوي بين النظام والثوار في خطاب واحد.. إنها محاولات الالتفاف على ثورة الشعب بضرب بعضه ببعض، للتفرد بكل فصيل على حدة..
أما حين يبقى الشعب لحمة واحدة، كالأسرة الواحدة، نحو الغاية الواحدة، تجاه رؤية واحدة، فمن ذا يستطيع أن ينال منه ومن خيرات بلده.. وهذا ما أفقد العالم صوابه، وحير عباقرته، فزعا من الشعب السوري حين يتحرر.. يا ويلهم أما علموا أن الإسلام أشاع السلام في العالم عشرة قرون، وعاش في ظلاله كل الطوائف والأديان الذين لم تعرف ديارهم إلا الحروب والتخلف وتسلط الخرافة والقهر باسم الدين..
واليوم يخوفون العالم من الدين، وهم ينهبون العالم بشعارات إنسانية نابعة من مأساتهم، صاغها صناع مآسيهم، للتسلط على الشعوب الأخرى، يوم أن وعت شعوبهم ألاعيبهم، فما عادت تخضع لهم، فتحررت منذ الثورة الفرنسية، التي دامت مائتي عام، وما تراجع الناس عنها حتى نالوا حريتهم، لكنهم نصبوا العداء للتدين، فأصابهم شقاء الحياة.
فما أحرى السوريين بالحرية، يوم نشَدوا الحرية في ظلال العبودية لرب العالمين.
وإن هيئة الشام الإسلامية بأعضائها والمتعاونين معها هي معكم بكل ما تملك، ستواصل إن شاء الله دعمها المعنوي والمادي، بالإغاثة والفتوى والبرامج المساندة والدفاع عن الحقوق وبيان الحقائق.. فهي جزء من هذا الشعب، وما قامت إلا لخدمته. وإنها لتحيي الشهداء والجرحى، وتأمل أن نجتمع في فرحة النصر عما قريب إن شاء الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
خادمكم: خيرالله بن محمد خير طالب، رئيس هيئة الشام الإسلامية