الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه .
وبعد:
فهيئة الشام الإسلامية تكوين إسلامي شامل تأسس في بداية هذا الشهر من نخبة من أبناء سوريا الأكفاء المخلصين، وهذا الكيان الإسلامي السوري تشكل في ظروف خطيرة ومنعطفات وتقاطعات رهيبة تمر بها أمة السنّة والجماعة والوطن بأجمعه في سوريا، وهذه الظروف بكل ألوانها وتقاطعاتها فرضت إنشاء مثل هذا التكوين الصافي على أسس صلبة لحماية حصوننا من الداخل، ولتأصيل رؤيتنا وإرشاد توجهاتنا في الخارج، وذلك من خلال العمل المؤسسي الجماعي المبني على الشورى، وقيم الحوار، ووسائل البحث التي تؤصل للبناء الحضاري القادم في سوريا الشام، الموعودة بالنصر والعزة والرفاه، وأيّ خروج على هذه القيم سيكون مخالفاً لثوابت هيئة الشام الإسلامية التي تفتح ذراعيها لكل من رضي بالله رباً وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً، ورضي بمرجعية الكتاب والسنة وعمل الصحابة رضي الله عنهم منهجاً وطريقاً، وبرِئ من كل ما يخالف ذلك.
ومن هنا تتضح أهمية الكلام عن هيئة الشام الإسلامية، فهي أمل ومنهج وحصن للهوية، فحين يقال لماذا هيئة الشام الإسلامية؟ فلأن سوريا الشام تواجه في هذه المرحلة التاريخية مخاضاً عسيراً ومنعطفاً خطيراً ! وأهلها يمرون بمحنة لا يحيط بها الوصف، صارت تهدد وجودهم وحضارتهم وهويتهم! ونتائج ذلك مباشرة على مصير الأمة بأجمعها سلباً أو إيجاباً، ولأن خصومها التاريخيين يريدون أن يجعلوا منها أرضاً لتزييف عقيدة الأمة بنشر الرفض والردة بين أهلها، والتحريض على أمنها ووحدتها، ولأنّ نصرَ الشام نصرٌ لكل المسلمين! وطاغيتها ومَن وراءه من الشعوبيين، أعداء لكل المسلمين، لازالوا يضربون في جنبات الأمّة تخريبا وهتكاً وتزيفاً بباطنية متناهية وأحقاد متجددة متتالية!
فالشام كانت أرض الخلافة، وهي التي دونت السُنّة وأتمت الفتوح، وهي الموعودة على لسان الصادق الأمين صلى الله عليه وسلم في أكثر من نَصٍّ وأكثر من مناسبة، فالشام أرض "المحشر والمنشر" وهي التي سيكون فسطاط المسلمين وراياتهم في غوطتها، وهي التي ستستقبل نبي الله عيسى عليه السلام فتقتل الدجال وتبيد جنده، فلكل هذا وغيره الكثير مما يبني الحاضر ويستشرف المستقبل كانت هيئة الشام الإسلامية على موعد مع أُمَّتها لتنير الطريق وتساند الضعيف وتهدي الضال وتعين على نوائب الدهر، وتشارك في بناء مجتمع الشرع والعدل والحرية، وتعمل على توحيد الكلمة وحماية الثوابت والمقدسات من عبث العابثين وتفريط المفرطين واجتهادات المتنطعين، فبشراكم يا أهل سوريا فالحال بعدَ تجاوُزِ هذا المنعطف الذي نمر به جميعا ستتغير { أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خلقناكم عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ } فلا بد من اختبار المعادن وتهذيب المشاعر وتجلية النفوس، لتتجسد الخبرات وتتلاحم الوشائج، وليصبح أهل الشام "كالجسد الواحد" كما أمر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، نعم إنّ المصاب كبير، والنصير عزيز في هذه المرحلة! ولكن إنّ مع العسر يسراً، ووراء كل محنة منحة، ومبشرات الشام كثيرة وعظيمة، وكلما أظلم الليل هناك وادلهمّ الخطب، فإنما ذلك يجعلنا نستشرف شعاع الفجر وروح الثبات وقرب النصر.
وهيئة الشام الإسلامية إذ تستشعر هذا الحال بكل تفاصيله، فإنها تعاهد أبناء أمّتها على المضي قدماً لتكون دريئة لأهلها، وقلعة لهويتها، وحصناً لعقيدتها، وأن تواصل العمل في كل طاقاتها لتكون الرديف الأوفى للأهل الذين سطروا ملاحم البطولة والصبر والثبات، حتى شبحت إليهم عيون المراقبين في كل مكان دهشة وإجلالاً، فلنستعن بالله تعالى ولنصبر، فالنصر صبرُ ساعة، والله تعالى قال: ({وَلا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لا يَرْجُونَ}.
هذا والله أعلم ،،