الثلاثاء 14 شوّال 1445 هـ الموافق 23 أبريل 2024 م
تحديات على طريق اجتماع الكلمة ( 3 ) الاستحقاق
الجمعة 15 ذو الحجة 1437 هـ الموافق 16 سبتمبر 2016 م
عدد الزيارات : 2074

 

تحديات على طريق اجتماع الكلمة ( 3 )

الاستحقاق - د خير الله طالب

 

مشاهدينا الكرام نحييكم بتحية الإسلام تحية أهل الجنة يوم يلقونه بسلام، فسلام الله عليكم و رحمته و بركاته.
حياكم الله في هذا اللقاء المتجدد من برنامج صناعة الوعي الذي نستكمل فيه حوارنا مع فضيلة الشيخ الدكتور خير الله طالب حول موانع اجتماع الكلمة و وحدة الصف التي نعاني منها في مجتمعنا المسلم اليوم ولا سيما في أشد المواطن حاجة للوحدة و الاجتماع عند مواجهة الأعداء و الدفاع عن الأوطان.
باسمكم مجدداً أرحب بفضيلة الدكتور خير الله طالب رئيس هيئة الشام الإسلامية و عضو أمناء المجلس الإسلامي السوري.
أ. تمام: حياكم الله دكتور.

د. خير الله طالب: حياكم الله و السادة المشاهدين و المشاهدات.

أ. تمام: دكتور لا شك أن النفوس جُبِلَت على حب الثناء و حب المديح، ربما ليس هنالك مشكلة إذا كان الإنسان يفعل خيراً و يذكر بالخير عند الناس، المشكلة حين يدعي أو ينسب لنفسه الخير كله و ينسب للآخرين الشر و الفشل كله و ينزه نفسه عن ذلك، و لعل ما يجري في الثورة السورية مثال على ذلك، نحن نطرحها في كل حلقة كمثال على كل محاورنا كونها القضية الأبرز و الأهم و ربما تتجسد كل هذه المشكلات فيها.
برز هذا المرض خلال السنوات الماضية في الثورة السورية و ربما كان أهم معوقات الاتحاد و اجتماع الكلمة.
بداية هل تتفق معي دكتور أن هذا المرض من أهم أسباب عدم الاجتماع و الفرقة..؟

د. خير الله طالب: بسم الله الرحمن الرحيم.
نعم أتفق معك أنه سبب من أسباب الفرقة و سبب جوهري و مهم و أحب أن أنبه على ما تفضلت به أننا نتحدث عن الثورة السورية كدراسة حالة..

أ. تمام: صحيح ..

د. خير الله طالب: و ليس الحديث مقتصرا عليها، هذه فكرة، و الفكرة يحتاجها الجميع، نحن نسقط على حالة عشناها ، فنستخدم الأمثلة التي مرت بنا لتوضيح الفكرة، لماذا يكون  استعجال النتائج و نسبة المكاسب إلى النفس من أسباب الفرقة؟ لأن فيه إلغاءً للآخرين و يجعلهم يشعرون أنهم ظُلموا و هُضم حقهم .

أ. تمام: فهو مرتبط بالسبب الذي ذكرناه في الحلقة الماضية.

د. خير الله طالب: تماما..
وهذا منشأه أخي الكريم من ضعف الوعي و الإدراك لطبائع الأمور و طبائع الانتصار، فالانتصار ليس انتصار فصيل و ليس انتصار جماعة ، و ليس انتصار فئة و ليس انتصار العلماء وحدهم، الانتصار هو انتصار الشعب كله.
و بالتالي حينما ألغي فئة من فئات الشعب، وأقصد حينما أقول المكاسب نفسي فأنا في هذه الحالة قد ألغيت الشرائح التي شاركت، وربما كانت  مشاركتها  أكبر من مشاركتي، و ضحّت أكثر مني لكنها ربما لم تتحدث، لم تعلن ذلك لوعيها و إدراكها للمخاطر، ولتواضعها، لم تعلن لجهلها بالإعلام، و ليس معنى ذلك أنها لم تقدم لا بل قدمت.
فالمشكلة هنا في ضعف الوعي و هذا ناشئ في الحقيقة من مركّب الجهل، الغفلة عن العلوم الاجتماعية و العلوم الإنسانية و العلوم الفكرية و الحقائق السننية، و ناشئ من سبب آخر مهم و يحتاجه كل واحد منا و أدعو السادة و السيدات إلى التفكّر به بعمق أخي الكريم.. أنت من.؟ و تعمل عند من؟ أنت وُجِدْت لتعمل لا لتحقق النصر، عملك يحقق النصر الذي يأتي به الله في وقته، أنت أجير عند الله مكاسبك و أجورك عند الله عز و جل.
حينما نغفل أخي الكريم عن هذا نصبح شغوفين بمكاسب اليوم، لذلك إذا لم نوضع في منصب غضبنا، و ليس عندنا استعداد أن ندخل في تشكيل لن نحصل فيه على منصب، إذاً نحن نبحث عن مكسب آني، دنيوي، لحظي، ومن قال إن المنصب مكسب؟ النبي صلى الله عليه وسلم قال إنها أمانة، هي خزي و ندامة لذلك نُهِيَ الإنسان عن طلب المناصب وعن طلب الإمارة ، بل إذا طلبها لا يولّاها، لماذا ..؟
لأن طالبها و الله أعلم غافل عن حقائق الأمور وتبعات المسؤولية، فهو مندفع لشيء لا يدركه، لو أدركه لخاف على نفسه.
القادة الصادقون بكاؤهم في الليل أكثر من بكاء كل الناس.

أ. تمام: هذه نقطة مهمة جداً دكتور ولكن في المقابل هناك بعض الفصائل التي بذلت وضحّت وقدّمت الدماء والشهداء والأموال وما إلى ذلك، لكن الإشكالية في عدم تحقق النتائج كما تفضلت، يستبطئون النصر حتى تسلل اليأس إلى بعضهم و بدأ التململ يغزو كثيراً من هؤلاء.
ما التوجيه لهؤلاء..؟

د. خير الله طالب: أولاً :إدراك مغزى الحياة

أ. تمام: و هو..؟!

د. خير الله طالب: مغزى الحياة أن تقوم بمسؤوليتك على قدر استطاعتك..

أ. تمام : جميل ..

د. خير الله طالب: هل باستطاعة فرد بشر ولو كان أقوى و أعز أهل الأرض أن يأتي بالنصر، هل باستطاعة مجتمع مهما كان أن يأتي بالنصر إذا لم يأذن الله عز و جل أن يأتي.... ؟
إذاً تحقق النصر ليس مسؤولية الإنسان، إنما مسؤولية الإنسان السعي نحو النصر.

أ. تمام: بذل الأسباب..

د. خير الله طالب: بذل الأسباب، الحقيقة من ما كان يراودني في بدايات الثورة السورية أن التفكير في النصر أحياناً مرتبط بتفكير دنيوي، لأن النصر يعني نوعاً من رغد العيش والراحة، وما هكذا تقوم المجتمعات والنهضات، وما تقوم هكذا النهضة و التنمية، عادةً هي عرق جبين و كفاح شعب و دأب مستمر يتوالى عليه أجيال.
وإلا فهذا جهل بحقيقة العمل، المطلوب من الإنسان الفرد هو  السعي و الكدح المستمرين للمجتمع جيلاً بعد جيل.
هناك سبب آخر؛ الغفلة عن السنن، سنن الله عز و جل و قوانينه في الكون، الله عز و جل قدر مقادير و سننا و بثّها في كتابه و علمنا أن هناك جملة أسباب توصلنا إلى النصر و أسبابا أخرى توصل إلى الهزيمة و أن الله عز و جل أخفى أقداره عن الناس فقد يكون النصر غداً و لا يدركون، قد تكون هذه المصيبة التي هم فيها هي بوابة النصر، لماذا؟
لأن من حكم الله عز و جل في الإسلام التمحيص و التمييز بين الصادق و الكاذب، هذا الكاذب هذا الدعيّ هذا الفاجر هذا الذي يريد المكاسب لنفسه هذا الشخص المستأثر الفرعوني في نفسيته، الملغي المقصي المستبد، هذا الشخص لو تمكن قبل أن يعرفه الناس لأهلكهم باستبداد أشد من الاستبداد السابق..

أ. تمام: صحيح.

د. خير الله طالب: مسألة أخرى .. النفس البشرية طبيعتها أنها نفس كما قال الله تعالى( كلا إن الإنسان ليطغى ، أن رآه استغنى )
شعور الإنسان بالتحكم و التملك و النصر يجعله يشمخ ويقع في الظلم، لذلك يحمي الله عز و جل عباده المؤمنين بابتلاءات متتالية و عبادات مستمرة من الجهاد و البذل و العطاء و الصبر و البكاء و الدعاء و التراحم و التعاطف و الرحمة بالناس و العدل معهم و مثل هذه الحلقات، ربما لو انتصرت الثورة السورية في سنتها الأولى ما وقفنا نراجع أخطاءنا قد تنتصر الثورة السورية و أفراد كثر و العياذ بالله لا نزكي أنفسنا، أفراد كثر مصيرهم النار و العياذ بالله نيتهم لم تخلص و مقاصدهم لم تحرر.
فيتأخر النصر لحكم كثيرة، الشاهد أن المطلوب منا أن نعمل..

أ. تمام: و النتائج ..؟

د. خير الله طالب: و النتائج أمرها إلى الله عز و جل، و مما يذكر أن النصر معقود بأسبابه المقدرة الخفية عن الناس، و الله عز و جل سيأتي به إذا أراد، و ليس من شأن البشر أبداً بل هذا من أخطاء المنهجية أننا نصارع، الصراع غير الصحيح و نخطئ الأهداف، عندما يكون الهدف( العمل-  بناء التراكم -  إصلاح المجتمع - تنمية النفوس و نهضتها  -  تحرير العقول - تحرير القلوب - تصحيح المفاهيم)
نعم.. هذه هي الغايات التي ينبغي أن نسعى إليها، هذه تلقائياً ستأتي بالنصر.
حينما أخرج للعمل يومياً.. مثلاً يخرج الإنسان لعمله هل يحتاج إلى أن يكون في باله يومياً مسألة الراتب..؟

أ. تمام: تأتي تلقائياً..

د. خير الله طالب: يا جماعة أين الراتب، انتبهوا بقي للراتب تسع و عشرون يوماً، بقي ثمان و عشرون يوما بقي أسبوعان أسبوع .. لو فعل ذلك لطُرد من العمل.

وهكذا نحن أحياناً نسعى إلى النصر بهذه الطريقة كالذي يسأل يومياً عن راتبه.. انسَ  الراتب لأنه سيدخل في حسابك في نهاية الشهر تلقائياً، لكن متى يدخل في حسابك تلقائياً ؟!
حينما تكون الموظف المثالي الجاد الذي يقوم بالأهداف التي رسمت له مع مديره، و هكذا نحن حينما نقوم بالغايات و الأهداف التي خُلِقنا من أجلها و نفقه مغزى الحياة ..

أ. تمام: جميل..

د. خير الله طالب: العبادة.. العبادة بمفهومها الشامل، هكذا سنجد النصر تلقائياً.

أ. تمام: بإذن الله.
أشرت إلى نقطة مهمة و كررتها كثيراً و هي موضوع المكاسب الشخصية، و بحث البعض عن المكاسب الشخصية لكن ألا ترى دكتور بعد طول هذه المدة في الثورة و بعد كل هذه التضحيات و الدماء و الخسائر التي مُنيَ بها الجميع في سورية.
أليس من حقّهم أيضاً أن يبحثوا عن مكاسبهم الدنيوية و عن أمورهم الخاصة هل يتعارض العمل لله و العمل لنصرة الثورة مع البحث عن مكاسب شخصية...؟ ؟

د. خير الله طالب: أبداً لا تعارض.
الحمد لله عز و جل و هذه من نعمة الله عز و جل، فقد يكون الإنسان مجاهداً و يصرف له راتب و يجمع الله له بين الجهاد و بين الكسب..

أ. تمام: جميل.

د. خير الله طالب: و إلا فمن أين يأكل أهل المجاهد.

أ. تمام: إذاً أنت تقصد بالمكاسب الشخصية هي فقط البحث عن السلطة، البحث عن الإمارة، البحث عن المكسب على حساب الآخرين..

د. خير الله طالب: البحث عن الثناء على حساب الآخرين.
الثناء..
هذه الثورة من دماء الشعب كله، من طلب الثناء لنفسه و أطلق على نفسه تسميات، ومنح لنفسه مناصب من أبوة أو قيادة أو إمارة أو كذا فهو كأنه يقول لا يستحق الثناء غيري..!
لا، الثناء للشعب كله، بل هذا الشعب و عامته هم الذين تقدموا و قد بدأ أطفاله قبل كباره، وهم أحق بالثناء، هم الأحق بالإشادة، هم الأحق بتخليد الذكرى و بالتالي هم الأحق بالفخر.. هم أصحاب الفخر، هم أصحاب الأوسمة.
الحقيقة يجب أن يدرك النخب و هذا ليس سراً إذ نقولها على الإعلام و يمكن لعامة الناس أن يعرضوا عن هذا الكلام لئلا يمدهم بمشكلة أخرى، أن مسؤولية الإنسان على قدر علمه و على قدر مسؤوليته و على قدر منصبه..
لكن  هذا لا يعفي عامة الناس، و عامة الناس  أدركوا أكثر من هذا فسبقوا في الثورة .عموماً الخطوط المرفوضة هي كما تفضلت طلب الثناء ، طلب الرئاسة، طلب الإمارة، كل هذا يعني العُجْب و إلغاء الآخرين.
أخي الكريم،  هناك من يكتب العلم و يتفرغ لتعليم الناس ويجاهد فتجرى له رواتب.
أحد الصحابة رقى مريضاً  فطلبوا له جعلاً طلبوا غنماً، فأجازهم النبي صلى الله عليه وسلم على هذا فاجتمع له الدين و الدنيا.
يجب علينا أن نقف على قضية مهمة و هي قضية كيف تأخذ راتب على العلم، وكيف تأخذ راتب على الثورة؟، طيب يا أخي من أين يأكل و يشرب أهله..
هذا يعني أن أعدم الثورة و أعدم العلم و أعدم التعليم و أعدم.. و أعدم.. لأنه لا ينفق عليه، قديما كانت أوقاف المجتمع المسلم تنفق على هؤلاء لتفرغ عقولهم و أوقاتهم ليبدعوا أيّما إبداع..

الحقيقة هذه القضية هي التي تجعل الثورة نبضاً مستمراً، أن يفْرغ لها أناس هذا عملهم، 
أناس يفكرون و أناس يخططون و أناس ينفذون و أناس يديرون و أناس يجاهدون و أناس يقاتلون و أناس يرصدون..

أ. تمام: إذاً لا تعارض بين العمل الجهادي و الثوري و..و..

د. خير الله طالب: و هي دعوة لأصحاب المال أن ينفقوا من الأموال و يقتطعوا لهؤلاء لتفريغ الكوادر، لتقوم ثورة مستمرة و أيضاً دعوة أخرى لكل الثوار والعاملين في الثورة أن يجمع بين عمله الوظيفي و الثوري ، وإن لم يستطع التفرّغ و لم يجد من يفرّغه، يعمل ويكتسب لكن يقتطع بقية وقته للثورة.

أ. تمام: جميل..!

د. خير الله طالب: و هذه منهجية "قليلٌ دائم".

أ. تمام: هناك نقطة مهمة أخرى أشرت إليها وهي استعجال قطف الثمرة و ربما أدت هذه بنا في السنوات الماضية إلى الوقوع في أخطاء كبيرة،
كيف نصحح المسار الآن.؟؟

د. خير الله طالب: أن نشعر بالخطأ الذي وقعنا فيه.

أ. تمام: هذه نقطة نتفق عليها في جميع أخطائنا.

د. خير الله طالب: نعم .. ندرك هذا الأمر و نبدأ نعالج عوامل الفرقة الكامنة الغائرة العميقة التي في نفسي و نفسك، التي أنشأت رفضاً للتصحيح و أوجدت إلغاء للآخرين و تفكيكاً للمجتمع و أوجدت تبايناً في نفسياته، فتفككت عقوله، وتفككت خططه.
ولا يمكن أن تنشئ قيادة لأن الجميع يرى قائده أو أن من صار سيدا عليه هو الأساس، لذلك يبدأ العلاج من الإدراك، بعد الإدراك نحتاج إلى أن نقف عند مسألة مهمة وهي قضية "الرغبة.."
أُدرك الخطأ..

أ. تمام: لكن لا أرغب بالتغيير.

د. خير الله طالب: غداً أو بعد غد.. لا أرغب، أو أتقاعس، أسوّف، أو أرى أن جولة أو زيارة اليوم هي أهم من جلسة تفكير و مُدارسة، أهم من إعداد ورقة و لذلك من مخاطر العاملين في نهضة الشعوب أن يُغفِلوا القراءة و الكتابة، أن يُغفِلوا التفكير، أن يُغفِلوا إعداد الدراسات المتأنية، أن يُغفِلوا الحوارات الثنائية و الثلاثية التي تُنشئ حالة وعي تبدأ من الفرد إلى أن تصبح حقائق تُبنى في ضوئها الخطط.
لذلك عدم الرغبة اليومية التي تُنشئ عملاً يومياً في التصحيح هذه قضية أخرى أي أننا أدركنا الخطأ الذي يجعلنا نقتطع من يومنا من أسبوعنا من خططنا لنضمن في برامجنا برامج تصحيح.
القضية الثالثة : قد نضمن برامج تصحيح و نضع خططاً و نقول يا إلهي..!!
لا نستطيع.. بل نستطيع
الشعب السوري كما يقال أربك العالم، ألا يستطيع أن يصحح ؟!
يستطيع أن يصحح، لكنه يجب أن يثق بالقدرة على التصحيح.
لكن فلان تمكن في زاوية معينة في زوايا الثورة، السياسية أو العسكرية أو المالية.
. لا عملك الدؤوب سيسحب المشروعية منه، والناس قد ارتفع عندهم التمييز و الوعي و اليقظة و هذا من أكثر بشائر الثورة، و لذلك الشعب السوري لن يمكّن إلا الجادين بإذن الله عز و جل .

أ. تمام :دكتور هناك قضية مهمة، عندما يطرح موضوع اتحاد الصف و اتحاد الكلمة، يطرح موضوع الإمارة و القيادة و أن مثل هذا الكلام يحتاج إلى قيادة موحدة و يحتاج إلى إمارة يسري حكمها و أمرها على الجميع، في الوقت نفسه كما أشرتم هناك التحذير من لصوص الشرع ولصوص القرآن والسنة والتحذير من الإمارة و التحذير من البحث عنها و طلبها و السعي لها خصوصاً في زمن الفتن.
ربما يظهر للبعض تناقض بين هذين الطرحين ، فنحن  بحاجة إلى قيادة موحدة و في ذات الوقت لا نبحث عن القيادة .
كيف نجمع بينهما ؟؟


د. خير الله طالب: أحب أن أضرب مثلاً :الكتائب التي نشأت و أصبح عددها بالآلاف من المقاتلين، هل قال هؤلاء القادة أنا القائد.. ؟!
هل قيل له أنت القائد..؟!
عملياً بادر، فاجتمع معه واحد و اثنان و ثلاثة، أربعة، خمسة، ستة فأصبح قائداً، فما الذي جعله يقود؟! ( عمله -  تضحيته - مبادرته - مسابقته )
فأصبح قائداً تلقائياً، دون أن يفرض نفسه و دون أن يفرضه الناس الذين هم بطانته أو جماعته أو فصيله.
لذلك فإن الثورة السورية ستُنشئ قائدها بشكل تلقائي إذا مشت في الطريق الصحيح وسلكت أسلوب التصحيح المستمر في داخل النفوس، و في داخل الجماعات و المجموعات، و المؤسسات، والفصائل، والكيانات و المجالس الإسلامية و السياسية و الثورية..
علينا أن ندرك أيضاً حكمة الله عز و جل التي تجعلنا ندرك أن القيادة بإذن الله تعني النصر، و النصر كرامة الله فالقيادة كرامة الله عز و جل و إذنه للمجتمع الذي أخذ بالأسباب و أراد له الله عز و جل أن ينتصر.
نحن أحياناً نتذكر أن أشد الناس بلاءً الأنبياء فنعطي أنفسنا نوعا من الزُّهو و العُجْب كأننا مُصطَفين. ننسى بما كسبت أيديكم، ننسى قل هو من عند أنفسكم.
لذلك القيادة تأتي حينما تصح النفوس، ويتماسك المجتمع،و تُرسم الأهداف،و نستمر بالعمل،و نُراجع التربية.
أيضاً هناك خطر مهم، و هو أن نركز على العمل اليومي، العمل الثوري، العمل التنموي، و ننسى العمل البنائي للإنسان الذي يصنع الثورة و التنمية، لذلك مما أستبشر به في الثورة السورية وأعتقده في الثورات الأخرى ذلك و عامة الشعوب المسلمة أنها حينما تسد في وجهها الأبواب ترجع إلى الأسباب فتنتبه إلى التربية.
وجدت الحقيقة أن من انسد أمامه الأفق انتبه إلى أهمية البناء..

أ. تمام: بناء الإنسان.

د. خير الله طالب: بناء الإنسان، تربية أبنائه، تربية أقاربه، تربية محيطه في مجتمعه في وسطه في مؤسسته.

أ. تمام: دكتور نحن في الحلقة الأخيرة من حلقات هذه السلسلة التي نناقش فيها موضوعاً مهماً و هو وحدة الصف و اجتماع الكلمة معوقاتها و علاجها.
هل من كلمة أخيرة توجهونها إلى كل العاملين في الثورة، بل إلى كل المسلمين في سورية وغيرها في نهاية هذه الحلقة..

د. خير الله طالب: ( و ألّف بين قلوبهم، لو أنفقت ما في الأرض جميعاً ما ألّفت بين قلوبهم و لكن الله ألّف بينهم ).
إذا ائتلفت القلوب أحبتي المشاهدين على محبة الله عز و جل و الإخلاص للمقاصد النبيلة في نفع الناس اجتمعت الغايات و الأهداف، هذا لا يعني إلغاء اجتماع العقول و التفكير الصحيح، لا.. التفكير الصحيح هو الذي ينعكس على القلوب بالوجدان الصحيح و الاتجاهات الصحيحة و النوايا الصحيحة، النية يؤثر فيها العقل، فلنحرر العقل ليتحرر القلب.
هذا ما لدي و الله أعلم.

أ. تمام: جزاك الله خيراً فضيلة الشيخ، و بهذا مشاهدينا الكرام نصل و إياكم إلى ختام هذه السلسة من الحلقات التي خصصت لمناقشة هذا المحور و هذه القضية الهامة، قضية موانع اجتماع الكلمة و وحدة الصف و سبل علاجها، نسأل الله سبحانه و تعالى أن يجمع كلمة المسلمين على الحق و أن يؤلف بين قلوبهم و يهديهم سبل السلام.
لم يبق لنا في ختام هذه الحلقة إلا أن نشكر ضيفها، ضيفنا جميعاً فضيلة الشيخ الدكتور خير الله طالب رئيس هيئة الشام الإسلامية و عضو أمناء المجلس الإسلامي السوري و الشكر أيضاً موصول لكم مشاهدينا الكرام على حسن المتابعة حتى نلتقيكم بمشيئة الله تعالى في حلقات قادمة و مواضيع أخرى مهمة.
أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه والسلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته.