وضع الله سبحانه وتعالى في المؤمن طاقات عظيمة ومواهب فريدة، تساعده على تبليغ رسالته وحل مشكلاته، وتعينه على تثبيت القواعد الأساسية لبناء المجتمع القويم، وتحقيق غاية الوجود ومبدأ الاستخلاف، كما وضعَ فيه دوافع تربطه بقيمه وعقيدته وهدفه الأسمى في الحياة، وفطرةً سليمة تجدد في الأذهان كلَّ حين قولَ الحق تبارك وتعالى: ﴿ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ﴾ حتى يجد كل فرد موقعَه في مجتمعه، ويتحفّز للعمل وبذل الجهد. فتظهر بالاستجابة معادن الرجال الذين يرون في التعب من أجل أمتهم راحة، وفي خدمة إخوانهم شرفًا وعزة، ليكونوا نماذج حية في التضحية والعطاء.
من هنا اختارت هيئة الشام الإسلامية طريق العمل في بناء الإنسان وتربية النفوس للوصول إلى هذا الهدف وتلك الغاية، وركزت على إعداد الأجيال من أجل تحقيق القيم العليا المستمدة من القرآن الكريم والسنة النبوية، وبناء المستقبل المشرق الذي يمحو آلام المخاض وسني الظلم والظلام.
سخّرت الهيئة طاقاتها من أجل نهضة المجتمع السوري وبنائه وتنميته، فعملت على توعية الإنسان وتعليمه وتثقيفه، عبر مجالاتها الحيوية المختلفة، وسارت في طريقها ستة أعوام، وعينُها على الهدف لا يثنيها عنه شيء، فما لانت عزيمتها وما فترت همتها، بالرغم من صعوبة المرحلة وعقباتها الكثيرة، بل آمنت خلال مسيرتها الطويلة بأن الأعمال ذات النفع المتعدّي تثبِّت صاحبها، وتدفعه إلى الأمام، ليواجه التحديات بعزيمة وإخلاص.
تكتمل اليوم ستة أعوام من العمل والجهد والأمل، كانت هيئتكم تجدِّد النية وتشحذ العزيمة على الاستمرار عاماً بعد عام، يدفعها إلى ذلك إيمانُها وصدقُ قضيتها وسموُّ رسالتها. ستةُ أعوام أسهمت فيها -من خلال مؤسسية احترافية وكفاءات تخصصية- في بناء الإنسان وتوعيته عبر مسارات العمل المختلفة: العلمية والفكرية والدعوية والتربوية والتعليمية المتخصصة الموجهة للذكور والإناث بمختلف المراحل العمرية وشرائح المجتمع.
واليوم تضع بين أيديكم حصاد عملها منذ انطلاقتها في الخامس من شهر ذي القعدة عام 1432هـ، الثالث من تشرين الأول / أكتوبر 2011م، وحتى نهاية عام 2017م، الموافق لعام 1438هـ، وتشارككم في قطافها وتجدِّد العهد لنكمل المسير معاً على طريق النهوض والبناء، ونستدركَ ما فاتنا في خطواتنا السالفة، لنكون على قدر المسؤولية والأمانة التي حملناها على عاتقنا حتى نسلمها للأجيال القادمة.
ونجدد عزمنا للوصول إلى الهدف بتكاتفنا جميعاً ووحدتنا ووحدة آمالنا، وبإيماننا بالله عزَّ وجل الذي يعطي على قدر العمل والإخلاص، والذي قال في كتابه الكريم: ﴿هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ﴾.
سائلين الله أن يبارك في الجهد والعمل، وأن يجزي من أعان وكان سبباً في سقيه ونضجه خير الجزاء، وأن يمد القائمين على العمل بالعون والثبات على مواصلة الطريق لتحقيق النجاح والتوفيق.
لتحميل الكتاب بنسخة PDF اضفط هنا
وللاطلاع عليه بنسخة فلاش عبر QR code