قامت هيئة الشام الإسلامية مؤخراً بطباعة ما يقرب من مئتي ألف كتاب من كتب المناهج السورية للمرحلة الابتدائية ، ووزعتها على المدارس السورية في مخيمات اللاجئين، وعدد من المدن التركية.
ولقد لاقى المشروع – بحمد الله – قبولًا واسعاً عند الأهالي والشرائح المهتمة بالتربية والتعليم، وبدأت تصلنا العديد من الطلبات من مدارس أخرى لم تشملها المرحلة الأولى من المشروع، في دول اللجوء وفي الداخل لتزويدها بهذه الكتب، وبتوسيع المشروع إلى المرحلتين الإعدادية والثانوية.
وفي الوقت نفسه وصلت بعض الشكاوى المحدودة إلى بريد الهيئة، وتناقلت بعض المنتديات المشروع بالنقد؛ لاحتواء الكتب على آثار من النظام الفاسد.
وهذه الشكاوى والانتقادات صدرت من غيورين ناصحين يريدون قطع كل صلة بالنظام الفاسد، وهؤلاء نشكرهم ونقدر غيرتهم، ونثمن نصحهم، ونعدهم أن شكاويهم وانتقاداتهم محل اهتمام ودراسة عندنا.
ونحب أن نوضح لأحبتنا وأهلنا وإخواننا المعلمين، وأبنائنا الطلاب الحقائق التالية :
1. فكرة المشروع:انطلق هذا المشروع بعدما لمسنا الحاجة الماسة له لدفع العملية التعليمية في المخيمات وتنظيمها، وذلك بإلحاح وطلب شديدين من مديري المدارس والمعلمين.
2. كان أمام هيئة الشام الإسلامية عدة خيارات:
أ. أن تقوم بتأليف مناهج جديدة، وهذا أمر يتطلب تضافر جهودِ كوادر تعليمية وتربوية عديدة، ويتطلب موارد مالية كبيرة، ويستغرق فترة زمنية طويلة، وهو مشروع أمة لا يتناسب مع حاجة المرحلة العاجلة والملحة.
ب. أن تستعير مناهج دول أخرى، وهو أمر سيربك العملية التعليمية ويربك التسلسل المنهجي الذي مر به الطلاب السوريون.
ت. أن تُعَدِّل المناهج السورية الحالية، وذلك بإزالة ما يتعلق بالنظام وفكره ومغالطاته منها، وكان هذا هو أنسب الحلول في اجتهادنا، وبمشورة التربويين والتعليميين السوريين.
وعليه فقد سبقت عملية الطباعة تشكيل لجنة من عدد قليل من الأشخاص المتبرعين بوقتهم وجهدهم،قاموا بعملية رصد الملحوظات وتعيينها، بعد أن كنّا قد أعلنّا للمدرسين بمختلف المدارس تزويدنا بما لديهم من ملحوظات، ولم يصلنا منها إلا القليل.
وأثناء عملنا في المراجعة والتعديل وجدنا أن التعديلات المطلوبة كثيرة وجذرية، فالمشكلة ليست في الألفاظ والصور، بل في المضامين والفِكر، والتعديل بهذا النهج سيؤول في الحقيقة إلى الخيار الأول وهو تأليف مناهج جديدة، وسيستغرق وقتاً طويلاً، وسينقضي العام الدراسي دون كتب.
لذا فقد اخترنا أن تكون التعديلات في الإطار العام المقبول، الذي يزيل مظاهر حزب البعث وقادته وشعاراته من الكتب، ويصحح المغالطات، دون أن يؤثر على المناهج الدراسية.
كما أن عملية التعديل على النسخ الإلكترونية كانت من الصعوبة بمكان،فلم يمكن فعل ذلك إلا من خلال متخصصين، وباستخدام برامج احترافية تتيح التعامل مع الملفات من هذا النوع، ولم يكن متوفراً إلا متخصصين أتراك لا يعرفون العربية، ومعظمهم لا يعرف الانجليزية.
وعليه؛ فقد قمنا بإجراء هذه التعديلات، وهي تعديلات كثيرة جداً، فعشرات الخرائط قد عُدِّلت، وكذلك الأعلام، وحُذِفت صور بشار الأسد وزوجته ووالده وغيرها، وحُذفت العبارات التي تمجِّد حزب البعث، إضافة إلى النصوص المقتبسة من أقوال الرئيس المقبور وقادة الحزب. .
وبقيت أمور لم يمكن تعديلها، أو سقطت سهواً عن غير قصد، ونحن بالتأكيد لا نرتضيها، ولا نقبل بوجودها. وكل عمل بشري يعتريه النقص، خاصة مع ما تم بيانه من تحديات العمل وطبيعته المضنية وعامل الوقت.
وسنسعى جاهدين إلى استدراك الأخطاء في الطبعات القادمة، ونتمنى من الإخوة المهتمين بهذا الشأن أن يساعدونا في المراجعة ورصد الملاحظات، ويرسلوا إلينا قوائم بالتعديلات المطلوبة.
وإلى أن تصدر الطبعة القادمة نهيب بالإخوة المعلمين التربويين أن يستدركوا هذا الأمر خلال العملية التعليمية ، ويستثمروا ما مرَّ بهم من آثار النظام الظالم لتبيين الحالة المزرية التي كان النظام يربي عليها هذه الأجيال، وكيف انتفضنا على ذلك .
نسأل الله أن يتقبل منَّا أحسن أعمالنا، ويتجاوز عن سيئاتنا وتقصيرنا، ويرفع عنا ما نحن فيه، ويجعل عاقبة أمرنا إلى خير. آمين