السبت 2 ربيع الآخر 1446 هـ الموافق 5 أكتوبر 2024 م
الجيش الوطني السوري انتقال من الفصائلية إلى العمل الموحد
الثلاثاء 1 ربيع الآخر 1439 هـ الموافق 19 ديسمبر 2017 م
عدد الزيارات : 2906

 

الجيش الوطني السوري انتقال من الفصائلية إلى العمل الموحد


عاشت الثورة السورية مرحلة طويلة من الانقسامات وتعدد التيارات وطغيان الفصائلية، وأُغرقت في الصراعات الداخلية، كما ولّدت الفصائلية والمشاريع المتصادمة صراعات مناطقية على السلطان والنفوذ، خدمت النظام وأخرت الثورة وأسهمت في تفكيكها وتراجعها.
وأمام هذا التشرذم الكبير والفرقة كان لا بد من ارتفاع أصوات العقلاء والمطالبة بتشكيل جسم واحد، والاجتماع على كلمة واحدة للسير على أهداف الثورة السورية، فكانت هناك محاولات عديدة لتوحيد الصف وجمع الفصائل في جسم واحد، فنجحت بعض المشاريع وبعضها لم ينجح لأسباب كثيرة، وقد طرح مؤخرًا مشروع جديد على الساحة اشترك فيه الجيش الحر مع الحكومة السورية المؤقتة وتركية، فقد توصلت فصائل الجيش الحر مع الحكومة السورية المؤقتة إلى اتفاق يتضمن إنهاء الحالة الفصائلية وتشكيل جيش وطني وتوحيد إدارة المعابر الحدودية.
ففي 24/10/2017م عُقد اجتماع في مقر القوات الخاصة التركية بحضور واليي عنتاب وكلس وقائد القوات الخاصة التركية وممثلي الاستخبارات التركية وأعضاء الحكومة السورية المؤقتة ونائب رئيس الائتلاف الوطني وقيادة الجش الحر الموجودين في منطقة (درع الفراتوقد تم الاتفاق على:
- توحيد إدارة المعابر الموجودة في منطقة (درع الفرات) وإدارتها من قبل الحكومة المؤقتة.
- جمع واردات المعابر في خزينة تحت تصرف الحكومة المؤقتة، وتوزيع الواردات بشكل عادل على الحكومة المؤقتة والمجالس المحلية والجيش الحر.
- انتقال الفصائل من مرحلة مجموعات وفصائل إلى مرحلة الجيش النظامي على مرحلتين.
وبحسب البيان الذي وقعت عليه فصائل (درع الفرات)، تتضمن المرحلة الأولى تشكيل ثلاثة فيالق: الأول تحت مسمى (الجيش الوطني)، والثاني (فيلق السلطان مراد)، والثالث (فيلق الجبهة الشامية).
وبعد انتهاء المرحلة الأولى بشهر، تبدأ المرحلة الثانية، التي تشمل إلغاء مسميات الفصائل والتعامل مع الجيش الواحد، على أساس ثلاث فرق في كل فيلق، وثلاثة ألوية ضمن كل فرقة، وثلاث كتائب ضمن كل لواء.
ووفق البيان، يتم في المرحلة الثانية تسليم الأسلحة والسيارات والمعدات والمقرات لوزارة الدفاع التي شكلتها الحكومة المؤقتة أخيرًا.
وقد وصف الائتلاف الوطني السوري اتفاق توحيد إدارة المعابر ودمج فصائل الجيش الحر الذي تم التوصل إليه بأنه "خطوة هامة نحو بناء سورية الجديدة، دولة القانون والمؤسسات".
وقال بيان للائتلاف عن الاتفاق إنه "خطوة هامة وضرورية على طريق بناء جيش وطني حقيقي".
وناشد الائتلاف "جميع قوى الثورة السورية وأصدقاء الشعب السوري، دعم هذا الاتفاق والعمل على إنجاز جميع بنوده، بحسب المراحل التي تم التفاهم عليها".

من العشوائية إلى التنظيم:
   بعد سنوات قاسية مرّت بها الثورة السورية أيقن الكثيرون أن الفصائلية لا يمكن أن تنشئ دولة مستقلة موحدة، وأنها لم تعد تلبي احتياجات الساحة الثورية، فبدأت أصوات العقلاء ترتفع وتنادي بضرورة البدء بتجاوز الانقسامات وإنشاء كيانات موحدة منظمة، ويأتي مشروع الجيش الوطني السوري في الشمال استجابة لهذه الدعوات.
يرى (مصطفى سيجري) مسؤول المكتب السياسي في (لواء المعتصم) أن الجهات الداعمة كان لها أثر سلبي، فتسببت في مزيد من انقسام الفصائل العسكرية في المنطقة، فانعكس سلبًا على الأداء العسكري، ففي إحدى الفترات سيطر الجيش السوري الحر على أكثر من 70% من الأراضي السورية، إلا أن ظهور داعش ساهم في تفتيت القوى العسكرية، كما تسببت الاعتداءات التي قامت بها جبهة النصرة على الفصائل باستمرار الحالة الفصائلية بل كرستها.
ويضيف (سيجري): بعد عملية درع الفرات أصبح لدينا مساحة جغرافية لا يوجد فيها سلطة للجهات الداعمة التي كانت تعمل في الفترات السابقة على تفتيت الفصائل، ولم يعد هناك أي من القوى المتطرفة كداعش وتنظيم القاعدة- جبهة النصرة. وبالتالي أصبحت الفرصة أكبر، ومع استمرار المطالبات الشعبية بتوحيد الصفوف وإنهاء الحالة الفصائلية عقدنا عدة اجتماعات برعاية الحكومة المؤقتة، ضمّت جميع مكونات الفصائل الثورية في الساحة، فتمَّ الاتفاق على المضي بتشكيل الجيش الوطني، وهو يأتي في سياق الجيش الحر، وليس مكونًا جديدًا، بل هو مظلّة جامعة للفصائل العسكرية، وبالتالي يعني إنهاء الحالة الفصائلية بشكل كامل.
وقد تمَّ الإعلان عن الفيلق الأول والفيلق الثاني والفيلق الثالث وتحديد مكان العمل وهو مناطق درع الفرات، والتبعية ستكون لوزارة الدفاع، وبهذه الخطوة نعتبر أننا قدمنا تقدمًا ملموسًا وحقيقيًا، خصوصًا وأن إعادة مأسسة المؤسسة العسكرية تأتي في نفس الفترة التي قمنا فيها بتسليم المعابر السيادية."
وعن أهمية الانتقال من الحالة الفصائلية إلى العمل العسكري ذي الطابع المؤسسي المنهجي؟ يقول (سيجري):

إنهاء الحالة الفصائلية وبناء المؤسسة العسكرية سيعيد الروح القتالية ويعطي شيئًا من الأمل حتى للمقاتلين داخل هذه الفصائل، وسيتم تنظيم العمل العسكري من خلال الأركان وغرف العمليات التي سوف تبدأ بوضع الخطط للمستقبل. الحالة الفصائلية أدت إلى الكثير من الخلافات الداخلية، ووصلت في كثير من المراحل إلى حد القتال بين القوى العسكرية بمختلف المسميات، فبالتالي نعتقد أن بناء المؤسسة العسكرية سوف يشكل حالة إيجابية ويعطي أملًا للشارع السوري بشكل عام وللمقاتلين بشكل خاص.
ويتحدث الناشط السياسي (أسامة أبو زيد) عن أهمية هذه الخطوة الجديدة فيقول:
"بالتأكيد إنهاء الحالة الفصائلية أمر في غاية الأهمية لإنجاح العمل العسكري، وعندما نقول إنهاء الحالة الفصائلية لا يعني أن الكل يجب أن يكونوا قسمًا واحدًا وشكلًا واحدًا وطريقة تفكير واحدة، لكن يكفي أن يكون هناك هدف واحد واستراتيجية واحدة وخطة واحدة، وهذا عامل رئيس في إعادة انتشال العمل العسكري من المطب الذي وقع فيه.
فمنذ عام 2013  لم تنجح الثورة على الصعيد العسكري بأي معركة مركزية، فلم نستطع أن نقوم بأي معركة ذات أهداف استراتيجية وأهداف تكتيكية، ومعظم المعارك تحولت إلى مناطقية، فأدى إلى تفوق النظام لأنه أصبح من يحدد الجبهة التي ستشهدها المعركة، ويحدد وقتها والأسلحة التي ستستخدم فيها، فعندما تحولت معاركنا إلى مناطقية صار النظام يهاجم المناطق وفق ترتيب أولويتها، ونحن نأخذ دور الدفاع، والنظام متأكد بأن المناطق الأخرى لن تنخرط في المعركة، لأننا فقدنا الرابط القيادي للكفاح المسلح للثورة السورية، فلا يوجد عندنا حلقة تجمع الثوار والقادة العسكريين على مستوى سورية بحيث إن قرر النظام فتح جبهة ريف حماة الشرقي نأتي ونفتح جبهة درعا أو جبهة حمص أو جبهة ريف حلب الجنوبي. هذا المثال يوضح أن الخروج من الحالة الفصائلية إلى مظلّة عسكرية تعبّر عن الذراع المسلح للثورة السورية هو في قمة احتياجات الثورة اليوم".
تجارب التوحد:
مرّت الفصائل الثورية بتجارب عديدة في الاندماجات وعمليات التوحد، إلا أنها لم تحقق شيئًا فعليًا، وذهبت الجهود سدى، فكيف يستفيد مشروع الجيش الوطني من تلك التجارب، وما السبيل إلى جعل هذه المبادرة المهمة ناجحة؟
في البداية يُرجع (مصطفى سيجري) فشل جهود التوحد السابقة إلى الجهات الداعمة التي سعت إلى الإبقاء على الفرقة بين الفصائل العسكرية، فكانت أحد العراقيل، ويؤكد نضوج الفصائل في الوقت الراهن، ويرى أن تسليم المعابر السيادية والداخلية للحكومة سيحل المشكلة، لأنه سيوجِد مصدر تمويل للقوى العسكرية من خلال التوزيع الذي سيمر من خلال هيئة الأركان وستشرف عليه الحكومة المؤقتة.

ويرى (أسامة أبو زيد) أن مبادرة الجيش الوطني لتكون ناجحة أولاً يجب أن تستند إلى معايير سليمة، فلا يجوز أن أقول جيش وطني ولا يشمل جميع المناطق السورية ولا يكون قراره مستقلاً مئة بالمئة، ولا يمكن أن يكون هناك فصيل كبير أو عنده عتاد ثقيل يستطيع أن يفرض شروطه على المشروع كله. وهذه أهم ثلاث نقاط يواجهها المشروع اليوم.
ويقسم أسامة أبو زيد الفصائل المنضمة إلى المشروع إلى عدة أقسام:
1- قسم الفصائل المؤمنة بضرورة إنهاء الفصائل بشكل كامل وتتعامل بصدق كامل مع هذا المشروع.
2- قسم محصور في الزاوية بسبب الظروف والمستجدات في الساحة، وبسبب (جبهة النصرة) والتضييق من الداعمين، فهو يريد أن ينقذ الفصيل من خلال هذا المشروع، ويريد أن يستثمره، لا أن يقدم ويضحي من أجله.
3- النوع الثالث ينظر إلى هذا المشروع على أنه مشروع غير مستقل، بسبب طرحه من الحكومة المؤقتة، وبحسب تعبيرهم الحكومة المؤقتة غير موجودة في الجنوب، بالإضافة إلى أنه يرى أن هناك فصائل معينة أخذت مراكز قيادية ضمن هذا الجسم، وبالتالي هذا الجسم لإنقاذ هذه الفصائل وحمايتها، وهي التي تدير هذا المشروع.
ويضيف: بخصوص هذه الأنواع من الفصائل يجب على القادة والمسؤولين عن هذا المشروع أن يجدوا الحلول، وأن يستفيدوا من رغبة النوع الأول أو الشريحة الأولى ويعطوها دورًا أكبر كي يساهم بدفع عجلة العمل إلى الأمام.
أما النوع الثاني فتُوضع ضوابط لكيلا يتحول هذا المشروع الذي ينتظره السوريون إلى استثمار لصالحه. أما الشريحة الثالثة فيجب أن أجد طريقة أطمئنهم فيها، وأصحح طريقة طرح المشروع بحيث تصبح الفصائل كلها جزءًا منه.

ويشير (أبو زيد) إلى ضرورة أن يستفيد القائمون على الجيش الوطني من مشاريع الاندماج التي فشلت والتي نجحت، وضرورة أن يُبعَد الأشخاص والسياسات التي أدت إلى فشل مشاريع الاندماج عن مشروع الجيش الوطني، ويقول: "يجب أن نبعد هذه الأفكار ونغلق الباب أمام كل من يروجها لتنجح هذه المبادرة". 
الخلافات السابقة:
كانت هناك خلافات تحصل بين الألوية والكتائب بين الحين والآخر لتصل إلى حد الاقتتال في الشمال السوري وغيره من المناطق، ويبدو أن وزارة الدفاع في الحكومة السورية المؤقتة ستتحمل عملية دمج هذه الفصائل التي اعتادت العمل العشوائي المنفرد في تشكيل واحد، ولا بد من وضع خطط لإعادة التأهيل وتعزيز ثقافة العمل المشترك.
يقول (سيجري): بدأنا خطوات عملية نحو إعادة الثقة بين الفصائل والقوى العسكرية، وقد كانت هناك بعض الخلافات حصلت في الفترة السابقة، فقمنا بعلاج أسباب هذه المشاكل بالدرجة الأولى، وتدخلت الكثير من الشخصيات ذات الثقل على الساحة من المجلس الإسلامي السوري والحكومة المؤقتة والكثير من الشخصيات المستقلة والنخب الثورية والفكرية، وكان لهم دور إيجابي في تقريب وجهات النظر بين الفصائل.
ويؤكد (سيجري) أن معظم قادة الفصائل أصبحوا جزءًا من هذا المشروع، ووصلوا إلى يقين بأنه لن يكون هناك نصر وتقدم واستطاعة لمواجهة القوى التي تعمل على إنهاء الثور ة السورية إلا بتوحد القوى العسكرية.
كما ينبه إلى أن العلاج يجب ألا يكون محصورًا في الجانب العسكري، فيقول: منذ فترة دعونا إلى مؤتمر عام للمعارضة السورية في الداخل، ونحن نعمل على إصلاح المؤسسات الثورية السياسية، فهناك جهود، والكثيرون عملوا على تقريب وجهات النظر بين القوى العسكرية، من أجل النهوض بالواقع الثوري وإنقاذ ما تبقى، فنحن بحاجة لمعالجة جميع المؤسسات الثورية إن كانت سياسية أو عسكرية أو قضائية أو أمنية أو خدمية، فهذا جهد الجميع، ونحن لا نكلّ من المضي للوصول بالثورة السورية إلى برّ الأمان، ولكن نؤكد على جميع النخب السورية أن تجتمع وتتكاتف فيما بينها لإتمام هذه المهمة التي تقع على عاتق الجميع من دون استثناء، فلا يصح أن ينأى أحد بنفسه عن إكمال مشوار الثورة، وإلا فسوف تكون الخاتمة سيئة لا سمح الله، وسوف تصبّ في صالح نظام بشار الأسد. 
ومن جهته يرى (أسامة أبو زيد) أن المشروع إن كان مبنيًا على أسس سليمة وهيكلية تنظيمية واضحة وكان يستوعب أبناء الشعب السوري من الثوار والفصائل على قدم المساواة واختيار الشخصيات الصحيحة لتكون في واجهة هذا المشروع، فسيكون عنده التأييد الثوري والشعبي الكافي ليقف في وجه هذه السياسات العبثية، فالمجتمع الثوري والمجتمعات المحلية الموجودة في المناطق الثورية ضاقت ذرعًا بهذه الأفعال المشينة التي تمارسها بعض الفصائل، وأصبحت الناس غاضبة من الاختلافات والاقتتال ومن هذه القضايا المثيرة للغضب والسخرية. والناس تنتظر أن يوجد اسم وعنوان يلتف حوله الجميع، لتصحيح المطبات التي وقعنا فيها في الثورة وفي قضية الاقتتال.
فيجب على الحكومة المؤقتة أو القائمين على الجيش الوطني ألا يكونوا مترددين في هذه الخطوة، طبعاً في حال كان هناك التزام بالنقاط التي ذكرتها من التنظيم والإدارة والشخصيات الصحيحة والأسس السليمة، كل هذا سيحقق التفافًا شعبيًا كافيًا للوقوف في وجه التشرذم والفصائلية المقيتة.
ويرى (أبو زيد) أن التعويل في تعزيز العمل المشترك يكون على الناس الذين هم الحاضنة الشعبية. ويقول: "نحن قصرنا بحق الحاضنة كثيرًا، والناس يجب أن تعرف اليوم أهمية دورها، ويجب أن نوفر المناخ والبيئة اللازمة لإثراء نقاش حول هذه القضايا بحيث لا يبقى الأمر محصورًا بنخب وهيئات قيادية، فيجب أن يتحول الأمر إلى قضية شارع، فعندما تصبح قضية بالنسبة إلى الشارع ستكون هناك قوة هادرة لا يستطيع أحد الوقوف في وجهها، ترفع الصوت بوجه الشاذين عن هذا المطلب الشعبي، وهذا هو السلاح الأفضل لتحقيق هذا الهدف".

الكفاءة والشراكة والتنسيق:
بعد هذه الخطوة العملية في سبيل إنشاء جيش وطني موحد، من الأهمية بمكان أن نشير إلى أن الثورة السورية تحتاج إلى لجنة سياسية واحدة وجهاز قضائي موحد، وهذا الأمر ينسحب على أجهزة الشرطة والأمن والتعليم والإغاثة وغير ذلك، فإلى أي مدى تحتاج الثورة السورية إلى أجهزة ثورية تقوم على الكفاءات والشراكة والتنسيق؟
يبدأ (أسامة أبو زيد) بقوله: "لا بد من أن يكون للثورة مظلة شرعية تمثلها، وقد كان الائتلاف سابقاً هو الممثل، ولكن بعد التنازلات التي قدمتها قيادة الائتلاف في مؤتمر الرياض الثاني، وكانت سببًا رئيسًا للاستهانة بالسوريين من خلال إدخال جماعة المخابرات الروسية ومنصة موسكو والقاهرة وإعطاء هيئة التنسيق العدد الكبير من المقاعد، أرى أنه لا بد أن يصبح للثورة منصة أو مظلة سياسية بديلة تعبر عن الثورة وتدافع عنها وتمارس السياسة من أجل تحقيق أهدافها".
ويتابع (أبو زيد): "موضوع القضاء الموحد موضوع أساسي، وأرى أننا قطعنا فيه شوطًا جيدًا في دار العدل، والقضاء في الغوطة الشرقية، فهي من النماذج المهمة جدًا في تطبيق القانون العربي الموحد، وهناك هيكلية وإجراءات وأصول متبعة في كلا الجهازين، وهما من النماذج المهمة في المناطق المحررة وقد قطعوا شوطًا في هذا المجال.
مشكلتنا الرئيسة هي محاكم جبهة النصرة التي كانت سببًا رئيسًا من خلال مزاوداتها وتكفيرها وادعائها الطوباوية، في تأسيس محاكم أخرى، فأدت إلى وجود ازدواجية في الأحكام. ولكن أعتقد أننا في الغوطة والجبهة الجنوبية متجاوزون لهذه المشكلة والأمور على الصعيد القضائي جيدة جدًا.
ولكن بشكل عام في الثورات والنزاعات والحروب لا يكون من السهل أن يكون هناك شيء مثل الحكومة وأن يكون هناك إدارة مركزية لموضوع الإغاثة والشرطة والأمن..إلخ. فهذا الأمر ليس سهلاً، وليس هذا خاصًا بسورية والقضية السورية، ففي كل النزاعات يكون هذا صعبًا حقيقة. وتحدٍ كبير أن يكون عندي إدارة مركزية لهذه المرافق الحيوية، واليوم ليس مطلوباً أن نعمل أكثر من إدارات محلية في مناطقنا، فمثلاً عندنا جهاز شرطة في الغوطة الشرقية وفي درعا وفي درع الفرات، وهنا تأتي مهمة الحكومة المؤقتة بأن تقوم بعملية الربط والتنسيق في الحدود الدنيا بين هذه الأجهزة، كي نضع لبنة أساسية تجاه إدارة مركزية لهذه الأجهزة".
أما مصطفى سيجري فيؤكد أن المرحلة لم تعد تحتمل المجاملات والمراهقات والتجارب، وتحتاج إلى كفاءات وتقديم أصحاب الخبرة والاختصاص على الصعيد العسكري والسياسي وكافة الأصعدة. ويتابع بقوله: في المرحلة السابقة كان هناك تهميش لكثير من النخب والكفاءات السورية، ونحن بشكل دوريّ نجتمع مع الائتلاف والحكومة المؤقتة والهيئة العليا للمفاوضات، وأجمعوا على أن المرحلة القادمة هي مرحلة الكفاءة والاختصاص.
ويضيف (سيجري): نعتقد أن حالة النضوج التي وصل إليها الكثيرون من قادة الفصائل سوف تدفع باتجاه إتمام هذا المشروع، خاصة وأنه على رأس هذا المشروع سيكون هناك نخبة من الضباط الأكفاء المنشقين عن نظام الأسد، وهم أسماء معروفة كان لها باع طويل في مصارعة النظام طيلة الفترة السابقة، وهم يشكلون الآن حالة جامعة للقوى العسكرية الموجودة على الساحة.
التحديات والمستقبل:
يرى (سيجري) أنه سيكون هناك تحديات حقيقية، فنحن نعلم بأن تنظيم صفوف الثورة السورية لن يرضي أعداءها، وأدوات العدو المنتشرة في كل مكان، ولذلك سيخرج من يحاول أن يفشل مشروع الجيش الوطني خصوصًا بعض المجموعات المنتفعة من الحالة الفصائلية واستمرار المشاكل والخلافات الداخلية، ولكن هذا استحقاق وطني ويجب علينا جميعًا أن نمضي من أجل إنجاح هذا المشروع. 
وعن رؤيته لمستقبل الثورة السورية بعد مشروع الجيش الوطني يتابع (سيجري): "نرى المستقبل يسير للأفضل، فتنظيم العمل العسكري بشكل عام حتمًا سيكون له انعكاسات إيجابية على الساحة وسوف نحقق نجاحات في المستقبل القريب إن شاء الله.
للثورة السورية أعداء فنحن لم ننته من نظام بشار الأسد بعد، وهناك القوى الانفصالية التي ما زالت تتربص بالمنطقة وتسعى إلى سرقة المناطق السورية واقتطاعها، وأيضًا هناك القوى المتشددة والمتطرفة كتنظيميْ داعش وجبهة النصرة، فنحن أمام استحقاقات مهمة وأمام معركة لن تكون سهلة، ونعتقد أن تنظيم العمل العسكري سوف يكون الخطوة الأولى باتجاه ضبط البوصلة وجعل الأمر في طريقه الصحيح". 
في حين يخشى (أسامة أبو زيد) من أن يؤول مشروع الجيش الوطني إلى الفشل لأسباب تتعلق بالدول وإدارة العمل وأسباب تتعلق بمجاملة بعض الفصائل وأخرى متعلقة بالأسس غير السليمة، ويضيف: بفرض تم إجراء تغييرات جذرية أدت إلى إحياء هذا المشروع بشكل فعّال أرى أن أسهم الثورة ستكون أكبر وحاضرة أكثر على صعيد الحل السياسي، وفي حال عرقل وفشل الحل السياسي نكون قد قطعنا شوطًا في تنظيم صفوف المؤسسة العسكرية. وبالعودة إلى موضوع فشل ونجاح المشروع أرى أنه يقطع خطوات جيدة، لكن في منطقة واحدة هي الريف الشمالي، لكن فعلياً الجيش الوطني هو جيش لكل سورية كما ذكرت، ونجاحه في الريف الشمالي لا يعني نجاح المشروع، لأن الريف الشمالي جزء صغير من سورية، فهناك درعا والقنيطرة والغوطة الشرقية وريف حمص وحماة وريف حلب الغربي والجنوبي والساحل، وهناك الفصائل التي أجبرت على الابتعاد بسبب الضغط الدولي، كل هذه الملفات نجد أن الجيش الوطني خارجها، ويجب أن يهتم القائمون على المشروع بها لتكون جزءا لا يتجزأ منه، وإلا فلن يكون جيشا وطنيا ممثلا للثورة بكاملها وسوريا بكامل ترابها.