السبت 19 جمادى الآخر 1446 هـ الموافق 21 ديسمبر 2024 م
وحدة الصف النسائي..
الخميس 21 شوّال 1436 هـ الموافق 6 أغسطس 2015 م
عدد الزيارات : 2857

 

من لوازم النهضة في أي مجتمع واستمرار بقائه قوياً: وحدة صف أهله، وعدم تنازعهم، ووجود مرجعية علمية واعية مخلصة، تسهم في إضاءة الطريق لمسيرتهم. هذه الإضاءة المهمة اليوم في عالم يعيش متغيرات لا حصر لها في جوانب الحياة المختلفة.

وعند الحديث عن صف العاملات في الحركة النسائية الدعوية في العالم الإسلامي عموماً، والعربي خصوصاً، تبرز الحاجة ماسة لتجمع نسائي، يمهد لوحدة فكرية، تكون عوناً للنساء الفاعلات في المحيط الاجتماعي؛ لمواجهة التحديات بشتى أنواعها.

لعل من المثير للعجب هذا الغياب الواضح لمبادرات نسائية مؤثرة، تدعو إلى إقامة تجمعات فاعلة، وتنظيم ملتقيات ومؤتمرات، يتم فيها تبادل الرأي حول الشأن النسائي والدعوي منه بشكل خاص. إن مثل هذه المؤتمرات والملتقيات على مدار العام تصدر عنها توصيات تجد طريقها إلى التنفيذ مباشرة، ليس على المحيط المحلي فحسب، بل على المحيط العالمي أيضاً.

وإذا كان التجمع وسيلة لا غاية، فإنني أحسب أن السعي للالتقاء بين النساء الفاعلات في البلد الواحد، بل المدينة الواحدة، مقدمة ضرورية لتحقيق الوسيلة التي تؤدي بدورها إلى تحقيق الأهداف العامة للطبقة النسائية المثقفة المحافظة في مجتمعاتنا. وهذا النشاط الاستعماري الجديد المحموم الموجه إلى المرأة المسلمة اليوم، يمثل تحديات كبيرة لا بد أن تواجه باتحاد قوي بين الأخوات في كل قطر؛ لتتكون مصدات ثقافية قوية، وليتم تنسيق الجهود من خلاله؛ وإلا فإن برامج المستعمر ستنفذ دون مقاومة فكرية قوية، وفي هذا يقول الله ـ جل وعلا ـ: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ، إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ} (الأنفال: 73).

لا أعلم على وجه الدقة مدى التنسيق بين الفاعلات في المجال الدعوي، لكنني أستطيع القول إنه لا يتوافر لدينا الحد الأدنى من الاجتماع والتعارف؛ إذ بات من البين أن الداعيات في جهة من جهات إحدى المدن، لا تعرف أختها في الجهة الأخرى في المدينة ذاتها، وهذا دون شك خلل ينبغي إصلاحه، ومشكلة يلزم علاجها.

هناك أسباب كثيرة لعزوف الأخوات عن المبادرة، وتولي القيادة في اقتراح وتنفيذ مثل هذه المشروعات، يمكن إجمالها في عدة أمور، منها: ضعف الوعي بأهمية الاجتماع والاتحاد في تحقيق النصر، ومن ذلك ضعف التدريب على العمل الجماهيري، والتمحور حول أساليب قديمة، والخوف من الأفكار الجديدة، وترك مساندة الرجال الذين كانوا ولا يزالون يقومون بدور كبير في الدفاع عن المرأة، والتنظير لقضيتها وحمل همومها.

ما لم تدعم المرأة الصور النمطية للأعمال الدعوية بأساليب إبداعية، فلن نبرح مكاننا، ويمضي الوقت والمستعمر وأذنابه يحققون مكاسب، كنتيجة مباشرة لاجتماعه، والتنسيق بين مختلف مؤسساته، والدأب في المطالبات والصبر على الأذى.

هناك خطوات أحب أن أنبه أخواتي الفاضلات إليها، للبدء في مشروعات تجميع الجهود وتنسيقها، منها:

أهمية إيجاد القناعة بضرورة الاجتماع؛ وذلك يمكن تحقيقه عبر القراءة في كتب الإدارة، وحضور دورات تدريبية في القيادة والتخطيط وتنظيم الوقت.

ومنها: أن نبحث عن الكفايات الإدارية التي تتولى التنسيق والقيام بمثل هذه المشروعات المهمة؛ فليس صحيحاً أن البارزة في مجال الخطابة بالضرورة تصلح لإدارة مؤسسة، ولا تلك الكاتبة قادرة أن تلقي محاضرة، ولا الإدارية مؤهلة للفتيا، وهكذا نضع الأخت في مكانها الصحيح في المنظومة المؤسسية.

وثمة خطوة ثالثة مهمة تتمثل في: ترك انتظار الأخريات للقيام بمثل هذا العمل المبارك، بل المبادرة بالعمل مهما كانت الصعوبات، والإصرار على بلوغ الهدف دون ملل ولا يأس؛ بشرط أن تتحقق المؤهلات الدعوية الضرورية للقيام بهذه المهمة الكبيرة.

هذه إضاءات سريعة للفت نظر أخواتي إلى ضرورة ترتيب الصف النسائي، وعقد اللقاءات؛ توفيراً للأوقات، ودرءاً لتكرار المشروعات وتبادلاً للخبرات. 

وإذا كان الاجتماع في السابق يعد مستحباً؛ فإنني أرى أنه من الواجبات لظروف التحديات الضخمة التي نواجهها كمسلمين؛ حيث تحتل بلاد المسلمين وتنفذ فيها مشروعات تغريبية في وضح النهار. 

أسأل الله أن يوفق القائمات على العمل الدعوي في كل مكان، ويرزقهن العلم النافع والعمل الصالح.