الثلاثاء 14 شوّال 1445 هـ الموافق 23 أبريل 2024 م
أيها الهم!
الكاتب : خالد روشه
الأحد 24 جمادى الأول 1436 هـ الموافق 15 مارس 2015 م
عدد الزيارات : 2696

أيها الهم، لن تغلبني، فأنا متوكل على ربي سبحانه، عازم على المضي قدمًا في سبيلي الذي تيقنت من كونه صالحًا وفي مرضاته عز وجل.
سأستعيذ بالله منك، كما علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: : (اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الهَمِّ وَالحَزَنِ) رواه البخاري، وسأكرر ذلك كثيرًا كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل، وسأستمر في سبيلي..
وبرغم ظلمتك التي قد احطتني بها، وبرغم كونك تتسبب في آلامي، وبرغم أنك قد عقتني وسعيت لإحباطي وتكبيلي عن أي نجاح، فلن استسلم لك أبدًا .


إن حولي واهن، وقوتي ضعيفة، لكنني أعلم أيضا أنك من كيد الشيطان، ليحزن الذين آمنوا وليس بضارهم شيئًا إلا بإذن الله، كما أعلم جيدًا أن كيد الشيطان كان ضعيفًا ، وأعلم أن لله سبحانه كل حول وكل قوة، بل لاحول ولا قوة إلا بالله، لذلك سأشربها قلبي ونفسي وعقلي، وسأسعى سيرًا في ركابها، وسأرددها ليل نهار، وسأستعين بذي الحول والقوة سبحانه الحي القيوم.
لقد منّ عليّ ربي بأن كل هم أصاب به فأحتسبه صابرًا راضيًا فإن لي فيه أجر، فحتى وجودك الكريه عندي أصاب فيه بالحسنات، قال -صلى الله عليه وسلم: (مَا يُصِيبُ الْمُؤْمِنَ مِنْ وَصَبٍ، وَلَا نَصَبٍ، وَلَا سَقَمٍ، وَلَا حَزَنٍ حَتَّى الْهَمِّ يُهَمُّهُ، إِلَّا كُفِّرَ بِهِ مِنْ سَيِّئَاتِهِ ) رواه مسلم.
ولن تضيق نفسي أبدًا بقدره سبحانه إذ أصابني الهم، سأرضى بقدر الله -سبحانه- علي، وسأدعوه يزيل همي، فالدعاء والقدر يعتلجان في السماء.
لن أظل مصابًا بك أيها الهم ساكنًا صامتًا مستكينًا لك، لا، بل سآخذ بالأسباب، واشغل نفسي بالصالحات، فالنفس إذا لم اشغلها بالحق شغلتني بالباطل، وسأشغلها بالعبادة الطيبة، وسأسعى في استحضار الإخلاص فيها، وسأبدؤها بالاستغفار، فكما جاء في الأثر "من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجًا ومن كل هم فرجًا "، وحتى إن ثقل على الاستغفار سأردده بلساني حتى يعتاده لساني فيواطىء قلبي فيطمئن إليه.
سأستمسك بالإيجابية في السلوك والعمل، كما سأستمسك بالطموح والأمل الصالح، ولن تقعدني الهموم عن أعمالي ومسؤولياتي، سأبذل قصارى جهدي في الأخذ بالأسباب، سواء في العمل والاسترزاق، أو في التفكير والإبداع والابتكار.
لن تعوقني أيها الهم عن حل مشكلاتي، بل سأواجهها، وسأعمل ذلك فورًا ، لن أهرب منها، ولن أنكسر أمامها، بل سأستعين بالله عليها، أستعين عليها بالصلاة والصبر عملًا بقوله سبحانه: "واستعينوا بالصبر والصلاة"، سأبحث لها عن حلول، وسأبدأ في تطبيقها.
أيها الهم البغيض، أنا أعلم جيدًا أن ملايين الناس قد أصيبوا بك، وأعلم جيدًا أن من انكسر أمامك زدت في كسره حتى قصمت ظهره، وأثنيت عزمه، وقتلت أمله، وضيعت طموحه، كما أعلم جيدًا أن من صارعك وقاومك واستعان بالله عليك انتصر عليك، وفررت منه بلا رجعه، وصار نموذجا يحتذى ومثالًا يقتدى، فلن أنكسر لك.
لقد علمني نبيي -صلى الله عليه وسلم- أن أكون قويًا في مواجهتك، فقال: (الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ، خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ، وَاسْتَعِنْ بِاللهِ وَلَا تَعْجَزْ) رواه مسلم، فالعجز كل العجز أن أترك سبيلي وأقعد في حسرتي، والعجز كل العجز أن أفتح للشيطان بابي ليلج منه إلى قلبي فيوهنه، فيقعدني، ويصيبني باليأس، فلن أعجز أبدًا، وسأسعى أن أكون مؤمنًا قويًا، فأمتي بحاجة للأقوياء لا للضعفاء، وهي بحاجة للقدوات لا للأتباع، وهي بحاجة للعلماء لا لمجرد المقلدين، وهي بحاجة للمنجزين لا للكسالى الخامدين.
أيها الهم، لا مكان لك في قلبي، ولا في بيتي، ولا حتى بين أوراقي وقلمي.. (اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْجُبْنِ وَالْبُخْلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ ضِلَعِ الدَّيْنِ وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ).