الأحد 22 جمادى الأول 1446 هـ الموافق 24 نوفمبر 2024 م
كلمة العدد 11
الجمعة 26 شعبان 1434 هـ الموافق 5 يوليو 2013 م
عدد الزيارات : 2731
 
ها هو شهر رمضان – شهر القرآن - يلقي علينا بظلاله {شَهْرُ رَمَضَانَ ٱلَّذِى أُنزِلَ فِيهِ ٱلْقُرْءَانُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَـٰتٍ مِّنَ ٱلْهُدَىٰ وَٱلْفُرْقَانِ}.
نستقبله وبلاد الشام تخوض ملاحم العزة، ويضرب أبناؤها أروع أمثلة الثبات والبطولات والتضحيات. 
رمضان ثالث يمرّ على سورية الصمود والإباء وعرين الإسلام، وهي تجاهد أعداء الله الذين تداعَو عليها  كما تداعى الأكَلة إلى قصعتها.
أفراح وأتراح، وآلام وأمال، ومحن في طياتها منح. تأتي مواسم الخيرات في خضمّها فتعيد للقلوب صفاءها، وللنفوس إشراقها، وللضمائر نقاءها، وتبعث الغافلين من رقاد وتوقظهم من سبات .
 
رمضان منحة من الله لعباده (إذَا جَاءَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الجَنَّةِ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ وَصُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ)
رمضان مدرسة في التربية على الإخلاص ( يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي). 
رمضان شهر التوبة وتكفير الذنوب: (من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ، ومن قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ) أخرجه البخاري ومسلم 
رمضان شهر العتق من النار (ولله عتقاء من النار ، وذلك كل ليلة ) رواه الترمذي وابن ماجة. 
رمضان شهر الجهاد والفتوحات والانتصارات، فيه عزّ الإسلام في بدر، وفيه فُتحت مكة، وفيه سطر المسلمون أروع الملاحم البطولات والانتصارات والفتح الإسلامي. 
 
فرض الله صيامَه على عباده ليحققوا التقوى، وتتربى نفوسهم على الصبر، وكبحها عن شهواتها ونزواتها }يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ{ البقرة 183
وادخّر جزاءَه عنده (كل عمل ابن آدم له الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به)
فالصيام وقاية من النار والشهوات: (ما من عبد يصوم يوماً في سبيل الله تعالى إلا باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفاً ) [رواه البخاري ومسلم]. 
والصيام مدرسة أخلاقية تربوية: (الصيام جُنّة، فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب ، فإن سابه أحد أو قاتله فليقل : إني صائم ، إني صائم) رواه البخاري ومسلم.
 
والصوم يشفع لصاحبه يوم القيامة: (الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام: أي ربّ! منعته الطعام والشهوة فشفعني فيه، ويقول القرآن: منعته النوم بالليل فشفعني فيه. قال: فيُشفّعان) أخرجه أحمد.
والصائمون لهم باب الريان: (إن في الجنة باباً يقال له الريان يدخل منه الصائمون يوم القيامة لا يدخل منه أحد غيرهم ،  يقال : أين الصائمون ؟ فيقومون لا يدخل منه أحد غيرهم ، فإذا دخلوا أغلق فلم يدخل منه أحد) رواه البخاري ومسلم 
و (للصائم فرحتان يفرحهما ، إذا أفطر فرح بفطره ، وإذا لقي ربه فرح بصومه) البخاري ومسلم. 
والصائم له دعوات مستجابة: "ثلاث دعوات مستجابات: دعوة الصائم، ودعوة المظلوم، ودعوة المسافر" صحيح الجامع 
فلنشمر عن ساعد الجد، ولنتنافس في الطاعات، ولنجتهد في تلاوة القرآن، والبذل والإنفاق: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن، فلرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة) رواه البخاري
 
لنجتهد في التراويح والقيام ( من قام رمضان إيمانا واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)
ليكن لنا حظ من تفطير الصائمين (من فطر صائماً كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيء)
وهنيئاً لمن تيسرت له فيه العُمرة (فإن عمرة في رمضان تقضي حجة معي) رواه البخاري
وفي العشر الأواخر اجتهاد واعتكاف وخلوة مع الرحمن (كان النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم إذا دخل العشرُ شَدَّ مِئزره وأحْيل ليله وأيقَظ أهله) رواه الخمسة.
 
وفيها ليلة القدر {لَيْلَةُ ٱلْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ ٱلْمَلَـٰئِكَةُ وَٱلرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ *سَلَـٰمٌ هِىَ حَتَّىٰ مَطْلَعِ ٱلْفَجْرِ }.
لنجتهد بالذكر، والدعاء بكل خير وأن يرفع الله عن أمتنا البلاء {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِى عَنِّى فَإِنِّى قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ ٱلدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِى وَلْيُؤْمِنُوا بِى لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} [ البقرة 186 ] 
رمضان أيام معدودات فاغتنمها، وارقب الأجر بعين البصيرة، ولا تنظر للمشقة الزائلة، وتذكر قول المولى: (إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب).