الأربعاء 15 شوّال 1445 هـ الموافق 24 أبريل 2024 م
هل نصلي صلاة الغائب على من قتل في المظاهرات ؟
رقم الفتوى : 5
السبت 13 صفر 1433 هـ الموافق 7 يناير 2012 م
عدد الزيارات : 53227

السؤال: هل يجوز أن نصلي صلاة الغائب على من قتل في المظاهرات ؟

___________________________________________________

الجواب: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: الأصل في مشروعية صلاة الغائب ما ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه صلى على النجاشي ملك الحبشة لما توفي في بلاده، ففي الصحيحين عن أبي هريرة-رضي الله عنه-:" أَنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نَعَى النجاشيَّ اليومَ الذي مات فيه، وخرجَ بهم إلى المُصلَّى، فصفَّ بهم، وكبَّر عليه أربعَ تكبيرات".

لكن لما لم ينقل عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أو عن صحابته -رضوان الله عليهم- غير هذه الحادثة اختلف العلماء فيها على أقوال: فمنهم من منعها مطلقًا، ومنهم من أجازها مطلقًا، ومنهم أجازها في أحوال: كمن مات ولم يُصَلَّ عليه، أو كان كبيراً من الأكابر ممن لهم قدم صدق في خدمة الإسلام كالعالم، أو المجاهد، أو الغني الذي ينتفع الناس بماله.

والأقرب -والله أعلم- أنه من مات من المسلمين ولم يصلِّ عليه أحد منهم؛ لكونه مات في بلاد الكفار وليس معه مسلمون، أو مات أسيراً أو مقتولاً تحت التعذيب ثم دفن من غير صلاة عليه، ونحوهم، أن نصلي عليه صلاة الغائب. 

أما ما سوى ذلك فلا تشرع الصلاة عليه؛ فقد توفي أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- وهم متفرقون في البلدان، ولم يثبت أنه صلى عليهم صلاة الغائب. ثم توفي -صلى الله عليه وسلم- في المدينة، ولم يثبت عن أحد منهم أنه صلى عليه صلاة الغائب في البلدان الأخرى. ثم توفي الخلفاء الراشدون ولم يُذكر عن أحد من الصحابة الصلاة عليهم في مختلف البلدان. لكن إن أقيمت صلاة الغائب في جماعة كالمساجد أو ساحات الاعتصام ونحوها فنرى لمن حضرها أداءها معهم تقوية لجانب الألفة والاجتماع بين المسلمين.

هذا، ويبقى الأمر المشروع: أن ندعو لهؤلاء الأبطال بالرحمة والمغفرة، وأن يتقبلهم الله في الشهداء، وأن يعظم أجرهم؛ إذ أرخصوا أنفسهم في سبيل مقارعة هذا النظام الجائر، وإبقاء جذوة الثورة مشتعلة في النفوس. ونسأله تعالى أن يلهم أهلهم الصبر ويحسن عزاءهم. آمين. والله أعلم.