عندما تقع الكوارث وتشتعل الحروب وتتدفق قوافل النازحين .. يتنادى الشرفاء من البشر لمد يد العون ووضع البلسم على جراحات المنكوبين والمتضررين، فترى المنظمات الإنسانية ورواد العمل الخيري يبادرون لمداواة الجرحى وإيواء المشردين وإطعام الجوعى وتهدئة المرتاعين، وتلبية كافة الاحتياجات الصحية والغذائية والنفسية للإنسان المتضرر حتى تتحسن أحوال بلاده أو يجد فرصة في حياة كريمة هنا أو هناك.
وعندما تستقر الأحوال ويعود النازحون إلى ديارهم تستمر الجهود الإغاثية إلى جانب شكل من المساعدة يتناسب مع حياة الاستقرار والهدوء، فتنطلق المشروعات التنموية التي تهدف لإعادة الإنسان إلى طبيعته الإنتاجية وإلى كفايته من إنتاجه الذاتي.
إلا أن الحالة السورية لا تنطبق عليها هذه المعادلة، الأمر الذي يستدعي من الجميع تعاملاً مختلفاً معها، فجميع المؤشرات الإقليمية والدولية تدل على طول أمد الحرب الطاحنة في البلاد لسنوات إضافية، ناهيك عن الأعداد الهائلة للاجئين والنازحين السوريين الذين يقدر عددهم بـ 10 ملايين نسمة تقريباً، إلى جانب دمار غير مسبوق للمدن والحواضر السورية .. الأمر الذي تعتبر معه الجهود الإغاثية العادية شكلاً من أشكال الأدوية المهدئة لأمراض مزمنة مستعصية.
هذه الحالة الفريدة تتطلب من المجتمع الدولي بمؤسسات وهيئاته تعاملاً فريداً أيضاً، يتمثل في الاستجابة الإنمائية التي تمكن المحتاج من الإنتاج في ظل الأزمة التي يعيشها، والخروج من حالة الانتظار المتعب التي قد تطول بما يخلق أزمات جديدة على المدى البعيد، كالأمراض النفسية واستمراء دور المحتاج وضمور الخبرات وغيرها ..
من هنا قامت هيئة الشام الإسلامية بتنظيم المؤتمر الأول للاستجابة الإنمائية تحت شعار "العمل التنموي .. حياة الإنسان والأرض" لتطوير وتعزيز فكرة العمل التنموي في ظل الأزمة الحالية ودعم الجهود القائمة بمشاركة عدد من الخبراء وحضور جمع من المنظمات الإنسانية والهيئات الخيرية المحلية والإقليمية والدولية.
وتجدون في طيات ( هذا الكتيب ) برنامج المؤتمر وملخصات للأوراق المقدمة، نأمل أن تجدوا فيها ما يدعو إلى تبني الفكرة وإثرائها والبناء عليها.