الموقف السياسي (5) الثورة السورية ... الأفول الأبدي للهلال الشيعي
الكاتب : هيئة الشام الإسلامية
الخميس 4 أكتوبر 2012 م
عدد الزيارات : 22559

 

الدولة الخمينية والحلف الشيطاني:
نشأت الدولة الخمينية الحالية على إرث الشيعة الإثني عشرية، وزادته ببدعة (الولي الفقيه) لنشر العقيدة الشيعية عبر ثورة تلبي حلمًا قديمًا شيعيًا _ فارسيًا بالسيطرة على المنطقة.

 


ووجد النظام الخميني في الهالك الأسد خير حليف؛ فالأسد غير مطمئن لقدرته على الاستمرار في الحكم لكونه من طائفة النصيرية (العلوية) التي تمثل أقلية في المجتمع ذي الغالبية السنية، بالإضافة إلى سجله السياسي والعسكري غير المشرف، والدولة الخمينية تبحث عن باب تلج منه للداخل العربي السني، فعقدا حلفًا يقوم على إضفاء إيران "الشرعية" الدينية على الطائفة النصيرية، والدعم العسكري والمالي للنظام، مقابل جعل سورية بوابة لمشاريع التشييع في المنطقة، والرئة التي يتنفس من خلالها "حزب الله" الذراع العسكري الإيراني في المنطقة.
ومنذ ذلك الوقت: ظهرت دعوات دينية في كلا الطرفين _لا تمثل الغالبية_ تدعو إلى (عودة الفرع إلى أصله) وتتجاوز العداء التاريخي بين الطائفتين؛ حيث إن العلاقة التاريخية بينهما علاقة عداء منذ أن ادعى محمد بن نصير النميري (السفارة) والوساطة بين الإمام وأتباعه، وتحولت النصيرية إلى طائفة باطنية بعيدة عن أصل المذهب الشيعي، وما تبعها من صدور تكفير ولعن (موقَّع) من الإمام الغائب، ومازالت كتب الشيعة الإثني عشرية تحفل بتكفيرهم والتبرؤ منهم إلى اليوم.
  ثم وثّق الوريث القاصر هذه العلاقة المشبوهة وفتح بلاد الشام على مصراعيها لغزو إيراني سافر أخذ أبعادًا عديدة: اقتصادية وسياسية وعسكرية لم تكن في زمن الأب الهالك، لكن أخطرها على الإطلاق كان البعد الديني والثقافي.
وقد وقع هذا الحلف في خطئه القاتل حين حاول تغيير الهوية السنية التي تأصلت في بلاد الشام من يوم الفتح المبارك على يد الصحابة _رضي الله عنهم وأرضاهم_ إلى يومنا هذا، واستنفر النظام الأسدي لتحقيق ذلك كل قواه الأمنية بآلات التعذيب، والسجون الرهيبة؛ لإسكات كل صوت معارض لهذا المشروع.
واتبع سياساتٍ اقتصادية مدمرة تهدف إلى إفقار الشعب السوري ومنعه من العيش الكريم، فكانت تلك الهجرة المأساوية لعدد يقدر بمليون شخص من مناطق الجزيرة السورية إلى أحزمة الفقر والبؤس حول المدن الكبرى.
لم يكن النظام يسمح للمنظمات الدولية ولا للجمعيات الخيرية الإسلامية أن تمد يد العون لهؤلاء المحتاجين، لكنه سمح للأموال الإيرانية بالتدفق تساوم السنة على تغيير دينهم في مشروع التشييع الشهير مقابل ليرات معدودات.
فاستولى الإيرانيون والمتشيعون _بمعونة جند النظام_ وقوته الأمنية على عشرات المساجد، ونشروا عشرات الحوزات والحسينيات والمشاهد والمراكز الثقافية حتى في المناطق التي لا يوجد فيها شيعة على الإطلاق.
ومنح الملالي والمدارس الدينية الإيرانية التسهيلات الكبيرة مقابل التضييق على المعاهد الشرعية السنية.
وانتشرت المراقد والأضرحة التي التهمت مناطق هامة وشاسعة من المدن السورية، والتي جلبت معها قطعان "الحجاج"، وما يرافقها من طقوس وتصرفات غريبة عن المجتمع السني، وبطريقة مستفزة في كثير من الأحيان، وما رافقها من استيطان جزء كبير من الشيعة والإيرانيين حول هذه المناطق، وتحويلها إلى "مستوطنات" طائفية داخل المجتمع السني المعارض لها[1].
أدرك الشعب السوري هذا العبث الممنهج في تركيبته الدينية والديمغرافية، وزاد من الوعي بهذه المؤامرات:
أحداث العراق والحرب الطائفية الشرسة ضد أهل السنة بها، وما رافقها من مشروعات توعوية إعلامية بخطورة المذهب الشيعي، وبيان مخططاته التوسعية، ومناقشة معتقداته وأفكاره.
كما أدرك حقيقة "المقاومة" المحصورة بيد "حزب الله" والمزروعة في لبنان والمنطقة لأهداف أخرى ليس منها مقاومة إسرائيل ولا نصرة الفلسطينيين.


الثورة السورية والانحياز الطائفي:
انفجرت الثورة السورية وكان الحس بهذا الملف الخطير واضحًا للعيان منذ الأيام الأولى، وزاد من قناعة الناس به مسارعة إيران وحزب الله لتبني مواقف النظام السوري، فقابلها الشعب السوري برد فعلٍ سريع حين رفع الشعارات المعادية لإيران وحزب الله، فقد أدرك الشعب السوري أن إيران لن تتخلى عن ركيزتها الأساسية في حلم الهلال الشيعي الذي آن أوان اكتمال رسمه لاستنقاذ الشام من النواصب الأمويين، كما صرح بذلك العديد من رجال الدين الشيعة، وزعماء إيران العسكريين والسياسيين.
كما رآها الناس واقعًا في جنود إيران وحزب الله مع الشبيحة وجنود النظام يقتلون ويأسرون ويقودون ويخططون.


إيران جزء من المشكلة وليست جزءًا من الحل:
إنَّ المعركة التي تدور على التراب السوري اليوم هي معركة بين الإرادة السورية السنية التي تدافع عن دينها وكرامتها وحريتها، وبين مشروع طائفي استعماري لا ينتهي عند الحدود السورية، كما أنها معركة دفاع عن الأمة الإسلامية في وجه الأطماع الشيعية بعد أن التهمت إيران [2] ولبنان والعراق، والتي لا تخفي أطماعها وتهديداتها تلك على لسان مسؤوليها دون حياءٍ ولا مواربة.
إن نظام طهران ينظر إلى ما يحدث في سورية على أنه فتنة كالتي حصلت في طهران عام 2009م، وعنده ثقة بأنه ونظام أل الأسد قادران على تجاوزها باتباع سياسة القمع كما حصل في إيران، ويأملون ذلك حتى لا يضيع جهد أكثر من ثلاثة عقود من الاستثمار السياسي والمالي والإيديولوجي في سوريا ولبنان؛ وعليه فقد قام النظام الإيراني بدعم النظام السوري بـ (3) مليارات دولار في بداية الثورة السلمية للقضاء عليها، ثم قدَّم (9) مليارات دولار بشكل مستعجل لدعم الحملة العسكرية، إضافة إلى دعم النظام ب 290 ألف برميل نفط يومياً وكل هذا عبارة عن منح مجانية بهدف عدم سقوط مشروعهم الإقليمي، وبهدف أن لا تصل ثورات الربيع العربي لعقر دارهم.


إنّ ما سبق يقود إلى النتيجة التي يؤمن بها الثائرون على النظام السوري:

إيران جزء من المشكلة إن لم تكن هي المشكلة بعينها؛ فلا صمود لهذا النظام المجرم إلى هذا الوقت لولا الدعم غير المحدود بالرجال والسلاح والخبراء من إيران وحزب الله، وأنها لا يمكن أن تكون يوما جزءًا من الحل، ولا قبول مطلقًا لإدخالها في أي مبادرة لحل هذه القضية.
إنَّ مصالح إيران في سوريا ليست اقتصادية حتى يمكن التفكير في تحييدها بتأمين مصالحها، بل مصالحها دينية عقدية طائفية، وخسارتها لسوريا تعني خسارة البوابة إلى العالم العربي، وحرمان "حزب الله" من دعمه الإيراني، مما يؤذن بخروج إيران ومشروعها الطائفي من المنطقة بإذن الله.
فعلى الدول التي تطرح المشاركة الإيرانية في الحل أن تحذر أشد الحذر من هذا المنزلق الخطر؛ فهو عكس رغبة الشعب السوري واصطدام بثورته الحرة الأبية.
إنَّ الصمود المبهر والعظيم لشعبنا فاق التوقعات وسبب خسائر فادحة لإيران هي الأكثر كلفة على الإطلاق منذ اندلاع الثورة الإيرانية، وها هي عملتهم تنهار وتخسر أكثر من 75% من قيمتها، وها هو النظام السوري يترنح.
وبسقوطه سوف يحدث تراجع دراماتيكي للنفوذ الإيراني في المنطقة العربية بدءاً من فلسطين ومروراً بلبنان والعراق والخليج وانتهاءً بإيران نفسها؛ حيث إنَّ من المتوقع أن تعم إيران الثورات وينهار اقتصادها، ويكون سقوط النظام السوري بدايةً ليس لانتهاء المشروع الإيراني فحسب، بل إن نظام الملالي في إيران سيكون في حكم المنتهي إن شاء الله.

والله غالب على أمره، والحمد لله رب العالمين

 

 

[1] نشرت عدة دراسات حول التشيع والتشييع في سورية وغيرها، ومنها: البعث الشيعي في سورية، و: أأيقاظ قومي أم نيام؟

[2] كان إيران دولة سنية على مذهب السادة الشافعية والحنفية إلى أن قامت الدولة الصفوية عام 907 هـ_ 1501م فمارست سياسة التشييع بقوة السلاح؛ حيث خيرت السكان بين التشيع أو القتل، وارتكبت في سبيل ذلك مجازر رهيبة، حتى تحولت إيران إلى دولة شيعية، وراح ضحيتها حوالي مليون قتيل، ومئات آلاف المهجرين والمشردين، ومازالت إلى اليوم فيها أقلية سنية تبلغ حوالي 20 % من السكان على أقل تقدير، محرومة من جميع حقوقها الدينية والثقافية.


https://islamicsham.org