فتوى: مشاركة المرأة في العمل الإغاثي دون إذن وليها
الكاتب : المكتب العلمي ـ هيئة الشام الإسلامية
الخميس 13 سبتمبر 2012 م
عدد الزيارات : 58097

السؤال:

نحن سوريات في الداخل نشارك في الجهاد فنداوي الجرحى ونقوم بالأعمال الإغاثية وندخل على النساء في بيوتهن لتفقّد حالهن، هل يجوز لولي أمرنا إجبارنا على ترك العمل أو على السفر إلى خارج سوريا لأنه يخاف علينا من الشبيحة وأزلام النظام؟ وهل تعتبر مخالفته عقوقًا؟ علمًا أننا ملتزمات بالحدود الشرعية ولله وحده الفضل والمنة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسوله الله، وبعد:
أولاً: يجوز للمرأة أن تشارك في أعمال الإغاثة والجهاد، وتتولى من الأعمال ما يتناسب مع قدرتها وطبيعتها، كالمساعدة في مداواة الجرحى، وتفقد المحتاجين وإغاثتهم، وتجهيز ما يحتاجه المجاهدون من طعام ولباس، ونحو ذلك. ويتأكد الأمر إذا اشتدت الحاجة لذلك، كما هي الحال في سوريا التي يتعرض أهلها إلى القتل والتدمير، والحصار والتجويع.
يدل على ذلك أن الصحابيات _رضي الله عنهن_ كنّ يخرجن مع الجيش لهذه الأمور، فعَنْ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ قَالَتْ: (كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَسْقِي وَنُدَاوِي الْجَرْحَى وَنَرُدُّ الْقَتْلَى إِلَى الْمَدِينَةِ) رواه البخاري.
وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ _صلى الله عليه وسلم_ يَغْزُو بِأُمِّ سُلَيْمٍ وَنِسْوَةٍ مِنَ الأَنْصَارِ مَعَهُ إِذَا غَزَا، فَيَسْقِينَ الْمَاءَ وَيُدَاوِينَ الْجَرْحَى) رواه مسلم.
ثانيا: إن خشي ولي المرأة عليها من الاعتداء أو الوقوع في الأسر، جاز له منعها أو الانتقال بها إلى حيث يأمن عليها، ولا يجوز لها مخالفته في ذلك. ولتأت من الأعمال ما يأذن لها فيه في أي مكان تذهب إليه.
أما إن أمن عليها من الأذى والاعتداء، فلا ينبغي له أن يمنعها من عمل الخير مادامت ملتزمة بالضوابط الشرعية، بل عليه أن يشجعها ويعينها على ذلك.

فإن منعها فتنظر: فإن وُجد من تحصل بهم الكفاية ممن يقوم بهذا العمل من الرجال أو النساء، فتلزمها طاعته لأن الواجب لم يتعين عليها، وإن تعين الواجب عليها بأن عظمت الحاجة إليه، ولم يوجد من يقوم به غيرها، أو وجد مع عدم الكفاية، فلا يلزمها استئذان أبٍ ولا زوج، ولا يجوز لوليها أن يمنعها من القيام بذلك، ولا تعد مخالفتها له بخروجها للقيام بما تعين عليها عقوقاً؛ لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
ثالثًا: على المرأة أن تحرص على صيانة نفسها، وتبتعد عن مواطن الخطر، ويجوز لها أن تحمل السلاح لتدفع عن نفسها القتل أو الاعتقال أو الاعتداء إن كانت تجيده، فعَنْ أَنَسٍ _رضي الله عنه_ أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ اتَّخَذَتْ يَوْمَ حُنَيْنٍ خِنْجَرًا فَكَانَ مَعَهَا، فَرَآهَا أَبُو طَلْحَةَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذِهِ أُمُّ سُلَيْمٍ مَعَهَا خَنْجَرٌ! فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ _صلى الله عليه وسلم: مَا هَذَا الْخَنْجَرُ؟ قَالَتِ اتَّخَذْتُهُ إِنْ دَنَا مِنِّى أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ بَقَرْتُ بِهِ بَطْنَهُ! فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَضْحَكُ) رواه مسلم.
وقد ورد أن صفية بنت عبد المطلب رضي الله عنها قتلت يهوديًا في غزوة الخندق لما أراد التسلل إلى الحصن الذي جعل فيه النبي صلى الله عليه وسلم النساء والضعفاء.

نسأله سبحانه وتعالى أن يحمي نساء المسلمين ورجالهم، وأن يصلح أحوالهم، ويوفقهم لما فيه خير دينهم ومجتمعهم.
والحمد لله رب العالمين


https://islamicsham.org