انطلاقاً من الواجب الملقى على عاتق العلماء والدعاة في إرشاد الناس ودعوتهم وتوجيههم، قضى عدد من دعاة هيئة الشام الإسلامية معظم أيام شهر رمضان المبارك في مخيمات اللاجئين السوريين في تركيا، الذين هاجروا فراراً بدينهم وأعراضهم من بطش النظام المجرم وأعوانه.
وقد قاسمهم الدعاة الموفدون من هيئة الشام الإسلامية حياتهم ومعيشتهم، ولمسوا ما يعانيه أهلهم وإخوانهم، وما يقاسونه في هجرتهم من شظف العيش وحرارة الجو وصعوبة الحياة، وكان لهؤلاء الدعاة الأثر الكبير بفضل الله تعالى في وعظ الناس وتوجيههم وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، وحثهم على الرجوع إلى الدين والشرع الحنيف فهو أول أسباب النصر وأعظمها، وربطهم بالله تعالى وتعلّقهم به، وإحياء معاني الإيمان والتوكل والرضا في قلوبهم، وتعليمهم أمور دينهم، وإقرائهم القرآن ومدارستهم إياه، والإمامة بهم في الصلوات والتراويح والتهجد في ليالي رمضان. ومواساتهم فيما أصابهم، نسأل الله أن يفرغ عليهم الصبر والثبات.
كما كان للدعاة دور بارز في حل بعض المشكلات الاجتماعية والنفسية الناشئة عن الظروف الصعبة للعيش في هذه المخيمات، وكذلك علاج بعض المظاهر السلوكية السلبية، وإصلاح ذات البين.
الجدير بالذكر أنه تم توزيع الدعاة الموفدين على مخيمات : أورفه ( رأس العين ) داعيان ( 2 ) ، مخيم الإصلاحية داعيان وأخت داعية ( 3 ) ، مخيم يلاداغي داعيان ( 2 )، مخيم بخشين داعية واحد وأخت داعية ( 2 ). وهم من حملة الشهادات الجامعية، ومنهم أكاديميون وشرعيون وحفظةٌ لكتاب الله تعالى، ومن الممارسين للعمل الدعوي وأصحاب الخبرة والتجربة.
وقد قسّم الدعاة أوقاتهم في المخيمات بحيث يتم التنويع في أساليب الدعوة والفئات المستهدفة ، فتارة تكون الدعوة في المساجد المتوفرة في المخيمات، وتارة في أماكن تجمع الشباب وسهراتهم، وتكون بالدروس العلمية والفقهية التي تعلم الناس أمور دينهم تارة ، وتكون بالمواعظ والسلوك والتهذيب والأخلاق الشرعية والآداب الإسلامية تارة أخرى ، وشرح أمور العقيدة والوقوف مع آيات القرآن وتفسيرها، والسنة النبوية ودروسها، وسيَر السلف الصالح ، وأبواب الجهاد وأحكامه وأسباب النصر وموانعه للحاجة الماسة لها خاصة في هذه الظروف التي تمر بها سورية الحبيبة، إضافة لخُطب الجمعة ، والدروس الخاصة بالنساء أيضاً، وما يحتاج اللاجئون طرحه من المسائل المهمة، والإجابة على استفساراتهم، وإحالة بعض أسئلتهم واستفتاءاتهم للمكتب العلمي بالهيئة للإجابة عليها.
إضافة لحثِّ ذوي العلم في المخيمات على القيام بدورهم في الدعوة والنصح والتوجيه ، والتشاور معهم فيما يُصلح الناس في حالهم ومآلهم.
ولم يُغفِل الدعاة أيضاً الحديث عن نكبات المسلمين ومصائبهم في أنحاء الأرض وواجب الأمة تجاههم، خاصة ما يمارَس على إخواننا في بورما من الظلم والقتل والاضطهاد، فأمة الإسلام أمة واحدة وآلامها وآمالها واحدة.
كما أقامت الهيئة عبر دعاتها مسابقات في حفظ القرآن الكريم وتلاوته على عدة مستويات للرجال والنساء والفتية والفتيات خلال شهر رمضان المبارك. إضافة لمسابقة كبرى في تفسير العشر الأخير من القرآن الكريم يتم تنفيذها في بعض المخيمات.
كذلك تم توزيع عدد كبير من المصاحف والكتيبات في المخيمات ، لتوفيرها في مساجد المخيمات وربط الناس بكتاب الله تعالى خلال شهر رمضان المبارك.
انقضت أيام رمضان ولياليه في ربوع المخيمات، وجاشت المشاعر عند الوداع، عبرّ عنها اللاجئون والدعاة بدموعهم قبل ألسنتهم، فقد تآلفت قلوبهم، وتعانقت أرواحهم، وترك الدعاةُ أثراً طيباً وذكراً حسناً، نسأل الله أن يجعله في موازين حسناتهم، ويعيننا جميعاً على القيام بالواجب الشرعي تجاه أهلنا وإخواننا ويعجل لنا ولهم بالفرج والنصر والتمكين ويردهم إلى ديارهم سالمين غانمين.