تقرير إعلامي يومي يتضمن أهم الأخبار والتحليلات التي يتم جمعها من الصحافة العربية والأجنبية، ولا يعبر عن رأي الهيئة ولا مواقفها تجاه الأحداث
110 قتلى وتقارير عن إعدامات في حمص (1)
قتل ما لا يقل عن 110 أشخاص أمس في سوريا، ففي حلب تجددت المواجهات وعمليات القصف النظامي على أحياء الشعار وطريق الباب و الصاخور وهنانو وبستان القصر، وهي مناطق إلى الجنوب الغربي من حلب كان الجيش الحر غادرها الأسبوع الماضي، إضافة إلى أن الاتصالات مقطوعة تماما عن المدينة منذ صباح أمس, وفي محافظة إدلب هجم الجيش الأسدي على مدينة أريحا، في محاولة لفتح الطريق السريع بين الساحل وحلب وسقط عشرات الجرحى في القصف الذي استهدف أريحا, وفي مواجهات أخرى سقط قتلى وجرحى في قصف استهدف مدن وبلدات التل والكسوة وحرستا و حمورية و مسرابا في ريف دمشق, وسقط جرحى في قصف نفذه الجيش الأسدي على حي الشماس في حمص مع إعدام عشرة مدنيين خلال مداهمة اعتقل خلالها نحو 350 شخصا, وقتل ثلاثة من الأطفال في إطلاق نار على حافلة صغيرة كانت تقلهم لدى نزوحهم مع ذويهم من حي الشماس وذكر المرصد السوري لحقوق أن أحياء الخالدية وجورة الشياح وحمص القديمة لا تزال تتعرض للقصف من قوات النظام السورية التي تحاول اقتحام هذه الأحياء منذ أشهر، وقصفت بلدات الرستن وتلبيسة والقصير في ريف المحافظة.
بيوت من صفيح لإيواء النازحين السوريين في طرابلس لبنان (2)
لجأ نازحون سوريون إلى حارة التنك في طرابلس لبنان لأنها أقل غلاء من المناطق الأخرى، وهي تقع في ضواحي طرابلس الشمالية، وأهلها ينامون في بيوت من صفيح, ويعيش أكثر من تسعة عشر ألف نازح سوري في شمال لبنان من أصل خمسة وثلاثين ألفا، ولطرابلس حصة كبيرة منهم.
معارك متفرقة (3)
تحدث مصدر أمني أسدي عن هجوم بري بدأه الجيش الأسدي على حلب، حيث اقتحم حي صلاح الدين وبدأ تمشيطه وقتل عشرات " الإرهابيين " لكن الجيش الحر نفى اقتحام الحي وأكد سيطرته الكاملة عليه، وقال إن وحداته تحاصر مطار حلب ومبنى الأمن السياسي فيها، وتحدث عن طائرة حربية أسقطت وخمس دبابات تم إعطابها, وقد تمكن لواء التوحيد في الجيش الحر من إعطاب دبابتين قرب دوار السبع بحرات, وقد أنشأ الجيش الحر في ريف حلب سجنا لاستيعاب أكثر من 200 سجين، بينهم ضباط وجنود و شبّيحة اعتقلوا خلال المعارك, وشيع من مشفى الشرطة في حرستا يوم الأحد جثمان الصحفي علي عباس رئيس دائرة الأخبار الداخلية في " سانا " الذي قتل في مكان إقامته في جديدة عرطوز في ريف دمشق .
صحافي سوري وملازم منشق يلقى حتفه تحت القصف (4)
قتل أمس الملازم المجند المنشق عن مرتبات مدرسة الاستطلاع براء يوسف البوشي عن عمر 24 سنة، حيث أعلن انشقاقه عن نظام الأسد وعن مرتبات مدرسة الاستطلاع في دمشق بتاريخ 31 / 5 / 2012 وبدأ عمله كصحافي ميادني لنقل أخبار الجيش الحر وأخبار الثورة وأصبحت صفته " الناطق الرسمي باسم المكتب الإعلامي لألوية أحفاد الرسول وسيف الإسلام وسيف الحق ", وهو شاب حموي من حي الصابونية و قتل وهو يحاول تغطية قصف قوات الأسد لمدينة التل في ريف دمشق .
حجاب : مستشارون من إيران و" حزب الله " لهم الأفضلية في قصر الأسد (5)
فضح رئيس الوزراء المنشق رياض حجاب، الرئيس بشار الأسد بتغريدات في " تويتر "، كشف فيها أن القصر الجمهوري " يحتوي على مكاتب خاصة لمستشارين وخبراء من إيران ومن " حزب الله "، ولهم الأفضلية عند بشار الأسد أكثر من أي مسؤول سوري وأن إيران هي من وجهت الأسد للتعامل مع تظاهرات الشعب السوري بقبضة من حديد والسماح لـحزب الله بدخول سوريا للمشاركة بالقمع نظراً لولائه، وأن الأسد في معظم قراراته لا يستشير إلا الإيرانيين، بينما يسمع آراء الذين حوله ولا يأخذ بها، وهو متزمت بآرائه خاصة التي تؤيده بها إيران ", وأضاف حجاب أن " لا أحد يتدخل في شؤون سوريا كما تتدخل إيران، فمنذ احتلال العراق، سوريا أصبحت بنظرهم ليست حليفاً إنما ولاية تتبع لمرجعيتهم الدينية ", ووصف حجاب الأسد بأنه " كان يسعى لإبراز نفسه على أنه شخصية قوية، في حين هو عكس ذلك تماماً أمام المستشارين الإيرانيين " .
سيدا يؤكد الحاجة لمناطق حظر جوي في سورية تحت حماية دولية (6)
أكد عبد الباسط سيدا رئيس المجلس الوطني السوري أن مسلحي المعارضة يحتاجون إلى مناطق حظر جوي بحماية اجنبية وملاذات آمنة قرب الحدود مع الأردن وتركيا, وقال سيدا إن الولايات المتحدة أدركت أن عدم وجود منطقة حظر جوي للتصدي للسيادة الجوية لقوات الأسد عرقل تحركات المعارضة, وجاءت تصريحات سيدا بعد إعلان وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون أن بلادها وتركيا ستدرسان إجراءات لمساعدة المعارضة السورية من بينها فرض منطقة حظر جوي .
بيروت : دعوات لطرد سفير سوريا بعد مخطط سماحة (7)
صدرت دعوات في بيروت لطرد السفير السوري، بعد توجيه القضاء اتهامات رسمية لضابط سوري كبير ووزير سابق على صلة بدمشق بتدبير تفجيرات واغتيالات لإشعال أزمة طائفية, وقد قال رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي، إن لبنان لن يسمح لأحد بالتدخل في شؤونه أو تحويله ساحة لتصفية الحسابات وتصدير الأزمات وإن القضاء ماض حتى النهاية في التحقيقات في قضية محاولة تفجير الوضع الأمني في لبنان وإثارة الفتن ووضع متفجرات في أكثر من منطقة، لجلاء كل ملابساتها وتحديد المسؤوليات وإصدار الأحكام المناسبة بشأنها ",وتابع ميقاتي معلقاً على اعتقال الوزير السابق ميشال سماحة، والادعاء على رئيس مكتب الأمن القومي في سوريا، اللواء علي مملوك، بتهم التورط في إعداد هذه العمليات : " لقد طلبت من الأجهزة المعنية إجراء التحقيقات الضرورية والفورية لتحديد المسؤوليات في كيفية إدخال هذه المتفجرات إلى لبنان والتشدد في ضبط كل النقاط الحدودية ", وقال ميقاتي إن لبنان انتهج سياسة " النأي بالنفس " لقناعته في " عدم التدخل في شؤون الآخرين .
من جانبه أكد وزير الخارجية اللبناني عدنان منصور عدم وجود أي خطوات دبلوماسية " حتى الآن " على خلفية قضية سماحة، وقال ردا على سؤال في هذا الإطار : " ليس هناك من خطوات دبلوماسية حتى الآن قبل إن يقول القضاء كلمته النهائية وعندئذ يبنى على الشيء مقتضاه " .
مواقف أردنية (8)
اعتبر العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني أن ما يحدث من تطورات متسارعة على الساحة السورية مقلق للغاية، مؤكدا ضرورة تكاتف جهود الجميع لإيجاد حل سياسي للأزمة يضع حدا للعنف ويوقف إراقة الدماء، ويحافظ على وحدة سوريا وتماسك شعبها, جاء ذلك خلال استقبال الملك عبد الله الثاني أمس وزير الخارجية الكندي جون بيرد، وقد لفت الملك عبد الله الثاني إلى ما يتحمله الأردن من أعباء كبيرة جراء استمرار نزوح اللاجئين السوريين إلى الأردن، نتيجة لتفاقم الوضع وازدياد حدة العنف في سوريا، مثمنا وقوف ومساندة الكثير من الدول للأردن لتمكينه من التعامل مع اللاجئين وتوفير خدمات الإغاثة لهم .
وأكد الوزير الكندي التزام بلاده بتقديم المساعدات للأردن لمواجهة الأعباء المتزايدة والناجمة عن استضافة اللاجئين السوريين, وكان بيرد قد أعلن عن مساعدات كندية بقية 4.5 مليون دولار لصالح اللاجئين السوريين خلال زيارته لمخيم الزعتري الذي يضم نحو 5 آلاف لاجئ سوري .
من جانبه، أكد وزير الدولة لشؤون الإعلام والإتصال الأردني سميح المعايطة أنه « لم يطلب من الأردن أي موقف سياسي تجاه الأزمة السورية، مقابل دعمه اقتصاديا أو تقديم المساعدات للاجئين »، مجددا التأكيد على موقف بلاده المتمثل في عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدولة السورية .
مساعدة صحية سعودية للسوريين في الأردن (9)
وجه الأمير أحمد بن عبد العزيز وزير الداخلية السعودي باعتماد برنامج الرعاية الصحية الشاملة للأشقاء السوريين في الأردن من خلال إنشاء مراكز صحية وعيادات طبية متنقلة في مخيمات الأشقاء السوريين في الأردن، مع توفير جميع التجهيزات الطبية والأدوية والكوادر المتخصصة في تقديم الرعاية الصحية عبر هذه المراكز والعيادات المتنقلة، وتأمين سيارات إسعاف لنقل الحالات الحرجة بتكلفة إجمالية تقارب من إحدى وعشرين مليون ريال سعودي .
وستنطلق لاحقا 35 شاحنة إغاثية من الرياض متوجهة لمخيمات اللاجئين السوريين في الأردن وتتضمن تلك الشاحنات التي تأتي ضمن الحملة الوطنية السعودية لنصرة الأشقاء في سورية فرشا ومراتب وسكرا ومياها صحية ووجبات سريعة وتمورا وعصائر وزيوتا ودقيقا وبطانيات موزعة على ثلاث سلال هي سلة الأسرة وسلة الطفل والحقيبة الطبية وتزن 700 طنا .
توقعات بانكماش الاقتصاد السوري هذا العام: (10)
في تقريرها السنوي حول التطورات الاقتصادية والاجتماعية لدول غرب آسيا توقعت اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا والتابعة للأمم المتحدة انخفاض الناتج المحلي الإجمالي السوري بمعدل 5.5 بالمائة هذه السنة مقارنة بـ 3.1 بالمائة في عام 2011، بينما توقع البنك العالمي انكماشاً أكبر بمعدل 6.4 بالمائة. وكانت سورية هي الدولة الوحيدة التي سجلت نتائج سلبية من بين 14 دولة شملتهم الدراسة. وتوقعت الدراسة أيضاً أن ينخفض معدل الإنتاج اليومي للنفط ليصل إلى 220,000 برميل مقارنة بـ 370,000 برميل يومياً خلال العام الماضي وذلك بسبب توقف صادرات النفط إلى أوروبا بشكل تام نتيجة للعقوبات الاقتصادية الأوروبية التي استهدفت قطاعَي النفط والبنوك
العقوبات الاقتصادية (11)
فرضت واشنطن، اليوم الجمعة، عقوبات على شركة تسويق النفط السورية «سيترول» الحكومية بسبب تعاملاتها مع إيران، وذلك في إطار المساعي الأمريكية للتضييق على النظامين في طهران ودمشق، وتجفيف عائداتهما الضرورية.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، باتريك فينتريل، في بيان: "إن هذا النوع من التجارة يسمح لإيران بمواصلة تطوير برنامجها النووي، وفي الوقت ذاته بتزويد الحكومة السورية الموارد لقمع شعبها"، وأضاف المتحدث، أن دمشق وطهران أجرتا تعاملات في قطاع الطاقة، "بحيث أرسلت سوريا 33 ألف طن متر من البنزين إلى إيران في إبريل، في صفقة قيل إن قيمتها بلغت 36 مليون دولار.
وتابع: "رغم أن هذه العقوبات هي نتيجة مباشرة لتزويد سوريا لإيران بالبنزين، إلا أن الولايات المتحدة تعتبر أن الدعم الأوسع الذي تقدمه إيران لنظام الرئيس السوري بشار الأسد، غير مبرر مطلقًا."
وقال أيضًا: "إن إيران تنشط في تقديم الدعم والإمدادات والمساعدة لقوات الأمن السورية والمليشيات المدعومة من النظام، التي ترتكب انتهاكات كبيرة لحقوق الإنسان ضد الشعب السوري."
وقال فينتريل: "إن المسؤولين الإيرانيين يتفاخرون بالدعم الذي تقدمه إيران للأسد"، مضيفا أن ما تقوم به إيران في سوريا يؤكد خوفها من فقدان حليفها الوحيد المتبقي في الشرق الأوسط، والذي يعتبر قناة مهمة لحزب الله.
وأضاف، أن: "العقوبات التي فرضت اليوم تبعث برسالة واضحة؛ هي أن الولايات المتحدة تعارض بشدة مبيعات منتجات النفط المكررة إلى إيران، وستستخدم جميع الإجراءات المتوافرة لوقف ذلك."
هل هم سوريون وعرب مسلمون (12)
صرح أردوغان في حفل إفطار في اسطنبول قبل أيام إنه يشكّ في أن يكون بشار الأسد مسلمًا، ذلك أنه لا يمكن لحاكم يقترف بحق شعبه ومدنه ما يقترفه بشار الأسد أن يكون على دين الإسلام, وما شكّ به أردوغان أكّده الباحث السوسيولوجي الفرنسي ميشال سورا الذي أجرى دراسات ميدانية في منطقة العلويين بسوريا انتهت به إلى اعتبار أن العلويين لا يدينون بالولاء لا لسوريا ولا للعرب ولا للإسلام. فهم « أقلية دينية متقوقعة على نفسها لها عقائدها الخاصة المختلفة اختلافًا جذريًّا عن عقائد المسلمين », وقد ذكر وجهاء وزعماء هذه الطائفة صراحة للفرنسيين عند إنشاء دولتهم العلوية في العشرينيات من القرن الماضي أنهم لا يريدون الالتحاق بالدولة السورية لأنهم شعب آخر غير الشعب السوري: « ديانتهم غير ديانتنا وعاداتهم وتقاليدهم غير عاداتنا وتقاليدنا ولا يربطنا بهم سوى اللغة », أمضى سورا أشهرًا في بلاد العلويين درس خلالها عقائدهم وموروثاتهم الشعبية دراسة علمية مستفيضة، وعندما بدأ ينشر أبحاثه في مجلة فرنسية متخصّصة بعلم الاجتماع، بلغ الخبر الرئيس السوري حافظ الأسد فأوعز لمخابراته في لبنان بالقبض على سورا حيًّا أو ميّتًا, وقد قبضوا عليه بالفعل وعمدوا إلى تصفيته على الفور، ثم دفنوه في مكان ناء في البقاع, وعندما تعرّفت زوجته ( وكانت سورية من حلب ) على بقايا جثته فيما بعد، حملتها إلى باريس حيث دُفن في مقبرة أسرته في الريف الفرنسي .
كان حافظ الأسد شديد الحساسية تجاه كل من يتلفظ بكلمة « علوي » فهذه الكلمة كانت تزعجه وتغضبه وتشعره بالمهانة وبكونه واحدًا من أقلية منغلقة على ذاتها امتهنت الفلاحة والمهن المتواضعة وورثت خرافات وعقائد بعيدة كل البعد عن الإسلام, من ذلك انتشار عقيدة عبادة الشخص وكان حافظ الأسد يعرف جيّدًا ما يقوله الآخرون عن طائفته وعقائدها وممارساتها الدينية في الخفاء، لذلك كان حسّاسًا تجاه من يغمز من عقيدته أو من عقيدة طائفته، فينتقم منه شرّ انتقام, كما انتقم على سبيل المثال من صاحب « الحوادث » سليم اللوزي فقتله، وقتل الزعيم اللبناني كمال جنبلاط فلما جاء باحث فرنسي إلى بلاد العلويين وكتب ما كتب عن انعدام الولاء عندهم لسوريا والعرب والإسلام، كان هذا الباحث الفرنسي يسعى بنظر حافظ الأسد إلى حتفه إذ كيف يُعلن مثل هذه الحقيقة المرّة ويصل إلى هذه النتيجة في وقت حرج شديد الحرج بالنسبة إليه هو وقت سعيه إلى بسط نفوذه ونفوذ طائفته على سوريا ؟ .
حول عدم الولاء لسوريا، يجد المرء اليوم ما يؤكد دقة استنتاج الباحث الفرنسي المقتول شهيد حرية الرأي والضمير. فكيف يمكن أن يكون سوريًّا من يصعد إلى رأس جبل مُطل على مدينة حماه ( كما فعل حافظ وشقيقه رفعت في الثمانينيات من القرن الماضي ) ومعه مدافع وراجمات صواريخ ويمطر المدينة بما أهلك من أهلها عشرات الآلاف ؟ وكيف يمكن أن يكون سوريًّا من يفعل اليوم ما يفعله بسائر المدن السورية ؟, هل يمكن لجيش سوري وطني أن يقصف المدن السورية الثائرة على هذا النحو ؟ ثمّة إذن خلل في الضمير والولاء مردُّه شعور هذا الجيش ( المسمّى خطأً بالجيش السوري ) بأنه جيش طائفة معيّنة لا جيشًا وطنيًّا، وبأنه جيش شعب آخر غير الشعب السوري .
إن تدمير المدن السورية على النحو الجاري الآن عملية مدروسة وممنهجة وتشارك فيها أطراف عدة في طليعتها روسيا وإيران لا يمكن تحميل النظام العلوي وحده مسؤولية تدمير هذه المدن، وإن كان يتحمّل القسط الأكبر من هذا التدمير بالطبع مدفوعا بما لا يخفى من الأسباب وأولها السبب المذهبي. هو ينتقم لوجدان مريض ولذاكرة مشرعة بالهزائم والخيبات ولعبُ التاريخ، ويتصور ان مدنه وقراه في الساحل السوري ستظل بمنأى عن ويلات الحرب، وأن دويلته المذهبية جاهزة عند الضرورة عندما تضطر قواته للانكفاء إليها بعد انتهاء مهمتها في المدن الجاري هدمها الآن, حسابات خاطئة لا ترتكز إلى الواقع لأن مسلمي مدن الساحل السوري يؤلفون أكثرية سكان هذه المدن، إسلامية اللاذقية وبانياس وطرطوس لا تقل عن إسلامية حمص وحماة وإدلب، وهذا يعني أن مشروع بعث الدويلة العلوية التي أنشأها الفرنسيون في سوريا في العشرينيات من القرن الماضي، لا يمكن أن يكُتب له النجاح. أليس لافتًا للنظر أن كل أطياف المعارضة السورية لم تتلفظ يومًا بعبارة طائفية أو مذهبية، في وقت لا يُفارق فيه النظام وجماعته خندق الطائفية والمذهبية ؟ .
متقاعدو الحرس الثوري والجيش في دمشق (13)
في وقت ينزح فيه السوريون هرباً من إصلاحات النظام الدموية من مكان إلى آخر داخل سورية وخارجها بعشرات الآلاف ومئاتها, وفي وقت تُحذر فيه دول العالم رعاياها من السفر إلى سورية بل وتُجليها, فإن إيران خلافاً عن السوريين والخلق أجمعين نجدها غير معنيةٍ بذلك, بل تُرسل رعاياها, خبراء ومستشارين, بحجة الحج وزيارة الأماكن المقدسة في ظروف وملابسات مريبة هدفها الراجح أعمال أمنية ولوجستية عسكرية لدعم النظام المتهاوي والمهترئ, ورغم كل التحذيرات التي قيلت في هذا الخصوص فإن الإيرانيين لسبب أو آخر مصرون إصراراً على دعم نظام عُتل في الإجرام, رجالاً وعتاداً وسلاحاً, ولقد جاء احتجاز باص فيه ثمانية وأربعون إيرانياً في الرابع من أغسطس الجاري من قبل المعارضة في دمشق, ومعه التصريحات المتضاربة من النظام السوري والإيراني وجماعة " حزب الله " عن ركاب الباص, ليؤكد أن هناك تمويهاً وتعمية, وتُقيا وتغطية على أمرٍ يراد له أن يبقى مخبوءً وقد كشفه الله, فكلام القنصل الإيراني في دمشق أفاد أنهم زوار كانوا متجهين إلى المطار في طريق سفرهم, وكلام الإعلام السوري أفاد بأنهم اختُطفوا عندما كانت حافلتهم قادمة من المطار, أما تلفزيون " المنار " فأعلمنا أنهم اختطفوا بعدما انطلقت حافلتهم من الفندق باتجاه حرم السيدة زينب. أما كلام الجهة المعارضِة المحتجِزة, فهم من عناصر الحرس الثوري والجيش والأمن ممن يقفون في الصف الخلفي مع النظام, يشاركون بطريقة ما في قتل السوريين المعارضين والثائرين على نظام بشار الاسد بتدريب شبيحته, وتخريج القناصين, وتنظيم دورات لوجستية معلوماتية لمراقبة الثوار ومتابعتهم في التواصل والاتصالات, وهو كلام اضطر وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي منذ يومين للاعتراف ببعضه, ولكنه ذكر أنهم من المتقاعدين, ثم جاء ما ذكره الموقع الإيراني اليساري " بيك نت " من خبرٍ على أن المجموعة كانت في مهمة تدريب قوات بشار الأسد على حرب الشوارع ما يستوجب التوقف عنده, إضافة إلى أن الحرس الثوري الإيراني بعد بث فيديو المختطفين الإيرانيين, منع أسر المختطَفين من إجراء أي اتصال بوسائل إعلام إيرانية أو أجنبية أو التعاطي معها خشية احتمال كشف هويتهم والخفي القبيح من أمرهم, ما يُستبعد معه أن يكونوا مسافرين إيرانيين عاديين, بل هم في مهمة مستترة, وقمعية قذرة تستهدف بنتائجها الثورة السورية وناسها.
ولكن إذا علمنا أن الثورة السورية منذ اندلاعها كانت مقتصرة على شأن سوري داخلي مُطالبٍ بحرية وكرامة ضد قمع وفساد من نظام فاشي بات مقاوماً عصياً وممانعاً مستعصياً على الإصلاح, ولم تكن بتاتاً تستهدف الإيراني, ولا العلاقات السورية - الإيرانية أو التحالف القائم بينهما, ولكن ما ظهر مع الأشهر الأولى للثورة من الاختيار الشيطاني للنظام الإيراني المتنكر لثورة الحسين ( عليه السلام ) وشعاراتها, بما كان من وقوفه إلى جانب النظام القاتل ضد السوريين الثائرين وهتافهم لحريتهم غير في الحقيقة من نظرة السوريين للنظام الإيراني الذي بات في صف نظام الإجرام. وعليه, فإن نداء وزير الخارجية الإيراني الذي جاء فيه : إننا في شهر رمضان المبارك وكلا الطرفين, الخاطفين والمخطوفين مسلمين, فقد أرسلنا نداءً عبر قنوات مختلفة طالبين إطلاق سراح الإيرانيين, انطلاقاً من مبادئ الأخوة الإسلامية, يُنظر إليه عند السوريين للأسف على أنه ليس إلا شكلاً من أشكال النفاق والخداع الذي يريد أن يدغدغ عواطف السوريين بأخوة إسلامية, يَعمل في حقيقته على محاربتها واستئصالها بدعمه ونظامه, لقاتلهم وقامعهم وسفاكهم وظهيراً لإجرامه وجرائمه .
إن وجود الإيرانيين في سورية ليس بريئاً, وليس مصادفة أن يوجد متقاعدون إيرانيون عسكريون وثوريون فيها والنظام يواجه شعبه بحرب ماحقة ساحقة انعدمت فيها الإنسانية وتلاشى فيها الضمير على طريقة التتار والمغول, والنظام الإيراني لا يتردد كل يوم في تأكيده بالوقوف إلى جانب بشار الأسد وأنهم لن يسمحوا بسقوطه, ولهم في ذلك حجج ضلالية مختلفة ما عادت تنطلي على أحد من العالمين.
إن المعارضين السوريين بالتأكيد لم ولن يذهبوا إلى طهران أو غيرها لاعتقال إيرانيين من الحرس الثوري والجيش, وإنما هم الذي قدموا إلى دمشق دعماً للقاتل ونصرةً لفظائعه ووقفةً مع توحشه وعليه, فإن موقفاً إيجابياً إيرانياً يبرأ فيه من نظام الإجرام, ويسحب فيه كامل عناصره المتواجدين على الأرض السورية, ويُوقف كل أشكال دعمه لهذا النظام القميء, أمر يستوجب على الجهة المعارِضة إطلاق سراح الثمانية والأربعين, لتنتهي مشكلتهم وينقلبوا إلى أهلهم آمنين, وإلا فانتظار قرار القضاء السوري فيهم بعد سقوط النظام إن كُتبت لهم الحياة, ولم يُقتلوا على يد " شبيحة " الأسد وقوات أمنه عشوائياً كما يقتلون كل يوم مئات السوريين بمساعدة الإيرانيين أنفسهم توجيهاً وتدريباً وخبرةً وعتاداً وعدداً وسلاحاً.