الموانع العشرة للنجاح
الكاتب : شيماء نعمان
الأربعاء 13 فبراير 2019 م
عدد الزيارات : 3133

 

الموانع العشرة للنجاح

 

قد نعلم أن للنجاح وجوها عدة، وأسبابا متنوعة ربما من المبالغة افتراض إمكانية حصرها بصورة تامة؛ غير أن حياة الناجحين في مجملها تتسم بملامح مشتركة تجعلها كشهاب متوهج تلتمع فيه بعض العادات وبعض المحظورات التي تدور في فلكها حياة المتميزين من بني البشر.

فالله سبحانه وتعالى لا يضيع أجر من أحسن عملاً سواء كان ذكرًا أو أنثى أو مؤمناً أو حتى منكراً لوجود الله؛ فالعالم الذي يبذل وسعه من أجل بحثه وتجاربه للوصول إلى علاج جديد أو نظرية نافعة أو خير للبشرية لن يجزى إلا ما سعى وسيحظى بالنتائج التي قدمتها يداه ولا يظلم ربك أحداً.

وربما يكون مثل ذلك الباحث على غير دين الإسلام ولكن النجاح هو عملة المجتهدين في كل زمان ومكان ومنحة الله لجميع عباده العاملين بسنن الله في كونه.

وإذا كان الخالق يمنح نعمة النجاح لكل جادٍ طامح إليه، فما بالك بمن يسعى حثيثًا بقوة إيمان وعظيم هدف ونية خالصة لوجه الله، أليس هو الأجدر بتوفيق الله وتيسيره وهو الأكبر أجرًا في دنياه وآخرته؟!

ويكشف الواقع اليومي للناجحين أنهم الأكثر إيمانًا وتنظيمًا ومرونة؛ ليس هذا فحسب بل أنهم كذلك الأكثر بعدًا عن عدد من المثالب التي يسهل أن يقع فيها غيرهم وينأون هم عنها بكل إصرار وعزم؛ وقد حاولنا تلخيصهم في النقاط العشر الآتية:

لقد فطن الناجحون إلى أن من أبرز موانع النجاح:

أولاً: ضعف التوكل على الله: فقد ينخدع الإنسان بعمله أو مهارته أو قدرته فتتجه بوصلته نحو الكبر والغرور، وهنا تكون العاقبة إما بسقوط المرء في براثن نجاح زائف فارغ من النية الخالصة والإخلاص لله، أو إخفاق ناتج عن سوء تقدير لفضل الله ومنحه في عون عباده المؤمنين؛ فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لو أنكم توكلون على الله حق توكله، لرزقكم كما يرزق الطير، تغدو خماصا، وتروح بطانا"[1]

 

ثانيًا: فقدان الخطة اليومية: يعرف الناجحون بأنهم أصحاب الأهداف المحددة سواء على المدى القصير أو الطويل؛ إلا أنه من الصعب أن تجد ناجحًا بلا أجندة يومية يحدد فيها أولويات يومه وخطته لتحقيقها؛ بل ويعمل على إجادة ما يعمل وإتقانه أسوة بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه"[2]

 

ثالثًا: الاحتكاك المستمر بالشخصيات السلبية: وهي معضلة كبرى يتلافى الناجحون الانزلاق إليها حتى وإن كانت تلك الشخصيات من المقربين؛ فعلى الأقل يجب الانتباه في هذه الحالة حتى لا يحدث التشبع بطاقاتهم غير الإيجابية ومن ثم وقوع التأثير السلبي؛ بل ويتعين على الناجحين كذلك اتخاذ دائرة قريبة من الشخصيات الإيجابية الفعالة المتفائلة والصحبة الطيبة الصالحة لما لذلك من مردود طيب على مستوى الحماس والإنجاز. وفي ذلك وصية نبوية كريمة ينبغي على من يرغب في النجاح التمسك بها؛ فقد قال: صلى الله عليه وسلم: "الرجل على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل"[3].

 

رابعًا: الإحباط من تجربة الفشل: فالأشخاص الناجحون يتقبلون حقيقة أن الفشل جزء لا يتجزأ من النجاح، بل ويرون فيه فرصة لفهم أكبر ومعرفة أوسع ونجاح أشمل على المدى الطويل. فهم يعلمون أنه لا معنى لعدد مرات الفشل ما دامت تؤدي إلى المضي في الطريق الصحيح للنجاح. ويعملون بقول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: "وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كان كذا وكذا، ولكن قل : قدر الله ، وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان"[4]

 

خامسًا: الاهتمام بتقييم الآخرين ونظرتهم لك: يقول "دانا جوردون" صاحب كتاب (أسرار النجاح) أن: "السعادة اختيار وليست حدثًا. لدينا في كل لحظة من كل يوم فرصة لاختيار كيفية رؤية موقفنا وظروفنا"؛ وهو ما يعني أننا يمكن أن نختار ما يسعدنا؛ فالناجحون لا ينظرون لقيمتهم وفق ما يعتقده عنهم الآخرون لأن لديهم بالفعل تقييمهم الذاتي لأنفسهم وكذلك لديهم أهدافهم ومبادئهم الخاصة ومن ثم فهم يتفهمون أن حكم الآخرين عليهم ليس واقعيًا ما لم يقتنعون به ويقرون بصحته.

 

سادسًا: الإكثار من الأعذار: على الرغم من أن الناجحين لديهم القدرة على تقبل الإخفاق في طريق تحقيق تطلعاتهم؛ إلا أنهم يسدون الذرائع التي قد تؤدي إلى حدوثه؛ فيتجنبون الاعتماد على الأعذار أو تحميل غيرهم لمسئولياتهم رغبة منهم في أداء الدور المنوط بهم أداؤه لبلوغ أهدافهم.

 

سابعًا: الغيرة من نجاحات غيرهم: تسترعي المنافسة اهتمام الأشخاص الناجحين ولكنهم يتقبلون بصدر رحب إذا حقق الآخرون نجاحًا في نفس مضمارهم أو تفوقوا عليهم لما في ذلك من تحفيز لهم وتأكيد على أنهم يستطيعون الوصول إلى نفس المكانة بمزيد من العمل الدؤوب.

 

ثامنُا: إهمال الصحة والترفيه: يدرك الناجحون أن عدم الاهتمام براحة الجسم وصحته وصفاء الذهن والعقل تؤدي إلى نتائج عكسية ما قد يعرضهم لعوائق تحول دون استمرار أدائهم بنفس القوة والإقدام. ويسترشدون في حياتهم بالمبدأ الإيماني "ولنفسك عليك حق"؛ فقد جاءت شريعة الإسلام لتحقق التوازن في حياة البشر بين حقوق وواجبات دون أن تغفل الطبيعة الإنسانية التي قد يعتريها الملل أو الفتور أحياناً فنجد ذلك جليًا في قوله تعالى "وَابْتَغِ فِيمَا آَتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآَخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ"[5]

 

تاسعًا: الأهداف غير الواضحة والقرارات الهشة: لا يعتمد الناجحون إلا على أهداف محددة وواضحة؛ فهم يعرفون تمامًا ماذا يريدون وهو ما يجعلهم قادرين على مواصلة طريق الاجتهاد وقياس مدى قربهم أو بعدهم عن إنجاز الهدف. فضلاً عن أن قراراتهم تدخل حيز التنفيذ فور التوصل إليها والوقوف على أرض صلبة؛ وهو سر الثقة في النفس التي تميز حياة الناجحين لأنهم يثبتون لأنفسهم دائمًا أن في استطاعتهم تحقيق ما يخططون له.

 

عاشرًا: مقاومة التغيير: من المنطقي أن يواجه أصحاب الأهداف بعض العقبات في مسلكهم نحو أهدافهم إلا أن ردود أفعالهم تختلف حتمًا عن غيرهم؛ فالناجحون أشخاص ينتهجون المرونة في حياتهم ولا تثني إرادتهم اضطرارهم في بعض الأحيان إلى تغيير خططهم أو استراتيجياتهم نحو هدفهم. فاقتناعهم بالهدف يجعلهم لا يقاومون تغيير سبل الوصول إليه.

 

فكيف للمسلم أن يفرط في آليات النجاح أو يتقاعس عنها، ألم يعلم أن المؤمن القوي خير عند الله من المؤمن الضعيف؟! إن المؤمن القوي يمثل نموذجًا ناجحًا يتقي الله، ويصبر على منغصات الحياة، ويحتمل طريق الإعمار في أرض الله، ويؤثر على نفسه ولا يكره أو يتكبر أو ينساق في طريق الغرور ويضع صوب ناظريه على الدوام قوله تعالى: "مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ"[6]

 

نقلا عن موقع المسلم



[1]رواه الإمام أحمد والترمذي.

[2]أخرجه أبو يعلى والطبراني.

[3]رواه الترمذي

[4]رواه مسلم.

[5] القصص، الآية 77

[6]النحل، الآية: 97.


https://islamicsham.org