ربط الولد بالصحبة الصالحة
الكاتب : د. ياسر بن مصطفى الشلبي
الاثنين 10 سبتمبر 2018 م
عدد الزيارات : 2910

 

ربط الولد بالصحبة الصالحة


من العوامل المهمة في تكوين الولد إيمانيًّا ونفسيًّا وإعداده خلقيًّا واجتماعيًّا ربطُ الولد منذ نعومة أظفاره بالصحبة المؤمنة الصالحة، ليكتسب منها ما ينمي شخصيته من علم نافع وأدب سامٍ وأخلاق فاضلة. وبناء على هذا يتوجب على الوالدين البحث عن نوعيات من الأصدقاء الصالحين لأبنائهم يلتقون معهم على الدوام في المسجد وأوقات الفراغ، أو في مزاولة الرياضة.. وهكذا.
    ومن الأمور التي ينبغي على الأبوين ملاحظتها والاهتمام بها والسعي الجاد في تحقيقها اختيار الأصدقاء من القرابة فهم أول من يلتقي بهم الولد ويجتمع معهم، ويتعرف عليهم، وهم أول من يكتسب منهم ويأخذ عنهم ، وفي حالة عدم وجود القريب الصالح يتوجب على الأب ربط ولده برفقة صالحة من أبناء الحي أو الجيران لتحفظ ولده من الاندماج بالرفقة السيئة المنحرفة التي يتأثر الطفل بها وينجذب إليها ويتقبل أفكارها، لكونه لم يصل بعد إلى مرتبة النضج العقلي والثقافي الذي يجعله يستطيع التمييز بين ما هو صحيح وبين ما هو خاطئ، ما قد يؤدي به إلى الانحراف في السلوك .
    ومن أجل بيان أهمية نوعية الأصدقاء وأثرها في الرفقة نستمع إلى مربي البشرية وهاديها إلى كل خير، ففي الصحيحين عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إنما مثل الجليس الصالح وجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحا طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحًا منتنة"
    فما أحوج البشرية إلى هذه التربية الفذة الصادرة ممن لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى ...
فما أروعه من معنى !! وما أجمله من تصوير تتجلى فيه البلاغة النبوية وروعة البيان !! فها هو صلى الله عليه وسلم يربي بالترغيب والترهيب، يرغبنا في صحبة الصالحين، ويحذرنا من صداقة السيئين بأسلوب حيّ صادق من خلال ضرب المثل الواقعي لكل من الجليسين.
   فالجليس الصالح والصديق الفاضل هو ذلك الإنسان الذي يتحلى بالأخلاق الحميدة والسلوك الحسن، وهذا ما ترتاح إليه النفس، ويطمئن له القلب، ويسعد الإنسان بصحبته، ولهذا شبهه رسول الله صلى الله عليه وسلم ببائع الطيب الذي ينفحك بعطره، فإما أن يهديك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد عنده ريحا طيبة، فأنت معه في ربح دائم ونشوة غامرة.
     أما جليس السوء والصاحب الذي فسدت طباعه، وساءت أخلاقه، فقد شبهه نبينا عليه صلوات ربي وسلامه بالحدّاد الذي ينفخ الكير، فالإنسان معه في خسارة دائمة، فإن لم يحرقك بناره أحرقك بشراره، أو علقت بك روائحه الكريهة التي تتأذى منها النفوس السليمة.
    فحري بنا أخي الكريم – أختي الكريمة وقد علمنا أن الأبناء لابد لهم من أصحاب يلتقون معهم، ويجدون في خلطتهم الأنس لقلوبهم، والترويح عن أنفسهم أن نبحث لهم عن رفقة صالحة عملا بوصية نبينا وحبيبنا صلى الله عليه وسلم من أجل إكسابهم صفات الخير ومكارم الأخلاق.
    ولنتذكر دوما وصية نبينا صلى الله عليه وسلم : "المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل" وأن المرء يحشر مع من أحب .


https://islamicsham.org