بشار الأسد في السلطة.. العقد الضائع
الكاتب : أحمد أرسلان
الاثنين 10 سبتمبر 2018 م
عدد الزيارات : 18102

 

بشار الأسد في السلطة.. العقد الضائع


يُعَد بشار الأسد أول رئيس عربي يصل إلى السلطة بالوراثة ضمن الجمهوريات العربية! حيث كان حافظ الأسد يعِد ابنه باسل لخلافته، إلا أنه لقي مصرعه في حادث مروري عام 1994م، فعاد على إثرها بشار الأسد من بريطانيا ليتم إعداده بديلا عن أخيه، والتحق بالجيش برتبة نقيب، ليرقى سريعًا ويصل إلى رتبة عقيد ركن عام 1999م، وبعد وفاة حافظ الأسد في 10 يونيو/حزيران 2000م اجتمع البرلمان السوري وعدَّل المادة رقم 83 في دستور الجمهورية العربية السورية خلال ثوان، ليصبح عمر رئيس الجمهورية 34 بدلا من 40 ليناسب مقاس بشار الأسد، وانتخب بمسرحية شبيهة باستفتاءات حافظ الأسد في مطلع شهر يوليو/ تموز عام 2000م رئيسًا للجمهورية العربية السورية، ليكمل بذلك حكم آل الأسد لسوريا، بعد أن حكمها أبوه 30 عامًا.
ظن السوريون أنهم مقبلون على عصر جديد، تشرق فيه شمس الإصلاحات والحريات، كما أوحى لهم رئيس الجمهورية الشاب في خطابه، وسميت الأشهر الأولى من حكم بشار الأسد بربيع دمشق، حيث تحدث المعارض رياض الترك في مقال له في جريدة النهار اللبنانية أن «من غير الممكن أن تظل سورية مملكة الصمت»، وفي منتصف أيلول/سبتمبر 2000م أطلق النائب السوري رياض سيف في منزله بدمشق منتدى أسماه منتدى الحوار الديمقراطي. وبعد مرور شهرين تقريبًا على خطاب القسم صدر بيان سمي بيان الـ 99، وقع عليه 99 مثقفًا سوريًا طالبوا فيه برفع حالة الطوارئ وإطلاق الحريات العامة والإفراج عن المعتقلين السياسيين. وفي مطلع عام 2001 صدر بيان آخر من مجموعة من المحامين السوريين طالب بمراجعة دستورية شاملة، وبإلغاء القوانين والمحاكم الاستثنائية وإطلاق الحريات العامة.
وأنشئت منتديات فكرية وثقافية وسياسية، شهدت مناقشات سياسية واجتماعية تطرح لأول مرة، إلا أن هذا الربيع لم يدم أكثر من سبعة أشهر، إذ صرح وزير الإعلام السوري عدنان عمران بأن "دعاة المجتمع المدني استعمار جديد"، وشن عبد الحليم خدام نائب الرئيس السوري آنذاك هجومًا على المثقفين، قائلاً: «لن نسمح بتحويل سورية إلى جزائر أو يوغوسلافيا أخرى»
وباشرت أجهزة الأمن منتصف شهر شباط/فبراير 2001م تجميد أنشطة المنتديات الفكرية والثقافية والسياسية، فبقي من 70 منتدى كان موجودًا قبل فرض القيود اثنان فقط، وصرح بشار الأسد في منتصف شهر آذار/مارس أثناء حضوره مناورات للقوات المسلحة: «في سورية أسس لا يمكن المساس بها، قوامها مصالح الشعب وأهدافه الوطنية والقومية والوحدة الوطنية، ونهج القائد الخالد حافظ الأسد والقوات المسلحة».
وفي منتصف شهر نيسان/أبريل 2001م صدرت الوثيقة الثانية للجان إحياء المجتمع المدني تحت عنوان "توافقات وطنية عامة"، ومن بعدها ظهر بيان جمع 185 مثقفًا ومُبعدًا يتضامنون مع البيانات الصادرة داخل الوطن، ومطالبين بإطلاق الحريات العامة، والسماح بعودة المبعدين.
بعد أيام رد مصطفى طلاس وزير الدفاع السوري السابق ورفيق درب حافظ الأسد منذ انقلابه على السلطة، بقوله: «إننا أصحاب حق ولن نقبل بأن ينتزع أحد منا السلطة لأنها تنبع من فوهة بندقية ونحن أصحابها. لقد قمنا بحركات عسكرية متعددة، ودفعنا دماءنا من أجل السلطة».
وهكذا تحول الربيع إلى خريف، حيث اُعتقل النشطاء والسياسيون المعارضون، واُعتقل عدد من أعضاء مجلس الشعب (البرلمان) وعلى رأسهم النائب رياض سيف عقب نشر دراسة عن مشروع الهاتف الخليوي – الجوال – في سوريا نبه فيه إلى ضياع 7 مليارات دولار على الدولة السورية، حيث أودعوا بالسجن بأحكام تتراوح ما بين سنتين وعشر سنوات، أما صفقة الخليوي فقد أكمل بشار الأسد صفقة الفساد فيها، وباع الشركتين إلى ابن خاله رامي مخلوف بثمن يعادل 10 بالمئة من قيمتها الفعلية.
وهكذا، تحطمت الآمال واتسمت السنوات التالية في حكم بشار الأسد بالفساد المالي والإداري والقمع الشديد وانتهاكات حقوق الإنسان والرقابة الصارمة، حتى إن منظمة «هيومان رايتس ووتش» انتقدت بشدة هذه السنوات العشر بوصفها «العقد الضائع».


المراجع:
الجزيرة نت - مركز جيرون


https://islamicsham.org