التقرير الاستراتيجي (16) [ 1-15 يونيو 2012 ]
الكاتب : المكتب السياسي - هيئة الشام الإسلامية
السبت 16 يونيو 2012 م
عدد الزيارات : 29735

تقرير أسبوعي تعدّه وحدة الرّصد بالمكتب السياسي في هيئة الشام الإسلامية، يتضمن معلومات مفصلة عن التطورات العسكرية والمواقف الدولية من الأحداث الجارية في سوريا، ويعتمد على تقارير عسكرية غربية، ودراسات مراكز الفكر، وغيرها من المواد التي لا تنشر في وسائل الإعلام.

أولاً: الأوضاع الميدانية :

تواجه العناصر العاملة في سوريا من "حزب الله" تصعيداً نوعياً في العمليات ضدها؛ فعلى إثر اعتقال مجموعة مكونة من أحد عشر لبنانياً بالقرب من حلب في 22 مايو الماضي، تسربت أنباء خطيرة عن احتجاز خمسة مقاتلين من الحزب، منهم علي صفا الذي يعمل في جهاز الأمن التابع للحزب، وهو ابن وفيق صفا زوج أخت حسن نصر الله.
كما ضمت قائمة المحتجزين بيد المعارضة كلاً من: حسين حامد نائب قائد قوات الحزب في جنوب لبنان، وعلي زريب عضو مجلس "الجهاد" في الحزب، وحسن أرزوني المسؤول عن جهاز الأمن التابع للحزب في منطقة بنت جبيل الحدودية، وإلياس شعيب المسؤول عن معسكرات التدريب في وادي البقاع.
وتشير المصادر إلى أن هذه المجموعة من كبار خبراء "حزب الله" في مجال التصنيع الصاروخي قد تعرضت لكمين على بعد 15 كم غرب دمشق بعد مغادرة سيارتهم قاعدة "الحمة" العسكرية والتي تحتوي على نحو 110 صاروخ "سكود" تابعة لحزب الله من طراز "فجر" و"زلزال" و"فاتح".
جدير بالذكر أن "حزب الله" يخزن كمية كبيرة من صواريخ "سكود" في قاعدتي الحمة والزبداني غربي العاصمة السورية دمشق، وكانت تل أبيب قد هددت باستهداف هذه الصواريخ إذا تم تحريكها أو محاولة نقلها إلى لبنان عام 2010، والتزمت دمشق سراً بإبقائها في أماكنها وعدم إخراجها من تلك المخازن، إلا أن تدهور الأوضاع الأمنية في الزبداني وفي ريف دمشق قد دفع بكل من طهران ودمشق للعمل على تفكيك هذه الصواريخ ونقل قطعها سراً إلى لبنان حيث يمكن إعادة تجميعها، لكن أجهزة الاستخبارات الغربية قد رصدت تلك التحركات، وقامت مباشرة بإفشالها.
وفي تطور آخر ملفت للانتباه قامت كتيبة العمري باستهداف قاعدة لسلاح الجو بالسويداء شرقي درعا في الثالث من شهر يونيو الجاري، وهذه هي العملية الأولى من نوعها منذ اندلاع الثورة السورية قبل 14 شهراً والتي يستهدف فيها مطار عسكري، وقد أسفرت العملية عن تدمير طائرات مقاتلة، وطائرات مروحية وإعطاب مدرج المطار العسكري.
جدير بالذكر أن القاعدة التي تم استهدافها تؤمن التغطية الجوية لعمليات الفرق الخامسة والسابعة والعاشرة في جنوب غربي البلاد، وعلى الرغم من امتناع الإعلام السوري عن التحدث عن هذه العملية النوعية إلا أنه من المؤكد أن النظام السوري قد فقد عدداً من الطائرات المقاتلة والطائرات المروحية.
أما في شمال البلاد فقد شهدت المواجهات تطوراً نوعياً من نمط آخر يتمثل في استخدام كتائب الجيش الحر قذائف متطورة من مضادات الدروع التي لم تكن متوفرة لهم من قبل، وتؤكد مصادر غربية أن الكتائب المقاتلة هناك أصبحت تستخدم عربات نقل وسيارات أفضل تجهيزاً لنقل المقاتلين والذخيرة من منطقة إلى أخرى، إضافة إلى استخدام عربات نقل من طراز تويوتا تم تزويدها بمدافع رشاشة متوسطة وثقيلة، بل وزود بعضها بمضادات للطائرات، كما ركبت بها دروع فولاذية لحماية المقاتلين، ويتسع بعضها لثلاثة مقاتلين في آن واحد، وقد نجحت هذه المجموعات في إسقاط عدد من المروحيات القتالية التي زاد استخدام النظام لها في عملياته مؤخراً.
أما في دمشق فقد اتسع نطاق المواجهات، حيث شهدت برزة والقابون معارك ضارية اضطرت سكانها للفرار من المنطقة ريثما تتوقف المعارك.
وفي منطقة كفر سوسة التي تضم مقر الاستخبارات العامة؛ نفذ عناصر الجيش الحر عملية نوعية يوم الجمعة 8 يونيو، أسفرت عن مقتل نحو عشرين عنصراً من الأمن، كما أكدت مصادر أمنية روسية مقتل مجموعة من الخبراء الروس كانوا على متن إحدى الباصات التي استهدفها مقاتلو الجيش الحر آنذاك.
وفي العاشر من شهر يونيو، صدر تقرير أمني غربي يتحدث عن اختلال توازن النظام بصورة غير مسبوقة، حيث بدأ بشار أسد يفقد السيطرة على قطاع كبير من أبناء طائفته الذين يتزايد سخطهم من عجزه عن حسم الأمور، كما أن عملية استهداف مجموعة من كبار الضابط العلويين بدمشق قد دفعت بأقاربهم في ريف حماة وحمص إلى شن حملات انتقامية ضد السكان المحليين، وأكد التقرير أن هذه المجموعات العلوية المسلحة وغير المنضبطة هي التي تقوم بارتكاب المجازر في القرى السنية المجاورة.
وتحدث التقرير عن قيام مجموعات معارضة بعمليات انتقامية، حيث تقع مواجهات وأعمال قتل بين الطرفين بصورة يومية إلا أنها لا تغطى في وسائل الإعلام، وكان أسوأ هذه المواجهات اندلاع مواجهات في أحياء سكنية باللاذقية.
وفي الفترة ذاتها تحدثت مصادر استخباراتية أمريكية عن لجوء القيادة في دمشق إلى زيادة استخدام الطائرات المروحية في مهام قتالية وعمليات نقل أسلحة وذخائر لفرق النظام في المناطق النائية، وأشار المصدر إلى أن هذه الطائرات: "متمركزة في مواقع تمكنها الوصول بسهولة الى مناطق الاضطرابات في محافظة إدلب وحمص وحماة، وفي منطقة اللاذقية ومناطق أخرى".
وفي تعليقه على تدهور الوضع الأمني في دمشق ومحيطها، وتصاعد وتيرة الاقتتال بين المجموعات المسلحة الموالية والمعارضة والتي لا يعلن عنه في وسائل الإعلام؛ صرح وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ يوم الأربعاء 13 يونيو أن سوريا تقف على: "شفا الانهيار أو حرب أهلية طائفية مهلكة".
وتحدثت وكالات أنباء غربية عن أن العاصمة السورية: "تتمرد حياً حياً" وأن النظام اضطر الى توفير موارد حماية إضافية لها، خصوصاً بعدما بدأت تشهد أحياء العاصمة تظاهرات ليلية وهجمات على الحواجز ونقاط التفتيش وأصبحت: "الانفجارات تعكر سكون الليل".
وفي هذه الأثناء تحدثت تقارير إعلامية غربية عن تدهور معنويات جيش النظام، حيث أشار تقرير لصحيفة "واشنطن بوست" في 6 يونيو إلى تنامي ظاهرة الهروب من الخدمة العسكرية، وزيادة عدد الفارين من الخدمة حيث يفر بعضهم إلى الخارج، بينما يلجأ آخرون إلى الجيش الحر لتجنب اعتقالهم من قبل النظام.
وذكرت صحيفة "دير شبيغل" أنه على الرغم من صعوبة تحديد عدد الفارين أو تقييم تأثيرهم على قدرات الجيش السوري إلا أن مجرد إعلان النظام بداية هذا الشهر عن عفو عام عن المتخلفين عن الخدمة العسكرية يشير إلى وجود أزمة حقيقية، مما دفع بالنظام لمنح الفارين تسعين يوماً لمن هم متواجدين داخل البلاد و120 يوما لمن هم في خارجها.

ثانياً: تزايد احتمالات التدخل العسكري :

تصاعدت وتيرة السجال الدولي في غضون الأسبوعين الماضيين حول إمكانية اللجوء إلى الخيار العسكري في الأزمة السورية، حيث تحدث وزير الخارجية البريطاني وليم هيغ عن إمكانية القيام بتدخل عسكري لوضع حد لانتهاكات "الأسد".
ونشرت صحيفة "تلغراف" البريطانية تقريراً حول تصاعد احتمالات تحرك القوى الغربية للسيطرة على الأسلحة البيولوجية في غضون الأيام القادمة، حيث يشعر القادة الأوروبيون بالقلق من إمكانية وقوع هذه الأسلحة الخطيرة في أيدي منظمات "إرهابية" أو مجموعات مسلحة غير منضبطة، وصرح ديبلوماسي أوروبي أن الدول الغربية لا يمكن أن تتهاون في مثل هذا الموضوع الذي يسبب خطراً كبيراً على الغرب.
وسلطت وسائل الإعلام الضوء بصورة خاصة على مجمع "السفير" في حلب، والذي يعد من أكبر مواقع تخزين هذه الأسلحة، حيث يحتوي على 16 مخزناً تحت الأرض، ويتم حمايته بمنظومات صاروخية من طراز "سام2"، ويعتقد أن لدى سوريا 700 صاروخ "سكود"، مما يعد أكبر مخزون لهذا النوع من الصواريخ في منطقة الشرق الأوسط.
وقد كشف أحد أعضاء لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الأوروبي بستراسبورغ مطلع هذه الشهر أن بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا وضعت في أجواء اقتراب صدور قرار دولي تحالفي، على غرار التحالف الأمريكي-الأوروبي للتدخل في كوسوفو والبوسنة، خارج إطار مجلس الأمن الدولي بسبب الفيتو الروسي-الصيني، لشن حملة جوية عسكرية ضد مفاصل العسكرية للنظام السوري.
وفي إشارة إلى تزايد قلق النظام من التعرض لضربات جوية؛ تحدثت المصادر في 10 يونيو عن وضع الكتائب العاملة في سلاح الجو على أهبة الاستعداد، وخاصة الفرق المسؤولة عن صواريخ "سكود" التي تم إعادة نشر مجموعة منها في مناطق مختلفة من البلاد.
وقد سادت حالة من التوتر والذعر في الأروقة الغربية عندما تحدثت إيران عن إمكانية حصول المعارضة السورية على أسلحة بيولوجية من ليبيا، حيث اعتبرت هذه الدول إثارة الموضوع على أنه إشارة لرغبة كل من طهران ودمشق في استخدام هذا السلاح خلال الأيام القادمة.
وعلى إثر ظهور إشاعات حول إلقاء المروحيات السورية غازات تسبب الغثيان في 7 يونيو؛ أجرت أجهزة الاستخبارات الغربية تحقيقاً سريعاً وتبين لها أن الأنباء غير صحيحة، إلا أن تردد الحديث عن إمكانية اللجوء إلى هذه الأسلحة في الأروقة المحلية والإقليمية يعد من الخطورة بمكان.
ونتيجة لذلك فقد قامت القوات الفرنسية والبريطانية بإجراء احترازي يتمثل في تدريب وحدات من القوات الخاصة التابعة للبلدين على القيام بعمليات حربية نوعية، ما يؤكد أن الحرب المقبلة على سوريا لن تقتصر على العمليات الجوية، وإنما ستستخدم وحدات برية للسيطرة على مواقع الأسلحة البيولوجية ومخازن الصواريخ.
وكشف مصدر أمني في 4 يونيو أن القوات البريطانية الخاصة وجهاز الاستخبارات البريطانية قد وضعت خططاً لإنشاء مخيمات في مناطق حدودية مع سوريا مخصصة لاستيعاب مجموعة من المقاتلين السوريين مع عوائلهم بهدف تمكينهم من التدخل السريع في حال انهيار النظام، وأكد المصدر إمكانية أن تسهم قوات خاصة فرنسية وتركية في تدريب القوات السورية في قاعدة بالقرب من الحدود اللبنانية تبعد نحو 25 كم عن حمص، وكذلك في قاعدة أخرى قريبة من السويداء على الحدود الأردنية، وفي المنطقة الحدودية التركية بالقرب من جسر الشغور.
وفي الوقت نفسه أعلن متحدث باسم الخارجية الفرنسية أن باريس تأخذ في الاعتبار كل الخيارات التي من شأنها أن تتيح وقف القمع في سوريا، وتحدثت بلجيكا صراحة عن ضرورة إقامة مناطق آمنة تحت حماية قوة دولية، في حين أعلنت أستراليا أنها مستعدة لإجراء مشاورات حول تدخل عسكري في سوريا، قرنته بإجماع داخل مجلس الأمن.
وفي 11 يونيو تسربت أنباء عن قيام الرئيس الأمريكي باراك أوباما بتوجيه تعليمات إلى البحرية الأمريكية وسلاح الجو بالتأهب لشن عمليات قصف محدودة، وتضمنت الأوامر إعداد خطط تفصيلية لفرض منطقة حظر للطيران، وتؤكد التسريبات أن خطة الضربات الجوية الأمريكية ستكون موجهة إلى القيادة المركزية العسكرية في دمشق، بهدف إضعاف قدرتها على تسيير الأمور في المحافظات النائية، ومنعها من إصدار أوامر بشن عمليات عسكرية داخل المدن.
كما تؤكد هذه المصادر أنه قد تم التواصل مع شخصيات عسكرية مرموقة في الجيش السوري لحثها عن التخلي عن بشار أسد في ساعة الصفر.

ثالثاً: الحشود العسكرية الإقليمية:

تحدثت مصادر أمنية لبنانية في غضون الأسبوعين الماضيين عن قيام "حزب الله" بتهريب أسلحة إلى بيروت، حيث تم رصد دخول 64 شاحنة متوسطة الحجم إلى ضاحية بيروت الجنوبية، ويعتقد أنها كانت تنقل أسلحة خفيفة ومتوسطة وقذائف مدافع هاون، فيما جرى إخراج راجمات صواريخ "غراد" و"كاتيوشا" من مستودعاتها في سهل البقاع ونشرها في بعض المساجد ومخازن بعض المحلات التجارية والحسينيات وبعض الأحراج الكثيفة في المرتفعات الشرقية الجبلية المشرفة على مطار بيروت والضاحية.
وأكد المصدر أن هناك خططاً لدى "حزب الله" لاحتلال مطار بيروت والمناطق المحيطة به في حال تدهور الأوضاع الأمنية في سوريا وخروجها عن السيطرة، خاصة وأن نوعية الأسلحة التي يتم تهريبها تدل على أن الحزب يستعد لمواجهات داخلية، وقد يعمد إلى إخلاء بعض المناطق في بيروت، وربما استهداف اللاجئين السوريين في المناطق الحدودية.
وفي السادس من شهر يونيو الجاري بدأت وزارة الدفاع الروسية تدريبات ومناورات عسكرية مكثفة لعمليات خارج البلاد، وشمل التدريب: "الفرقة 76" المحمولة جواً والتي كان لها دور مهم في العمليات الخاصة في كوسوفو وجورجيا عام 2008، و"كتيبة المشاة 15"، وفرقة "التدخل خارج الحدود"، إضافة إلى كتائب من القوات الخاصة التي كان لها دور أساسي في معارك الشيشان خلال الفترة 1994-1996.
وفي الوقت ذاته يقوم سلاح البحرية الروسي بتدريب فرق محمولة بحراً، وإعداد سفن حربية للاستعداد لعمليات قتالية تدعم القوات الخاصة.
وتأتي تلك التدريبات على خلفية احتمال قيام الجيش الروسي بمهمات خاصة في الأراضي السورية على إثر تدهور الأوضاع الأمنية وتراجع جيش النظام.
وقد تزامنت تلك التدريبات مع زيادة الحشود العسكرية الإسرائيلية، حيث تؤكد تصريحات كبار المسؤولين الأمنيين والعسكريين بأن تل أبيب قد حسمت موقفها لجهة دعم إسقاط النظام، فقد حذر قائد المنطقة العسكرية الشمالية في الجيش اللواء يئير غولان من أن: "الحرب الأهلية الدائرة من شأنها أن تحول سوريا إلى دولة فاشلة تعج بالحركات الإرهابية، وثمة احتمال كبير بأن يكون نشاط هذه الحركات الإرهابية موجهاً نحو إسرائيل من خلال استعمال ترسانة أسلحة الدمار الشامل الموجودة في حيازتها".
ودعا شمعون بيريز إلى تدخل عسكري فوري على غرار التدخل الدولي في ليبيا قبل عام للإطاحة برئيسها الراحل معمر القذافي، واعتبر: "وقوف العالم متفرجاً على صور أطفال صغار في النعوش هو فضيحة عالمية".
وفي 13 يونيو أكد وزير الدفاع إيهود باراك أن الجيش الإسرائيلي يقف على أهبه الاستعداد ويتابع تطورات الأحداث خشية نقل أسلحه متطورة أو غير تقليدية من الأراضي السورية أو إليها.
وكانت صحيفة "معاريف" قد أفادت أن القلق يساور قادة الأجهزة الأمنية والعسكرية على ضوء التطورات الميدانية في سوريا، وذلك على ضوء التقارير التي تتحدث عن نجاح الثوار في السيطرة على إحدى قواعد سلاح الجو السوري، وقالت الصحيفة إن: "قيادة الجيش الاسرائيلي تخشي من وقوع أسلحة استراتيجية بأيدي منظمات عسكرية وإرهابية".
وكشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" عن خطة للجيش الاسرائيلي تضمنت إخلاء مئات الآلاف من المواطنين نحو منطقة النقب وإيلات في حالة تعرض إسرائيل لهجوم صاروخي.
 

 


https://islamicsham.org