50% نسبة تسرب طلابنا في بلدان اللجوء.. نطالب المنظمات الدولية بزيادة دعم التعليم
الكاتب : أ. عزام خانجي
الاثنين 5 يونيو 2017 م
عدد الزيارات : 3233

 

أ. عزام خانجي
50% نسبة تسرب طلابنا في بلدان اللجوء..

نطالب المنظمات الدولية بزيادة دعم التعليم

 

قال الأستاذ عزام خانجي إن أبرز معاناة المدارس السورية في بلدان اللجوء تتمثل بضعف التمويل المادي، حيث تعد رواتب المدرسين غير كافية لحياة كريمة، كما أن الرواتب تتأخر عدة أشهر في بعض البلاد كلبنان، إضافة إلى عدم قدرة الطالب وأسرته على دفع تكاليف التعليم في أحيان كثيرة.
جاء ذلك في الحوار التالي الذي أجرته معه مجلة (نور الشام)، والذي ألقى فيه الضوء على الواقع التعليمي للسوريين في بلدان اللجوء، وكشف فيه عن المخاطر التي تواجه الطلاب السوريين في تلك البلاد، واحتياجات المدارس، وتطرق إلى الأنباء الواردة مؤخرا من تركيا حول نية الحكومة إغلاق المدارس السورية هناك، شارحاً هذا القرار ونتائجه..
فإلى الحوار:

- حدثنا عن الواقع التعليمي للاجئين السوريين في بلدان اللجوء من حيث: عدد المحتاجين للدراسة هناك، عدد الطلاب المنتظمين، عدد الطلاب المتسربين، وأسباب هذا التسرب.
يمكننا معرفة أعداد الطلاب الملتحقين والمتسربين في دول اللجوء بالاطلاع على الجدول التالي:

 

 

وتختلف أسباب التسرب من دولة إلى أخرى، ولكن هناك أسباب مشتركة أهمها:
1) حاجة الأسر المادية، ما يدفعهم إلى اجبار أبنائهم على العمل عوضا عن الذهاب إلى المدرسة.
2) عدم وجود برامج لاستيعاب متأخري ومنقطعي التسلسل التعليمي.
3) عدم كفاية المدارس المخصصة لاستقبال الطلاب السوريين.
4) ضخامة أعداد الطلاب السوريين اللاجئين في سن التعليم (من 6 الى 18 عاماَ).
وهناك أسباب ترتبط بكل بلد من بلدان اللجوء، فمثلا: يلعب عامل اللغة دورا معيقا للطلاب الذين يتلقون تعليما بغير لغتهم، كما يلعب اختلاف العادات الاجتماعية دورا في عدم ارسال الإناث الى المدارس في أماكن أخرى.
أدى إصرار إدارات التعليم في المدارس اللبنانية على أن تكون وثائق الطلاب مصدقة من حكومة النظام إلى عدم تسجيل كثير من الطلاب الذين فقدوا وثائقهم الرسمية، كما منعت شروط الإقامة المجحفة بحق السوريين تسجيل كثير من أبنائهم في المدارس.
ومع أن وزارة التربية اللبنانية أعطت توجيهات إيجابية لقبول الطلاب السوريين، إلا أن بعض المدارس لا تلتزم بالقرار، وتضع عراقيل غير قانونية لعدم تسجيل الطلاب السوريين. ويلعب العنف المدرسي، وتدريس بعض المواد باللغة الفرنسية، دورا سلبيا في متابعة الأطفال المسجلين لتعليمهم.
وبالنسبة للأردن، فإن أغلب الطلاب السوريين يدرسون هناك داخل المخيمات، ويدرس عدد أقل في المدارس الأردنية بدوام مسائي، ولم يلتحق بهذه المدارس أعداد كبيرة من الطلاب لبعد مكان إقامتهم عنها.

- هل هناك فوارق في الواقع التعليمي بين بلدان اللجوء؟ ما هي؟ وما أسبابها؟
بالتأكيد توجد فوارق في الواقع التعليمي بين بلدان دول اللجوء، فلكل دولة قوانينها ومناهجها وأسلوبها وثقافتها، وطريقتها بالتعامل مع حكومة (النظام السوري)، وهذا يؤدي بالطبع إلى اختلاف الواقع التعليمي كالتالي:
أ- يدرس الطلاب السوريون في المدارس التركية المنهاج التركي، بينما يدرس الطلاب السوريون في مدارس التعليم المؤقت المنهاج السوري المعدل من وزارة التربية والتعليم في الحكومة السورية المؤقتة.
ب- في لبنان، ألزم الطلاب السوريين الذين يدرسون في المدارس الحكومية والمدارس الخاصة بدراسة المنهاج اللبناني بما يحتويه من تدريس بعض المقررات باللغة الفرنسية الغريبة على مسامع الطلاب السورين. أما الطلاب الذين يدرسون في المدارس غير الحكومية (وعددهم قليل نسبيا)، فيدرسون المنهاج السوري المعدل.
ج- تعتمد المدارس التي يدرس فيها الطلاب السوريون في المخيمات المنهاج الأردني، كما في المدارس الأردنية. وقد أدى تخصيص الطلاب السوريين بالدوام المسائي في المدارس الأردنية إلى عدم التزام الأساتذة الأردنيين بالدوام، ما تسبب بعدم إتمام المناهج. ويغطى هذا النقص بنظام النجاح التلقائي للطلاب دون امتحان، ويعود ذلك كله إلى عدم وجود إشراف سوري على هذه المدارس.

- ما أبرز معاناة المدارس السورية في بلدان اللجوء؟ وكيف نخفف من آثار هذه المعاناة؟
تتمثل أبرز معاناة المدارس في بلدان اللجوء بضعف التمويل المادي: فرواتب المدرسين غير كافية لحياة كريمة، كما أنها تتأخر لأشهر كما يحدث في لبنان، إضافة إلى أنه –في أحيانا كثيرة- لا يستطيع الطالب (وأسرته) دفع تكاليف التعليم.
وإضافة إلى ذلك، يلعب ضعف كفاءة المدرسين دورا سلبيا في نجاح العملية التعليمية، فعدد كبير منهم انقطع عن التدريس لأكثر من عام.
ويمكن التخفيف من أثار هذه المعاناة بزيادة الدعم المالي للمدارس، وتأمين مستلزمات الطالب من كتب وقرطاسية وتنقلات، وإضافة إلى ذلك علينا إقامة دورات تأهيل وتدريب للأساتذة، وخاصة أولئك الذي يدرسون بعض المناهج لأول مرة.
- أرجو إلقاء الضوء على طبيعة الدعم الدولي لتعليم الطلبة السوريين في بلدان اللجوء.. وما مطالبكم في هذا المجال؟
ينحصر الدعم المقدم دوليا للطلاب السوريين في دول اللجوء بدعم رواتب المدرسين في هذه المدارس، ففي تركيا يتم دعم (320) مدرسة من اليونيسف عبر الحكومة التركية. أما في الأردن فيتم الدعم من عدة منظمات للمدارس داخل المخيمات فقط. وفي لبنان سمحت وزارة التربية بالدوام بعد الظهر في المدارس الحكومية والتي يبلغ عددها (238) مدرسة. كما استفاد بعض الطلاب السوريين من برامج التعليم غير الرسمية التي تدعمها منظمات غير حكومية.
بالنسبة لمطالبنا، فإننا نطالب بزيادة الدعم المالي وتنوعه ليشمل ما يلي:
1) زيادة رواتب المعلمين ليتفرغوا للتعليم دون الحاجة للبحث عن مصادر رزق أخرى.
2) تأمين وسائط نقل مجانية للطلاب لنقلهم من أماكن إقامتهم إلى المدارس وبالعكس. وتوزيع القرطاسية عليهم مجانا.
3) زيادة عدد المدارس، وخاصة في المناطق ذات الكثافة السكانية السورية الكبيرة.
4) إيجاد برامج تهتم باستيعاب وتدريس متأخري ومنقطعي التسلسل التعليمي.
وأؤكد هنا أنه لن يكون للدعم المالي أثر كبير ما لم تغير بعض حكومات دول اللجوء سياساتها في شروط منح الإقامة للأسر السورية، ليتمكن أبناؤها من الالتحاق بالمدارس.

- وردتنا شكاوى من بعض المشرفين على المدارس السورية في لبنان حول عدم توافر رواتب شهرية للعاملين في مدارسهم.. إلى أين يلجأ هؤلاء؟
يوجد في لبنان حوالي (100) مدرسة خارج النطاق الرسمي، معظمها مدعومة بشكل جيد من منظمات إنسانية مثل مؤسسة السنكري الإنسانية، ومنظمة أبواب الخير الكويتية، منها (16) مدرسة غير مدعومة مثل: (مدرسة أجيال الغد –  مدرسة نحن راجعون – مدرسة الأزهر) أو تتلقى دعماَ رمزياَ مثل: (مدرسة براعم الشام – مدرسة أبناء الشهداء – براعم النور – براعم البنيان). ويعمل في هذه المدارس بشكل شبه تطوعي قرابة (350) إداريا ومدرسا، وهم بحاجة إلى دعم من منظمات إنسانية.

- هناك أنباء عن إغلاق المدارس العربية في تركيا.. ما صحتها؟ وهل يتوافر تعليم اللغة العربية في المدارس التركية؟
تهدف سياسة تعليم السوريين في تركيا إلى دمج الطلاب السوريين في المدارس التركية تدريجيا.
بالفعل، أصدرت وزارة التعليم التركية قراراَ باستيعاب الطلاب في المدارس التركية. فبعد ثلاثة أعوام من الآن سيدرس كافة الطلاب السوريون في مدارس تركية.
أما بالنسبة لتدريس اللغة العربية، فسوف يتم تدريس مقررين في مرحلة التعليم الأساسي هما: اللغة العربية، بمعدل (4) ساعات أسبوعياَ، ومادة الثقافة الشعبية بمعدل ساعتين أسبوعياَ في الصفين السادس والسابع. أما في مرحلة التعليم الثانوي فسوف تضاف أيضاَ مادة أخرى هي الأدب العربي، وبذلك يكون عدد الساعات التي سيدرسها الطالب السوري في المرحلة الثانوية (6) ساعات أسبوعياَ.

- كثير من السوريين المقيمين في تركيا متخوفين من فقدان أبنائهم الهوية العربية عند إغلاق المدارس العربية.. ماذا تقولون لأولياء الأمور إزاء هذا الوضع؟
هذه دعوة أقدمها لأولياء الأمور في جميع دول الاغتراب بما فيها تركيا: لم تقم الثورة السورية لتفريغ سورية من أبنائها عماد مستقبلها وأملها، ومهما طال الزمان فإننا عائدون اليها؛ لذلك علينا بذل جهد مضاعف لتدريس أبنائنا اللغة العربية وتاريخنا المجيد. ولنا في القرآن الكريم مرجع أساسي للحفاظ على الهوية والدين الإسلامي والانتماء الوطني.
نحن قمنا في تركيا بالتواصل مع وزارة التعليم التركية للاهتمام أكثر بتعليم اللغة العربية للطلاب السوريين، وندعم تفعيل التعليم الرديف في المساجد، وتعليم القرآن الكريم واللغة العربية.

- التعليم الجامعي خارج سوريا له مشكلاته وصعوباته منذ ما قبل الثورة، كيف أصبح الآن؟ وبماذا تنصحون الطلبة وأولياء أمورهم في هذا المجال؟
تعقد التعليم الجامعي خارج سورية بعد انطلاق الثورة، وازداد صعوبة، وللأسف أصبح قبول الطلاب السوريين في الجامعات الأوربية من ضروب المحال، إلا إذا كان لاجئا هناك.
يؤدي عدم اعتراف كثير من دول العالم بالشهادة الثانوية الممنوحة من وزارة التربية والتعليم في الحكومة السورية المؤقتة إلى تحطيم أمال الشباب السوري بمتابعة دراسته في الخارج، مع أنَ فرنسا وبريطانيا قبلتا أعدادا محدودة من حملة هذه الشهادة، لكن تركيا تبقى هي الدولة الأولى في العالم التي قبلت تسجيل الطلاب السوريين الحاصلين على الثانوية العامة من المناطق المحررة، كما قبلت تسجيل الطلاب المنقطعين من الجامعات السورية دون اشتراط تصديق وثائقهم من الخارجية السورية، واكتفت بتصديقها من لجنة تابعة لوزارة التعليم العالي في الحكومة السورية المؤقتة.
يدرس حاليا في الجامعات التركية حوالي (15,000) طالب، ويبلغ عدد طلاب الدراسات العليا (ماجستير – دكتوراه) حوالي (1,500) طالب.
والنصيحة التي أقدمها لأبنائنا الطلبة هي الالتحاق بالجامعات السورية المفتتحة ضمن المناطق المحررة، كجامعة حلب التي تتوزع كلياتها وشعبها ومعاهدها على (5) محافظات سورية.

- كلمة توجهونها لأولياء الأمور حول أهمية تعليم أبنائهم، ودور هذا التعليم في تحقيق الثورة السورية أهدافها المنشودة.
ما من شك في أن التعليم هو مفتاح نهضة الأمم ورقي المجتمعات الحديثة وتطورها، فبه -ومن خلاله- سنبني سورية الحديثة بإذن الله. لقد خسر كثير من أطفالنا وشبابنا زهرة أعمارهم بسبب الجرائم المهولة التي مارسها النظام على الشعب السوري الثائر، وأدت إلى استشهاد حوالي مليون مواطن معظمهم من النساء والأطفال، كما أدت إلى نزوح ولجوء الملايين من مدنهم وقراهم.
علينا الآن العمل بكل جد ونشاط لمد مظلة التعليم فوق أبنائنا وبكافة مراحله (التعليم الأساسي والثانوي والجامعي). ليستظل بها براعم وأمل وعماد الوطن.
نحن مؤمنون بانتصار ثورتنا رغم المآسي التي حلت بنا، وستكونون أنتم يا أبناءنا الطلبة الأيادي البيضاء والعقول النيرة التي ستعيد بناء الوطن، بناء سورية الحديثة. إن التزامكم بالتعليم وتغذية عقولكم بالمعرفة سيصحح مسار الثورة ويحقق لها الأهداف التي انطلقت من أجلها.
 


https://islamicsham.org