التقرير الاستراتيجي (15) [ 16-31 مايو 2012 ]
الكاتب : المكتب السياسي - هيئة الشام الإسلامية
السبت 2 يونيو 2012 م
عدد الزيارات : 16852

تقرير أسبوعي تعدّه وحدة الرّصد بالمكتب السياسي في هيئة الشام الإسلامية، يتضمن معلومات مفصلة عن التطورات العسكرية والمواقف الدولية من الأحداث الجارية في سوريا، ويعتمد على تقارير عسكرية غربية، ودراسات مراكز الفكر، وغيرها من المواد التي لا تنشر في وسائل الإعلام.

 

أولاً: الأوضاع الميدانية

تؤكد مصادر عسكرية مطلعة أن الجيش السوري الحر قد تسلم في الأيام القليلة الماضية شحنة من الجيل الثالث من مضادات الدروع (9K115-2 Metis-M) و(Kornet E)، وقد تم تأمين شحنات من تلك الأسلحة من خلال جهات متعاونة مع أجهزة استخبارات عربية، وذلك بإقرار سري من قبل الإدارة الأمريكية التي ترغب في إضعاف بشار أسد وإعادة التوازن في الصراع بين جيش النظام والجيش الحر.

وأكدت المصادر أن الاستخبارات التركية قد أسهمت في تأمين وصول تلك الأسلحة إلى مقاتلي الجيش الحر، مشيرة إلى أن هذه هي الدفعة الأولى من مجموعة شحنات سيتم تزويد المعارضة بها، وقد استخدمت بعض مواقع الجيش التركي في جنوب البلاد لتدريب عناصر الجيش الحر على استخدام هذه الصواريخ المضادة للدروع، مما يعد البادرة الأولى لانخراط الأتراك في أعمال عسكرية محدودة ضد النظام السوري.

وكان الهدف من تزويد المعارضة بهذه الصواريخ هو:

1- عرقلة حركة المدرعات السورية التي تتنقل بحرية في مختلف المدن وترتكب تجاوزات مروعة في حق المدنيين، ولذلك فإن عمليات الجيش الحر قد استهدفت بالدرجة الأولى ناقلات الدبابات، إضافة إلى تدمير عدد من الدبابات الروسية المتطورة.

2-إضعاف معنويات فرق النظام، وإلحاق خسائر كبيرة في آلياته، وخاصة دبابات (T72) التي شوهد نحو 12 منها وهي تحترق بالكامل في مناطق مختلفة من حوران وحمص ودير الزور.

3- تشجيع الضباط العلويين على الانشقاق ودفع بشار إلى الاستقالة تمهيداً لحل سياسي تتوافق عليه الدول الكبرى.

وعلى إثر تلك التطورات الميدانية ألقى الرئيس الأمريكي باراك أوباما خطاباً في افتتاح قمة الثماني بكامب ديفيد أكد فيه على ضرورة مغادرة بشار الحكم، دون أن يعبأ بمعارضة ضيفيه الروسي ميدفيديف والصيني جينتاو اللذين استمعا للخطاب بصمت ودون أي تعليق.

واعتبر بعض المحللين تلك الحادثة دليلاً على وجود قناعة لدى الروس والصينيين بضرورة تنحي الأسد للمحافظة على بقاء نظامه، وعدم التفريط بمصالحهم في البلاد؛ حيث وردت في الآونة الأخير تقارير تفصيلية إلى كل من موسكو وبكين بأن بقاء الأسد بات مستحيلاً، وبأن فرص قمع المعارضة الشعبية أو إيقاف العمل المسلح قد تضاءلت بصورة كبيرة، خاصة وأن جيش النظام لم يتلقَّ تدريبات كافية على حروب المدن ومواجهات الكر والفر، وسيتطلب تدريب فرقه على ذلك النمط من القتال فترة طويلة قد لا تتوفر لها في ظل تسارع الأحداث.

وتؤكد تلك التقارير أن فرق النظام باتت عاجزة عن إحراز تقدم فعلي ضد الجيش الحر، مستنتجة أنه لم يعد من الممكن توفير المزيد من الأوراق التفاوضية في ظل استهلاك جميع المبادرات السياسية والعسكرية على حد سواء، ولذلك فإن الفرصة قد أصبحت مواتية لكل من موسكو وبكين أن تفاوض على ورقة تنحي بشار الذي بات عاجزاً عن التقدم بأي جديد.

وتأكيداً لتلك المعلومات؛ فقد تحدثت مصادر ميدانية عن تزايد حالة التذمر في صفوف الضباط العلويين إثر استهدافهم في عمليات اغتيال نوعية في العاصمة دمشق، وقد تتوجت هذه الجهود بالحديث عن مقتل مجموعة من كبار الضباط العسكريين والأمنيين المحيطين بالرئيس، وعلى رأسهم نائب رئيس الأركان آصف شوكت الذي يقال بأنه لقي حتفه في عملية نوعية توفي فيها نحو ثلاثة من كبار الضباط الأمنيين والعسكريين.

وكانت مصادر إعلامية قد تحدثت في 19 مايو 2012 عن انشقاق الضابط تيسير ديب، وهو علوي من قرية القرداحة برتبة مقدم، وعلى إثر انضمامه للجيش الحر تحدث ديب في تسجيل بثته القنوات الفضائية عن وجود تذمر لدى الضباط العلويين، مؤكداً أن الخوف يمنع سكان القرى العلوية من المشاركة في الحراك الثوري، وبأن الكثير منهم يريد الانضمام للثورة إذا سنحت لهم الفرصة للقيام بذلك، لكن النظام يفرض عليهم رقابة شديدة.

أما على صعيد المواجهات العسكرية؛ فقد تحدثت المصادر عن تردد فرق النظام من دخول مناطق جبل الزاوية والرستن نتيجة للخسائر الفادحة التي تكبدوها، وقناعتهم باستحالة السيطرة عليها نظراً لوعورة تلك المناطق، وما يبديه مقاتلو الجيش الحر من شراسة في الدفاع عن مواقعهم، وما تحظى به هذه الكتائب من دعم من قبل السكان المحليين.

وبالإضافة إلى ما يتردد عن تزويد الجيش الحر بكمية كبيرة من مضادات الدبابات؛ تحدثت تقارير عسكرية غربية عن تطور القدرات التقنية لدى كتيبة الفاروق التي بدأت في تصنيع عبوات ناسفة، وتطوير مضادات فتاكة ضد الدروع والآليات المدرعة التي يقحمها النظام في مواجهاته معهم، وتحدثت هذه المصادر باهتمام عن توفر عدد كبير من بنادق آلية ألمانية من طراز (HK MG4) وهي أسلحة لم تستخدم في المعارك من قبل، ولا يعرف مصدر تزويد الجيش الحر بها وبالذخيرة اللازمة لاستخدامها حتى الآن.

ثانياً: تأثير الأزمة السورية على لبنان

تحدثت مصادر مطلعة عن توغل نحو 200 مقاتل لبناني من "حزب الله" في الأراضي السورية، وكانوا ينقسمون إلى نحو 20 مجموعة، حيث دخلوا سوريا عبر قرى حدودية شيعية معروفة بولائها للحزب.

وقامت هذه المجموعات باقتحام قرى: الصفصافة، والمصرية، والسوادية، ومطربة، وزيته، في منطقة القصير، ووضعوا حواجز على مداخل هذه القرى، ثم اعتقلوا 37 مواطناً سورياً منهم نساء، وبادرت كتيبة الفاروق بتحريرهم عبر صفقة لتبادل الأسرى تم بموجبها إطلاق سراح مقاتلين من "حزب الله" مقابل الإفراج عن المواطنين السوريين ومقاتلين من الجيش الحر.

جدير بالذكر أن هذه المنطقة الحدودية تشهد مواجهات بين الجيش الحر و"حزب الله" بصورة متواصلة، حيث تحدثت مصادر لبنانية في الأيام الماضية عن سقوط أحد منسوبي الحزب قتيلاً في إحدى المواجهات مع الجيش الحر، كما تحدثت مصادر الجيش الحر عن سقوط: "3 شهداء تعرضوا لكمين نصبه عناصر من حزب الله".

وتأتي هذه المعلومات على خلفية الحديث عن تغلغل عناصر من الحزب في عدة مناطق بريف دمشق، وريف حمص الجنوبي والغربي، وكذلك في الزبداني حيث يتواجدون بشكل كثيف.

وأكد المصدر أن من بين المقاتلين عناصر من الحرس الثوري الإيراني وخبراء في مجالات الاتصالات مهمتهم التنصت على المكالمات الهاتفية للناشطين السوريين ومقاتلي الجيش الحر، وأكد المصدر أن: "دور عناصر حزب الله ينحصر بعمليات القنص، أما الخبراء الإيرانيون فمهمتهم تتعلق بالتدريب وفي قطاع الاتصالات وكشف الناشطين".

وتؤكد مصادر أمنية أن النظام السوري قد تمكن في غضون الأيام القليلة الماضية من اختراق الجيش اللبناني، والتعامل بصورة مباشرة مع ضباط لبنانيين متعاطفين مع بشار أسد ويتلقون أوامر وتعليمات من قبله، وأشارت هذه المصادر إلى تنامي القلق من تأزم الموقف في شمال لبنان، مشيرة إلى أن نظام دمشق لم يعد يعتمد بصورة أساسية على "حزب الله"، بل أصبح يحرك العلويين الموالين له في جبل محسن، وكذلك بعض العناصر الشيعية المتعاطفة معه في صفوف الجيش اللبناني.

وكان بشار أسد قد اختار التلفزيون الروسي لإرسال إنذار لدول الجوار بإمكانية امتداد المواجهات إلى خارج الحدود في حالة استمرار تدفق الأسلحة إلى الداخل السوري.

وتؤكد المصادر أنه على إثر تلك المقابلة التلفزيونية أرسلت القيادة العسكرية السورية خطاباً سرياً إلى قائد الجيش اللبناني اللواء جان قهوجي بضرورة وضع حد لدعم المعارضة السورية وإلا فإن النظام السوري سيسعى إلى إشغال لبنان بمشاكله الخاصة، وبالفعل بادرت قوات الجيش إلى تطويق بعض المناطق السنية، وتم اعتقال نشطاء في طرابلس على رأسهم الشاب الناشط شادي المولوي، كما أسفر ذلك التصعيد عن مقتل بعض الداعمين للثورة السورية من علماء السنة، واندلاع الفوضى والمواجهات التي لم تقتصر على منطقة بعينها، بل امتدت إلى المناطق السنية كافة في طرابلس وقضاء عكار، ووصلت إلى غرب بيروت ووسطها.

ثالثاً: تسارع الأحداث عقب مجزرة الحولة

أكد تقرير أمني أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما بات يعتقد أن تسرب أسلحة الدمار الشامل في سوريا إلى أيدي جماعات مسلحة هو أكبر خطر يتهدد أمن المنطقة بأسرها، خاصة بعد وقوع مسؤولين في "حزب الله" في الأسر، ويعتقد أنهم خبراء في مجالات التفجير والأسلحة الصاروخية وقد يدلوا بمعلومات مهمة للكتائب المقاتلة بسورية عن أماكن تخزين ترسانة الحزب داخل الأراضي السورية.

ويبذل الرئيس الأمريكي جهده في الوقت الحالي لإقناع نظيره الروسي بوتين لإقرار مشروع يقضي بدخول 3000 مراقب مسلح من الأمم المتحدة لفرض السيطرة على ست مواقع لتخزين وتطوير الأسلحة الكيميائية والبيولوجية داخل البلاد، ومن ثم دخول 2000 آخرين في مرحلة ثانية لتأمين مواقع أقل حساسية، ولطمأنة بوتين من صحة نوايا الغرب اقترح أوباما أن يكون قوام الفريق الأممي من القوات الروسية وغيرها من قوات الدول التي تبدي تعاطفها أو حيادها تجاه نظام أسد.

وذكر التقرير الذي تم تسريبه بالأمس أن أوباما قال لبوتين في محادثة هاتفية: "إذا وصل برميل واحد من الأنثراكس إلى يد الجماعات الإرهابية في القوقاز؛ فإن روسيا ستواجه أكبر خطر في تاريخها، وقد يؤدي ذلك إلى موت ملايين الروس".

وتؤكد هذه المكالمة المسربة ما استنتجته أجهزة الاستخبارات الغربية من أن الأسلحة البيولوجية السورية ليست معدة للاستخدام في المعارك، إذ أنها ليست مجهزة في رؤوس صواريخ قابلة للانطلاق عن قريب، بل هي مخزنة في الوقت الحالي داخل براميل محكمة الإغلاق في مواقع باتت معروفة لدى جهاز الاستخبارات المركزية الأمريكية.

وتتضمن الترسانة السورية من الأسلحة الكيميائية غازات: "السارين" و"تابون" وغاز الأعصاب "في إكس"، ونحو أربع أنواع من غازات "مسترد" و"أنثراكس".

أما موقع تخزين هذه الأسلحة فأهما موقع عسكري لتخزين صواريخ "سكود" شمالي البلاد، وبضع ثكنات عسكرية في حماة وحمص، وكذلك في القاعدة البحرية باللاذقية، وفي موقع بالقرب من أول الطريق الشمالي السريع في تدمر.

وتكمن المشكلة في أن ثلاثة من هذه المنشآت تقع في مناطق الاشتباكات بين جيش النظام والجيش السوري الحر، والتي تضعف فيها سيطرة النظام بصورة كبيرة، وقد أبدى أوباما قلقه أثناء المحادثة الهاتفية مع بوتين من أن الفرقة المدرعة الرابعة التي يعهد إليها بمهمة حماية تلك المنشآت قد انخرطت في عمليات قتالية ضد الجيش الحر، ولم يعد لديها العدد الكافي من العناصر المقاتلة لحماية مستودعات أسلحة الدمار الشامل.

وعلى إثر تلك المحادثة الهاتفية التي لم يعرف رد بوتين عليها؛ عقد الرئيس الأمريكي أوباما صباح يوم الخميس 31 مايو 2012، اجتماعاً طارئاً عبر الفيديو مع المستشارة الألمانية آنجيلا ميركل، والرئيس الفرنسي هولاند، ورئيس الوزراء الإيطالي ماريو مونتي لإطلاعهم على نتائج المحادثة، وألمح إلى وجود أمل بموافقة الرئيس الروسي على فكرة إدخال مجموعة من خمسة آلاف مقاتل تحت إشراف روسي، وإذا تحقق ذلك فإن بوتين لن يجد صعوبة في إقناع نظامي دمشق وطهران بالقبول بتلك الفكرة.

في غضون ذلك أوفد الرئيس الأمريكي مبعوثه الخاص في رسالة عاجلة عبر مبعوث خاص إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير دفاعه إيهود باراك؛ طلب فيها من اليهود أخذ الحيطة والحذر من عدم السماح بوصول أي أسلحة إلى الضفة الغربية وقطاع غزة.

وفي أول رد على تلك الاتصالات أعلن الكرملين أن موقفه تجاه الأزمة في سوريا لم يتغير جراء الضغوط الديبلوماسية، وأثارت تلك التصريحات قلق نظامي دمشق وطهران لأنها لم تتضمن رفضاً للفكرة التي تطرحها الدول الغربية.

ولتبديد الشكوك الروسية إزاء جدية واشنطن؛ بادرت مندوبة الولايات المتحدة الأمريكية لدى الأمم المتحدة سوزان رايس إلى التهديد بإمكانية اندلاع حروب بالوكالة إذا لم يتوافق المجتمع الدولي على موقف موحد تجاه تصاعد الأحداث في سوريا.

وجاءت تلك التحركات على إثر تسرب الحديث عن مخطط تبنته فرنسا لشن ضربات جوية محدودة على مواقع إستراتيجية في دمشق، تتضمن القصر الرئاسي ومواقع أخرى في جبل قاسيون.

وكان الرئيس الفرنسي السابق ساركوزي قد أجرى مكالمات مطولة خلال الأيام الأخيرة في مكتبه في محادثات هاتفية مع أوباما لإقناعه بإمكانية قيام بعض الدول العربية والغربية بتوجيه ضربة جوية تستهدف القصر الرئاسي ومواقع أخرى في العاصمة، بهدف شل حركة النظام عن الاستمرار في حملته التي باتت تهدد أمن المنطقة برمتها.

وتتلخص الخطة التي طرحها ساركوزي في 3 خطوات رئيسة هي:

1- نظراً لأن بشار يدير الأمور بطريقة مركزية، فإن جميع مستشاريه السياسيين والأمنيين يقيمون في موقع واحد، ومن شأن القيام بضربات جوية محدودة في دمشق شل حركة النظام، وذلك بخلاف الوضع في ليبيا حيث كان القذافي يتنقل من مكان لآخر بحيث يصعب تعقبه.

2- على إثر توجيه ضربات مركزة على مراكز القوى بدمشق، ستضعف سيطرة النظام على المحافظات الشمالية، وسيكون من المتعذر على القيادة المركزية بدمشق إصدار تعليمات وأوامر للقطعات العسكرية في حماة وحلب مما يدفعها للتمرد والانشقاق.

3-يتم تنفيذ تلك العملية في غضون يوم واحد، بل يجب أن لا تتجاوز فترة التنفيذ مدة 12 ساعة، وذلك بسبب غياب القيادة المركزية للقوات الحليفة، وسيكون للتقنية الأمريكية في حروب الإنترنت وتقنيات الاتصالات دور أساسي في شل حركة النظام ومنعه من التنسيق مع الفرق المرابطة في مختلف المحافظات.

وذكر ساركوزي أنه يمكن للقوات الفرنسية أن تقود تلك الحملة من حاملة الطائرات الفرنسية "شارل دي غول" المرابطة في المتوسط، لكن ذلك يتطلب تعاون قيادة الأسطول الأمريكي السادس في البحر المتوسط.

لكن الرئيس الأمريكي بدا غير متشجعاً لتنفيذ تلك الخطة، حيث رأى أن مخاطرها كبيرة جداً وقد ينتج عنها حالة من الفوضى التي يصعب السيطرة عليها فيما بعد.

ويؤكد التقرير أن الرئيس الفرنسي الجديد هولاند ينظر إلى مشروع سابقه باهتمام كبير، وعندما تحدث عن بقاء الخيار العسكري على الطاولة في أحد تصريحاته بعد مجزرة الحولة، أضاف قصر الإليزييه عبارة: "من خلال الأمم المتحدة" للتخفيف من نبرته.

ويذكر مصدر مطلع أن مسؤولاً عربياً رفيعاً قد قام بزيارة سرية إلى واشنطن في الأيام الماضية لمناقشة المشروع الفرنسي، ولما رد عليه الرئيس الأمريكي بالتحفظ؛ خرج ذلك المسؤول عن ديبلوماسيته قائلاً: "ربما آن الأوان لأمريكا أن تتوقف عن الكلام وتبدأ في العمل"!

رابعاً: دفع الولايات المتحدة الأمريكية واليهود باتجاه حل سياسي تتزعمه موسكو

نقلت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية في 16 مايو 2012 عن ديبلوماسي أروبي اطلع على مضمون المحادثات التي أجراها رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية اللواء آفيف كوخافي في واشنطن أخيراً قوله إن الأخير أكد لمضيفيه الأمريكيين أن شعبة الاستخبارات التي يرأسها غيرت في الأشهر الأخيرة مقاربتها من الأحداث ومستقبل الرئيس السوري بشار، وأنه بينما كانت تعتقد في السابق أن بقاء هذا النظام يخدم مصالح إسرائيل، فإنها باتت تعتقد اليوم أن سقوط النظام سيخدم على نحو أفضل مصالح إسرائيل.

وكشفت الصحيفة أن كوخافي قام قبل أسبوعين بزيارة سرية إلى واشنطن ثم إلى مقر الأمم المتحدة في نيويورك لإجراء اتصالات حول المف النووي الإيراني، وتطرق في عدة اجتماعات للحديث عن الأوضاع في سوريا، حيث نقل عنه في محادثات مع مسؤولين كبار في البيت الأبيض ووزارة الدفاع الأمريكية ووكالة الاستخبارات المركزية أنه يعتقد أنه من الممكن إقناع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن يتحرك مع الغرب من أجل تغيير النظام السوري، ورأى كوخافي أن: "مصير الأسد قد حسم، والسؤال هو كم من الوقت تبقى حتى إطاحته"، مقدراً أن الأمر قد يستغرق بضعة أشهر.

وفي حديث مع شبكة "سي إن إن" الأمريكية بتاريخ 18 مايو 2012، قال وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك: "إن الرئيس بشار أسد قد انتهى أمره"، لكنه استدرك بأن التغييرات لا بد أن تقتصر على بشار وكبار المسؤولين المحيطين به، دون المساس بهيكليات النظام الأخرى بما في ذلك الجيش، وأكد باراك على ضرورة وجود دور أساسي لروسيا في حل الأزمة، باعتماد الطريقة اليمنية والتي يسمح فيها لأسد وفريقه بمغادرة البلاد دون تفكيك الحزب والاستخبارات والقوات المسلحة، وشدد على ضرورة قيام الأسرة الدولية وحلف شمال الأطلسي والولايات المتحدة الأمريكية وروسيا بتأمين تغيير سلمي في البلاد، مؤكداً

 أنه بإمكان تركيا أن تلعب دوراً خاصاً في تسريع الأمور.

وتزامنت هذه التصريحات مع كشف وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف عن استعداد موسكو لاستقبال وفد من ممثلي المعارضة السورية، مشيراً إلى أن الخارجية الروسية قد قدمت دعوات إلى مختلف أطياف المعارضة السورية، وأعرب عن تفاؤل بلاده إزاء احتمال إجراء مفاوضات مباشرة بين مختلف أطراف المعارضة مع النظام.

وفي 23 مايو وزعت وزارة الخارجية الروسية مقترحاً ينص على إجراء محادثات بين الحكومة والمعارضة في موسكو برعاية الأمم المتحدة، وتضمنت الورقة الروسية إشارة إلى عجز الجامعة العربية عن تنظيم لقاء للمعارضة في الخارج، وضرورة أن تستجيب هذ القوى للتفاوض مع نائب الرئيس السوري فاروق الشرع بعد أن كلفه بشار أسد بذلك.

في هذه الأثناء تحدثت مصادر أمريكية متعددة عن سعي الإدارة الأمريكية إلى إقناع روسيا بتبني حل للأزمة السورية يستند إلى التجربة اليمنية، وعلى إثر انعقاد قمة الثماني بدأت تلوح في الأفق ملامح خطة دولية تدعو إلى تسوية سياسية يمكن أن تقبل بها المعارضة السورية، وتتضمن: بقاء عناصر من النظام في مواقعهم.

وكشفت الصحف الأمريكية عن قيام مستشار الأمن القومي الأمريكي توماس دونيلون بمناقشة هذه الخطة مع بوتين في موسكو قـبل ثلاثة أسابيع، كما تحدث أوباما مع رئيس الحكومة الروسية ديمتري مدفيديف عن هذه الخطة على هامش القمة في "كامب ديفيد"، وأشارت المصادر الأمريكية إلى أن مدفيديف "بدا مستجيباً"، وأوضح مسؤول أمريكي لم يذكر هويته أن واشنطن قد طمأنت روسيا بالاعتراف بمصالحها وعلاقاتها الوثيقة مع دمشق بعد تنحي الأسد، مؤكداً: "ندرك أن روسيا تريد الاستمرار في تأثيرها على سوريا، وهدفنا هو جعل الوضع مستقرًا وليس القضاء على التأثير الروسي".

وتشير المصادر أن مجزرة الحولة قد أضعفت قدرة النظام الروسي على دعم بشار، كما أصابت السياسيين الروس بصدمة أفقدتهم الاتزان، فعلى إثر الكشف عن تلك المجزرة المروعة نسب الكرملين الجريمة إلى: "مجموعات إرهابية مسلحة"، وسرعان ما عدل وزير الخارجية سيرغي لافروف الموقف الروسي من خلال اتهام: "طرفي الصراع" بالتورط في تلك الأحداث، وعلى إثر تنامي الضغط الدولي على موسكو لوقف دعمها للنظام السوري أشار وزير الخارجية في انفعال إلى أن روسيا: "لا تدعم النظام السوري بل تدعم خطة أنان".

وكانت موسكو قد أرسلت شحنة سرية من الأسلحة إلى سوريا على متن السفينة "كاتسمان" في 24 مايو، لكنها اضطرت تحت الضغط الدولي إلى سحبها في 28 مايو من ميناء طرطوس دون إفراغ حمولتها.

وترسو السفينة في الوقت الحالي في عرض البحر بانتظار صدور أوامر من موسكو، حيث يعتقد أن السلطات الروسية ستضطر إلى تخفيف دعمها للنظام في الوقت الحالي تحت وطأة الضغط الدبلوماسي والإعلامي الذي تسببت به المجزرة المروعة.

 

 


https://islamicsham.org