جلسَ أنسٌ يلعبُ بألعابِهِ ويضعُ سيّارَتَهُ الكبيرةَ على السّكة، وأخَذً يوقِفُ السّيّارةَ عندَ المحطّةِ لتزويدِها بالوَقود. كانت والِدَتُهُ تُراقِبُهُ فاقتربت مِنهُ وهي تقدم له تفاحة وقالت: هل تعلمُ يا أنس أنّكَ لو أكلتَ التُّفاحةَ فإنّها سوفَ تمُّرُّ على محطاتٍ للهضمِ تماماً كما تمُرُّ سيّارَتُك؟
قالَ أنسٌ مُندَهِشًا: حقًّا يا أمي؟! وهل بجسمي محطاتٌ للهضمِ؟ وهل تعطيني الوقودَ؟
ابتسمتِ الأمُّ وقالت: نعم، وتسمّى هذه المحطات جهازَ الهضمِ، وهي تعطيكَ الطّاقةَ اللّازمةَ لجسمك، والعناصرَ التي تجعَلُكَ تنمو وتكبر. وجهازُ الهضم هذا يبدأُ من فمِك، ثم البلعوم، ثم المريء، ثم المعدة، ثم الأمعاء الدّقيقة، ثم الأمعاءُ الغليظة، ثُمَّ المستقيم. وتوجد كذلك ملحقاتٌ بالجهازِ الهضميّ منها: الغُددُ اللُّعابيّةُ، والكبدُ، والبنكرياس.
أنس: هذا ممتعٌ جدّاً يا أُمَّي، وأوّلُ المحطّاتِ هي فمي الذي يمضغُ الطّعام ويُقطّعُهُ إلى أقسامٍ صغيرةٍ جداً بمساعدةِ أسناني القويّةِ ولُعابي.
الأم: أحسنتَ، ويدفعُ لسانُكَ الصّغيرُ الطّعامَ المقطّع إلى البلعومِ، وهو أنبوبٌ يتقلّصُ فيدفعُ بالطّعامِ إلى المعِدَةِ عبرَ فتحةِ المريء، والمعدةُ هي كيسٌ صغيرٌ يُفرِزُ عصارةً هضميةً تحوّلُ الطّعامُ إلى سائلٍ لزج. بعدها تفرز المرارةُ العصارةَ الصّفراء لتفكيكِ الدّهونِ، ويفرزُ البنكرياس أنزيماتٍ لتفكيكِ البروتيناتِ والسُّكريَّاتِ إلى عناصرَ بسيطةٍ جدًّا. ثُّم ينتقلُ الطَّعامُ إلى الأمعاءِ الدّقيقةِ، وهي أنبوبٌ ملتفٌّ طوله حوالي 7 أمتار، وهو يفرزُ كذلك أنزيمات لتفكيكِ الطّعام، فيصبحُ الطّعامُ جاهزًا ليمتصّهُ الدّمُ ويوزّعَهُ على خلايا الجسم ليستفيدَ منهُ الجسمُ في بنائِهِ ونموِّهِ.
أنس: إذًا يا أميِّ كُلُّ ما نأكُلُهُ يتحوّلُ إلى عناصِرَ تفيدُ أجسامنا؟
الأمّ: لا يا أنس، فما تبقّى من الطّعامِ الذي يصعُبُ امتصاصُهُ ينتقل إلى الأمعاءِ الغليظةِ التي تكونُ أقصرَ من الدّقيقة ولكنّها أسمك وأعرض، وهنا تمتصُ الأمعاءُ الغليظةُ الماءَ من بقايا الطّعامِ فتتحوّلُ هذه البقايا إلى فضلاتٍ صلبةٍ وبعدها تنتقل إلى المستقيمِ ثُمَّ إلى فتحةِ الشّرجِ فتخرجُ منها.
أنس:الحمدُ لله على نعمهِ، وعلى ما وهبنا إيّاهُ من أجهزةٍ لتقويةِ أجسامِنا وبنائِها. ونحنُ علينا أن نشكر الله تعالى وأن نحافظَ على هذه النِّعَمِ ونعتنيَ بِها.
الأم: بارك الله فيك يا أنس، وكذلك علينا أن نعتدِلَ في تناولِ الطّعامِ لتجنُّب البدانة، وعلينا غسلُ الأسنانِ بعد الأكلِ لحمايَتِها من التّسوّسِ، وأن نُنَوِّع من المأكولاتِ فنتناولَ الحبوبَ والفواكه والخضراواتِ والأليافِ بعد غسلِها جيّدًا.
أنس: أمي هل غسلتِ التُّفاحة جيّدًا؟ فأنا متلهفٌ لأكلِها ..
ضحكت الأمُّ وعانقتهُ قائلةً: هنيئًا يا حبيبي.