حضن واحد في اليوم خير من كل الكلام
الكاتب : د. ياسر بن مصطفى الشلبي
الخميس 5 يناير 2017 م
عدد الزيارات : 3504

 

حضن واحد في اليوم خير من كل الكلام

 

كثيرا ما نسمع من الأبوين أو من أحدهما عبارة: ابني عنيد ..
والحقيقة أن العناد في سن معينة - إذا لم يتجاوز حدا معينا - يكون جزءا من عملية النمو ومواجهة الآخرين بالمبادىء والآراء التي يؤمن بها 
     ولا شك أن الطفل في سن معينة يسير في طريق النضج، ولديه دوافع قوية جدا للاستقلال، وهو يميل للمجابهة ليثبت ذاته.
     ولكن ماذا يحدث لو تجاوز هذا التأكيد للذات حدوده السليمة؟ وما علة هذا السلوك؟ وهل بإمكان أحد الوالدين أن يحل هذه المشكلة ويمنع ابنه أو ابنته من توصيله إلى الجنون لا سمح الله؟
     وفي هذه العجالة ألقي الضوء على أسباب هذا السلوك المزعج، وما ينبغي على الوالدين ليمتصا هذا العناد البغيض الذي يجعلهم في هم مقيم وتوتر دائم فأقول: إن من أهم أسباب هذا السلوك السلبي هو:
1- صعوبة وكثرة أوامر الآباء التي لا تطاق، تدعو الطفل لرفضها وعدم تنفيذها، بل والثورة عليها، وقديما قيل: إذا أردت أن تطاع فأمر بما يستطاع ... وينبغي عل الوالدين في هذا الشأن إقناع الطفل في الفائدة من العمل المطلوب منه وعدم تكليفه بأمر فوق طاقته، أو هو مشغول بخصوصياته.
2- مطالبة الوالدين الطفل بأمور تختلف اختلافا كليا عن رغبات الطفل وفرض أهداف معينة عليه تثير في نفسه حالة قصوى من حالات العناد لإثبات ذاته والدفاع عن نفسه... لا أريد أن أفعل كذا وكذا حسب هواكم!!
3- وينشأ التمرد والعناد أحيانا بسبب عدم معاملة الأبناء معاملة عادلة متساوية؛ لأن عدم العدل يولد روح الحقد والحسد والشر في النفوس، وينزع عواطف الحب والحنان والمودة بين الأبناء فيما بينهم من جهة، وفيما بينهم وبين الآباء من جهة أخرى، وهذا يؤدي إلى التمرد والعناد.
4- ضعف شخصية الأبوين وتبدل أوامرهم من حين إلى آخر، وخضوعهم للطفل عند طلب حاجاته المرفوضة إذا تكرر طلبه، وهنا ينبغي للآباء أن يكونوا حازمين ولا يصدروا أوامرهم إلا إذا تحققوا من تنفيذها، وإذا رفضوا إعطاء الطفل شيئا بناء على طلبه، فيجب أن يستمر هذا المنع ولو ألح الطفل وبكى حتى يعرف أن البكاء والتمرد ليس سلاحا فعالا ولا يفيدانه في شيء.
5- وقد ينشأ العناد والتمرد عند الطفل من استعجال الآباء للشدة والقسوة في تربيته، فيضطر للثورة والانفجار... وما درى هؤلاء أن حضنا واحدا في اليوم يستطيع أن يوجد علاقة قوية وعميقة بين الولد ووالديه، فالحضن يقول للولد على الرغم من كل التوتر القائم بأنه لايزال موضع حب وعناية من قبل الوالدين.
    ولابد من إدراك أن هذا الحضن لايصح تقديمه وسط حالة المجابهة، وإنما من الضروري اختيار وقت حيادي لاحتضان الطفل لا تكون فيه مشاكل واضحة.
     فالتعبير الجسدي عن الحب كثيرا ما يفتح المجال أمام الاتصال بالكلام، فإذا أحس الطفل بأن والده يحبه ويتقبله، فإنه سيجد من السهل عليه أن يتحدث معه حول آماله وأحلامه ومخاوفه.
إن حضنا واحدا في اليوم يمكن أن يقوم بما لايستطيع أن يقوم به كل الكلام في تعديل سلوك الأبناء المتمردين.
والله وحده الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

 


https://islamicsham.org