التقرير الإعلامي المائة ( 100 ) الثلاثاء 22 أيار/مايو 2012
الكاتب : المكتب السياسي - هيئة الشام الإسلامية
الثلاثاء 22 مايو 2012 م
عدد الزيارات : 3186

تقرير إعلامي يومي يتضمن أهم الأخبار والتحليلات التي يتم جمعها من الصحافة العربية والأجنبية، ولا يعبر عن رأي الهيئة أو مواقفها تجاه الأحداث

 

استمرار تردي الأوضاع الميدانية و"الأسد" يدعو مجلس الشعب الجديد إلى الانعقاد .. التطورات وردود الفعل

*تصاعدت الأحداث في سوريا على أكثر من صعيد، حيث قتل 30 شخصًا على الأقل في أعمال عنف،كما سقطت قذيفة "ار بي جي" على مسافة عشرة أمتار من مجموعة مراقبين دوليين، كانت تزور مدينة "دوما" قرب دمشق، والأنباء تحدثت عن اغتيال ستة من كبار الضباط والمسؤولين، لكن النظام نفي، هذا فضلاً عن استمرار المواجهات والاشتباكات العنيفة بين النظام والمعارضة في قلب العاصمة دمشق. ونتج عن هذا التصعيد إدانات وتحذيرات دولية من استمرار العنف والتصعيد الذي يهدد بنشوب حرب أهلية ستكون عواقبها ليس فقط على سوريا بل على مختلف دول المنطقة. هذا فيما أصدر "الأسد" مرسومًا دعا فيه مجلس الشعب الجديد إلى الانعقاد يوم 24/5/2012.

أولاًـ التصعيد الميداني وتردي الأوضاع الداخلية

1ـ مواجهات واشتباكات في قلب العاصمة دمشق(1):

ـ أسفرت الاشتباكات المتصاعدة بين الجيش النظامي وعناصر "الجيش الحر" إلى سقوط العديد من القتلى والجرحى، في خرق بات يوميًا لخطة المبعوث العربي الأممي "كوفي عنان".

ـ عاشت العاصمة السورية دمشق، أجواء معارك دامية بين الجنود المنشقين المنضوين تحت لواء "الجيش الحر" والقوات النظامية، حيث شهد قلب العاصمة، وتحديدًا منطقة المربع الأمني والقصر الرئاسي، اشتباكاتٍ وانفجاراتٍ، وسط تضارب في الروايات بشأن صحة الأنباء التي أكدتها المعارضة، ونفتها السلطات، والتي تتحدث عن اغتيال كبار المسؤولين الذين يشكلون "خلية الأزمة" بعملية لـ "الجيش الحر".

2ـ  مقتل  30 شخصًا جراء استمرار القصف في مختلف المدن(2):

ـ ارتفع عدد القتلى في سوريا إلى 30 شخصًا، بينهم ثلاثة أطفال وخمسة منشقين، سقط معظمهم برصاص الجيش في حماة وحمص، فيما قتل الآخرون في دير الزور ودرعا والحسكة وبانياس وادلب وحلب ودمشق وجبلة.

3ـ استهداف المراقبين الدوليين في دوما(3):

ـ انفجرت قنبلة على طريق بلدة "دوما" السورية على بعد 150 مترًا من قافلة تابعة للأمم المتحدة تقل رئيس بعثة مراقبي وقف إطلاق النار في سوريا ومسؤولاً كبيرًا في الأمم المتحدة، لكن لم ترد أنباء عن سقوط ضحايا.

ثانيًاـ الكشف عن وثيقة تشرح أدوات الحرب التي يستخدمها النظام لقمع الثورة(4)

* منذ انطلاق الثورة السورية في 23 مارس 2011، وضع النظام السوري خطة أمنية للتعامل مع ثورة الشعب السوري، لكنه لم يعمد إلى تغييرها، ويبدو النظام السوري غير منتبه إلى فشل تلك الخطة وتسرب تفاصيلها إلى عموم الناس ووسائل الإعلام، بدليل إصراره على متابعة تنفيذها بحذافيرها، وكأنه على يقين بأن الحل الأمني العنيف هو الطريق الوحيد حتى لو وقف العالم بأكمله ضده، وتتضح معالم هذه الخطة الأمنية، في الآتي:

1ـ الخطة الأمنية الأولى(1):

ـ قررت اللجنة الأمنية ربط التظاهرات والاحتجاجات المعادية لنظام "بشار الأسد" بشخصيات مكروهة عند السوريين كالشخصيات السعودية واللبنانية ذات الحضور الإعلامي، وتم ربط الجميع بالصهيونية وأمريكا، وهو ما حدث في بداية الثورة ولا يزال الإعلام السوري الرسمي يمارسه بوتيرة متزايدة يوما بعد يوم.

ـ اتخذت اللجنة قرار "التجييش الطائفي" عن طريق إطلاق حملة إعلامية غير مباشرة حول الفتنة الطائفية والتخويف من الإخوان المسلمين والتطرف، يضاف إلى ذلك قرار واضح بمنع وسائل الإعلام من التواجد في أماكن الشغب، ومعاقبة من ينقل أي خبر لا يخدم القطر، وعدم إظهار أي تهاون في هذا الأمر.

ـ وفي مستوى لاحق تشير الخطة الأمنية، كما جاء في محضر اجتماع اللجنة الأمنية المصغرة إلى أنه في حال وصلت الأمور إلى حالة حرجة وخطرة، فيستوجب جر الجميع للاختيار بين الأمن والاستقرار وبين الحريات التي يطالبون بها، وسيختارون هنا بقاء الأمن وسلامتهم، وهذا يمكن تنفيذه ببعض الاغتيالات من طوائف وعشائر مختلفة أو تفجير بعض أماكن العبادة في أماكن التوتر الكبيرة، مما يفسر التفجيرات التي انتشرت منذ مدة على كامل مساحة سوريا.

2ـ الخطة الأمنية الثانية(2):

ـ شعبيًا، قررت اللجنة الأمنية المصغرة إخراج مسيرة حاشدة ومؤيدة لرئيس الجمهورية "بشار الأسد" قبل الخطاب، وهنا يجب إصدار تعليمات صارمة للمؤسسات الحكومية والنقابات والمدارس بحشد الموظفين والطلاب، وتوزيع شعارات جديدة عليهم.

ـ بالنسبة لخطاب رئيس الجمهورية المتوقع (الذي ألقاه في مجلس الشعب)، فكانت التعليمات تقضي بتأجيل الخطاب قدر المستطاع، لأن هذا التأجيل تعبير عن قوة الدولة وعدم اهتمامها واكتراثها بما قد يحدث، كما يسهم في جلاء الصورة وتحديد مقدار التحرك السياسي والإعلامي والميداني المطلوب.

 

·   من الملاحظ أن "الأسد" ونظامه لا يزالان حتى الآن يتعاملان وفقًا لهذا الأساس، حيث صرح مؤخرًا بأن نتائج الانتخابات التشريعية تدل على دعم الشعب له ولإصلاحاته، رغم أن نسبة التصويت لم تتجاوز 51%، عدا عن امتناع محافظات بأكملها عن التصويت.

ثالثًاـ إصدار "الأسد" مرسومًا يدعو لانعقاد مجلس الشعب الجديد(5)

* أصدر الرئيس "بشار الأسد"(يوم 21/5) مرسومًا قضى بدعوة مجلس الشعب (البرلمان) الجديد للانعقاد يوم 24/5/2012، وهذا المرسوم تضمن أنه بناء على أحكام الفقرة (أ) من المادة (64) من الدستور "يدعى مجلس الشعب للدور التشريعي الأول للانعقاد لأول مرة يوم الخميس".

  

· كانت الانتخابات التشريعية قد جرت في السابع من الشهر الجاري، وأعيد الاقتراع في بعض مراكز الاقتراع في اليوم التالي. وتنافس 7195 مرشحًا على 250 مقعدًا، وتستمر ولاية مجلس الشعب أربع سنوات.

رابعًاـ ردود الفعل(6)

1ـ  الأمم المتحدة:

 

* الأمين العام "بان كي مون":

 

 ـ "عملية السعي إلى تسوية سلمية للازمة في سوريا، وصلت إلى مرحلة دقيقة".

ـ "الأمر الذي يقلق من مخاطر قيام حرب أهلية شاملة في سوريا".

2ـ حلف شمال الأطلسي:

* الأمين العام "اندرس فوغ راسموسن":

ـ "ندين بشدة سلوك قوات الأمن السورية وقمعها السكان وندعو القيادة السورية إلى تلبية التطلعات المشروعة للشعب السوري".

ـ "الحلف الأطلسي ليس لديه نية للتدخل في سوريا، ولا ينوي القيام بأي عمل عسكري ضد النظام السوري".

ـ "السبيل المثلى للتوصل إلى حل في سوريا هو من خلال خطة عنان".

3ـ  جامعة الدول العربية:

* الأمين العام "نبيل العربي":

ـ "نتخوف بشدة من اندلاع حرب أهلية في سوريا، ومثل هذه الحرب لن تكون في صالح الشعب السوري ولا دول الجوار.

ـ "الجامعة العربية لجأت إلى الأمم المتحدة لوضع مجلس الأمن أمام مسؤولياته بعد فشل مهمة المراقبين العرب".

ـ "الأمم المتحدة لديها أوراق ضغط كثيرة جدًا ولديها مجلس أمن، وتستطيع أن تصدر قرارات مهمة وملزمة، ولو نظريًا على الأقل".

4ـ  روسيا:

* رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الاتحاد الروسي "ميخائيل مارغيلوف":

ـ "لا يمكن تغيير النظام بالقوة، يجب أن يتمكن السوريون من تسوية مسائلهم بأنفسهم".

ـ "موسكو ترى أن حل الأزمة السورية لا يتأتى إلا بمساعدة السوريين أنفسهم لكي يتمكنوا من التوصل إلى تفاهمات في ما بينهم".

5ـ  فرنسا:

* الناطق باسم وزارة الخارجية "برنار فاليرو":

ـ"الانتهاكات اليومية لوقف إطلاق النار لا يمكن التغاضي عنها، ويجب أن تتوقف، والتقارير اليومية التي تصل إلى الوزارة تثبت أن النظام يواصل الاعتقالات وإعمال التعذيب".

خامسًاـ رؤى الكتاب والمفكرين

الأزمة السورية وبروز"تنظيم القاعدة" كلاعب أساسي(7):

ـ تحول الصراع بين الحكومة والمعارضة إلى مباراة على الساحة السورية بين قوي دولية وإقليمية عديدة، يخيم عليها شبح "تنظيم القاعدة" بعد تفجيرات انتحارية تبنتها جماعات جهادية.

ـ التفجيرات الانتحارية التي شهدتها العاصمة دمشق ومدينتا حلب وإدلب مؤخرا، فرضت نفسها على تطورات الأوضاع بعد أن أضحت قرينة مهمة على أن مجموعات جهادية تنتمي إلى "تنظيم القاعدة" نقلت نشاطها إلى داخل سوريا تلبية لنداء "أيمن الظواهري" زعيم التنظيم بإعلان الجهاد ضد النظام السوري.

ـ علاقة سوريا بتنظيم القاعدة علاقة ملتبسة وقديمة، فقد لعبت دمشق دورًا مهمًا في السماح بتسلل عناصر جهادية ومجموعات من القاعدة عبر أراضيها إلي العراق منذ عام2003 لمقاومة الاحتلال الأمريكي هناك. وفي هذا السياق، يبرز اسم "جند الشام" التنظيم الذي ظهر بقوة في لبنان بعد اشتباكات مخيم "عين الحلوة" في24 أكتوبر2005، وتعود تسمية "جند الشام" إلى المجموعة الأولي التي تزعمها "الزرقاوي" في أفغانستان عام1999، حيث أطلق الاسم على مخيم للتدريب كان يضم متطوعين من بلاد الشام، أي لبنان وسوريا والأردن وفلسطين، وتولي شأنه التنظيمي "عماد ياسين"، وقام المدعو "أبو يوسف شرقية" بإعلان تشكيل جند الشام وتولي إمارته في مايو2000، بالإضافة إلى الداعية السوري "أبو القعقاع" الذي كان من ضمن عناصر التنظيم.

ـ تعتقد مصادر عديدة أن المخابرات السورية كانت تتابع هذا التنظيم بشكل دقيق ومفصل، وتغاضت عن قيامه ببعض العمليات في لبنان آنذاك ثم تسلل عناصر منه إلى العراق بعد ذلك، وتوضح نفس المصادر أن سوريا تشرب الآن من نفس الكأس بعد أن تدفق مقاتلو"القاعدة" إليها الآن من العراق ولبنان الذين ينتمون لجنسيات عربية متعددة، بعد أن أصبحت الشام أرض جهاد وليست أرض نصرة حسب تعبير تلك التنظيمات، فضلاً عن ذلك فهناك العديد من المؤشرات تدل على تورط "تنظيم القاعدة" وتغلغله في الأزمة السورية، وهي:

تبني جماعات جهادية التفجيرات: 24 يناير الماضي، ظهرت على مواقع الانترنت نسخة لشريط مصور لجماعة جهادية جديدة، أعلنت عن نفسها تحت مسمي "جبهة النصرة لأهل الشام"، يظهر فيه مجموعة مقاتلين ملثمين يتدربون، ويتكلم في الشريط رجل اسمه "الفاتح أبو محمد الجولاني" بصفته المسؤول العام للجبهة، معلنًا الجهاد المقدس.

شهادة رئيس المخابرات بتورط القاعدة:رغم اتهامات بعض عناصر المعارضة الخارجية للنظام السوري بتدبير تفجيرات دمشق للإيحاء بوجود مجموعات للقاعدة في البلاد، إلا أن رئيس جهاز المخابرات الأمريكية "جيمس كلابر" حسم الأمر خلال تقرير قدمه أمام لجنة الدفاع في الكونجرس، أكد فيه أن التفجيرات الأخيرة في سوريا تحمل بصمات "القاعدة".

تهريب السلاح من العراق لسوريا: أعلن وكيل وزارة الداخلية العراقية "عدنان الأسدي" أن جهاديين عراقيين ينتقلون من العراق إلى سوريا للقتال، مؤكدًا أن السلاح يهرب من العراق إلى سوريا.

قائمة الإرهابيين التي أعلنتها دمشق: كشف السفير السوري في الأمم المتحدة "بشار الجعفري"أن في حوزة دمشق لائحة من12 إرهابيًا أجنبيًا قتلوا في سوريا بينهم فرنسي وبلجيكي وبريطاني، وأعلن أيضا أن حكومته تملك اعترافات مسجلة لنحو26 إرهابيًا، بعضهم مرتبط بالقاعدة موضحًا أن الغالبية من هؤلاء هم من التونسيين والليبيين إضافة إلى فلسطيني وأردني.

 

ـ يري المراقبون أن ظهور "تنظيم القاعدة" ربما يكون نقطة التحول الفاصلة في الأزمة السورية، إذا انجرف الوضع إلى النمط الذي ساد العراق خلال السنوات الماضية، عندما استعانت حركات محلية في الداخل بعناصر جهادية من الخارج لتصعيد العنف وتنفيذ أجندتها الخاصة، وهو ما قد يفسر الارتباك الأمريكي الذي عكسته التصريحات الأخيرة لوزير الدفاع "ليون بانيتا" عن أن أي قرار بشأن تدخل الولايات المتحدة في المنطقة بات أكثر دقة وصعوبة، وأن وجود "القاعدة" في سوريا، وسعيها لتأكيد وجودها هناك أمر يثير مخاوفنا فقد أصبح الوضع أكثر خطورة نتيجة لذلك، وهكذا يصبح شبح القاعدة لاعبًا أساسيًا في الأزمة السورية قد يتسبب في تحولات كثيرة خلال الفترة المقبلة.

 التخاذل والتراجع الدولي في الأزمة السورية(8):

ـ بعد نحو عام على اندلاع الثورة السورية الشعبية ضد النظام الأمني الأسدي، حيث انطلقت شرارة الثورة في مارس2011، عجزت الأجهزة الأمنية الأسدية، بكل تشكيلاتها عن قمع الغضب الشعبي وإيقاف المد.

ـ اليوم المشهد شديد الخطورة والتعقيد، ولولا التخاذل والتراجع الأمريكي والأوروبي، لما وصلت الأمور إلى ما وصلت إليه، فضلاً عن الدور الروسي والصيني الروسي.

ـ سبق أن أوضح وزير الخارجية الروسي "سيرجي لافروف"، أن جميع الخبراء وأهل القرار في الغرب يوافقون الروس في إدارتهم للأزمة السورية، طبعًا خلف الأبواب المغلقة، وأن الكلام العلني الإعلامي هو للاستهلاك فقط.خلاصة هذه المقاربة، هي أن النظام الأسدي هو أنسب الحلول بالنسبة لإسرائيل، وبالنسبة لتحجيم القوة الإسلامية في هذه المنطقة، والبديل، وفق هذه المقاربة الروسية ـ الغربية، هو نظام غير مضمون، بينما "الأسد"، مع إضعافه قليلا، هو الأفضل، حيث يقف حاجزا أمام هذا المد السني الأصولي، الذي لو تمكن من بلاد الشام، فستصل أمواجه إلى موسكو، حيث تكون الشعوب الإسلامية السنية جزءًا كبيرًا من نسيج الاتحاد والكومنولث الروسي، هذا هو السبب وراء الممانعة الروسية، مع مقاومة التفرد الأمريكي طبعًا بالقرار الدولي، لكن هذا جزء يخص المزاج الروسي، بينما المشترك بينهم وبين أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، هو الرغبة في إبقاء نظام مضمون بجانب إسرائيل، والرغبة في إيقاف المد السني عند هذا الحد.

ـ مضى الآن قرابة العام على بداية الثورة السورية، ويبدو واضحًا أن كل ألاعيب المجتمع الدولي، والجامعة العربية لم تجدِ نفعًا، لا بعثة الجنرال السوداني "الدابي"، ولا خطة "عنان"، ولا بعثة الجنرال "مود". بل وبدأت الانفجارات تدخل على الخط، بعد أن كانت البداية فقط من خلال التجمع والتظاهر والهتاف، والتساؤل الآن هل أجدى التخاذل الدولي والرهان على الوقت؟ بالطبع لا، وسيزيد التطرف الثوري، وسيكون أكثر أصولية وسنية، بسبب منع النجدة الدولية عن الثورة، وهو ما يخشاه الغرب من تطرف الثورة، وبالتالي فان التخاذل الغربي هو الذي غذي هذا التطرف ودعمه، أي إنه حدث عكس ما يريده الغرب وروسيا أيضًا.

ـ عدم دعم الثورة السورية، واحتضانها وقيادتها، هو الذي سيقود إلى الكارثة الكبرى في المنطقة، وليس العكس، وترك الأمور للزمن سيزيدها تعقيدًا وخطورة وليس العكس.

3ـ الاقتصاد السوري على حافة الهاوية(9):

ـ كافة المؤشرات في سوريا تشير إلى دخول سوريا في أزمة اقتصادية طاحنة، ومن أبرز هذه المؤشرات والأهم ربما يتعلق بتقديرات صندوق النقد، وانخفاض قيمة الليرة السورية بنحو 45%، وذلك منذ بدء الأحداث، مع ما يعنيه ذلك من تبعات على المواطنين، إذ يعني تراجعًا مماثلاً في قيمة الأصول النقدية والمدخرات التي يحتفظ بها المواطنون.

ـ لا يخفي صندوق النقد وبعض المؤسسات الإقليمية التأثيرات الإقليمية المحتملة لاستمرار الأزمة السورية، حيث تراجع الصادرات في حدة وسيمتد تأثير الأمر إلى جيران سوريا، وفقًا لصندوق النقد، كالآتي:

o فمن جهة يعتبَر العراق الشريك التجاري الأول لسوريا، وتعتبَر سوريا المنفذ الأقرب للعراق إلى البحر المتوسط، ويعطل استمرار أحداث العنف في سوريا، هذا الممر في تطور من شأنه التأثير سلبًا في التجارة مع العراق.

o أما مع الشريك التجاري الثاني، تركيا، فتوقفت التجارة كذلك باستثناء بعض السلع الأساسية، وتشهد المناطق الحدودية المشتركة بين تركيا وسوريا شبه شلل وتوقفًا لكثير من النشاطات وفقدانًا كبيرًا لفرص العمل، وكانت هذه المناطق من البؤر النشطة في المجال الاقتصادي لجهة توليد فرص العمل والنشاطات السياحية.

o على الطرف الآخر يبرز لبنان الأكثر تأثرًا مباشرة بما يجري، فالتبادلات بين البلدين مهمة والقطاع المصرفي اللبناني يكاد أن يكون الأنشط في سوريا، وهو أعلن في (يناير) أنه سيلتزم العقوبات الدولية بحق سوريا، ما يشمل تجميد أرصدة حكومية وتعليق التعاون مع المصرف المركزي السوري ومصارف أخرى، ما أثر كثيرًا في العمليات المصرفية والأرباح التي كان يحققها هذا القطاع وتحول إلى المصارف اللبنانية الأم. ورافق هذا الجمود تراجع غير مسبوق في منح القروض والتسهيلات الائتمانية، ما يعني تجميد السيولة.

 

ـ إذا أضيف الحظر على صادرات النفط والسلع الأخرى، يتضح عمق الأزمة الاقتصادية، ويمكن تفسير تراجع الاحتياطات النقدية إلى النصف تقريبًا ما يثير علامات الاستفهام حول قدرة الاقتصاد السوري على الصمود والاستمرار بتحقيق نوع من التوازن.

ـ تتجاوز أهمية المؤشرات أعلاه الأبعاد الاقتصادية لتنعكس على أدوار الفاعلين السياسيين وموقفهم مما يجري من تطورات، فالخاسر الأكبر من تراجع قيمة العملة والنشاطات الاقتصادية هو فئات الدخل المرتفع وأصحاب المدخرات بالعملة المحلية، وهذه الفئات التي كان يعتمد النظام عليها تشهد تراجعًا كبيرًا في قيمة مدخراتها وثرواتها وهي تدفع ثمنًا إجباريًا لوقوفها حتى الآن على الحياد تقريبًا في الأحداث الجارية، وليس واضحًا متى سيحدث التحول في موقفها، خاصة الفئات المتوسطة منها، فالمؤشرات الأولية تشير إلى أن الأوضاع لن تشهد تحسنًا في القريب العاجل، وباتت هناك رهانات على أن تعميق الأزمة الاقتصادية وتشديد الحصار يمكن أن يؤدي إلى نتائج أفضل من خيارات التدخل العسكري التي لا يوجد توافق دولي حولها.

ـ يبقى أن كل مؤشرات القطاعات الإنتاجية والخدمية، ومن ضمنها حوالات العاملين في الخارج، تشير إلى تدهور سريع في الأداء الاقتصادي وحال من الارتباك فيما خص أفضل السبل لإدارة الملف، وما ينجم عن تدهور قيمة العملة وما يرافقه من تضخم وارتفاع في الأسعار يشمل قطاعات عريضة، وحتى الآن نجحت السلطات نسبيًا في ضبط أسعار المواد الأساسية التي تستهلكها بكثرة شرائح الدخل المتدني، وكان هذا على حساب احتياط العملات الأجنبية التي تتراجع بوتيرة متزايدة.

_________________________

(1) البيان الامارتية، القدس العربي، الشرق الأوسط، رويترز، وكالة الأنباء الفرنسية، 21/5/2012.

(2) وكالة الأنباء البحرينية، 22/5/2012.

(3) الشرق الأوسط، الحياة، وكالة الأنباء الفرنسية، رويترز، 21/5/2012.

(4) العربية نت، 21/5/2012.

(5) الحياة، وكالة الأنباء السورية، الشرق الأوسط، القدس العربي، يونايتيد برس انترناشونال، 21ـ22/5/2012.

(6) القدس العربي، الشرق الأوسط، إيلاف، البيان الامارتية، الحياة، اسوشيتيد برس انترناشونال، 21/5/2012.

(7) فتحي محمود، الأهرام، 22/5/2012.

(9) إبراهيم سيف، الحياة، 22/5/2012.

(10) مشاري الذايدي، الشرق الأوسط، 22/5/2012.

التطورات على الساحة اللبنانية:

لبنان يدخل منحى انحداريًا أمنيًا خطيرًا ومخاوف من نقل الأزمة السورية للبنان

* وضعت حادثة قتل الشيخ "أحمد عبد الواحد "، ومرافقه الشيخ "خالد مرعب" لبنان في منحى انحداري خطير مكشوف أمنيًا، وزادت المخاطر من إمكانية نقل الأزمة السورية إلى الأراضي اللبنانية، ولاسيما أن جروح طرابلس لم تندمل بعد، وشظايا قنبلة توقيف "شادي المولوي" في طرابلس وما تلاه من اعتصامات واشتعال الحرب المزمنة بين باب التبانة وجبل محسن، تتطاير في كل الاتجاهات، وبالتالي دخل لبنان مجددًا على خط الاهتزاز الأمني مع تلك الأحداث الأمنية المتنقلة التي أعادت إلى الأذهان وقائع "الحروب الصغيرة" التي تم خوضها في شوارع بيروت والمناطق في عام 2008 وانتهت بعملية "7 آيار" الشهيرة التي نفذها "حزب الله" والمتحالفون معه ضد فريق الموالاة آنذاك.

مظاهر تردي الأوضاع الأمنية اللبنانية(1)

* عاش اللبنانيون يوم 21/5/2012، هزات أمنية ارتدادية ناجمة عن الاحتقان الذي تولد في الشارع بعد مقتل الشيخين "أحمد عبد الواحد" و"محمد حسين المرعب" على حاجز للجيش اللبناني، حيث لعب المحتجون لعبة "القط والفأر" مع القوى الأمنية بإقفال الطرق الدولية والرئيسية في أكثر من منطقة، لاسيما في الشمال والبقاع وطريق بيروت ـ الجنوب وبعض طرق العاصمة، مما انعكس على الحياة اليومية في بيروت التي شهدت حركة خجولة وسط إقفال للمدارس وبعض المؤسسات الخاصة، وأوضحت مصادر إعلامية:

ـ ما زاد الأمور قلقًا هو استمرار التحذيرات العربية ـ والأجنبية من هشاشة الوضع الأمني، الذي تمثل أمس بانضمام الكويت إلى قائمة الدول التي دعت رعاياها إلى مغادرة لبنان وعدم التوجه إليه، فيما نصحت السفارة الأمريكية لدى لبنان بوجوب تجنب مناطق الاحتجاجات والمناطق التي يتم الإبلاغ عن حصول احتجاجات فيها أو التي تشهد إغلاق طرقات. وذكرت السفارة مواطنيها بقرار الخارجية الأمريكية بتحذير السفر إلى لبنان وتوخي الحذر واتخاذ التدابير المناسبة لضمان سلامتهم وأمنهم والإبلاغ عن أي نشاط مشبوه إلى السفارات.

ـ في الإطار عينه، سجلت حركة لافتة للسفير السعودي في بيروت "على العسيري"، الذي زار رئيس الحكومة "نجيب ميقاتي" ووزير السياحة "فادي عبود" كما سيزور اليوم 22/5/2012، رئيس الجمهورية العماد "ميشال سليمان" للاطمئنان إلى سلامة المواطنين السعوديين، وأكد السفير أن أي قرار سعودي بشأن السفر إلى لبنان لم يتخذ بعد، قائلاً إن المملكة تراقب الوضع بدقة واهتمام بالغين وستتخذ القرار المناسب في ضوء التطورات الميدانية، مشددًا على أن المملكة تريد أن ترى لبنان آمنًا ومستقرًا، وتريد للبنانيين الوحدة والتفاهم ووضع الخلافات بينهم في مرتبة أدنى من مصلحة وطنهم التي يجب أن تكون فوق كل اعتبار.

ـ استنكر نواب بيروت بشدة ما تعرضت له بعض مناطق العاصمة وتحديدًا منطقة الطريق الجديدة من أعمال عسكرية من قبل أشخاص مرتبطين بأجهزة النظام السوري وحلفائه في لبنان، لتعريض أمن العاصمة للخطر مرة أخرى، وترويع أهلها بإطلاق النار من مختلف أنواع الأسلحة، في إطار مخطط مكشوف لنقل أزمة النظام من سوريا إلى طرابلس والشمال ثم إلى العاصمة بيروت، وذلك بعد صدور أمر العمليات في الرسالة التي تقدم بها سفير النظام السوري إلى الأمم المتحدة "بشار الجعفري" والتي اتهم فيها السعودية ودولة قطر وتيار المستقبل باحتضان الإرهاب وهي اتهامات مفبركة جملة وتفصيلاً.

مؤشرات استمرار التوتر في لبنان لأجل غير مسمى(2)

ـ عدم التوصل إلى حل جذري للتصعيد الذي ساد شمال لبنان مؤخرًا رغم اتفاق الأطراف على هدنة، حيث شهدت المنطقة بعض الحوادث المتفرقة. ويرجع ذلك إلى بقاء المسبب الرئيسي للعنف، وهو حالة التشنج بين مؤيدي النظام السوري والمعارضين له. ومن المحتمل أن يستمر هذا الأمر خلال المرحلة المقبلة، ولاسيما أن رجل الدين، الذي قتل مؤخرًا، كان من المنتقدين للنظام السوري، وكان له دور نشط في مساعدة النازحين السوريين، وشارك في مناسبات كثيرة لدعم الشعب السوري. وقد جاء رد الفعل على الحادث من قبل السنة سريعًا وعنيفًا في آن واحد، حيث تم قطع العديد من الطرق وأشعلت النيران في إطارات السيارات، ولم يقتصر الأمر على منطقة بعينها، بل امتد إلى المناطق السنية كافة في طرابلس وقضاء عكار ووصل إلى غرب بيروت ووسطها.

ـ دخول الجيش طرفًا في الصراع يمكن أن يلقي بظلاله على مجمل الأوضاع في البلاد، بعد الاتهامات التي وجهت إليه من قبل المعارضة بأنه يستهدف العناصر الداعمة للشعب السوري، والمطالبة بمحاسبة العناصر المتسببة في الحادث، وهو ما يزيد من حدة الانقسامات السياسية في وقت لم تتعاف فيه لبنان بصورة نهائية من تداعيات الأزمات السياسية التي عانها منذ سنوات طويلة، وما يزيد من وطأة الأزمة ما نقلته بعض المصادر الإعلامية من أن عددًا من الشيوخ السلفيين في منطقة باب التبانة طالبوا بالدعوة إلى تأسيس ما سموه الجيش اللبناني الحر من منشقين الجيش اللبناني، كما دعا "خالد الضاهر" النائب عن كتلة تيار المستقبل إلى إبعاد وحدات الجيش اللبناني عن شمال لبنان، ونشر قوات الأمن الداخلي بدلا منها.

ـ يرى بعض المراقبين أن ما تشهده منطقتا التبانة وجبل محسن يمكن أن يتكرر في مناطق أخرى، نظرًا إلى أن لبنان يضم طوائف ومذاهب متعددة تسودها انقسامات حادة، إضافة إلى أن الخلافات السياسية بين الأحزاب والكتل لا تقتصر على قضايا وملفات في الداخل، ولكن تمتد إلى قضايا إقليمية وفي مقدمتها سوريا.

ـ استمرار الأزمة السورية يلقي بتداعياته على الداخل اللبناني، فالموالون لدمشق يتهمون معارضيها بإيواء الإرهاب وتهريب الأسلحة للمنشقين في سوريا، في حين يوجه مناهضو النظام السوري اتهامات مباشرة لدمشق بأنها تصدر الفوضى إلى لبنان لصرف الأنظار عن مجريات الأحداث هناك، وللقول إن طرابلس هي مصدر الإرهاب.

__________________________________

(1) الشرق الأوسط، رويترز، القدس العربي، الخليج الامارتية، الوطن السورية، السفير اللبنانية، 22/5/2012.

(2) نشرة أخبار الساعة، العدد(4850)، 22/5/2012.

 


https://islamicsham.org