الفاروق
الثلاثاء 22 مارس 2016 م
عدد الزيارات :

 

الفاروق


لم يلبَثِ الـمُسلِمُونَ بعدَ وَفاة الخَليفَةِ الأوَّلِ أبي بَكرٍ الصِّدِّيق رضي الله عنه حَتَّى بَايَعُوا رَجُلاً عَظيماً، كانَ أبُو بَكرٍ رضي الله عنه قَدْ عَهِدَ بِالخِلافَةِ لهُ مِنْ بَعدِهِ.
هذَا الرَّجُلُ هُوَ صَحابِيٌّ جَلِيلٌ، تَمنَّى رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم إِسْلامَهُ وَدَعَا اللهَ قَائِلاً: (اللهمَّ أعزَّ الإسلامَ بأحبِّ الرَّجُلَينِ إليكَ أبي جهلِ بنِ هشامٍ أو عمرَ بنِ الخطابِ) فكانَ عُمَرُ أحبَّهُمَا إلى اللهِ.
لقَدْ كَانَ الإِسلَامُ فيِ بدَايَاتِه، والأَمرُ صَعبٌ جِدّاً، وَالقِلَّةُ مِنَ الـمُسلِمِينَ يُخفُونَ إِسلَامَهُم خَوفاً مِنْ تَعذِيبِ الـمُشرِكِينَ.
فَأَعَزَّ اللهُ هَذا الدِّينَ بِدُخُولِ عمَرَ بنِ الخّطَّابِ رضي الله عنهُ فيهِ، الَّذي قَامَ بِعِزَّةِ وقُوَّةِ الرَّجُلِ الـمُؤمِنِ مُعلِناً إِسلامه، وكَانَ بِذلكَ أوَّلَ مَنْ جَهَرَ بالإِسلَامِ رضِيَ اللهُ عنْهُ .
حَتّى قالَ ابنُ مَسعودٍ رضي الله عنه:(مَازِلنا أعِزَّةً مُنذُ أَسْلَمَ عُمَرُ).
تَوَلَّى الخِلافَةَ بعدَ أبي بَكرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنهُ، ليُتابِعَ مسيرتَه في نُصرَةِ هَذا الدِّينِ ، فضرَبَ عُمَرُ أروعَ الأَمثِلةِ في عَدلِهِ ووَرَعِهِ واهتِمَامِهِ بِشُؤونِ رَعِيَّتِهِ.
تابَعَ عُمَرُ الفَاروقُ الفُتوحاتِ الإِسْلامِيَّةَ الّتي بَدَأهَا أبُو بَكرٍ الصِّدِّيقُ رضي الله عنهُ، فأرسَلَ جَيْشاً بِقيَادَة البَطَلِ سَعْدٍ بنِ أبي وقّاصٍ لفَتحِ العِراقِ وبلادِ فارِس، واستطاعُوا هزِيمَةَ الفُرسِ وتَدْميرَ مُعسْكَرَاتِهِم، وقَتَلوا قَائدَهم في مَعركَةِ القَادِسِيَّةِ.
ثُمَّ استطاعُوا فَتحَ بلادِ الشَّامِ الَّتي كَانَتْ بِيَدِ الرُّومِ فِي مَوْقِعَةِ اليَرمُوكِ بِقيادَةِ البَطَلِ خَالِدِ بنِ الوَليدِ.
وتواصَلَتِ الفُتوحاتُ حَتّى تمكَّنوا مِن فَتحِ مِصْرَ وَجَعْلِهَا وِلَايَةٍ إِسْلَامِيَّةٍ.
وبَعدَ عَشْرِ سِنينَ وَسِتَّةِ أَشْهُرٍ، كَانتْ مِنْ أَروَعِ وأَجمَلِ أيَّامِ تَاريخِنا الِإسْلامِي الـمُشْرِقِ، انتَهَتْ حَيَاةُ عَظِيمٍ ثَانٍ مِن عُظَمَاء أُمَّتِـنَا أَلا وهُوَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ .. انتَهتْ حَياتُهُ بَعدَ أَنْ طَعَنَهُ أبُو لُؤْلُؤَةَ الـمَجُوسِي وهُوَ يَؤُمُّ النَّاسَ فِي صَلاةِ الفَجرِ، فاختُتِمَت حياةُ عُمَرَ بِالشَّهادَةِ، وهُوَ الّذِي بَشَّرَهُ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عليهِ وسلّمَ بالجَنّة. رضِيَ اللهُ عَنهُ وأرضَاهُ وجَمَعنا بِه في جَنَّاتِ النَّعيم.
ونتَمنَّى أن نَرى فِيكُم أيُّها الأَشْبَالُ أبْطَالاً بِقُوَّةِ وعظَمَةِ عُمَر ..
انتَظرونا في العدَدِ القادِمِ لنَحكِيَ لكُمْ قِصَّةَ عَظِيمٍ ثَالِثٍ وهو ذُو النُّورين رضي الله عنهُ.


https://islamicsham.org