ماذا وراء نعي أمريكا لربيبها!!
الكاتب : زياد الشامي
الاثنين 6 يوليو 2015 م
عدد الزيارات : 2561

 

كثيرة هي المؤشرات والدلائل التي ظهرت مؤخرا وترجح قرب سقوط النظام النصيري في سورية، بدءا بهزائم مليشياته المتلاحقة في كل من شمال البلاد وجنوبها، وصولاً إلى حالة الانهيار الكامل في معنويات قواته ومرتزقته التي تُرجمت في حالات الهروب الجماعي أمام ضربات المجاهدين، وليس انتهاء بانحسار عنتريات أبرز حلفائه " الرافضة " بعد الخسائر الكبيرة في صفوفه في منطقة القلمون وغيرها، وظهور الاضطراب في صفوف قواته وأنصاره.
والحقيقة أن إنجازات جيش الفتح في كل من محافظة إدلب وجسر الشغور وتهديدها لمعقل الطائفة النصيرية بالساحل، بالإضافة لإنجازات جيش الحرمون في جنوب البلاد واقترابه من تطهير محافظة درعا والقنيطرة من بقايا النظام الذي ما زال يحرس حدود الكيان الصهيوني منذ أكثر من أربعة عقود، ناهيك عن أنباء توحد فصائل المعارضة في ريف دمشق لقطع رأس الأفعى في العاصمة قد كانت محل اهتمام دولي واسع وخصوصا من أمريكا و"إسرائيل".
لقد ظهر هذا الاهتمام جليا في توقعات كل من اليهود والأمريكان بقرب انهيار النظام النصيري بدمشق، فقد نشرت أكثر من صحيفة "إسرائيلة" وعلى رأسها "هآراتس" تواقعات عسكريين وخبراء أمنيين بقرب انهيار جيش بشار بعد الهزائم المتكررة التي مني بها مؤخرا.
ومع نشر الصحف الأمريكية لهذه التوقعات منذ سقوط محافظة إدلب وجسر الشغور بيد جيش الفتح، ها هو مصدر عسكري في التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية ضد تنظيم الدولة يؤكد لوكالة الأنباء الألمانية بأن "نظام الرئيس بشار الأسد سيسقط في دمشق قبل نهاية العام الجاري"، مشيرا إلى تفكك القوات السورية، وتحوّلها إلى عصابات، مقابل توحد قوات المعارضة في ريف دمشق لإسقاطه.
لم يكن هذا الاهتمام بالطبع وليد رغبة أمريكية أو صهيونية في وضع نهاية لهذا النظام المجرم الذي انتهك جميع قواعد الإنسانية فضلا عن القوانين الدولية فيما يخص حقوق الإنسان، بل هو اهتمام من يبحث عن بديل مناسب يحقق مصالح وأهداف اليهود والصليبيين والرافضة كما كان يفعل النظام النصيري على مدى أكثر من أربعة عقود، ويبدو أنهم لم يجدوا إلى الآن من يقوم بهذه المهمة على خير وجه كما كان يفعل آل الأسد خلال فترة حكمهم.
إن السؤال الأهم بعد هذا الكم الكبير من التوقعات الصهيونية الغربية بقرب سقوط وانهيار أكثر الأنظمة عمالة لليهود والرافضة، وأكثر الأنظمة عداء وبطشا وتنكيلا بأهل السنة : ماذا بعد هذه التوقعات التي تعتبر بمثابة نعي لنظام طاغية الشام ؟!
لم يتردد المصدر العسكري في التحالف الدولي الذي توقع قرب سقوط نظام بشار في التصريح بأن التحالف " لن يسمح لأي قوى متطرفة الاستيلاء على العاصمة السورية دمشق ".
وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار معنى كلمة "المتطرفين" في قاموس الولايات المتحدة الأمريكة وحلفائها الغربيين، والتي تعني كل من لا يخضع لإرادتها وينفذ أجندتها في المنطقة، فإن هذا يشير إلى مدى عداء أمريكا لأهداف وطموحات الثورة السورية، ومدى دعمها واستماتتها في الإبقاء على طاغية الشام على سدة الحكم، وإن كانت بالطبع تزعم وتدعي إعلاميا عكس ذلك تماما على مدى أكثر من أربع سنوات.
لقد منعت أمريكا السلاح النوعي عن الثوار رغم وعودها الكثيرة بتسليحهم، وغضت الطرف عن جرائم بشار رغم بشاعتها وتجاوزها لجميع الخطوط الحمراء، وعارضت بشدة إنشاء منطقة عازلة لحماية المدنيين كما طلبت تركيا مرارا، وقصفت أكثر من مرة مواقع لحركة أحرار الشام وغيرها من الفصائل التي تقاتل طاغية الشام تحت غطاء محاربة "داعش"...كل ذلك أملا في عدم سقوط نظام ربيبها الثاني - بعد "إسرائيل" – الذي عملت على زرعه وتثبيت أقدامه في حكم أكثر بقاع الأرض طهرا وبركة "الشام".
ويبدو أن أمريكا واليهود والرافضة يفكرون الآن جديا بمرحلة ما بعد سقوط أجيرهم في الشام، ومن هنا ومع اليقين بإدراك الفصائل الإسلامية المقاتلة في سورية لخطورة وخفايا ما تحمله توقعات أمريكا بقرب سقوط النظام السوري، وعلى رأسها النزغ بين تلك الفصائل لإثارة الفتنة ومحاولة إشعار نار الاقتتال فيما بينهم إلا أن واجب النصح يحتم التنبيه لذلك.
ولا بد أن يتذكر المجاهدون في سورية ما جرته الفرقة والانقسام فيما بينهم من تبعات أقلها تأخير سقوط الطاغية إلى هذا الوقت، وما خلفه ذلك التأخير من دماء وأشلاء ودمار و ويلات، وما أنعم الله به عليهم من النصر والفتح بعد الوحدة والاجتماع،.
ليكن إذن شعار المرحلة القادمة – وخصوصا بعد سقوط الطاغية – قول الله تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} آل عمران/103، وقوله تعالى: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} الأنفال/46.


https://islamicsham.org