كيف أواجه المصيبة؟
الكاتب : أبرار
السبت 13 ديسمبر 2014 م
عدد الزيارات : 5332

 

كيف أواجه المصيبة؟ 
 
مهما بلغت المآسي والآلام ذروتها، وأغلقت الأبواب أقفالها، فالباب العظيم لم يغلق، باب الرجاء والصلة بالله اللطيف الحكيم الرحيم، سبحانك ربي أرشدتنا في المصائب ماذا نفعل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [البقرة:153].
إنَّ الصبر والصلاة هما العلاجان لكل محزون مهما بلغ من أمره، وليكن على يقين بأن الله عز وجل لن يضيع من رجاه بهما.
و هذه وقفات سريعة مع الصبر أما الصلاة عمود الدين فلعله يكون في وقفة أخرى بإذن الله.
 
من الأسباب المعينة على الصبر على البلاء ما ذكره ابن القيم _رحمه الله_ في "طريق الهجرتين":
١- معرفة الجزاء والثواب.
٢- شهود تكفير السيئات. 
٣- شهود القدر السابق الجاري لها، وأنها مُقدَّرة في أم الكتاب قبل أن تخلق. 
٤- شهوده حق الله تعالى عليه في تلك البلوى، فلو تأمل الشخص كم تمتع بنعمة البصر والسمع فقط ثم قاسها بمصيبته لوجد أن هاتين النعمتين رجحتا، فكيف ببقية النعم الأخرى.
٥- شهود ترتبها عليه بذنبه : {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} [الشورى: 30].
٦- أن يعلم أن هذه المصيبة هي دواء نافع ساقه إليه الطبيب العليم بمصلحته، فليصبر على تجرعه، ولا يتقيأه بتسخطه وشكواه فيذهب نفعه باطلا. 
٧- أن يعلم أن في عقبى هذا الدواء من الشفاء والعافية وزوال الألم ما لم تحصل بدونه، فإذا طالعت نفسه كراهية هذا الدواء ومرارته فلينظر إلى عاقبته وحسن تأثيره.
٨- أن يعلم أن المصيبة ما جاءت لتهلكه وتقتله وإنما لتمتحن صبره وتبتليه، فيتبيَّن حينئذ هل يصلح لاستخدامه وجعله من أوليائه وحزبه. 
٩- أن يعلم أن الله يُربي عبده على السراء والضراء والنعمة والبلاء فيستخرج منه عبوديته في جميع الأحوال؛ فإن العبد الحق من قام بعبودية الله على اختلاف الأحوال، وأما عبد السراء والعافية الذي يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به، وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه فليس من عبيده الذين اختارهم لعبوديته.
١٠- علمه بأن الله قد ارتضاها له واختارها وقسمها، وأن العبودية تقتضي رضاه بما رضي له به سيده ومولاه. 
رأيت طفلا عمره يقارب الثانية أو الثالثة عشرة من عمره وقد قطعت كفاه بسبب لغم أمسكه عندما كان يلعب بالكرة مع أصدقائه - ووالله لقد تقطع قلبي أسى وحزنا على مصيبته_ سأله مقدم البرنامج عن شعوره بلا يدين؟ فهل تدرون بماذا أجاب؟
قال: سبقوني إلى الجنة، يعني يديه، وكأني حين سمعته تذكرت جعفر رضي الله عنه.
قال شريح رحمه الله: "إني لأصاب بالمصيبة فأحمد الله عليها أربع مرات، أحمد إذ لم يكن أعظم منها، وأحمد إذ رزقني الصبر عليها، وأحمد إذ وفقني للاسترجاع لما أرجو من الثواب، وأحمد إذ لم يجعلها في ديني".
كل المصائب والجراحات والآلام التي ألمت بالشعب السوري لا تقاس أبدًا بمصيبة الدين، فالقتلى نحسبهم عند الله شهداء، والمرضى والجرحى تكفير للسيئات ورفعة الدرجات.
أخي الحزين. . أبشر بوعد الله : {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ}.
وأبشر: { إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ}.
وأبشر بعجب الله منك: (عَجَبًا لأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لأَحَدٍ إِلاَّ لِلْمُؤْمِنِ: إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ) رواه مسلم.
وأبشر بما تجزى يوم القيامة: (يَوَدُّ أَهْلُ الْعَافِيَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنَّ لُحُومَهُمْ قَدْ قُرِضَتْ بِالْمَقَارِيضِ لِمَا يَرَوْنَهُ لأَهْلِ الْبَلاءِ مِنْ جَزِيلِ الثَّوَابِ) رواه الترمذي.
وأبشر بعلو المنزلة: (إِنَّ الْعَبْدَ لَيَكُونُ لَهُ عِندَ اللهِ الْمَنْزِلَة الرَّفِيعَة ، مَا يَنَالُهَا بِعَمَلٍ ، فَمَا يَزَالُ اللهُ يَبْتَلِيهِ بِمَا يَكْرَه ، حَتَّى يُبَلِّغَهُ إِيَّاهَا)  أخرجه أبو يعلى في مسنده.
وأبشر بحب الله الرحيم لك: (إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ قَوْمًا ابْتَلَاهُمْ فَمَنْ صَبَرَ فَلَهُ الصَّبْرُ وَمَنْ جَزِعَ فَلَهُ الْجَزَعُ) رواه أحمد.
فكل من تصبَّر واحتسب انقلبت محنته إلى منحة، و لبس ثوب البشر والفرحة في الدنيا والآخرة.
 

https://islamicsham.org